أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد البصري - إلى علي السوداني من شاعر الأقاليم البعيدة














المزيد.....

إلى علي السوداني من شاعر الأقاليم البعيدة


أسعد البصري

الحوار المتمدن-العدد: 4382 - 2014 / 3 / 3 - 04:15
المحور: الادب والفن
    


مطر يثقب الذكريات و يحفر القلب . الساعة الرابعة والثلث عصرا في أوتاوا .

" أتعلمين أيَّ حزن يبعث المطر ؟

وكيف يشعر الوحيد فيه بالضياع "

بلا انتهاء كالدم المراق ، كالجياع ، لقد أمطرت حتما قبل أن أُولَد ، على أمي وهي حامل بي ، و في طفولتي نزل المطر الحقيقي على عيوني .

المطر البعيد يحمل رائحة الإنكسار في هذا الركن البعيد . تعال واجلس إلى جانبي . نعم أنا بخير أيها المطر ، وأنت كيف حالك يا صديقي ؟ . رائحتك مفعمة بالحياة والبروق . أنا الشاعر الذي لم يظهر مثله في الأقاليم البعيدة وأنكره أهله كل هذه السنوات .

لقد أنجبتُ فتاة في عيونها مطر كثير . وجهها مكسور ، وملامحها مبتعدة كغروب قمر شاحب .

شاعرة يا للحزن يا صديقي المطر .

تعال واشرب من كأسي ، ماؤك و ذكرياتي يا معطف الحضارات .

عندما تعمل بمحطة وقود ، في الليل ، وترى الرجال الوحيدين الذين تجاوزوا الخمسين ، وهم يشترون الواقي الجنسي بثلاثة دولارات . ربما تعتذر لزوجتك حين تعود إلى البيت . تخاف على بناتك ، قلبك العراقي الجسور يتلفت من الخوف ، وأنت تسحب الغطاء على أطفالك .

هؤلاء الذين يشترون الحب يثيرون الرعب حقاً .

مع هذا على الإنسان الحر أن يكون شجاعا ، و أن يواجه الحياة بمفرده . لا يخشى جثث القتلى في هذه الساحة الكبيرة .

إنني أرفع رأسي وأرفض القطيع المتضامن ، والعائلة ، والحماية الدينية ، والعزاء . بشجاعة رجل وحيد الى الأمام أيتها الأيام .

إن الإنسان مجرد شجاعة ، هذا هو المهم في النهاية . المعارك العظيمة ليست تلك الحماقات التي ارتكبتها الجيوش بشكل جماعي ، وإنما هي تلك التي خاضها إنسان واحد بمفرده .

أنا في الحقيقة معلم ، وأبحث عن تلاميذي

خصوصا بعد أن هجرتني نسائي و بناتي

أن نكتب معناه أن نتوقف عن الحياة . هذه قضية يصعب تفسيرها . لكن الشعب الذي لا يستطيع حماية هؤلاء الهامشيين من الضياع ينتهي إلى النسيان .

عندما أنظر إلى حياتي كلها ، ليس فيها شيء خاص ، ولا حتى أية حكاية مهمة .

إنك تفارق الحياة ، لا تريد شيئا لنفسك ، فكل شيء للكتابة . غير أن ما يؤلمك حقاً ، هؤلاء الذين شاركوك تلك الولادة العسيرة .الذين أطعموك ، حملوك إلى الطبيب ، سكبوا على رأسك الماء في ليالي الهلوسة ، و أغلقوا خلفك باب الحمام لكي لا يسمعك الأطفال وأنت تحدث نفسك .

ابنتك التي أمسكت بردائك ما كانت تعلم بأنك تتعلم معنى الأبوة . حبيبتك التي تركت عطورها في فراشك ، لم تكن تعلم بأنك تتهجاها في كتابك .

لابد أن تفارق باستمرار حتى يأتي الفراق العظيم ، وتتحول إلى ريح مسافرة على شاطيء نهر .

نكهة الأعالي في كلماتي ، بسبب أسلافي البدو المحاربين . غير أنني لا أشبههم تماما فقد أذلَّتني الحياة ، و ألقت بوجهي إلى الأرض .

بمرور الوقت آمنت بأسلافي وأصبحتُ عقيدة صامتة ، علمت بأن مملكتي ليست من هذا العالم .

الفقر وطن جذاب نشتاق إليه ، نرتكب أفظع الحماقات كي نعود وندفن فيه ، وكم أحببت كنية علي بن أبي طالب ( أبو تراب ) قبل أن يفجعني به الذين يجمعون الذهب باسمه .

هناك أشياء لا يمكن أن أموت قبل أن أحدثكم عنها .

لعلي آخر المحاربين المأساويين في العراق . عندي روح فارس عربي ، غير أن قلبي يرتعد من الخوف ، لأن في دمي أيضاً ذلك العبد المغني الذي اشتراه المأمون في طريقه من خراسان إلى بغداد . تلك الطريق المشؤومة التي كان يفكر فيها الأخ بهدم بغداد و ذبح أخيه .

حين أدفع الذئاب عن فراخي تنبت لي مخالب ، و حين أغني مع العصافير المهاجرة فجراً تنبت لي قوادم و خوافي . هل يمكن طرد الذئاب بالغناء ؟ . الذين ينتقدون ما أكتب يظنون بأنني مستمتع بهذا العمل . أصابعي تتنمل و رأسي يدور . إنني أدمر نفسي لأجل شعبي . أشعر باغتراب شديد . لا تعجبني حياة الشرق بسبب العنف ، ولا تعجبني حياة الغرب المادية . أعتقد بإحساسي البعيد إن الإنسان قد ضل الطريق . في الماضي كانت هناك أديرة و خلوات يفر إليها ذوي الإحساس العميق بوجع الحياة .

" إذا زرتُ أرضاً بعد طول اجتنابها
فقدتُ حبيباً والبلادُ كما هي



#أسعد_البصري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيخ علي الحاتم يصف كلام النائبة حنان الفتلاوي ب - المكينة ...
- سعدي يوسف رجلٌ مُتْعِب
- اللهم لا تنصر الثوار
- متى تعمل المعارضة العلوية من بغداد؟
- مجدكم و مجدي
- حسن شحاتة الظلامي وهيباثيا الفيلسوفة قتلة مصرية واحدة
- الكيل بمكيالين ، سوري و عراقي
- مزارات لا تصلح للحجيج
- حلاوة التوحيد
- حياتك التي خربتها هنا
- القاريء كنزي ، و ثروتي ، و عشيرتي
- قصيدتان
- انتصار حسن نصر الله التاريخي
- الحنين ، اللغة ، برودسكي
- زيارة الإمام الكاظم رسالة سياسية إلى السنة
- الطائفة الغالبة لا تشعر بمعاناة الطائفة المغلوبة
- التكفير والهجرة ، عصر الحروب المقدسة
- حاجتي ليست في قوافلكم
- الجواهري و مديح الطغاة
- عذابات السني العراقي


المزيد.....




- زوجات الفنانين العرب يفرضن حضورهن في عالم الموضة
- صور عن جمال الحياة البرية ستذهلك
- فاس المغربية تستضيف مهرجان الموسيقى العالمية العريقة في دورت ...
- الرئيس المصري يطمئن على الفنان عبدالرحمن أبو زهرة بمكالمة ها ...
- المجلس الثقافي البريطاني يعلن عن 5 مشاريع إبداعية حاصلة على ...
- نزالات عالمية في بطولة -971- للفنون القتالية المختلطة بدبي
- في الذكرى الـ77 للنكبة.. الثقافة الفلسطينية بين البقاء والمق ...
- الغاوون: قصيدة عامبة مصرية بعنوان(اهات وتنهيده)الشاعر ايمن ب ...
- الغاوون:قصيدة عامية مصرية بعنوان( أمى)الشاعر أيمن بطيخ.مصر.
- مصر.. السيسي يتصل بفنان شهير للاطمئنان عن صحته بعد إشاعة وفا ...


المزيد.....

- اقنعة / خيرالله قاسم المالكي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد البصري - إلى علي السوداني من شاعر الأقاليم البعيدة