|
انتصار حسن نصر الله التاريخي
أسعد البصري
الحوار المتمدن-العدد: 4115 - 2013 / 6 / 6 - 14:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
انتصر حزب الله اللبناني ، والحرس الثوري الإيراني ، والميليشيات العراقية ، والطيران السوري على المقاتلين السوريين في القصير . يجري الآن تمشيط المدينة ، و حرق الجثث . تولى مقاتلو حزب الله ، تسلق المنائر المتبقية لأذان النصر ، وإعلان الفتح المقدس . ثلاثة آلاف جثة في الطرقات ، سحبوا منها ألفاً فقط . وبقي الجرحى يحدقون في عيون الذئاب بصمت المهزومين . حين قمع النظام العراقي الإنتفاضة الجنوبية المسلحة عام 1991م ، لم تقدم السعودية قوات درع الجزيرة لمساعدة الحرس الجمهوري ، ولم ترسل تركيا قواتها الخاصة المدربة للمساندة ، كل ما حصل أن الولايات المتحدة سمحت للجيش المهزوم ، استخدام المروحيات رغم الحظر الجوي . لم تصل تهنئة حينها ، من أي رئيس ، أو ملك ، أو حزب بمناسبة قهر التمرد المسلح ، وإعدام المسلحين الشيعة . ما تقوم به إيران استهتار كبير بمشاعر العرب ، واستخفاف بوجدانهم . تهنئة إيرانية رسمية ، على وسائل الإعلام ، موجهة إلى النظام السوري ، بمناسبة هزيمة الشعب السوري الباسل في القصير . أنا آسف لأنني شاركت في انتفاضة 1991م ضد النظام السابق ، و آسف لأنني عملت في المعارضة ، و كتبت من سورية ضد الرئيس صدام حسين . ليت السنة الأغبياء دافعوا بصدورهم عن صدام حسين ، بقبلات حبيباتهم ، بأساور زوجاتهم ، بذكريات طفولتهم ، بعدالة عمر بن الخطاب ، بسؤدد عبد الملك ، بغمامة هارون الرشيد ، بدهاء سليمان القانوني ، ليت ذلك كان آخرَ عهدٍ لكم بكتاب الله ، فلا ترون يوما كهذا ، ليتكم دفعتم بصدر السيف ، ما تدفعه نساؤكم اليوم بأثدائهن . كما يدافع الشيعة الشجعان بفلذات أكبادهم ، وسواد عيونهم ، برائحة مراقدهم المزدحمة ، بالوفاء الجعفري الذي لا يقبل المساومة ، كلون الدم الظاهر ، كوجه الله يدافعون عن البعث السوري و بشار الأسد ، بعظام عليّ بن أبي طالب ، ورفات زينب الكبرى ، بأسنان حجر بن عديّ وإخلاصه ، بأحلام الفردوسي ، و سجادة الشيخ الطوسي يحيطون بالحكم العلوي المهيمن على قلعة الأمويين ، و حاضرة الوليد بن عبد الملك . لقد سلم السنة رقبة صدام حسين ، وحبل مشنقته الذي اشتروه على حسابهم ، ثم منحوا طرفه الآخر مجانا لإيران ، حتى تعلق لهم الرئيس العربي ، و ترقص على جثته أمام عيونهم الذليلة المهزومة ، بالرقاب المحنيّة للسلاجقة ، والمماليك ، والمغول ، والعثمانيين ، والإنگليز باعوا دم فارسهم في الليل الطويل ، ثم طافوا يجمعون الدمع من مآقي المغتصبات في السجون السرية ، ليغسلوا به جثمان سيدهم ، وآخر رمق في كرامتهم . لو عرفنا بأن القضية طائفية فقط ، و هكذا ستجري الأمور ، لتمثلنا بيت عبدة بن الطبيب في صدام حسين " وما كان قيسٌ هَلْكُهُ ، هَلْكُ واحدٍ / ولكنّهُ بنيانُ قومٍ تَهَدَّما " . ليتنا نكتب بروح مرتضى العسكري الفارسية العظيمة ، و نكف عن الكتابة بروح المتنبي الحماسية الطيبة " حتى رجعت وأقلامي قوائلُ لي / المجدُ للسّيفِ ليس المجد للقَلَمِ " كان يريد شيئا لنفسه ، لهذا كتب هذا البيت السخيف . مرتضى العسكري لا يرغب شيئا لنفسه ، حين أسس حزب الدعوة ، و طور التعليم الحوزوي ، و عمل ليل نهار منذ خمسينات القرن الماضي ، في سبيل تأسيس حركة تبشير شيعية " حزب الدعوة " تدعو إلى العقيدة الإسلامية الخالصة . النقية من الأحاديث الكاذبة ، والصحابة المختلقين ، فألف كتاب " معالم المدرستين " الذي هو عبارة عن " وهابية شيعية " . عاش متقشفا لا يرغب من دنياه ، سوى مكتبة ، و ورقة ، و دواة ، يكتب و يقرأ ، في سبيل معتقده . يعيش على حلم واحد فقط ، منذ خمسينات القرن الماضي " بغداد شيعية صافية " بالتهجير ، بالتبشير ، المهم أن تفرغ العاصمة من التنوع الديني ، والحضور السني / المسيحي . انظر حولك الآن ، الرجل الذي لم يكترث لنظرية داروين ، و لا لصدمة الماركسية المذهلة في المجتمع . ولم يعبأ بملاكمة محمد علي كلاي ، و لا بإغراء مارلين مونرو . لم يلبس بنطرون چارلس في حياته ، لم يكترث لنزول الأمريكان على القمر ، ولا لأغاني فرانك سيناترا ، و ألفيس بريسلي ، و گوگوش ، وأم كلثوم . كان السيد مرتضى العسكري على سطح بيته في الكاظمية يسمع فحيح القبل المسروقة من حوله ، وربما يشمُّ رائحة العرق والسكارى ، لكنه ظل محدّقا في النجوم . يحلم بشيء واحد فقط هو : بغداد شيعية ، تابعة لأمها إيران العظيمة . يحلم بمشروع تبشير ، و تطهير ثقافي ، و مذهبي . هذا أهم و أخطر بكثير من المتنبي ، الذي كان راغبا بمُلكٍ ، و مالٍ لنفسه . نحن الذين كنا نسخر من كتابت مرتضى العسكري ، ندفع ثمن تلك السخرية أحياءً بغدادية هُجِّرَتْ ، و إبيدَتْ بأكملها . كذلك السوريون الذين كانوا يطمعون ببيع الأحذية النسائية ، و البخور على الزوار الإيرانيين في السيدة الزينب ، لربما يترنحون أحيانا بجمال العيون الفارسية ، و يسخرون من طقوسهم أحيانا أخرى . لم يخطر ببالهم ، أن مصيرهم كله سيقف على هذا الضريح ، الذي تسير له مواكب الزوار الإيرانيين . السوريون الذين عاشوا الجوع ، والفقر ، وتحالفات النظام العلوي ، مع روسيا و الخميني ، حفاظا على حكم الطائفة لخمسة عقود . يجرجرون اليوم جثثهم ، و جرحاهم في القصير ، بندم شديد على تلك الغفلة ، والإستخفاف بالعقائد الخطرة . شعوب بأكملها يكتب مستقبلها عابث بالعقائد ، معتكف في عزلته ، يكتب الأرواح الدموية التي يستحضرها ، كما كتب الخميني و مرتضى العسكري . الله يعِزّ الشعب السوري الكريم ، ولا يحني رقبته يوما ، كما قال الجواهري " والضارعاتُ معي، مصائرُ أمةٍ / ألا يعودَ بها العزيزُ ذليلا "
#أسعد_البصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحنين ، اللغة ، برودسكي
-
زيارة الإمام الكاظم رسالة سياسية إلى السنة
-
الطائفة الغالبة لا تشعر بمعاناة الطائفة المغلوبة
-
التكفير والهجرة ، عصر الحروب المقدسة
-
حاجتي ليست في قوافلكم
-
الجواهري و مديح الطغاة
-
عذابات السني العراقي
-
الحرب الحبيبة
-
وما هو ضرر الحروب ؟
-
البحرين قميص عثمان الإمبراطورية الخمينية
-
عَمّتِيْ أَمِيْنة ، و جَرَّتُها الثّقِيْلة
-
النخبة والعامة
-
شَهْوَةُ الحرب
-
وَجَعُ الحياة
-
أوديسيوس
-
الشُّعَراء من نَفْسٍ واحدةٍ
-
الصَّلاة
-
الإسلام تجربة روحيّة ، و ثقافة
-
الشاعر علوان حسين و دموعه
-
أدب الصَّمْت عند هنري ميللر
المزيد.....
-
-الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل
...
-
مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق
...
-
الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
-
لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في
...
-
وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر
...
-
هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
-
Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
-
ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
-
الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان
...
-
واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|