أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي الذيب - جدل حول مكة والقبلة















المزيد.....

جدل حول مكة والقبلة


سامي الذيب
(Sami Aldeeb)


الحوار المتمدن-العدد: 4389 - 2014 / 3 / 10 - 10:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين احد أعضاء هيئة كبار العلماء بالسعودية: "فضيلة الشيخ. قدم قادم إلى مدينة عنيزة لأول مرة، وكان يصلي الفريضة في المسجد ويصلي النافلة، وتصلي زوجته الفريضة في البيت، إلا أنه تبين لهم بعد ثمانية أيام أنهم يصلون في البيت لغير القبلة بسبب انحراف المنزل الذي يسكنه عن مستوى الشارع، فما حكم صلاته؟" وكان جوابه: "إذا كان الانحراف عن القبلة يسيراً فلا بأس، أما إذا كان كثيراً بحيث تكون القبلة وراءه أو عن يمينه أو عن شماله فعليهم إعادة الصلاة التي مضت، أما الانحراف اليسير فهذا لا يضر".

في مدينة جنيف في سويسرا جامع تابع للمؤسسة الثقافية الإسلامية التي افتتحها عام 1978 الملك خالد بن عبد العزيز. وكان قد بناه مهندس مسلم. وفي يوم من الأيام، زار الجامع المهندس العراقي يوسف كامو مخترع السجادة مع بوصلة ليعرض على المسؤولين هناك اختراعه، فأكتشف ان القبلة في ذاك الجامع لم تكن باتجاه الكعبة. مما اضطر المسؤولين تغيير اتجاه القبلة. هذا ما اخبرني به المهندس المذكور.

وفي يوم من الأيام زارني في معهدي صديق سعودي مع زوجته. وعندما حان موعد الصلاة، ذهب كل منهما للوضوء. فرجع الزوج وطلب مني اتجاه الكعبة، فذكرت له اتجاه دون تردد فذهب وصلى في ذاك الإتجاه. وبعده جاءت زوجته وطلبت مني أيضا اتجاه الكعبة، فكرت لها اتجاه آخر، فذهبت وصلت في ذاك الإتجاه. وبعد ان انهيا صلاتهما، سأل كل منهما الآخر في أي اتجاه صلى. عندها اكتشفا بأني اعطيتهما اتجاهين مختلفين. فسألاني عن سبب غشهما، فأجبتهما: إله لا يسمع الصلاة إلا في اتجاه واحد لا يستحق ان تصليا له.

ومعرفة اتجاه مكة امر مهم في نظر المسلمين ليس فقط للصلاة، بل أيضا لقضاء الحاجة الطبيعية. فالخميني يقول في كتابه "تحرير الوسيلة": "يحرم في حال التخلي استدبار القبلة واستقبالها بمقاديم بدنه وهي الصدر والبطن".

ومعرفة القبلة أيضا امر مهم عند المسلمين في الدفن. فقد سئلت دار الفتوى المصرية: "ما حكم الشرع في كيفية دفن الميت؟ علما بأن العمال في المقابر يقومون بدفن الميت إلى غير القبلة من خلال توجيه القدم إلى القبلة، فنرجوا افادتنا بالصورة الصحيحة لدفن الميت، وكيفية توجيهه إلى القبلة". وردت على السؤال: "المشروع عند اهل المذاهب كلهم استقبال صدر الميت للقبلة عند دفنه مضطجعا على جنب... وعليه فينبغي تعديل الطريقة التي اعتادها الناس الآن من وضع قدم الميت تجاه القبلة عند دفنه".

وجدير بالذكر أن توجيه القدم إلى القبلة هي الطريقة اليهودية، إذ ان اليهود يوجهون قدم الميت نحو القدس حتى إذا ما جاءت ساعة القيامة يقف الميت على رجليه ويمشي نحو القدس. ومنهم من يجعل حائطا حول المقبرة مع باب تجاه القدس ويوجهون اقدام الأموات نحو باب المقبرة حتى يخرجون منه يوم القيامة دون تأخر للتوجه إلى القدس. والقبلة عند اليهود هو بيت المقدس. أما النصارى، فلا قبلة لهم، لأنهم يعتقدون أن الله في كل مكان، وهو يستمع الصلاة أينما اتجهت. والطريقة اليهودية والإسلامية للصلاة في اتجاه معين موروث من الفكر الوثني حيث كان الوثنيون يعبدون تمثالا يتجهون نحوه، ولم يكن من اللائق ان تتعبد للتمثال وأنت دائرا له ظهرك، تماماً كما انك لا تكلم رئيسك وأنت دائرا له ظهرك.

ونجد في القرآن تذبذب في تحديد القبلة.

تقول الآية 26 : 28: "رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ"، وتقول الآية 2 : 115 "وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ". مما يعني ان الصلاة ليست مشروطة باتجاه معين.

ثم جاءت ايات مفككة الأوصال تقول:
2 : 142: سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
2 : 143: [...] وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ [...]
2 : 144: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ
2 : 145: وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آَيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ
2 : 148: وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
2 : 149: وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ
2 : 150: وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ [...]

ادعو أولا القارئ إلى ملاحظة تفكك اوصال هذه الآيات من خلال ارقامها 142، 143، 144، 145، 148، 149 و 150. ولاحظ أيضا التكرار المعيب في الآيتين الأخيرتين. ولاحظ ان الآية 143 والآية 150 غير مخصصتين بالكامل لموضوع القبلة. هناك اذن عيب انشائي في نص القرآن.

وقد اعتمد الفقهاء المسلمون على هذه الآيات وعلى احاديث نبوية للقول بأن القبلة في بداية الإسلام كانت بيت المقدس أي مدينة القدس، ثم تحولت في السنة الثانية من الهجرة نحو الكعبة. ولكن الآيات المذكورة غير دقيقة في تحديد القبلة الأولى أو القبلة الثانية. وتشير الدراسات أن اتجاه القبلة في مساجد عدة بنيت في القرن الهجري الأول لم تكن كعبة مكة بل إلى تجاه آخر. وبناء على معطيات جغرافية، يرى Gibson، في كتاب صدر عام 2011 (Dan Gibson: Qur anic Geography. Independent Scholars Press, Canada, 2011) أن القبلة في تلك المساجد تشير إلى مدينة البتراء في الأردن. وبعد فحص لمخطوطات قديمة للقرآن الكريم، وجد هذا المؤلف أن الآيات 143-145 المذكورة اعلاه غير موجودة في تلك المخطوطات. ويستنتج بأن هذه الآيات اضيفت لاحقا في العصر العباسي إلى القرآن الكريم.

وفيما يخص الآية 17 : 1 "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" يشير هذا الكاتب بأن هذه الآية لم تحدد المقصود بالمسجد الأقصى. ومن المعروف أن المسجد الأقصى الذي نعرفه اليوم في القدس لم يكن موجوداً في حياة النبي الذي توفى عام 632. فقد بنى عمر بن الخطاب المصلى القبلي، كجزء من المسجد الأقصى بعد الفتح الإسلامي للقدس عام 636. وفي عهد الدولة الأموية، بنيت قبة الصخرة، كما أعيد بناء المصلى القبلي، واستغرق هذا البناء قرابة 30 عاما من 685 الى 715. ويرى Gibson أن المسجد الأقصى يشير إلى مسجد في الجعرانة بين مكة والطائف، وقد اعتاد النبي محمد كلما خرج إلى الطائف أن يقضى ليلته في قرية الجعرانة، ويصلي في أحد مسجدين بهذه القرية، الأول هو المسجد الأدنى، والثاني هو المسجد الأقصى.

د. سامي الذيب
مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com
كتبي المجانية : http://www.sami-aldeeb.com/sections/view.php?id=14
حملوا طبعتي العربية للقرآن بالتسلسل التاريخي والرسم الكوفي المجرد : http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315
حملوا كتابي عن الختان : http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131
ومن يجد مشكلة في التحميل أو يريد التبرع لهذا المشروع، يمكنه الاتصال بي على عنواني التالي:
[email protected]





#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 8: دعوة للقراء
- أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 7
- أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 6
- وضع تحذير على الكتب المقدسة - دعوة للنقاش
- المفكرون المسلمون مخصيون
- أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 5
- أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 4
- أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 3
- أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 2
- أخطاء القرآن اللغوية والإنشائية 1
- جريمة الختان 155: رسالة شكر وندم
- مشاكل فهم القرآن
- القرآن: القرد في عين امه غزال
- نعم مصطفى محمود مهووس
- مقابلة مع المهووس مصطفى محمود عام 1977
- حسين فوزي: الأنبياء كذبة
- اسطورة قرآن مكة وقرآن المدينة؟
- بين اسلام مكة واسلام المدينة
- الزواج المختلط بين مسيحيين ومسلمين
- بين محمود محمد طه وتزويق الإسلام


المزيد.....




- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي الذيب - جدل حول مكة والقبلة