أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود روفائيل خشبة - فى الثقافة وإنسانية الإنسان














المزيد.....

فى الثقافة وإنسانية الإنسان


داود روفائيل خشبة

الحوار المتمدن-العدد: 4345 - 2014 / 1 / 25 - 14:20
المحور: الادب والفن
    


فى الثقافة وإنسانية الإنسان
داود روفائيل خشبة

التجربة الإنسانية عبر الزمان وعلى امتداد المكان كل واحد متكامل، من خلالها يصوغ الإنسان إنسانيته، ولا تكتمل إنسانية الإنسان إلا باكتمال التجربة الإنسانية، ولا تكتمل ثقافة إنسان إلا بأن يستوعب التجربة الإنسانية فى كليّتها واكتمالها، وعمليّا، هذا بالطبع على إطلاقه شىء مستحيل، ولكنه يجب أن يبقى نصب أعيننا مثالا مطلوبا وأن يبقى معيارا تقاس به ثقافة الإنسان.
لذا فإن أخطر ما يَصِم ثقافة شخص ما أو أمّة ما بالضحالة والضيق هو غرور التعلـّق بخصوصية ثقافة وحضارة ذلك الشخص أو تلك الأمة (فى هذا السياق لا أفصل الثقافة عن الحضارة). خصوصية الثقافة أو الحضارة ضرورة حتمية تقضى بها طبائع الأشياء، لكنها، ككل ما يتعلـّق بواقع فعلى، ضرورة نسبية تنطوى على خطر يفعل فعله الحتمى حالما يحاول النسبى، محفوزا بغروره، أن يهتبل لنفسه صفة المطلق.
معذرة. لنخرج من هذه التجريدات الميتافيزيقية إلى ملموسات الواقع الفعلى. الفرد الإنسانى لا يكون فردا إنسانيا إلا بخصوصياته: قامة محدّدة معيّنة، لون عينين معيّن، تجارب طفولة معيّنة لا تتطابق مع تجارب طفولة أخرى حتى بين تؤمين. لا يكون الفرد فردا إلا بهذه الخصائص التى تخصّه وحده. لكن أىّ إنسانية تكون له إذا لم يتعامل مع الغير، إذا لم يتفاعل مع الغير، إذا لم يبادل الغير أخذًا وعطاءً؟ هذا مثال بسيط لتقريب معنى أن الخصوصية نسبيّة بالضرورة وتدمّر ذات كيانها إذا زعمت لخصوصيتها صفة المطلق.
كذلك الأدب المصرى مثلا لا يكون أدبا مصريّا إلا إذا ضرب بجذوره فى التربة المصرية واستمدّ رحيقه من الموروث المصرى وعكس فى ثناياه التقاليد والعادات المصرية بمحاسنها وبعيوبها ونقائصها التى تتميّز بها عن غيرها، لكنه فى ذات الوقت لا يكون أدبا إنسانيا إلا إذا انفتح على آمال وآلام الإنسان، وعلى تجارب الإنسان فى كل زمان ومكان.
انسقت لكل هذا الكلام وأنا لم أكن أقصد فى البداية إلا أن أقول إن أولئك الذين يريدون لنا أن ننغلق فى تراث خاص سواء كانوا ممن يريدون لنا أن نستغنى بموروث دينىّ خاصّ عن كل ما كابده وصارعه الإنسان فى ملحمة مسيرته الفكرية، أو كانوا ممن يريدون أن يقتصر انتماؤنا على قوميّة معيّنة، أو كانوا ممن يريدون أن تنحصر هويّتنا فى تراث وطنىّ محدّد، كل أولئك يغتالون إنسانيتنا، يَئِدون إنسانيتنا.
إنك تكون منقوص الإنسانية إذا جهلت موروثك الدبنىّ. عليك أن تستوعب موروثك الدينى وتدرس مصادره وملابساته التاريخية وتمحّصه وتنقده. عليك أن تعرف معالم تاريخ قومك، وأن تدرس إنجازاتهم وأخطاءهم وكبواتهم. وعليك أن تتشرّب تراثك الوطنى وتتذوّقه, لكنك لن تكون إنسانا إلا إذا وضعت كل ذلك فى إطار سعى الإنسان الحثيث لأن يكون إنسانا.
الإنسانية كيان واحد. لكى تكون إنسانا يجب أن يكون انتماؤك لذلك الكيان الواحد.
مدينة 6 أكتوبر، مصر، 25 يناير 2014
بينما قنوات التليفزيون تبثّ صور الدماء والدمار من جرّاء تفجيرات يوم الجمعة 24 يناير كتبت هذا الكلام الذى يبدو بعيدا عمّا يحدث. فهل هو حقـّا بعيد عمّا يحدث؟ هل يمكن أن نتجاوز الدماء والدمار إذا لم نجعل إنسانيتنا فوق كل شىء آخر؟
http://khashaba.blogspot.com



#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على أى أساس نطلب السيسى رئيسا؟
- تهاويم مريض
- رسالة إلى السيسى
- الفريق السيسى رئيسا
- مسكلة تعليم اللغة العربية
- لنحذر أن نحرق أنفسنا
- التطور ونظرية دارون
- هل هناك أمل؟
- هل يصلح الفريق السيسى للرئاسة؟.
- من جديد، الدين والسياسة
- الحماس والقفز من النقيض إلى النقيض
- عقلنة الإسلام
- كلام فى وقت ضاع فيه معنى الكلام
- خواطر مشتتة
- رسالة إلى أخى المسلم
- رسالة إلى شاب متديّن
- ما بعد 3 ديسمبر
- هل نحن على طريق الديمقراطية؟
- تعفيبا على حديث د. جابر نصار
- ألعوبة مواد الهوية


المزيد.....




- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...
- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
- رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- خبر صحفي: كريم عبدالله يقدم كتابه النقدي الجديد -أصوات القلب ...
- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود روفائيل خشبة - فى الثقافة وإنسانية الإنسان