أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد البصري - الحرب الحبيبة














المزيد.....

الحرب الحبيبة


أسعد البصري

الحوار المتمدن-العدد: 4106 - 2013 / 5 / 28 - 08:54
المحور: الادب والفن
    


لن أنسى منظر العائلة كلها في حمام صغير تحت السلالم بالبصرة القديمة . نختبيء فيه حين يبدأ قصف المدافع الإيرانية . وجوه صفراء ، تفرز الأجساد رائحة لذيذة بسبب الخوف ، مع نشوة غامضة . لذة النجاة ، و عودة الحياة إلينا . لذة الشعور بأن القذيفة ، قد سقطت على رأس آخر ليس رأسك . إن لذة الخطر ، ومقامرة النجاة يومها ، منحتنا شعورا لا تعوضه كنوز الدنيا . الحروب تصنع جيلا بمزاجها هي ، ولا شيء يُنهي الحرب وأناشيدها ، إلا فناء ذلك الجيل . الكاتب واصف شنون يتذكر مؤخراً أغنية حرب تقول " من عمرنا على عمرك يا صدام " ، الكاتب أحمد سعداوي يتذكر أغنية تقول " يمه البارود من اشتمّه ريحة هيل " و أنا أتذكر أغنية تقول " لو يبقه واحدْ من عدنه ، لو يبقه واحدْ / هم يبقه ذاك الچف عدنه ، و ذاك الساعدْ " .... جيل يستمر بالكآبة ، والكواكبيس ، والذكريات . ليس لأننا شهدنا الحرب فقط ، بل لأننا نشتاق إليها . نشتاق قوتها القادرة على تأجيل الإمتحانات ، و إغلاق المدارس . حتى مدير مدرستنا الصارم الأستاذ " جواد صندل " كان يرضخ لجبروتها ، و يرسلنا إلى بيوتنا . نشتاق لمعان الراجمات ، والنعوش المسافرة على سيارات التاكسي ، ملفوفة بعناية فائقة بالعلم العراقي . نشتاق ملمس الحرب الغامض ، و بكاء زوجات الجنود ، في الإجازات ، بعد منتصف الليل ، حين تهتز جوانب السرير العراقي على رؤوس العائلة كلها . نشتاق رشاقة الجنود المميزة . الخوف كان يطحن الدهون ، ويملأهم بعافية نمور متوحشة . نشتاق احتكاك زوجات الشهداء بعباءاتهن السود ، و بالأسواق القديمة والجدران . الحرب تجعل من الحياة ، مجرد الحياة غنيمة لا تقدر بثمن . لا شيء يدعو إلى الكآبة ، لا الفقر ، لا المرض ، لا الفشل . الجميع يموت أمام عينيك ، من العبقري ، إلى الثري ، إلى الوسيم ، فلماذا تحزن وأنت حيّ ؟ . الحرب كانت احتفاء بالحياة ، وسعادة لا يمكن وصفها . نشتاق كل ما تفعله الحرب من تخريب لذيذ ، في البنايات ، والأجساد ، و ذكرياتنا . لا يمكن لنا بعد كل ذلك الجمال أن نعيش هكذا ، في سلام خانق . لا أحد يموت ، ولا بناية تنهار ، ولا صوت هائل كصوت الإله ، يشق السماء إلى نصفين .





#أسعد_البصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وما هو ضرر الحروب ؟
- البحرين قميص عثمان الإمبراطورية الخمينية
- عَمّتِيْ أَمِيْنة ، و جَرَّتُها الثّقِيْلة
- النخبة والعامة
- شَهْوَةُ الحرب
- وَجَعُ الحياة
- أوديسيوس
- الشُّعَراء من نَفْسٍ واحدةٍ
- الصَّلاة
- الإسلام تجربة روحيّة ، و ثقافة
- الشاعر علوان حسين و دموعه
- أدب الصَّمْت عند هنري ميللر
- عن الشاعر المسلم
- الحرية والإغتراب
- رَحْمَةُ الله
- حلاوَةُ أَقْدامِكُنَّ ، التَّمرُ المچبوس
- الشاعرة العراقية سوسن السوداني
- الشاعر علي محمود خضيّر
- ذاكرةٌ لِشَيْءٍ يَتَكَرَّرُ
- المحاصصة مقترح إيراني في العراق


المزيد.....




- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد البصري - الحرب الحبيبة