أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عائشة التاج - تأملات حول رهبة الموت














المزيد.....

تأملات حول رهبة الموت


عائشة التاج

الحوار المتمدن-العدد: 4370 - 2014 / 2 / 19 - 19:24
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    




عدالة الموت :

لعل الكثير من السلط الدنيوية تحاول التشدق بقيم العدل والإنصاف ،لكن لا شيء يمثل هاتين القيمتين تمثيلا حقيقيا وقويا بدون أية التباسات غير "الموت"
جميعنا "سواسية " كأسنان المشط حقيقة وفعلا أمام سلطة الموت .
جنازة "رجل" أو جنازة "امرأة " حافية عارية من كل أشكال النياشين الاجتماعية مهما كانت قيمة هؤلاء ,,,,,,
تنهار كل صروح السلطة والمال والجاه أمام عدالة "سلطة الموت " .
الرئيس والملك والجنرال و حتى الامبراطور يغدو مجرد جثة يحتاج عناية "حفار القبور"وخشوع أبسط "فقيه أو رجل دين
الذي يفترض أنه يملك شيئا من مفاتيح "حياة أخرى محاطة بالألغاز والرموز
و مساحات شاسعة من علامات الاستفهام التي تتجاوز إدراكنا البسيط والمحدود جدا جدا ,


طقوس التباهي ولو في الجنائز :

وحدها الطقوس الاجتماعية تحيل على تراتبيات المركز الاجتماعي من خلال محتويات طقوس التأبين وما تجود به "عائلة الميت " من موائد الأكل وأطباق الحلويات والمشروبات
التي تعتبرها العادات الاجتماعية "صدقة " و"إكراما"لروح الميت , بل "عشاء "له قد يكون زادا يحميه ولو قليلا من وحشة القبر و "رهابه" كما تفيد أدبيات التدين الشعبي الأكثر تداولا وانتشارا ضمن ثقافتنا اليومية المثخنة "رعبا وترويعا " من عذابات مفترضة في القبور تنتظر
الموتى "الأشرار"أو "العصاة " ومساءلات جد دقيقة تنتظر الجميع ,,,,


عادات الجنازة وطقوسها لا تخرج عن منظومة الاحتفالات الاجتماعية التي يطبعها التباهي والتأكيد على المكانة الاجتماعية هنا والآن حد الهوس , من خلال الحرص على استعراض آيات الكرم الحاتمي التي ما فتئت تتطور وتتنامى مع تطور ترسانة فنون "الاحتفالات " وحيثياتها التجارية ولو على حساب "القيم و المشاعر والأحاسيس ...
.


خطابات التبجيل أثناء التأبين


ولعل المثير في الأمر من خلال تحليل الخطاب المهيمن في أجواء الجنائز والمقابر هو ذلك الحرص على استحضار الأخلاق الإيجابية للشخص المتوفى , والإطناب في استعراض خصاله ومميزاته من منطلق "اذكروا موتاكم بخير " حتى وإن كان "المتوفي " من جهابذة الشر وأعوان الشياطين .
أما إن كان معروفا بأخلاقه الطيبة فإنه سرعان ما سيحاط بهالة أسطورية قد تسحب منه كل صفات الخطإ البشري لترقى به مصاف الملائكة المنزهين عن كل الشوائب .

إذ يحرص الجميع على نسيان أو مواراة كل العيوب إن وجدت وإزاحتها جملة وتفصيلا من الإدراك الجمعي ,
وكان الحاضرين بهكذا مناورات دفاعية ضد رهبة الموت وما يحيط بها من أسرار يوجهون هكذا خطاب لملك الموت وتلك القوى الخفية التي تستقبل روح المتوفى تزكية لفقيدهم وتطلب منهم كامل الرعاية والرحمة والشفقة ونسيان أخطائه وذنوبه إن وجدت .

هذا الخطاب التأبيني الجد الإيجابي يتم بسلاسة وانسجام عام إذ لا يجرؤ أحد أن
أن يخرج عن هذا الإجماع الذي قلما يتحقق في الشروط العادية وفي حالة الاستثناء تبرز مقولة "اذكروا موتاكم بخير " وكأنها السوط الذي يعيد الالتفاف نحو طلب "العفو و الغفران " عبر استعراض أفعاله الطيبة وخصاله الحميدة

ولعل الأكثر إثارة ضمن أجواء التأبين التبجيلي هو عندما تنطلق ألسنة تمدح في الميت خصالا قد يكون المتحدث أول من يخرقها ويبتعد عنها عن طواعية وسبق إصرار .
كأن يمدح "المتسلق "عفة الميت والطماع قناعته ،والظالم عدله والمتعجرف تواضعه والمتحذلق بساطته والمتمخزن شعبيته و الفاسد نظافته ....وهلم جرا
ولعل هذا النزوع الخطابي نحو المثل العليا والتأكيد على وجودها لدى فقيدهم
هو في حد ذاته تشبث بحبل "تمثلات الخير " وما قد تدره من مكافآت دنيوية ، فجميعنا نطمع في تزكية جماهيرية لخصالنا الحميدة الحقيقية أو حتى "المفترضة " عند وفاتنا وإن كنا لا ندري أثرها الفعلي على حياتنا الأخرى
إنها "رهبة الموت " التي لا نملك أمامها من سلاح غير الامتثال و الانبطاح للتعاليم الروحية ولو عبر الخطاب عسانا نضمن لأنفسنا مآلا محمودا ,


الموت فرصة للتأمل :

الموت فرصة ثمينة تذكرنا بتفاهة الأوهام التي تحركنا وتجعلنا نركض يمينا ويسارا

كي نقبض على أهداف سوف يتكسر بريقها على صخرة نهاية لا نعرف توقيتها ولا حتى مكانها ,,,,, عندما يفرض علينا "الرحيل" حيث لا ندري ,إلا القليل جدا جدا ,,,,,
وحدها "أفعالنا "تبقى دالة على أننا "مررنا" من درب حياة آيلة للزوال ، حياة يملؤها الزيف والعبث ,,,,,وركامات من الأوهام , ,,,
,الموت فرصة للتأمل والتفكير والاتعاظ لمن يلهث وراء سرابات وسرابات
وأكبر السرابات صراع المواقع الذي غالبا ما يحصد إنسانية الإنسان ويحوله لمجرد فقاعة تتجاذبها أمواج التنافسات "غير البرئية "
مرحى لمن امتلك ما يكفي من عفة النفس كي يكرس حياته للأبهى والأكثر قدرة على "الخلود" , " العلم والفكر والمعرفة .
عائشة التاج




#عائشة_التاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عالم الاجتماع محمد جسوس في ذمة الله
- هل يحق لوزراء رسميين التسول عبر اليوتوب ؟؟؟؟
- خديجة الرياضي والجائزة الأممية ، مابين التسفيه والتتويج
- عن الفقيدة المناضلة زهور العلوي ، مرحى لك بموت شريف في زمن - ...
- عيد الأضحى وإكراه العادات الاجتماعية
- قبلة المراهقين وضرر الوصم الاجتماعي
- علي أنوزلا ومواجهة الريشة والصولجان
- الأعراس الصيفية والتلوث السمعي بالمدن بالمغربية ،هل من تقنين ...
- المديونية وآثارها على استفحال الأزمة الاقتصادية والاجتماعية
- المواعيد و الوعود والالتزامات على محك زمننا المهدور
- نخاسة النساء عبر ما يسمى - بجهاد المناكحة
- صورة المرأة من خلال رواية عزازيل
- مفهوم القوامة و تحولات أدوار الزوجين
- المرأة ورياح الربيع العربي الأمازيغي .
- ماذا يعني عيد الحب في فضاء ينضح بالكراهية ؟
- تقبل العزاء ما بين الواجب الإنساني و الإسراف الاجتماعي
- حول منتدى فاس النسخة التاسعة :التربية والتعليم وتنمية المجتم ...
- نساء الربوة بالرباط يحتفين بإبداعات الفقيدة حفيظة الحر
- رحيق الشوك
- الكتابة و الخصوصية النسائية و صراع المواقع


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عائشة التاج - تأملات حول رهبة الموت