أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة حارَة 11














المزيد.....

سيرَة حارَة 11


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4361 - 2014 / 2 / 10 - 01:07
المحور: الادب والفن
    


1
الأمثال، هيَ تجسيدُ نفسيّة شعبٍ ما في مراحل مختلفة من تاريخه. مثلما أنّ الأقوال، بدَورها، تكون عادةً معبّرة عن نفسيّة من أطلقها. امرأة عمّنا amojine ( بلهجتنا الكردية الشامية )، اشتهرت ببعض أقوالها التي يمكن أن تذهب أمثالاً. وعلينا أولاً التنويه، بأنّ هذه المرأة الحديدية كانت على خصام مرير مع كنّتها. وفي التالي، فإنّ بعض أقوال " آموجني " ربما كانت موجّهة لإمرأة ابنها الوحيد تلك:
ki dizane tu heyi tuneyi ( من يعتبرك أصلاً موجوداً أو لا! )
her bimir hin mirin erzane ( اذهب ومت، فما زال الموت رخيصاً بعد! )
وأيضاً، من أشهر أقوالها بالعربية: " كَوّ لا فرحتْ ولا فرّحتْ جيراني )....!
من ناحية اخرى، فإن امرأة عمّنا اشتهرت بالحرص والتقتير كونها تنتمي للعشيرة، المُشنّعَة في الحارة بلقب frenke miri ( الميّت على الفرنك أو القرش! ). وأتذكّر حينما كنت صغيراً، مبلغ لهفتي على عودتها من رحلة الحج، مؤملاً بهدية تجلبها لي. وكانت والدتي، حينما تراني على هذه الحالة، تردد ساخرةً " ها هَوْ..! آموجني وهديّة!؟ ". ثمّ وصلت امرأة عمّنا بالسلامة، وفيما كنت أتهيأ للذهاب إلى منزلها لتلقي الهدية الموعودة، إذا بي أسمع صراخاً يأتي من تلك الناحية. كان الحفيد البكر ( ابن ابنها )، قد خرج للتوّ شاتماً باكياً من منزلهم، ثمّ ما لبث أن شرع بقذف بابه الحديديّ بالحجارة. هكذا علمتُ، أنّ الحفيدَ كان يعبّر بذلك عن سخطه؛ طالما أنّ الحاجّة قد رجعت خاوية الوفاض من رحلتها الحجازية، المباركة....!!

2
" جحا "؛ هوَ لقب قريبنا، الذي تسنّمه بفضل كرشه العظيم وظرافة طبعه. كان الرجلُ حلاقاً، يتقاسم مع أخويه العمل في محلهم بمدخل الزقاق. ونادراً ما كنا، نحن الصغار، نقبل تسليم رؤوسنا الرقيقة ليديّ هذا القريب، الضخمتين والخشنتين. ذات مرة، ما أن دخل والدي المنزل حتى قال لي " ابن عمّك الحلاق ينتظرك ". فذهب ظني، فوراً، إلى أنه يقصد شقيق " جحا " الكبير. إلا أنني ما أن هممت بدخول المحل، حتى برز لي صاحب الكرش العظيم وهوَ ينتظرني مع الفوطة الناصعة. عندئذٍ، تراجعت خطوة نحو الباب ثمّ قفزت خارجاً مولياً الأدبار، فيما الحلاق يلاحقني بصراخه طالباً مني العودة....!
أما الموقف الطريف، الذي كان قريبنا ضحيّته، فإنه بقيَ في ذاكرة الحارة طويلاً. إذ ما أن أعلمَ هذا صديقَهُ، " ابن حوطيش "، بأنه على وشك الزواج، حتى قال له الأخير متكلّفاً نبرة الاهتمام والقلق " ولكنك لم تدخل دنيا حتى الآن، فكيف ستتصرّف في ليلة الدخلة؟! ". ثم أعقبَ مؤكّداً، أنه سيتدبّر الموضوع حتى يوم الخميس القادم. ما أن حلّ اليوم الموعود، حتى كان " جحا " قد دفع مبلغاً محترماً لصديقه، الذي تعهّد احضار فتاة مومس علاوة على ما يلزم من عدّة الشرب والمازة. هناك في منزل " ابن حوطيش "، المكوّن من دورَيْن، كان الصديقان في ليلة ذلك اليوم على أتمّ الاستعداد لاستقبال ضيفة الشرف. ولكن، ما أن وقع بصر الفتاة على هيئة " جحا "، حتى دبّ الرعب فيها وهمّت بالتراجع نحو الباب الخارجي.عند ذلك، اقترح صاحب المنزل على صديقه أن يبقى خارجاً لفترة قصيرة إلى أن يكون رأس الضيفة قد ثقل بالشراب. ثمّ مرّ الوقت إلى ما بعد منتصف الليل، والرجل الملول ما يفتأ يقرع بين الفينة والأخرى باب المنزل الموصد. ولكن، عبثاً. ثمّة في الدور الثاني، كان " ابن حوطيش " محتاراً، يفكّر بطريقة لإبعاد صديقه من المكان خوفاً من الفضيحة. على الأثر، وعلى حين غرّة، انصبّت من الأعلى المياه الباردة على رأس " جحا " المسكين. فما كان منه، مبتلاً مرتعشاً لاهثاً، سوى التسلل باتجاه بيت أسرته وهو يكاد يتميّز من الحنق........!

3
" حسون "؛ كان قريبنا وصديق الصبا. لم يستطع اكمال الإبتدائية، بسبب هروبه الدائم من المدرسة وإهماله للواجبات المقررة. احتار والده معه، فأخذ يوبّخه ذات يوم: " عندما كنت صغيراً، كان أبي يجعلني أنهض مبكراً بالعصا.. عندما كنت صغيراً، كنت لا أجرؤ على رفع عيني إلى أبي... "
" .... أخت أبوك! صرعتنا بأبوك! "، قاطعه صديقنا متضجراً. ثمّ ما لبث أن هرب من الغرفة، بعدما رأى والده يتهيأ للانقضاض....!
بعد ذلك، تقررَ إلحاق " حسون " بمحل الحلاقة كي يتعلّم الصنعة. ولكن، كان صديقنا يقضي الوقت في الاستمتاع بقصص المعلّم وزبائنه، بدلاً عن محاولة اجادة الكار. ذات مساء، راح أحد الزبائن يتباهى بكونه خبيراً بالنساء، مسمّياً " أم بطرس " كمثال. وبما أنّ " حسون " سبق أن سمعَ بإسم هذه المرأة، فقد راح خياله المراهق يجسّدها له كما شاء. في مساء اليوم التالي، تدرّج صاحبنا باتجاه " نزلة الجوزة "؛ هناك، حيث تقع البناية التي تقيم فيها تلك المرأة. كان مطمئناً نوعاً، طالما أنه وضع في جيبه ما سبق وحصل عليه من بخشيش الزبائن. ثمّة، في قبو البناية نفسها، وقف متردداً أمام باب المنزل المطلوب طالما أن قلبه لم يتوقف عن الخفقان بشدة. أخيراً، تشجّع " حسون " ورن جرس الباب. وإذا بفتاة في مثل عمره تفتح الباب، فتسأله عن مراده. عندئذٍ، تلعثم الضيف الغريب ولم يستطع النطق. على الأثر، ظهرت امرأة بدينة في نحو الأربعين من عمرها ذات شعر أصفر، فأزاحت البنية وسألت: " ماذا تريد يا ابني؟ ". بقيَ " حسون " صامتاً برهة، ثمّ وجد نفسه يجيب بصوت مرتجف: " أريد، أريد أن أنام معك! ". هنا، خلعت المرأة فردة شحاطتها فلوّحت بها في وجه الفتى الأخرق: " اغرب عن وجهي!.. يا مسخ، يا قليل التربية "....!



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرَة حارَة 10
- سيرَة حارَة 9
- سيرَة حارَة 8
- من أجل عَظمة
- أحلام مشبوبة
- الشاطيء الشاهد
- النمر الزيتوني
- فكّة فلوس
- القضيّة
- الطوفان
- مسك الليل
- خفير الخلاء
- البرج
- طنجة؛ مدينة محمد شكري 3
- طنجة؛ مدينة محمد شكري 2
- طنجة؛ مدينة محمد شكري
- سيرَة حارَة 7
- في عام 9 للميلاد
- سيرَة حارَة 6
- سيرَة حارَة 5


المزيد.....




- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة حارَة 11