أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - حسين الرواني - رمتني بالطائفية وانسلت














المزيد.....

رمتني بالطائفية وانسلت


حسين الرواني

الحوار المتمدن-العدد: 4286 - 2013 / 11 / 26 - 15:37
المحور: الصحافة والاعلام
    


رمتني بالطائفية وانسلت

مخزيان هذان؛ الصلافة والتفاهة، اللتان يتنافس حكام العراق وساسته المتعاقبون، جيلا يعد جيل، حكومة بعد حكومة، على بلوغ أقصى الدرجات فيهما، والظفر بالرتبة العالية فيهما، والمنزلة التي يعجز عن الوصول إليها أخس الناس في شعوب الأرض وأتفههم.
مخزيان، ويبعثان على الشعور بالغثيان السمعي، والتقيؤ البصري، والقيح العقلي، يحرجان الأعذار والتبريرات والتحليلات، والتنظير المسترسل بانسيابية في الهواء الطلق، يضيّقان على النفس مديات الأمل، ويخنقان آخر رمق في التحمل التفاخري، والصبر الممزوج بتحدي العيش في العراق، بتحدي عيشٍ لا وصف يناسبه أشد من عيش الغابات البرية، لا يستطيع العيش في الغابات اليوم إلا الحيوانات الصريحة، والحيوانات المتموهة بثياب بشرية.
لا تُعد ولا تحصى، ملامح التفاهة العراقية، على المستويين، السياسي الحاكم، والشعبي العام، إنها تفاهات تُزوق وتُمكيج، وتُزيى بحسانِ الثياب، وتُخرج إلى جمهور هو من سنخ ما يُسوق إليه، إنها تفاهة الشعب العراقي، الذي أنا واحد منه، ولست منه.
ورغم أنها – أعني تفاهات الشعب العراقي- لا تعد ولا تحصى، ويعجز الطرس والقرطاس، وأزرار الكيبورد، عن ملاحقة مشاهدها المتكررة في الحياة العراقية اليومية، وتوثيقها وتسجيلها، إلا أن منها ما لا يقوى قلمي على تجاهله، بعذر الملل، وادعاء العجز.
عملت وما أزال في وسائل الإعلام العراقية، المطبوعة، والفضائية، وما أزال أعمل في واحدة من فضائياته، لا أستطيع وصف حجم الضياع الذي أحس به وأنا أعمل في بيئات كهذه، لم أزدد منذ عملت في هذه البيئات حتى اليوم كمالا، أو معرفة، أو خبرة بالناس ومعرفةً بطباعهم، لم ازدد تجارب في الحياة، ولا وعيا، ولا ثقافة، بقدر ما اتسخت نفسي، وبقدر ما ازداد كرهي وسأمي للحياة ومن فيها، وما فيها، أشعر يوميا بكم لا يقدر من الاشمئزاز، وتأنيب الضمير، والضجر، بسبب ما أراه واسمعه، وأشاهده في هذه البيئات الوسخة، من دجل متقن، وكذب وزيف، وخداع منسوج بتكنولوجيا العصر، وانسحاق لقداسة المفاهيم، وضخامة العناوين، تحت أقدام الاستثناءات الضرورية لأجل ضمان قوت العيش، وتحت التعذر بأن لا وسيلة عمل إعلامية في العراق تعمل بنزاهة الملائكة، وصدق الأزهار، وصراحة قلوب الأطفال وبراءتها، المال الداعم سيد كل شيء هنا في وسائل إعلام العراق، صحفها، فضائياتها، إذاعاتها، ومن يدعِ أو يزعم، أو يظن أو يعتقد – مع ملاحظة ما بين الأخيرين من فرق- أو سمع أو رأى أو نقل له غير ذلك، فليدخل وسطى أصابعه في دبره ودبر من يجلس إلى جانبه تقربا إلى الله نيابة عني.
جميل هذا المهرجان القِرَدِي، الذي تتقافز فيه أمامنا قردة ينطقون اللغة العربية بأسوأ وأهجن ما تنطق، ويلجأن من ضعفهم فيها إلى اللهجة الدارجة في كلامهم الرسمي ومخاطباتهم الرسمية، هذه القردة الذين يملأون وسائل الإعلام العراقية التي تصرف شهريا آلاف الدولارات لهم، مقابل رقصاتهم التهريجية التي لا مجال لك للاقتناع بها إلا أن تتحول إلى قرد مثلها.

هذا المهرجان الحيواني هو مهرجان التنابز بالطائفية، وتبادل الاتهام بها، تستطيع اليوم، مجاراة لوسائل الإعلام العراقي، أن تتهم نادل المقهى الذي يؤخر عليك الشاي بالطائفية، تستطيع أن تتهم بها أيضا سائق الكيا إن لم يرجع لك الباقي، اتهم بها حتى زوجتك إذا لم تحسن أداء واجبها الليلي معك، اتهم من تشاء، أنى تشاء، لأي سبب تشاء، هكذا تتعامل وسائل إعلام العراق.
بقدر ما يبدو هذا المشهد سخيفا، فإنه يملأ جوانحي وخاطري بعدة قراءات أصدق حتى من نبوات بني إسرائيل، منها أن العراق لن يتحول من كونه غابة صحراوية، إلى وطن، إلا بعد أن يخلو من وسائل إعلام كهذه، ومنها أن مستوى الإعلام العراقي والثقافة العراقية منحدران ونازلان إلى أسفل درجات الضحالة والسطحية، باطراد متوازٍ مع انسحاقهما تحت حذاء الدولار الأميركي والتومان والخميني الإيرانيين. ومنها أنني أصبحت اتخوف من ان اصل الى يوم أفضل فيه العمل في زرائب رعاة الغنم والابقار مع الاحتفاظ بعقلي وإنسانيتي وقلبي، على البقاء في هذه البيئات التافهة الموبوءة، أخيرا أعتذر عن عدد مرات استعمالي كلمة "تافه" ومشتقاتها، فأضعافها لن تحيط وصفا بما أعيشه




#حسين_الرواني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيعة العراق.. طائفيون بلا فائدة
- الفرد والدولة العراقيان .. لمحات في التاريخين.. قبل 2003 وبع ...
- النقاء الصوتي النغمي في موسيقى منير بشير
- عبدت العقل .. فتأنسنت
- دراسة الموسيقى الاوروبية.. عقدة نقص أم سعي للعلم؟
- الزمن الموسيقي وكيفية تطبيق التمارين عليه
- بياني الشخصي الى الامة الاسلامية العظيمة
- براءتي من الطائفتين العظيمتين
- أزمة التنظير في بعدها البروليتاري


المزيد.....




- بعد مظاهرات.. كلية مرموقة في دبلن توافق على سحب استثماراتها ...
- تل أبيب.. اشتباكات بين الشرطة وأفراد عائلات الرهائن في غزة
- مقتل رقيب في الجيش الإسرائيلي بقصف نفذه -حزب الله- على الشما ...
- دراسة تكشف مدى سميّة السجائر الإلكترونية المنكهة
- خبير عسكري يكشف ميزات دبابة ?-90? المحدثة
- -الاستحقاق المنتظر-.. معمر داغستاني يمنح لقب بطل روسيا بعد ا ...
- روسيا.. فعالية -وشاح النصر الأزرق- الوطنية في مطار شيريميتيف ...
- اكتشاف سبب التبخر السريع للماء على كوكب الزهرة
- جنود روسيا يحققون مزيدا من النجاح في إفريقيا
- الأمور ستزداد سوءًا بالنسبة لأوكرانيا


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - حسين الرواني - رمتني بالطائفية وانسلت