|
الشاعر علوان حسين و دموعه
أسعد البصري
الحوار المتمدن-العدد: 4098 - 2013 / 5 / 20 - 10:23
المحور:
الادب والفن
وكيف يكون الشاعر (( ضليلاً )) ؟؟ كيف يتبعه الغاوون ؟؟ . ربما لأنه لا يقول سوى الضلال . لأنك تقرأ الشعر فتحاول أن تزنه بعقلك ، فإذا رأيت أنه راجح ، فهو أسوأ شعر . الإبداع الشعري يضرب عقلك ، حتى لا تعرف كيف تميز . يتداخل فيه نوع جديد من النظر الى الأمور ، غير ما اعتدت عليه . ضلالة ، أكثر إثارة و متعة من انتظارك الموت ، على هذا السفح الممل من العالم . إن الدمعة التي كتبها علوان حسين مثلا في قصيدته الأخيرة ( الدموع ) من هذا النوع من الكتابة تداخل عجيب للحواس . بحيث لا يمكنك اختيار مقطع من القصيدة لتقول هذا رائع . ولا يمكنك تفسيرها بحيث تقول هذا معناه كذا و كذا . قصيدة لا يمكن الوصول إليها بحواسك الرتيبة . ربما من خلال التداخل مع علوان حسين . مع المكان الذي خرجت منه تلك الصرخة ، التي لم تنجب سوى دمعة . وحين خرجت ، كان لها ملمس الحجر . وكيف للدمعة أن تكون في شهرها السابع ؟ ، تنجب أولادها في دروب المستقبل ؟؟ دروب الحزن ؟؟ ... ربما هذا الشعر يستدعي كتابة جمالية فلسفية . و ربما يتجاوز إلى مغامرة وجودية ، تقود الى ثقافة ، و تستدعي قراءة و أسئلة . هذا التيار من الموسيقى في شعر علوان حسين . تيار يسير جنبا الى جنب ، مع تيار الحواس والوعي . يكتب علوان شعر حداثة ، غنياً ، في عالم مقفر ، و عيون ترى ، دون أن ترى ، في قصيدة له بعنوان ( الموسيقى تتجول عارية في الغرفة ) يقول (( في غرفتي الصغيرة ِ الموسيقى وحدها تتجول ُ عارية ً تذهب ُ وتجيء ُ حائرة ً قلقة ً أحسها تخرج ُ من مساماتي عذبة ً آسرة ً ترشق ُ رأسي بالنجوم تطرز ُ الليل َ بالتأوهات ِ ونحيب البلابل العصافير ُ تزورني خلسة ً في الليل ِ طيور ٌ سود ٌ خرجت ْ من الغابات ِ تحت جنح الليل ِ مسربلة بالظلام ِ والأشباح ِ لتهيم َ كالأفكار في مخدعي وحيدا ً أحتسي النبيذ الحزين ))
يكتب الصديق علوان للمستقبل ، لدروب الحزن ، لأبناء الدموع ، للمدن و الظنون و التساؤلات القادمة . أتمنى أن أكون مخطئاً ، لكنك في وجع كبير ، لتكتب قصيدة حزينة كهذه بعنوان ( الدموع ) يقول :
(( القصائد التي أكتبها قلائد من دموع تعلقها محبوبتي على صدرها الدموع أحلام ٌ شبقة الدموع اليابسة تذرفها عيون ٌ مخضلة ٌ باليأس صرختي حين فاجأها الطلق لم تنجب ولو دمعة واحدة دمعتي في شهرها السابع كل ما أريده منها أن لا تنجب أطفالا ً متألمين هذي الليلة نزفت ُ دمعة ً كبيرة ً بحجم امرأة هذا الصباح نَهَضَتْ دمعتي من نومها تاركة ً على الوسادة قطرات ِ دم ٍ .. عذارى كانت دموعي قبل أن ترى النور َ أحيانا ً تبدو لي وكأنها ألغازٌ أو رموزٌ لكل دمعة ٍ نَبَتَتْ في عيني َ ملمس ٌ ، ورائحة ٌ ، وسقوط ٌ له كثافة الحجر . الدموع خيبات ٌمتوالية لكل واحدة ٍ منها قصة ٌ))
علوان حسين هنا ، صارت لغته دموعاً ، و كبرت معه ك أنكيدو . أكتب عنه ، فتصبح كتابتي سهوباً ، و برارٍ ، و مغامرات ، و عشبة خلود . تحت أسوار المنفى ، يسقط الشاعر مختنقاً بدمعته . حيث كل شيء ، لا يعني لك شيئا ، بعد اليوم . حتى عشبة كلكامش ، و كتابتي هذه . ذكرتني برواية ( الأرجوحة ) ل محمد الماغوط . كانت هناك دمعة ، في غرفة المحقق . ظنوا أنها قطرة دم ، فأرادوا محوها بالماء ، بالمساحيق ، غير أنها في مكانها ثابتة و ساطعة . فاكتشفوا أنها دمعة ، وليست مجرد قطرة دم . لم تكن من طريقة ، للتخلص من تلك الدمعة ، إلا بإخفائها تحت رجل مكتب المحقق ، في تلك الغرفة الحزينة .
#أسعد_البصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أدب الصَّمْت عند هنري ميللر
-
عن الشاعر المسلم
-
الحرية والإغتراب
-
رَحْمَةُ الله
-
حلاوَةُ أَقْدامِكُنَّ ، التَّمرُ المچبوس
-
الشاعرة العراقية سوسن السوداني
-
الشاعر علي محمود خضيّر
-
ذاكرةٌ لِشَيْءٍ يَتَكَرَّرُ
-
المحاصصة مقترح إيراني في العراق
-
حرب القبور و المراقد
-
رسالة شخصية إلى هادي المهدي في قبره
-
خمسة مايو عيد ميلاد كارل ماركس
-
الجمال
-
الشيطانة
-
الفن / الشعر / الحياة
-
ثمن القصيدة
-
لا بُدّ من كاتم صوت
-
نعم نحن بحاجة ماسة إلى ماركسية و ماركسيين عراقيين
-
الوجود / الكتابة / الجحيم
-
اليسار السوري واللعبة الطائفية
المزيد.....
-
المهرجان الدولي للشعر الرضوي باللغة العربية يختتم أعماله
-
-مقصلة رقمية-.. حملة عالمية لحظر المشاهير على المنصات الاجتم
...
-
معرض الدوحة للكتاب.. أروقة مليئة بالكتب وباقة واسعة من الفعا
...
-
-الحياة والحب والإيمان-.. رواية جديدة للكاتب الروسي أوليغ رو
...
-
مصر.. أزمة تضرب الوسط الفني بسبب روجينا
-
“شو سار عند الدكتور يا لولو”.. استقبل الان تردد قناة وناسة ا
...
-
حل لغز مكان رسم دافنشي للموناليزا
-
مهرجان كان السينمائي يطلق نسخته الـ77 -في عالم هش يشهد الفن
...
-
مترجمة باللغة العربية… مسلسل صلاح الدين الحلقة 24 Selahaddin
...
-
بعد الحكم عليه بالجلد والسجن.. المخرج الإيراني محمد رسولوف ي
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|