أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي الذيب - بين محمود محمد طه وتزويق الإسلام













المزيد.....

بين محمود محمد طه وتزويق الإسلام


سامي الذيب
(Sami Aldeeb)


الحوار المتمدن-العدد: 4340 - 2014 / 1 / 20 - 09:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


جميع الديانات، بما فيها الديانات السماوية (لاحِظ غباء هذه العبارة)، هي وليدة زمانها ويتحكم بها مبدأ التراكم، فتأخذ مما سبقها وتضيف إليه بعض التحسينات، ولكنها قد تكبو فتسن على تشريعات اكثر همجية من سابقتها. وبطبيعة الحال اتباع كل ديانة يرون انهم على حق وغيرهم على باطل ويسعون بكل ما يستطيعون من قوة من هدم الديانات الأخرى وتشويهها. ويصعب على اتباع هذه الديانات الاعتراف بأن ديانتهم معيبة، خاصة اذا اعتقدوا ان ديانتهم موحاة من الله وأن كتبهم المقدسة (المكدسة) نازلة من السماء وأن انبياهم معصومون عن الخطأ.

اذا تتبعنا الديانة اليهودية والديانة المسحية فإننا نجد ان اتباعهما قد اقترفوا افظع الجرائم مبررين افعالهم بتعاليم دينهم. ونفس الأمر يمكن قوله عن الإسلام. ونكتفي هنا بذكر محاكم التفيش في العصور الوسطى التي عرفتها المسيحية واضطهاد المخالفين في الرأي. وقد ثار فلاسفة التنوير في وجه السلطات الدينية ودارت عجلة التاريخ فجاءت مواثيق حقوق الإنسان لتقر حقوقا كانت ترفضها تلك السلطات في الماضي القريب، ومن اهم تلك الحقوق على الإطلاق حرية العقيدة التي كرستها المادة 18 من وثيقة حقوق الإنسان والتي تقول: "لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة". ولكن هذه المادة اثارت غضب الدول الإسلامية التي اعتبرت هذه المادة مخالفة للتعاليم الإسلامية اذ ان الإسلام لا يعترف بحق المسلم في تغيير عقيدته، ومن يفعل ذلك يواجه عقوبة القتل ويمنع من الزواج وإن كان متزوجا يلغى زواجه ويسحب اولاده منه ويحرم من الميراث. هناك اذن عقوبة جزائية وعقوبة مدنية. وما زال العالم العربي والإسلامي متمسكا بهذه التعاليم الهمجية التي سن عليها بكل وضوح القانون الجزائي الموحد (انظر النص هنا http://www.carjj.org/node/237 ) والقانون العربي الموحد للأحوال الشخصية (أنظر النص هنا http://www.carjj.org/node/250 ) اللذان وافق عليهما بالإجماع مجلس وزراء العدل العرب، دون أي استثناء. وهذا القانونان موجودان على موقع الجامعة العربية. فليس هناك سر في الموضوع. وهذا القانونان مرتكزان على القرآن وسنة محمد.

هذان القانونان والتعاليم الإسلامية التي يستندان عليها مخالفة لحقوق الإنسان كما جاءت في المواثيق الدولية. وهما يعتبران قمة الهمجية. فليس هناك همجية أكبر من فرض اعتقاد على شخص لا يؤمن به وإجباره للبقاء عليه. وحد الردة من أكبر التحديات التي يواجهها المسلمون في عصرنا الحاضر. وهو يبين ضعف الدين الإسلامي، فمن هو مقتنع بصحة دينه لا يحتاج لسيف لإجبار الناس في البقاء فيه. وفي نظري لو تم الغاء حد الردة مع عواقبها الجزائية والمدنية، فلن يبقى في الإسلام إلا تجار الدين وذو الميول الإجرامية المتعطشين للدماء وخفاف العقول.

أمام هذا التحدي الأعظم، يتقسم المسلمون اليوم إلى مجموعتين:
- هناك من يدافع عن التعاليم الإسلامية ويبرر عقوبة الردة، وهذا التيار مغيب عقليا ومصاب بعمى البصر والبصيرة وانا اعتبره مريض نفسيا ذو ميول اجرامية ومتعطش للدماء.
- وهناك تيار ينفي وجود حد الردة في الإسلام ويحاول جاهدا تبرئة الدين الإسلامي منه، معتبرا ان الإسلام دين الحرية. وعلى سبيل المثال، انكر زميلنا في الحوار المتمدن نهرو طنطاوي في شريط مطول ان يكون في الإسلام حد ردة رغم اعترافه بأن جميع الفرق الإسلامية تتفق على قتل المرتد. وهو يعتمد في ذلك على تأويل خاص للآيات القرآنية والأحاديث النبوية. وانصح جميع القراء بالاستماع إلى هذا الشريط https://www.youtube.com/watch?v=-prysCbcBIk . وأنا اذ اثني على جهد زميلنا وأخينا نهرو طنطاوي، فأنا اعتبره محاولة تزويق للدين الإسلامي وتزوير للحقيقة. فرايه مخالف لكل ما يعلمه الفقهاء المسلمون (كما يقول هو ذاته) منذ قديم الزمان كما انه مخالف لما يعلم في جميع الجامعات العربية والإسلامية ولموقف مجلس وزراء العدل العرب، ناهيك عما يقال في الجوامع في جميع انحاء العالم. والمسلمون الذين يقبلون بحرية العقيدة بما فيها حرية تغيير الدين كما جاءت في المادة 18 من وثيقة حقوق الإنسان قليلون جدا، اذا ما استثنينا الملحدين الذين تركوا الإسلام علنا أو خفية.

وحقيقة الأمر جميع الديانات التي وجدت على وجه الأرض ترفض الاعتراف بحريه العقيدة. فحرية العقيدة مكتسب حديث العهد لم تعرفه لا اليهودية ولا المسيحية ولا الإسلام. والحق في الحرية الدينية هو انتهاك صريح للتعاليم هذه الديانات الثلاث والتي اصبحت تُعتبر اليوم تعاليم بالية، أو قل همجية، اذا ما قسناها بما جاء في وثيقة حقوق الإنسان. والقول بأن الإسلام لا يعرف حد الردة هو مفارقة تاريخية، لا يختلف عن انكار وجود الرق أو ملك اليمين أو الجزية في الإسلام. فمن يقول بأن الإسلام لا يعترف بحد الردة يريد تزويق الإسلام وتزوير الحقيقة باللجوء إلى حيل كلامية لا تخفى على أحد. وهو شخص واهم قد يكون كلامه مستندا إلى اعتقاد خاطىء بأن الإسلام دين سماوي نازل من عند الله، وبما ان الله كامل، فالإسلام يجب ان يكون منزه عن كل عيب، بما فيها حد الردة. مقدمات خاطئة تقود إلى نتائج خاطئة. فليس هناك دين نازل من السماء إلى في مخيلة المخبلين. فكل الأديان وكل الكتب المكدسة (المقدسة) هي من صنع البشر ووليدة زمانها ومكانها وتعكس ثقافة ذاك الزمان وذاك المكان.

في مواجهة التيارين السابقين، يأتي فكر الشهيد محمود محمد طه. فهو رغم اعتقاده بأن القرآن كتاب منزل، فإنه يقسمه إلى جزئين: جزء نزل في مكة، وجزء نزل في المدينة. وقرآن مكة يختلف كليا عن قرآن المدينة. وهو يرى ان محمد قد غير موقفه. ففي مكة حيث لم يكن له سلطة، كان محمد يبشر بتعاليم تعترف بحرية العقيدة (بطبيعة الحال كان ذلك من صالحه)، ولكن عندما ذهب إلى المدينة واصبح صاحب سلطة وسيف، فعندها تغير صاحبنا من رجل مسالم وذو مبادئ سامية، إلى رجل سفاح. وبينما كان يعيش مع امرأة واحدة في مكة، فبعد ذهابه إلى المدينة واصبح له مال وجاه، تحول محمد إلى زير نساء إلى درجة انه استثنى نفسه من قاعدة أربع نساء. فالمسلم يحق له ان يجمع بين اربع نساء (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ – سورة النساء 3) إلا النبي محمد الذي اعطى لنفسه الحق في مجامعة كل ما هب ودب من النساء (سورة الأحزاب 50). وأمام التناقض بين موقف محمد في مكة وموقفه في المدينة، قرر الفقهاء، اعتمادا على نصوص من القرآن، بأن الآيات التي نزلت في المدينة نسخت الآيات التي نزلت قبلها في مكة. وهكذا جاءت آية السيف لتنسخ كل الآيات المتسامحة التي سبقتها.

وآية السيف وفقاً لفقهاء السنة هي: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (التوبة 5)
وآية السيف وفقاً لفقهاء الشيعة هي: قَقَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (التوبة 29) .

أما موقف محمود محمد طه في كتابه الرسالة الثانية من الإسلام (http://www.alfikra.org/book_view_a.php?book_id=10) ، فإنه يرى عكس ما قاله الفقهاء عبر العصور. فهو يدعو إلى نسخ آيات القرآن التي نزلت في المدينة بالآيات التي نزلت قبلها. فآية السيف يجب نسخها بالآية التي تقول "لا اكراه في الدين". ونفس القاعدة يطبقها على جميع الآيات التشريعية التي نزلت في المدينة ومن بينها آية تعدد الزوجات أو آيات الجهاد.

بطبيعة الحل، نظرية الناسخ والمنسوخ على طريقة محمود محمد طه تعني القضاء التام على ما تعارف عليه الفقهاء والغاء لكافة النظم التشريعية في الإسلام ومن بينها نظام العقاب. وهذا يعني رمي ثلث القرآن في سلة المهملات. وقد تنبهت السلطات الدينية الإسلامية لخطر هذه الدعوى، ولذلك طالبت بمحاكمته كمرتد، ولم تهدأ إلا بعدما تم شنقه فسارعت بتوجيه الثناء إلى الرئيس السوداني النميري. فلو استمرت دعوة محمود محمد طه، لتم اغلاق الأزهر وكل المعاهد وكليات الشريعة في العالم العربي والإسلامي لأن نظريته الثورية هذه تسحب البساط من تحت ارجل رجال الدين المسلمين. ولا بد هنا من التذكير بما قاله محمود محمد طه عن الأزهر: "الأزهر ده يجي يوم يقفلو بابو بخشبتين ويكتبو: هنا كان يدرس الجهل".

نظرية محمود محمد طه تبين ضرورة اعادة ترتيب سور القرآن بالتسلسل التاريخي حتى يرى القارئ الفرق الشاسع بين قرآن مكة وقرآن المدينة. وهو ما قمنا به في طبعتنا العربية للقرآن التي يمكن تحميلها مجانا من هذا الرابط: http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315 .

ونحن نرى ضرورة ترك عملية التزويق والتزييف والإعتراف بأن الإسلام كغيره من الأديان فيه الغث والسمين. وإذا ما اردنا ان نلغي حد الردة على السلطات الدينية الإسلامية الإعتراف بعيوب تعاليمها الدينية واقامة نصب تذكاري للحلاج ومحمود محمد طه وفرج فودة وغيرهم من ضحايا الإضطهاد الإسلامي تكفيرا عن اخطاء هذه التعاليم. عندها يمكن اعادة الأمل في مستقبل الأمة العربية والإسلامية. فالإعتراف بالخطأ هو أول شرط للتقدم الإجتماعي.

د. سامي الذيب
مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com
كتبي المجانية : http://www.sami-aldeeb.com/sections/view.php?id=14
حملوا طبعتي العربية للقرآن بالتسلسل التاريخي والرسم الكوفي المجرد : http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315
حملوا كتابي عن الختان : http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131
ومن يجد مشكلة في التحميل أو يريد التبرع لهذا المشروع، يمكنه الاتصال بي على عنواني التالي:
[email protected]



#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 18 يناير 1985 شنق محمود محمد طه
- دروس من سويسرا 1: فصل الدولة عن الدين
- اعتذار للمساطيل
- وما على الرسول إلا البلاغ المبين
- اهديكم القرآن بالرسم الكوفي المجرد
- محمد من نبي الى زير نساء وسفاح
- امنيتي هذا العام انتهاء الإسلام
- مشكلة فهم القرآن والكتب المكدسة الأخرى
- هل نضع القرآن في المتحف أم في المزبلة؟
- نعم ضعوا القرآن في المتحف
- قرآن بدون تنقيط وبدون تشكيل
- ضرب الله بالحذاء 2
- ضرب الله بالحذاء
- الى أي مدى الصراحة مع المسلمين؟
- الدين الفنكوش والخطر الداهم
- ما فائدة الحوار مع المسلمين؟
- أين الخطأ: في الإسلام أم في المسلمين؟
- اعتراف محمد الأخير
- قاعات مشتركة للعبادة وحل مشكلة المسجد الأقصى
- حوار حول طبعتي للقرآن


المزيد.....




- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي الذيب - بين محمود محمد طه وتزويق الإسلام