أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عبدالله خليفة - الفكرُ المصريُّ ودورُهُ التاريخي (5-6)














المزيد.....

الفكرُ المصريُّ ودورُهُ التاريخي (5-6)


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4372 - 2014 / 2 / 21 - 08:59
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


تصبح العلاقةُ بين الثورة الفرنسية والوعي المصري مركبةً وعميقة حين يتغلغل طه حسين فيها ويجسدها بشكل أكثر تطوراً، فهو يعبرُ عن خلاصة رؤية الفئات الوسطى الوفدية الحاملة لمشروع النهضة الشامل بين نضالِها وترددها.
حين قال طه حسين: أنا أشك إذن أنا موجود، كانت صيغةً أقل قوة من صيغة ديكارت: أنا أفكرُ إذن أنا موجود!
وطه حسين لم يعلنها صراحة بأنه موجود كأنا طبقية برجوازية تؤسسُّ عصرَ النهضة العربي الحديث، وشكوكيته هنا القادمة من عصر ديكارت والمتأثرة بخطاه، سارت إذن في المنهج العقلي، المتصف بالتجريب، والمعتمد على التحليل العقلي الصرف، بما يسود فيه من فضاء فكري مهيمن، ومتوجهاً إلى الأدب وهو ليس ميداناً حاسماً في المواجهة مع التراث المحافظ، حيث توجه ديكارت إلى الفلسفة والعلوم، وهما الميدانان الحاسمان في الصراع الفكري الحديث، ولهذا فإن طه حسين كان ذا عدة أدبية بدرجة أولى، لكن التأثيرات الفلسفية المضمرة كانت موجودة في هذا الأدب عبر تسرب التحليل الموضوعي للحياة.
إن عودة طه حسين إلى ديكارت، يؤكدهُ المسارُ العربي النهضوي البسيط، الذي لم تهزهُ الثورةُ الصناعية، وحين بدأت مصرُ الدخول فيه، عبرته من خلال الصناعات الاستهلاكية: السكر، والنسيج الخ.
ولم يكن لطه حسين علاقة بالمناهج التجريبية أو بالمادية التاريخية، وقد صارع بقوة المناهج الأزهرية المتخلفة في درس التراث، وكان هذا الصراع الفكري المنهجي هو الذي يؤسس نظرته إلى العالم.
بخلاف المفكرين المصريين الرافضين للبنية الدينية الإسلامية وعدم الدخول في عرضها وتحليلها كإسماعيل مظهر توجه طه حسين للعروض المتعددة عن التراث العربي بغرض تحليله ونقده وتحديثه.
وقد بينت معركةُ كتاب (في الشعر الجاهلي) طابع منهجية أنا أفكر المصرية التي أنتجها طه حسين.
وفي وقت صدور الدراسة اتخذت القوى السياسية المصرية المتصارعة الكتاب القنبلة - والذي لم يهتم الرأي العام فيه إلا بجملٍ صغيرة تشكك في بعض النبوات، والتي حُذفت في الطبعات التالية- اتخذت من الكتاب أداةً لتسوية حساباتها السياسية.
فخطةُ القصر الملكي والاستعمار البريطاني بتقوية الجماعات الدينية المذهبية واضعاف حزب الوفد، اصطادت الكتاب وحرضت الجماعات المتعصبة فما كان من حزب الوفد إلا أن هاجم المؤلف (الموتور)، وبهذا دخل حزب البورجوازية المصرية في سلسلة الدفاع عن النظام الإقطاعي الديني، بدلاً من أن يقود معركةَ العلمانية والديمقراطية بعمق.
بينت معركةُ كتاب (الشعر الجاهلي) المعسكرات الاجتماعية والسياسية والتي ستدخل معركة التحديث العربية بتردداتها وإنجازاتها وهزائمها، وهو هيكلٌ عامٌ اجتماعي واقتصادي لم يتغير نوعياً خلال القرن العشرين بل وربما ازداد ميلاً صوب المحافظين، بسبب اكتشاف الثروة النفطية في المناطق الأقل تطوراً من العالم العربي واستخدامها في نشر المحافظة الدينية.
فطه حسين بتقديمه هذه اللوحة التشكيكية في التراث العربي الجاهلي، انطلق من أسئلة موضوعية بدون قراءة مادية تاريخية للعصر المدروس، بل من جانب رؤية مُسبّقة في اعتماد منهج الشك، ورفض المادة الوفيرة التي تؤكد صحة نسبة كبيرة من هذا الشعر إلى عصره. لكن الأهم في كل ذلك هو اعتماد الدراسة على جوانب فكرية مفصولة عن سياقها التاريخي في الماضي والحاضر، وبالتالي عدم تلاقح مذهب الشك مع أدوات البحث التاريخي الموضوعية خاصة المادية التاريخية، واكتشاف سياق التطور العربي أي أن الأدب الجاهلي كان يعكس جذور دور فئات وسطى كانت تعيد تشكيل مجتمع مفكك قبلي، يدخل العصر التحول المدني.
أي أن الفئات البرجوازية المصرية التي دخلت العصر الحديث كمثيلتها القرشية المكية، دخلته وهي تابعة للبرجوازية البريطانية، ومتداخلة مع الإقطاع السياسي الملكي الحاكم والديني، فلم تستطع أن توسع صرخة ديكارت: أنا أفكر إذن أنا موجود كالبرجوازية الفرنسية.
إن الفئات الوسطى المصرية كانت كلمتها في الواقع: أنا استورد واصدر، وليس أنا أصنع فأنا موجود، فكانت معامل التجريب نادرة، وكان الفكر العقلي الذي تنتجه طالعاً تواً من الأزهر، فلم يستطع أن يقرأ حاجاتها الموضوعية، وأن يقود معركتها التحديثية.
إن اقتراب طه حسين من الفكر الفلسفي نجده في الصفحات الأولى من كتابه: (مستقبلُ الثقافةِ في مصر) الذي يقدمُ فيه خطةً عامة لتغييرِ نظام التعليم في مصر، والجمعُ بين هذا الفكرِ النظري العام وقضيةِ التعليم تحديداً، هو قمةُ عمل النهضويين )العلمانيين)، الذين اقتصروا على البثِ الثقافي وليس العمل السياسي والاجتماعي المباشر، حيث صعّد طه حسين تدريجياً التنويرَ الأدبي ليغدو نضالاً سياسياً تبلور عند التعليم، وذلك بسبب تصور التنويريين المثالي عموماً بكونِ الثقافةِ هي أداةُ تغيير التخلف، لكن هذه الثقافة مصاغةٌ داخل آليات بنية الإقطاع المذهبي وليس لاجتثاث هذه البــُنية مما يؤدي بهذه الثقافة نفسها أن تكرس تلك البنية لا أن تهدمها كما كانوا يتصورون.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقفون العاميون
- الفكرُ المصري ودورُهُ التاريخي (4-4)
- الفكرُ المصري ودورُهُ التاريخي (3-4)
- الفكرُ المصري ودورهُ التاريخي (2)
- الفكرُ المصري ودوره التاريخي (1-2)
- عامياتٌ وعامياتٌ
- عناصرُ التحديث الفكرية لدى النهضويين (2-2)
- عناصرُ التحديثِ الفكرية لدى النهضويين (1-2)
- تحولاتُ رأسمالياتِ الدول الشرقية
- جذورُ الطائفيةِ الفكريةِ
- مخاطرُ الجملةِ الثوريةِ الزائفةِ
- أزمةُ الأريافِ العربية بين عصرين
- شعبٌ واحدٌ لا شعبان
- خطاباتٌ عابرة
- نقابيةٌ غيرُ ديمقراطيةٍ
- جاء وقتُ البرجوازيةِ الوطنية
- الانتهازيون خطرٌ على الدول
- مرحلة صناعية سياسية
- مساراتٌ ثقافيةٌ صحفيةٌ
- تحرير تجارة الأغنام


المزيد.....




- فن الغرافيتي -يكتسح- مجمّعا مهجورا وسط لوس أنجلوس بأمريكا..ك ...
- إماراتي يوثق -وردة الموت- في سماء أبوظبي بمشهد مثير للإعجاب ...
- بعد التشويش بأنظمة تحديد المواقع.. رئيس -هيئة الاتصالات- الأ ...
- قبل ساعات من هجوم إسرائيل.. ماذا قال وزير خارجية إيران لـCNN ...
- قائد الجيش الإيراني يوضح حقيقة سبب الانفجارات في سماء أصفهان ...
- فيديو: في خان يونس... فلسطينيون ينبشون القبور المؤقتة أملًا ...
- ضريبة الإعجاب! السجن لمعجبة أمطرت هاري ستايلز بـ8 آلاف رسالة ...
- لافروف في مقابلة مع وسائل إعلام روسية يتحدث عن أولويات السيا ...
- بدعوى وجود حشرة في الطعام.. وافدان بالإمارات يطلبان 100 ألف ...
- إصابة جنديين إسرائيليين بجروح باشتباك مع فلسطينيين في مخيم ن ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عبدالله خليفة - الفكرُ المصريُّ ودورُهُ التاريخي (5-6)