أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين الرواني - حنين الى الريف














المزيد.....

حنين الى الريف


حسين الرواني

الحوار المتمدن-العدد: 4303 - 2013 / 12 / 12 - 09:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كنت أحمل اعتقادا كلما فكرت في مشاكل البشرية وحاولت العثور على منظومة حلول تغطي بسعة مساحتها، مساحة المشاكل والأزمات والمصائب التي تنوء بثقلها البشرية وترزح تحت وطأتها، كنت احمل اعتقادا واجزم بأنه اعتقاد عقلاني يوافق العقل، هو أن حل جميع مشاكل البشرية هو في تطبيق الدين تطبيقا صحيحا بعد فهمه فهما صحيحا، كنت جاهلا وسطحيا، كنت انظر الى الواقع بنصف عين واحدة، كيف يعالج السرطان بالسرطان، على الاقل يستحيل الان فهم الدين فهما صحيحا، فضلا عن تطبيقه تطبيقا صحيحا، ما جدوى ان نظل متمسكين بشعارات فضفاضة.


الطريق إلى الريف
يا أيها الناس إني عائد للريف..
سأؤنسن نفسي بعد ان صيرتني مدنكم حيوانا حسن الزي

بي حنين الى الريف، وبي ولع باشيائه النقية، بي شوق الى طينه اللزج، وروائح غنمه وحطب تنانيره المتنافسة على تعبيق الجو بعطر دخانها.
بي حنين الى الريف، الريف الذي يحق لساكنيه التباهي والزهو بأنهم بشر، حقا بشر، بأنهم ناس محفوظة حيواتهم وكراماتهم، الريف الذي يتمتع البقر والغنم والحمير والخيول فيه بمقادير من الكرامة وحفظ الحقوق من طعام وشراب وسكن يقيها قر الشتاء، وحر الصيف، لا يحلم بنيلها ما يدعى انسانا في المدينة الكاذبة، الريف الذي تهنأ فيه حيواناته التي يفضل الفلاسفة الإنسان عليها، عندما يقسمون الحيوانات الى قسمين ناطقة، وغير ناطقة، ثم يفضلون الناطقة على غيرها من الحيوانات، تهنا فيه الحيوانات الدونية غير الناطقة، بعيش أكرم وأجل، واهدأ وانقى، وأسلم، مما يعيشه ما يدعى إنسان المدنيات المعاصرة، الريف الذي لم يحدث قبل سقوط المقبور صدام، أن زمره اعتقلت حيوانات منه، وأذابتها بالتيزاب، او أطعمتها الكلاب المتوحشة المفترسة وهي حية، الريف الذي لم نقرأ في الصحف، ولم نسمع في الإذاعات، ولم نشاهد في الفضائيات، أن انفجارا بمفخخة، أو اغتيالا بكاتم صوت، أو تفجيرا بحزام ناسف وقع وسط مجموعة من حميره أو بقره أو بغاله، الريف الذي لا شيء أقدس فيه من الإنسان.
بي حنين إلى الريف، الريف الذي لم يقتل الناس وينثر أشلاءهم بمناظر لا تقوى أبرع الحيل السينمائية في هوليوود على تقليد دمويتها ووحشيتها، أو محاكاة رعبها، ولم يعقد صفقات على قتل الناس في حقول الغام الموت اليومي في شوارع المدن، الممتلئة وجوه المشاة فيها بملامح الخوف، طعم الخوف بائت على ريق مدن العراق منذ قرون وقرون، تتبلَّعه كلما استيقظت، مستعيضة به عن بَرَد ِماء الأمن والطمأنينة، للخوف رائحة كريهة قبيحة، زنجة، تملأ ثياب مدن العراق، منذ قرون وقرون، رائحة لم تزلها عبقة اريج من أمن وامان منذ وطأت تراب العراق قدم بشر.
بي حنين الى الريف، الريف الذي لم يستهن بحيوات ملايين الناس ويتلاعب بمصائرها في لعب السياسة، ولم يلبس مشانق الموت المنوع باسم تغيير انظمة الحكم، والديمقراطية، والدولة القطرية، والحدود الجغرافية، ولم يسخر بعبيط دمائهم المهراقة على الأرصفة الصابغة عيون الثكالى ممن شاء صناع المدن إبقاءها على قيد الجحيم، عفوا على قيد الحياة، بحرارة الدمع المنسكب بعد الموت، الريف الذي كلما شَخَصَ شبح الموت في خواطر سكانه ارتعدت فرائص أشجاره فزعا، بينما ما عاد شيء أشد اعتيادية وبساطة في المدن الزائفة من الموت، الموت نكهة دائمة الحضور في وجبات طعام المخدوعين سكان مدن الموت التافه.
بي حنين إلى الريف، الريف الذي لا شيء أسهل وأوضح فيه وأيسر وابسط من الدين، الدين في الريف لا يحتاج فهمه الى قراءة عشرات الكتب والمصنفات، لا يحتاج الى قراءة أصول الكافي ولا فروعه ولا روضته، ولا قراءة شرائع الحلي ولا من لا يحضره الفقيه، ولا الاستبصار، ولا الوسائل ولا بحار الأنوار، ولا القواعد العامة في الفقه المقارن ولا غيرها.
بي حنيني الى الريف، الذي لم يخدع، ولم يقتل الناس على الارصفة، ولم يبتزهم ولم يمتص عرق جباههم، باسم الحقوق الشرعية، الى الريف الذي يعنى ببعر الغنم ولون الغيوم أكثر من التهالك على غيب تاجرت بحوره العين جميع الكروش.
سلام عليك طينة الريف، اني عائد الى نقائك وطهرك اليوم او غدا..
ابنك البر العائد اليك
حسين الرواني



#حسين_الرواني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رمتني بالطائفية وانسلت
- شيعة العراق.. طائفيون بلا فائدة
- الفرد والدولة العراقيان .. لمحات في التاريخين.. قبل 2003 وبع ...
- النقاء الصوتي النغمي في موسيقى منير بشير
- عبدت العقل .. فتأنسنت
- دراسة الموسيقى الاوروبية.. عقدة نقص أم سعي للعلم؟
- الزمن الموسيقي وكيفية تطبيق التمارين عليه
- بياني الشخصي الى الامة الاسلامية العظيمة
- براءتي من الطائفتين العظيمتين
- أزمة التنظير في بعدها البروليتاري


المزيد.....




- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين الرواني - حنين الى الريف