أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد البصري - مزارات لا تصلح للحجيج














المزيد.....

مزارات لا تصلح للحجيج


أسعد البصري

الحوار المتمدن-العدد: 4120 - 2013 / 6 / 11 - 11:25
المحور: الادب والفن
    


(1)

"بلادي،
بلادي..
مع سعالها الطويل
تلفظ ُالآلآم
مخلفة ًريحاً
و موتى ، ومزارات لا تصلح للحجيج " / فرات إسبر

بعد قتل نصف مليون طفل سوري ، هل سيذهب الإيرانيون ، والعراقيون الظافرون ، للبكاء في ضريح السيدة زينب بدمشق كعادتهم ؟ . البكاء على ماذا ، بعد كل هذه الدماء ؟ . وأية روحانية بعد هذا الإجرام ؟ . زيت قناديل المزار المقدس ، من شحم الأطفال ، ولحم الأمهات السوريات . الجنود الذين رأيناهم ، يقطعون آذان الشعب السوري البطل بالسكاكين ، ويضعونها في جيوبهم كالطوابع ، هل سيرسلون أمهاتهم ، بعد النصر الكبير على الشعب السوري ، لزيارة السيّدة " رقيّة " ، والبكاء بسبب المتوحشين الذين سحبوا الأقراط سحبا ، و جرحوا شحمة الأذن ، قبل آلاف السنين . قبل إعلان حقوق الإنسان ، والثورة الفرنسية ، و موسيقى فيروز . بينما ما زالوا هم يحتفظون بعشرات الآذان الطرية ، الصغيرة والكبيرة ، ولطالما رفعوا جثث الصغيرات السوريات ، المتيبّسات والميّتات من الخوف والرصاص . " مزارات لا تصلح للحجيج " . و بعد أن تنتهي مهمة حزب الله اللبناني في سورية ، هل يستأنف الحزب الظافر مهمته التاريخية بتحرير فلسطين ، والمسجد الأقصى ، و القدس ؟ " مزارات جديدة " . أعتقد بأنه سيواجه بنادق الشعب الفلسطيني ، قبل الجيش الإسرائيلي . المقاومة اللبنانية انتهت ، بأول رصاصة طائفية من حزب الله ، إلى صدور الشعب السوري العظيم . الشاعرة المبدعة فرات إسبر أم سورية عظيمة ، و شاعرة علمانية إنسانية ، يتدفق الشعر الإنساني منها بعفوية مذهلة . ربما هي نفسها ، لا تعلم بأن هذا سيكون أحد المعاني الممكنة لكلامها . ولا تعلم بأننا حين نتكلم بلسان الألم نقول أشياء ، لم نقصد قولها . مع هذا هي غير مسؤولة ، عن تأويلاتي الخاصة لشعرها .

(2)

هل تسمح لك زوجتك بقراءة كتاب ؟ . الكتاب يحتاج إلى تركيز ثلاثة إلى خمسة أيام . هل تمنحك كل هذا الوقت بلا كارثة ؟ . بلا تأنيب ؟ . بلا شيء مفاجيء يحدث ويقلب الدنيا ؟؟ . المقالات فقط مسموح بها ، أما الكتب فانس الأمر صديقي . الآن عرفت لماذا ماركس يذهب كل يوم إلى المكتبة ، ولا يقرأ في البيت . اذهبوا إلى المكتبة ولا تغرّنّكم العهود ، والمواثيق . المرأة تغار من بنات أفكارك الجميلات . لكن إياكم والعزوبية . الكاتب العازب ، نصف كتابته مقبول ، والنصف الثاني غرور ، و كلام فارغ . الزواج نصف الدين ، والله يُثَبِّت علينا العقل ، والدين . أتذكر حين طردتني زوجتي العام الماضي ، أكلت البيض ، ثلاث وجبات كل يوم ، وادعيتُ النبوّة ، كما لم أنم سوى ثلاث ساعات في اليوم . ولولا أنها غَفَرَتْ لي ، لكانت مقالاتي اليوم ، أشبه بصراخ هؤلاء العزاب المرعبين على الفيس بوك . صحيح أنها تنزعج من انشغالي الدائم بالكتب ، و صحيح أنها تلقي على رأسي الماء البارد ، حين تخاف على عقلي ، من الشرود الدائم . مع كل ذلك ، هذه المرأة النائمة بين ذراعي زوجها الشاعر ، المتعبة من البيت والأولاد و الزوج الأبله ، هي نصف عقلي ، وكل ما يربطني بالمنطق .

(3)

أعتقد بأنني نجحت من خلال نشاطي المتواصل ، فضح مشكلة كبيرة في البنية ، والخطاب السياسي ، والثقافي في العراق الحالي . وهو نشاط شخصي مجاني ، ربما بسبب حجم الجهود التي بذلتها ، وساعات الكتابة والمتابعة ، يصعب على البعض ، تصديق مجانية نشاطي . لكنه كذلك ، نشاط مجاني و مستقل . أهم ما توصلت إليه ، هو أن النظام العراقي الصفوي ، يحجب جيلا بأكمله من الكتاب والمبدعين السنة . إذا كانوا يحجبونني أنا الكهل ، الكندي الجنسية ، الذي كان يعيش في شقة مقابلة لشقة السيد نوري المالكي في المنطقة الصناعية ، أيام المعارضة ، فما بالك بشاب موهوب من الرمادي مثلا .

(4)

حين هربت من بيتي الواقع على النهر ، قبل عشرين عاما . لألتحق بالمعارضة ، كان علينا فيما بعد ، الهرب إلى الحدود ، بخريطة عسكرية قديمة . بعد يومين من المشي المتواصل ، كان علينا أن نختار ، بين خمسة اتجاهات ترابية متباعدة كأصابع اليد . أشعلنا نارا ، وقالت لي المجموعة التائهة " أنت تقرأ الخريطة ، وأنت تختار الطريق " . عرفت من الآثار الحديثة على إحداها بأنها هي الطريق الصحيحة . إن عمر الإنسان يضيع في متاهات العقل . لهذا الوعي ضروري للإنسان . في كل لحظة هناك فرصة للخلاص ، و هناك فرصة أكبر للضياع التام . كان عليّ أن أختار الطريق الصحيحة منذ زمن طويل ، و أصبح كاتبا فقط . لقد جربت مهنا كثيرة ، و سلكت دروبا كثيرة ، بكل تأكيد أضعت وقتا طويلا جدا . الغريب أنني حين رجعت إلى الكتابة ، وجدت رفاقي القدامى ، لم يتقدموا خطوة واحدة في حياتهم . مازالوا يكتبون السطور الغامضة السخيفة ذاتها ، و يحصدون لأجلها إطراء المنافقين . مازالوا يحملون الحقائب الجلدية ذاتها ، ويحدقون ببعضهم ، تحديقهم في الفراغ . ربما أَلَّفَ كل واحد منهم عشرة كتب ، لا تصلح أوراقها لمسح الطاولات المبلولة ، ولا علفاً للماعز . ربما كان عليّ أن أعمل بائعا متجولا ، و صباغا ، و متعهد عقارات ، و مسوق خدمة هواتف ، ومدمنا في شوارع بعيدة جدا عن بيتي ، حتى أكتشف كل هذه الآشياء العجيبة ، التي لا يمكن لك أن تعرفها في البار والمكتبة . إن سر البشرية كلها ، يمكن العثور عليه دائماً ، في مغامرة يقوم بها إنسان واحد فقط .





#أسعد_البصري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلاوة التوحيد
- حياتك التي خربتها هنا
- القاريء كنزي ، و ثروتي ، و عشيرتي
- قصيدتان
- انتصار حسن نصر الله التاريخي
- الحنين ، اللغة ، برودسكي
- زيارة الإمام الكاظم رسالة سياسية إلى السنة
- الطائفة الغالبة لا تشعر بمعاناة الطائفة المغلوبة
- التكفير والهجرة ، عصر الحروب المقدسة
- حاجتي ليست في قوافلكم
- الجواهري و مديح الطغاة
- عذابات السني العراقي
- الحرب الحبيبة
- وما هو ضرر الحروب ؟
- البحرين قميص عثمان الإمبراطورية الخمينية
- عَمّتِيْ أَمِيْنة ، و جَرَّتُها الثّقِيْلة
- النخبة والعامة
- شَهْوَةُ الحرب
- وَجَعُ الحياة
- أوديسيوس


المزيد.....




- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...
- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة
- شارك في -ربيع قرطبة وملوك الطوائف-، ماذا نعرف عن الفنان المغ ...
- اللغة الروسية في متناول العرب
- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...
- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد البصري - مزارات لا تصلح للحجيج