أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حسين الرواني - ثائر ضد الإسفلت














المزيد.....

ثائر ضد الإسفلت


حسين الرواني

الحوار المتمدن-العدد: 4382 - 2014 / 3 / 3 - 14:49
المحور: سيرة ذاتية
    



حياة الإسفلت، حياة ميتة، كريهة التصور، لا أمل فيها، لا شيء فيها الا الخداع، تغر عبيدها سكانها بالأرصفة المعبدة، التي يتناسق لونها تماما مع لون اطارات السيارات، الإسفلت أسود، والاطارات سوداء.
في حياة الإسفلت، الموت شيء تافه، يوزعه من شاء متى شاء على من يشاء، الموت هنا تافه، لأن الحياة تافهة، الموت ماسخ لا مرارة فيه، لأن الحياة هنا ماسخة لا حلاوة فيها.
في حياة الاسفلت، لا صدمة بالموت ولا تفاجؤ، إنه تقليد شعبي يمارسه من لا شغل لهم.
لست من هنا، هذا واحد من أشياء قليلة جدا ما زلت موقنا ومؤمنا بها، بل يزداد إيماني بها يوما بعد آخر.
لست من هنا، أنا من الريف، أنا فلاّح، أحب الارض، أحب رائحتها، وطعم الهواء حين يمتزج برائحة الارض المبتلة تواً بمياه المطر، أحب لزوجة طينها والتشكيَ منه حين السير في الطرقات المشتقة بين البساتين والحقول، لست من هنا، أنا من الريف، أنا فلاح، أحب لون الأرض، فلون وجهي يشبهه، أحب ألوان الزرع، فهي تبدو رائعة بكل تدرجاتها في الريف، أكثر منها في مدن الاسفلت.
لست من هنا، أنا فلاح من الريف، أحب رائحة الاغنام، أحب ثغاء الشياه، وأحب لون الجمر المتقد من الحطب الملموم من البساتين والمزارع، أحب رائحة دخان الحطب المشتعل حين تضوع في الأمسيات. حين تقترب الشمس من الرحيل، حين تنثر من قصائب شعرها الذهبي، شتاتا من سِحرٍ أشقرَ يلوّن غيوم الغروب، تتصاعد أدخنة تنانير الطين، حين ذاك، تدخل روحي في معبد من الحزن، المبرقع بالجلالة، ويمتد الخشوع في شرايين روحي، وتهدأ الدنيا في نفسي، ولا تهدأ نفسي في الدنيا.
حين يجن الليل، يحيا الشعور، وتونع المشاعر، وتهتز أجنحة عصافير الأحاسيس بنثٍّ من حزن، وليل من ذكرى، وأكون أقرب ما أكون إلى أناي، أكون أقرب ما أكون الى إنسان، الطين والزروع يمتزجان في حلق روحي، ونسمات عليل الريف الباردة تلسع من جلدي بقرِّها ما تلسع، في الريف الغروب يصيبني بالذهول، ذهول بالماضي.
أنا فلاح من الريف، أهتز نشوى بكل نسمة عليل عذبة تمتص وحشة روحي، وتفك مهجتي من أسار الدنيا، والآخرة، وما بينهما، ومن الناس أجمعين. كل نجمة غسق صديقة مناجاتي، وقمر كل ليلة شاهد توحدي، لا شيء فوقي الا السماء، الا الانعتاق من سجون الحياة، سجون الإسفلت وأعمدة الكهرباء التي تشنق نظرات عيني بأسلاكها.
إنني من الريف، وحسبك بفجر الريف من فجر تغلق معه دفتر ساعات الليل، وتعد عدتك لليل آخر، وحسبك بغروبه من غروب، تضع معه عن كاهلك تبعات المحيا في دنيا يكفيها بؤسا وشرا أن فيها غيري.
إنني من الريف، حيث تقطر الحياة براءة، واخضرارا، وشروقا وغروبا، براءة تلمسها بخاطرك في أصوات بهمها، وحفيف زريعاتها، وانتساج الوان السماء، بين ملتفعة بليل تلج فيه روحي عالم روحي، وبينها سافرة بوجه شمس تستظل تحت ضوئها آماق مسهدة، شاخصة الى بياض غماءٍ في قطعان يزجيها على صفائح الزرقة نبي من هواء.
إنني من الريف، وبرئت من الإسفلت وأهله، ومن الكلام وأهله، وسلاما على طينة الريف، في ليلها ونهارها.



#حسين_الرواني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منير بشير ليس عربيا
- حنين الى الريف
- رمتني بالطائفية وانسلت
- شيعة العراق.. طائفيون بلا فائدة
- الفرد والدولة العراقيان .. لمحات في التاريخين.. قبل 2003 وبع ...
- النقاء الصوتي النغمي في موسيقى منير بشير
- عبدت العقل .. فتأنسنت
- دراسة الموسيقى الاوروبية.. عقدة نقص أم سعي للعلم؟
- الزمن الموسيقي وكيفية تطبيق التمارين عليه
- بياني الشخصي الى الامة الاسلامية العظيمة
- براءتي من الطائفتين العظيمتين
- أزمة التنظير في بعدها البروليتاري


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حسين الرواني - ثائر ضد الإسفلت