أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود روفائيل خشبة - تهاويم مريض














المزيد.....

تهاويم مريض


داود روفائيل خشبة

الحوار المتمدن-العدد: 4340 - 2014 / 1 / 20 - 14:35
المحور: الادب والفن
    


كل التاريخ أسطورة. تقع حادثة يشهدها عشرة شهود ليس لواحد منهم مصلحة فيما وقع ولا لواحد منهم علاقة بما وقع؛ عشرة شهود كل منهم على قدر من الذكاء والخبرة والمعرفة، ويحكى كل منهم الواقعة بطريقة مختلفة، وقد تتعارض بعض الحكايات تعارضا شديدا وقد تتناقض. فما بالنا فى أحداث قديمة أو حديثة يرويها مدوّنون أو مؤرّخون، وما كان المدوّن أو المؤرّخ يتكبّد جهد الكتابة لو لم تكن له وجهة نظر أو موقف أو تأويل بريد إثباته؟ فكل التاريخ أسطورة.
فى أواخر يناير 2011 حدث فى مصر حدث هو بكل المقاييس ومن مختلف وجهات النظر حدث هام. وسمعنا من يقول إن الآمر كله مؤامرة، ومن يقوا إن الشباب الذين دَعَوا لحركة 25 يناير هم عملاء مأجورون، ومن يقول إن الأمر كله كان من تدبير المخابرات الأمريكية أو الموساد الإسرائيلى أو الإخوان المسلمين أو هؤلاء مجتمعين.
أنا أقول، لقد كنا قبل 25 يناير 2011 نكاد نحتقر أنفسناـ نردّد فى همّ وغمّ، ما هذا الهوان؟ كيف نسكت على كل هذا الفساد المستشرى وكل هذا التخلـّف والتردّى الذى ينحدر بنا إلى قاع بلا قرار؟ وأقول، ليكن أن المخطّط الذى وضعه المتآمرون كان بوحى وتدبير من كبير أبالسة الجحيم. ليكن كل هذا. لكن حين بدأ التجمّع الذى دعا إليه الأبالسة، انضم إليه بعض ممن كانوا يشعرون بالهوان لما حاق بنا. رفعوا أولا شعار: "عيش، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية". وحين رأوا الجموع الكبيرة من حولهم، وحين واجهتهم السلطة بالتعالى والصلف، ارتفعوا بمطالبهم حتى نادوا: "الشعب يريد إسقاط النظام" وحتى وجهوا الخطاب إلى رئيس الدولة آنذاك قائلين: "ارحل!"
ولسبب سيظل المؤرخون يتجادلون حوله عقودا وقرونا، رحل مبارك. وتولى المجلس العسكرى السلطة، وحدثت أحداث. رأينا أفراد الشعب يعتلون ظهر دبابات الجيش يعانقون جنودها. ورأينا مدرّعات الجيش تسحق مواطنين أبرياء مسالمين. ورأينا انتخابات مجلس الشعب يفوز فيها كثيرون من الإخوان المسلمين وغيرهم من التيار الدبنى. ورأينا انتخابات الرئاسة تتفتـّت فيها القوى المدنية وننتهى إلى الخيار بين من يمثل العودة لما مضى ومن يمثل الانزلاق إلى الثيوقراطية. ولن أطيل فى هذا. انتهينا إلى مرسى رئيسا.
كان أخوف ما يخافه بعضنا أن ينجح الإخوان بما لهم من مال وعقول وتنظيم فى أن يعالجوا الاقتصاد العليل وأن يلبّوا بعض الحاجات المُلِحّة لجماهير الشعب المطحونة. لكن الإخوان، فوق كل عيوبهم الظاهرة والخفيّة، أثبتوا أنهم أغبياء قصار النظر. ومرة أخرى حدث ما حدث. ومرة أخرى أقول إنى لا أملك جهاز مخابرات، ولست حتى ممن يهتمون بمتابعة الأمور ومعرفة خلفيات ما يحدث، وليس عندى تصوّر أو تفسير لما حدث. لكننا وصلنا إلى نقطة سيكون بعدها حتما ثمّة تغيير.
لا أحد يملك أن يقول فى يقين ما إذا كان التغيير سيكون للأحسن أم للأسوأ، فالتاريخ لا يمضى أبدا فى خط مستقيم، ولا أحد يمكن أن يُلِمّ بكل المجاهل وكل العوارض التى تكتنف مساره وتؤثـّر فيه. لكنى أعرف أن بعض الأبرياء الأنقياء الذين دخلوا فى غمار جموع 25 يناير، وأيا كان وضعهم وأيا كان ما أحاط بهم ومن أحاط بهم، بعض أولئك الأبرياء الأنقياء بذروا بذورا، أشبه بذلك الحَبّ الذى تكلـّم عنه يسوع الناصرى فى إحدى أمثولاته — ومعذرة فأنا لا أستطيع أن أنسلخ من مسيحيّتى التى نشأت عليها وأنا طفل صغير، وإن كنت أرفض كل ما أهالته الكنيسة على تعاليم المسيح من معتقدات غيبية ولاهوتيات لاعقلانية. قال يسوع فى أمثولته ما معناه إن الزارع خرج حاملا الحَبّ ليزرع، فسقط بعض الحبّ على الطريق وسقط بعضه بين الشوك والحَسَك وسقط بعضه على صخر صلد وسقط بعضه على الأرض الطيّبة؛ ما سقط على الطريق أكلته الطيور وما سقط بين الشوك والحسك خنقه الشوك والحسك وما سقط على الصخر أحرقته حرارة الشمس وما سقط على الأرض الطيّبة أثمر ثمرا طيّبا.
ما نثرته القلوب النقيّة الطيّبة من حَبّ قد يسقط بعضه على أرض طيّبة فيثمر ثمرا طيّبا. — متى؟ أين؟ كيف؟ لا أحد يملك أن يقول فى يقين، فالتاريخ أبدا لا يسير فى خط مستقيم.
لا أحد يعلم إذا كنا سنمضى من هنا إلى ما هو أحسن أو إلى ما هو أسوأ، لكنى أعرف أن على كل واحد منّا أن يكون أمينا لحلمه وأن يعمل ما يوحى به إليه حلمه، وإن كان يعلم أنه لا يمكن أن يوقن بما سيكون. فالتاريخ لا يمضى أبدا فى خط مستقيم، وكم من خير أنتج شرّا وكم من شرّ أنتج خيرا.
عن نفسى، أنا سأقتفى أثر كانديد ڤ-;-ولتير، سأرعى حديقتى الصغيرة.
عزيزى القارئ، كتبت هذا وأنا مريض مريض مريض، فاعذرنى وسامحنى على ما فيه من خَرَف، لكن قيل قديما: قد تؤخذ الحكمة من أفواه المجانين.
مدينة 6 أكتوبر، مصر، 20 يناير 2014
http://khashaba.blogspot.co



#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة إلى السيسى
- الفريق السيسى رئيسا
- مسكلة تعليم اللغة العربية
- لنحذر أن نحرق أنفسنا
- التطور ونظرية دارون
- هل هناك أمل؟
- هل يصلح الفريق السيسى للرئاسة؟.
- من جديد، الدين والسياسة
- الحماس والقفز من النقيض إلى النقيض
- عقلنة الإسلام
- كلام فى وقت ضاع فيه معنى الكلام
- خواطر مشتتة
- رسالة إلى أخى المسلم
- رسالة إلى شاب متديّن
- ما بعد 3 ديسمبر
- هل نحن على طريق الديمقراطية؟
- تعفيبا على حديث د. جابر نصار
- ألعوبة مواد الهوية
- ما هى الثقافة؟
- الدستور والأخلاق


المزيد.....




- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود روفائيل خشبة - تهاويم مريض