أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد البصري - ثمن القصيدة














المزيد.....

ثمن القصيدة


أسعد البصري

الحوار المتمدن-العدد: 3898 - 2012 / 11 / 1 - 14:26
المحور: الادب والفن
    



هذا صحيح الشعر تجربة شخصية بمعنى أنه يهدد حياتك كلها كشاعر شاب . هل تستطيع أن لا تُنجب كالمعري ودرويش و النواب ؟ هل تستطيع أن تضيع في الشوارع بين أناس عاديين جداً تتعلم منهم مشكلة الإنسان ؟؟ . لقد انتهت أجيال بأكملها بسبب استنساخ بعضهم بعضا ، يحملون حقيبة ويجلسون في المقهى و يطبعون دواوين ويكتبون في الصحف وربما يبحثون عن معجبات . هكذا ضاع العمر بلا تجربة تستحق الذكر . إن الشعر تضحية وليس نجومية ، إنك تخسر حين تقبل بهذا القدر ، هذا إذا قبلت بهذه المغامرة و دفعت بنفسك إلى لجة البحر حقاً في العاصفة . لا يستطيع الشعر أن يغامر بدلا عنك ، لا تستطيع أن تقول المغامرة في قصائدي لكنني هنا جالس بأمان ، هذا غير ممكن مستحيل . الشعر يفرض عليك تجربة جسدية ، يفرض الخطر والضياع والضلالة وإلا هو مجرد كلام فاشل بلا طاقة . هل ستتحمل رؤية أترابك و أقاربك يعملون و يشترون البيوت و قد أنجب كل واحد منهم سبعة أبناء ذرية صالحة رزق السماء وأنت مشرد من قرية إلى قرية ، ومن عشيقة إلى أخرى ، في الاربعين بلا آمال ولا بنين ؟؟ ، هل يمكنك ذلك ؟؟ . أم أنك ستدور في نفس البيدر الذي هو : مقهى + أمسية + صحافة + فضائية + جائزة أدبية + إعلام + طبع ديوان + أمسية + مهرجان + وفد إيفاد عن وزارة الثقافة + اتحاد أدباء + اتحاد صحفيين + خراب و تكرار موت الثقافة . نعم قرأت لك شعرك جميل بالنسبة لجيلك . اهتم بنفسك ولا يخدعنّك الضوء مع التقدير .
فربما الشعر لا يكمل الحياة كما يقول أدونيس ، بل ربما هو عدم قناعة بالحياة و عدم رغبة بها . تعبير عن دخولك زمناً ليس زمنك .
دليل على أنك عشت حياة رجل آخر ، وأن هذه ليست حياتك . اغتراب كبير يؤدي إلى هذا النوع من الحياة ، لأن كل محاولاتك الذوبان في الواقع تفشل . لأنك منذور للفقدان والخسارة والشعر .
نعم يبدو الشعر صعباً جداً هنا ، وهذا ما يجعل الشباب ينفرون مني . حتى لو شجعتهم فإنهم لا يصدقونني . نعم ، ماذا أفعل لكم الشعر صعب جداً . و ثرثرتكم مجرد تمارين بيتية . لقد تم التطاول على سعدي يوسف بسبب الجهل . حين تقرأه و تتأمل تجربته حقاً سوف تصمت . نعم سوف تصمت لن تشعر برغبة بالكلام . إنها تجربة كبيرة جداً , مغامرة بمعنى الكلمة .

إننا حقاً لا نرى سوى الجانب الصاخب من القصيدة . لا نرى مظفر النواب في الستين يتجول مع صبيان لا يعرفهم في دمشق . وحين يودعونه آخر السهرة يخرج النواب من البار ليقف وحيدا في شارع الصالحية . يقف أحيانا ساعة كاملة لا يعرف أين يذهب كأن في شقته وحشاً سيلتهمه أو خبراً سيّئاً لا يريد معرفته . الوحدة والمصير المأساوي للشعراء عبر التاريخ في شقته . لا أحد يرى محمود درويش آخر أيامه في محطة الباص بلندن . يكتب عن المسرعين أبدا في شوارع الدنيا وهم يتطلعون إلى ساعات اليد . يكتب عن الحياة كمحطات الباصات لا أهل ولا وطن ولا ولد يمسك يده . لا أحد يفكر ب سعدي يوسف في الثمانين يسقي حديقة المنزل بلندن . يذهب على وهن إلى البار وقد يتوقف في الحديقة العامة ليبكي قليلا . قد يجبره المطر الإختباء في محطة الباص لدقيقة . قد ينزلق في الثلج وينهض كطفل . قد يرثي نفسه كمالك بن الريب هنا على جسر إنكليزي قديم ويقفز منتحرا . لا أحد يريد أن يرى تضحية الشعراء
فقط ينظرون إلى النجومية والشهرة السخيفة . الكل يريد كتابة قصيدة وينتظر التصفيق من جهلة مثله . الكل يريد القصيدة دون أن يعرف ثمن القصيدة .

إن كراهيتي لمسوخ الثقافة ليس لها حدود . لقد فتحوا مواقع أدبية لإهانة الشعر و تحويله إلى رقصة كاولية و شهادات زور و شراء ذمم . مسوخ لوثوا الثقافة العراقية آخر معقل للحقيقة والفرار الروحي .
لقد كان تطهير النهر من هذا التصريف الصحي وفئرانه واجبا قوميا
. الكلام كثير حين تنعدم الموهبة .

إن ما أرتكبه و أقوم به أنا نفسي لا أفهم ضرورته . إن المواقف التي تفرضها الثقافة . لا يستطيع تفسيرها الأشخاص حتى لو قاموا بها .
الإيمان نعم الإيمان هذا أقل ما يطلبه الشاعر من شعبه وإلا لا يمكنه الإخلاص .



#أسعد_البصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا بُدّ من كاتم صوت
- نعم نحن بحاجة ماسة إلى ماركسية و ماركسيين عراقيين
- الوجود / الكتابة / الجحيم
- اليسار السوري واللعبة الطائفية
- الغطس الدائم تحت تراب العراق
- السوريون لا ينتظرون البرابرة
- نهاية التاريخ
- اليانصيب
- الوشم
- شكسبير هجر أطفاله في سبيل القصائد
- شارع المتنبي كذبة الأكاذيب
- ماركس الكبير و أطيافه
- الإنتحار فلسفة الإختيار
- جامع الكلم في عبد الرزاق عبد الواحد
- العار السني في العراق
- عبد الرزاق عبد الواحد المهارة ليست إبداعاً
- حرير و ذهب و عبد الرزاق عبد الواحد
- أدريان ريتش ؟ سأتذكر ذلك يا سعدي ..
- براميل الخشب
- لم تكن لهذا الوطن راية نرفعها قبل هادي المهدي


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد البصري - ثمن القصيدة