|
سيرَة حارَة 16
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 4380 - 2014 / 3 / 1 - 15:45
المحور:
الادب والفن
1 " حسّون "، كان حائراً بين شقيقيه الكبيرين، الذين كانا يتبادلان عداوة شديدة، لدرجة أنه صار يهتم بالتحليل النفسي، فأدمن على قراءة رواية دستويفسكي الشهيرة؛ " الأخوة الأعداء "....! الشقيق الأوسط، كان هو في الحقيقة سبب المُشكل. إذ اعتاد على دعوة أصدقائه إلى المنزل، فما أن يمتلأ رأسه بالشراب حتى يشهر مسدسه ويبدأ بإطلاق الرصاص. ذات ليلة، أطل الشقيق الأكبر من نافذة بيته العلويّ، طالباً من صاحب المشاكل أن يكفّ عن أفعاله: " أخرجوا من بيتي، وإلا سيبدأ ضرب الرصاص! "، خاطب الحضور مهدداً. ولكن الشقيق الآخر، راح يقهقه ساخراً. عند ذلك، انسحب الأكبر إلى الداخل، فأخذ يسحب دقارة باب الغرفة لكي يوهم الجماعة بأنه يخرطش مسدسه. ثم عاد إلى النافذة، وما أن همّ بالكلام مجدداً حتى كانت طلقات مسدس شقيقه تمرّ من فوق رأسه وتصمّ أذنيه. فرمى بنفسه على الأرض، وقد شلّت قواه من هول المفاجأة....! ولكن، يبدو أن ذلك الشقيق المتفرعن قد نسي حقيقة، أنه لا مزاح مع " حسّون ". هذا الأخير، كان في منتصف احدى الليالي منهمكاً بقراءاته، عندما انطلقت على حين غرة رشقة من الرصاص، تبعها بكاء أطفال وجلبة نسوة. خرج من غرفته، الكائنة على السطح، وما لبث أن راح يشتم شقيقه ذاك. فرد عليه الآخر، كالعادة، بالقهقهة والسخرية. عندئذٍ، سحب " حسّون " بلوكة ثقيلة كانت مهملة على السطح ثمّ لوّح بها في الهواء. الشقيق المتفرعن، كان قد كف عن الضحك حينما رأى البلوكة متجهةً رأساً إليه. حينما انبطح هذا أرضاً، كانت القذيفة قد أصابت حائط غرفة الضيوف خلفه وانفجرت شظاياها مع دويّ مصمّ........!!!
2 في زمننا، كان الزقاق ينفتح على دخلة " علي كَوشتو " من خلال أحد منازله الكبيرة، الواقعة في الجهة العليا. هذه الدخلة، أخذت اسمَ أشهر من يقيم فيها؛ الذي يعني لقبه " كَوشتو "، الشخص الملحم السمين. وقد اشتهرت أيضاً امرأته ( الصالحانية الأصل )، وخصوصاً لكثرة الحفلات والأعراس بمنزلهم الكبير، فكانوا يغنون لها: " يا نايفة يا نايفة، يا مدللة عا لطايفة "....! " بيت الشامية "؛ كان في الزمن القديم جزءاً من منزل عمي الأكبر، ثم اشترته امرأة من حيّ الميدان، فعُرف باسمها. وقد نشأنا مع أولاد هذه المرأة، التي كانت معروفة أيضاً بقوة الشخصية وربما القسوة.... " بشير ابن الشامية "، كان من جيل أخي الكبير، إلا أنه كان صديقاً لنا. وبما أنه لم يكمل دراسته، فقد ألحق بدكان " علي كَوشتو "، الكائن على ناصية الزقاق في شارع " أسد الدين ". وكان هذا الولد شقياً، كما أن ملامحه توحي بطرافة طبعه. كنا نزوره في الدكان، غالباً. وقد دأبَ هوَ على اضحاكنا، بتقليد حركات معلّمه ذي الشارب الكثيف والمفتول، حينما يكون هذا الأخير مشغولاً مع زبائنه. صيفاً، ما أن يأخذ المعلّم قيلولة، حتى يبدأ " بشير " بدحرجة ثمار البطيخ، الواحدة تلو الأخرى، إلى خارج الدكان. فكنا نتلقفها في الشارع ثمّ نمضي بها إلى ضفة النهر لنستمتع بحلاوتها ورطوبتها، وبعد ذلك بمنظر قشورها وهي مقذوفة في المياه........!!!
3 " الزعيم "؛ كان لقباً لكبير الحارة الشامية، ثم أصبح يطلق على الأشخاص الطويلي القامة، وأحياناً، على خفيفي العقل للسخرية. وكان " خالد الكردي "، صديق عُمْر والدي، مستحوذاً هذا اللقب بفضل طوله الفارع. ذات يوم، في عهد الشيشكلي، بعدما تم تفريق احدى المظاهرات، كان الوالد بصحبة صديقه يهربان في دروب المدينة من وجه الشرطة. هؤلاء، تركوا بقية المتظاهرين وصاروا يلاحقون أبي ورفيقه إلى أن قبضوا عليهما. عند ذلك، التفت الوالد إلى " الزعيم " قائلاً له بلهجة عتاب: " في المرة القادمة اهرب لوحدك؛ لأن قامتك الطويلة تجذب رجال الشرطة كما يفعل المغناطيس "....! " خالد الزعيم "، صار فيما بعد رئيس نقابة المحامين بصفته كشيوعيّ بارز. ثم تقدم لانتخابات مجلس الشعب، فراح يتجول بين التجمعات الشعبية لدعم ترشيحه. في احداها، كان حاضراً هناك رفيقان من حزبه؛ وهما " أبو عنتر " و " أبو النار ". كان الأول يمحض الثاني مقتاً شديداً، ويعيّره بأنه لا يوزع أي نسخة من صحيفة الحزب بسبب قلة أصدقائه أو ربما لحذره الزائد. وإذاً، في ذلك الاجتماع الانتخابي، بدأ " أبو النار " يتكلم بفصاحة عن حقوق الطبقات الفقيرة. فأخذ خصمه يحدجه بنظرة ساخرة من عين حمراء، وكأنما تقول " ما شاء الله على الجرأة، التي تلبستك فجأةً! ". ولكن، عندما جاء دور " أبو عنتر " للكلام، فإنه أخذ نفساً طويلاً ثم شمل الحضور بنظرة تأمل قبل أن يقول: " اي لو..! ما الانسان شو هوّ؟.. هوّ بني آدم "........!!!
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سيرَة حارَة 15
-
سيرَة حارَة 14
-
سيرَة حارَة 13
-
سيرَة حارَة 12
-
سيرَة حارَة 11
-
سيرَة حارَة 10
-
سيرَة حارَة 9
-
سيرَة حارَة 8
-
من أجل عَظمة
-
أحلام مشبوبة
-
الشاطيء الشاهد
-
النمر الزيتوني
-
فكّة فلوس
-
القضيّة
-
الطوفان
-
مسك الليل
-
خفير الخلاء
-
البرج
-
طنجة؛ مدينة محمد شكري 3
-
طنجة؛ مدينة محمد شكري 2
المزيد.....
-
في ذكرى رحيل فلاح إبراهيم فنان وهب حياته للتمثيل
-
الفنان صبيح كلش .. حوار الرسم والتاريخ
-
مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا
...
-
-الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
-
عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده
...
-
-بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
-
مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
-
بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
-
وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه
...
-
غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط
...
المزيد.....
-
الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية
...
/ عبير خالد يحيي
-
قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي.
/ رياض الشرايطي
-
خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية (
...
/ عبير خالد يحيي
-
البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق
...
/ عبير خالد يحيي
-
منتصر السعيد المنسي
/ بشير الحامدي
-
دفاتر خضراء
/ بشير الحامدي
-
طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11
...
/ ريم يحيى عبد العظيم حسانين
-
فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج
...
/ محمد نجيب السعد
-
أوراق عائلة عراقية
/ عقيل الخضري
-
إعدام عبد الله عاشور
/ عقيل الخضري
المزيد.....
|