أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة حارَة 12














المزيد.....

سيرَة حارَة 12


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4363 - 2014 / 2 / 12 - 13:56
المحور: الادب والفن
    


1
" حسون "؛ كان قريبنا وصديق الصبا. لم يستطع اكمال الإبتدائية، بسبب هروبه الدائم من المدرسة وإهماله للواجبات المقررة. احتار والده معه، فأخذ يوبّخه ذات يوم: " عندما كنت صغيراً، كان أبي يجعلني أنهض مبكراً بالعصا.. عندما كنت صغيراً، كنت لا أجرؤ على رفع عيني إلى أبي... "
" .... أخت أبوك! صرعتنا بأبوك! "، قاطعه صديقنا متضجراً. ثمّ ما لبث أن هرب من الغرفة، بعدما رأى والده يتهيأ للانقضاض....!
بعد ذلك، تقررَ إلحاق " حسون " بمحل الحلاقة كي يتعلّم الصنعة. ولكن، كان صديقنا يقضي الوقت في الاستمتاع بقصص المعلّم وزبائنه، بدلاً عن محاولة اجادة الكار. ذات مساء، راح أحد الزبائن يتباهى بكونه خبيراً بالنساء، مسمّياً " أم بطرس " كمثال. وبما أنّ " حسون " سبق أن سمعَ بإسم هذه المرأة، فقد راح خياله المراهق يجسّدها له كما شاء. في مساء اليوم التالي، تدرّج صاحبنا باتجاه " نزلة الجوزة "؛ هناك، حيث تقع البناية التي تقيم فيها تلك المرأة. كان مطمئناً نوعاً، طالما أنه وضع في جيبه ما سبق وحصل عليه من بخشيش الزبائن. ثمّة، في قبو البناية نفسها، وقف متردداً أمام باب المنزل المطلوب طالما أن قلبه لم يتوقف عن الخفقان بشدة. أخيراً، تشجّع " حسون " ورن جرس الباب. وإذا بفتاة في مثل عمره تفتح الباب، فتسأله عن مراده. عندئذٍ، تلعثم الضيف الغريب ولم يستطع النطق. على الأثر، ظهرت امرأة بدينة في نحو الأربعين من عمرها ذات شعر أصفر، فأزاحت البنية وسألت: " ماذا تريد يا ابني؟ ". بقيَ " حسون " صامتاً برهة، ثمّ وجد نفسه يجيب بصوت مرتجف: " أريد، أريد أن أنام معك! ". هنا، خلعت المرأة فردة شحاطتها فلوّحت بها في وجه الفتى الأخرق: " اغرب عن وجهي!.. يا مسخ، يا قليل التربية "........!
2

قلنا أنّ جدّي لأمي كان رجلاً وجيهاً، كريماً وشهماً ولطيف المعشر. أما شقيقته الوحيدة، فقد كانت عكسه تماماً. ولسوء فأل عمّي الكبير، أنه بعد وفاة زوجته الأولى نصحه بعضهم الاقتران بصاحبة النسب والحسب تلك. وهذا ما حصل، وما سينجم عنه مشاكل جمّة....
كان العمّ ذا رزق متسع ( كونه وكيلاً للإقطاعي الكبير حسين بك الإيبش )، وفي التالي، لديه العديد من الأصدقاء والمعارف ويرغب باستضافتهم دوماً. أما امراته الجديدة، فإنها كانت مهووسة بالاقتصاد في كل شيء، لكي تتمكن من خزن العصمليات الذهبية. حينما كانت تعرف أن ثمة ضيوف قادمون، فإن همّتها تشتعل على قدم وساق. فما أن يطلب رجلها القهوة أو الشاي، حتى تجيبه بأن كلاهما مفقودٌ. إذاك، ينتزع العمّ مفتاح بيت المونة منها، ثمّ يبدأ البحث بنفسه بين أكوام الجولات والقطرميزات والمطربانات. وإذا بأكياس القهوة والشاي مخفية في جوال القمح، فيما كيس السكّر قد تمّ دفنه داخل جوال الطحين....!
" فيّو "، ابن عمّنا من زوجته الأولى، كان شبه أصمّ. وعادةً، فإن أمثاله يوصمون بالبلاهة في مجتمعنا. كان المسكين فتىً شغيلاً، يرضى الكفاف على الرغم من حال أبيه المعلومة. فقد كان يضع راتبه بيد امرأة أبيه، والتي كانت تطمئنه بأنها تدخره لحين بلوغه سن الزواج. أخيراً، حينما اضحى ابن العم في هذه السن، فإنه ما أن طالب زوجة أبيه بالنقود، حتى صرخت في وجهه جملتها الشهيرة: "ma ne tu bisharexwedike : فَشَرتْ يا هذا! ". عند ذلك، قرر " فيّو " أن يأخذ حقه مهما كانت النتيجة. حينما استطاع أن يختلس مفتاح بيت المونة، فإنه فكّر على الشكل التالي: " إنها تخبأ عادةً حبّ القهوة مع حبّ القمح، والسكّر الأبيض مع الطحين الأبيض.. فلا بدّ إذاً أن تكون قد أخفت الذهب مع معدن يشبهه! ". على الفور، اتجه ابن عمّنا نحوَ السماور النحاسيّ، فما أن هزه قليلاً حتى بدأ رنين القطع الذهبية يصدى بقوّة........!

3
" حسين بك الايبش "؛ كان من أشهر الشخصيات الدمشقية خلال النصف الأول من القرن المنصرم. وإذ عُرف أنداده من الإقطاعيين بالظلم والقسوة والجشع، عموماً، إلا أنّ هذا الوجيه الكرديّ كان رجل خير ومعرفة وكرم. عمّي الكبير، كان وكيل أعمال البك في مركز اقطاعيته؛ وهيَ بلدة " البيطارية " بريف دمشق. وكان العمّ قد جلبَ عدداً من أقاربه وأبناء حارته إلى البلدة، كي يعملوا في الحراسة والجباية. إلا أنّ البعض من هؤلاء، وكالعادة، كانوا يسطون على أرزاق أهالي المنطقة سواءً من الفلاحين أو البدو....!
والدي، وكان آنذاك فتىً بعدُ، دأبَ على مرافقة شقيقه الكبير إلى مركز عمله في " البيطارية ". وقد كان شاهداً، حينما حضرَ أحد شيوخ العرب من قبيلة " الرولة " مع عدد من رجاله ليطالب مقابلة البك. في باحة قصر هذا الأخير، كان عمّنا يحاول تهدئة الشيخ، الذي كان ثائراً يهدّد ويتوعّد: " رجالكم يسلبوننا الآن الغنمَ، بعدما كانوا يمنعوننا من الرعي!.. والله والله ما يحصل خير! "، كان يردد بغضب وقد اربدّت تقاسيم سحنته. فما أن مضت سويعة، حتى نزل " حسين بك " إلى الباحة كي يقابل شيخ العرب. الوجيه الكرديّ ( كما وصفه الوالد )، كان يتميّز بشخصية مهيبة ومؤثرة، تشبه تماثيل الأباطرة الرومان؛ بطوله الفارع وبدنه المشيق، ووجهه ذي الملامح الجهمة والعينين المشتعلتين كالجمر. فما أن تأمّل شيخ العرب بالبك عن بعد، حتى نهض على غرّة واتجه نحو رجاله ليأمرهم بالرحيل. هنا، خاطبه عمّنا بأن البك على استعداد لسماع شكواه. فأجاب الشيخ وهو يمتطي دابّته ويهمّ بالمسير: " لا بالله ما أبغي شيء!.. لا بالله ما عندي مشكلة معكم "..!



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرَة حارَة 11
- سيرَة حارَة 10
- سيرَة حارَة 9
- سيرَة حارَة 8
- من أجل عَظمة
- أحلام مشبوبة
- الشاطيء الشاهد
- النمر الزيتوني
- فكّة فلوس
- القضيّة
- الطوفان
- مسك الليل
- خفير الخلاء
- البرج
- طنجة؛ مدينة محمد شكري 3
- طنجة؛ مدينة محمد شكري 2
- طنجة؛ مدينة محمد شكري
- سيرَة حارَة 7
- في عام 9 للميلاد
- سيرَة حارَة 6


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة حارَة 12