أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود روفائيل خشبة - عقلنة الإسلام














المزيد.....

عقلنة الإسلام


داود روفائيل خشبة

الحوار المتمدن-العدد: 4295 - 2013 / 12 / 4 - 11:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أدخل بهذا الحديث حقل ألغام إذ أخاطر بإثارة مشاعر شديدة الحساسية. إنى عادة حين أتحدث عن الدين بصفة عامة أعبر عن موقفى وعن رأيى بصراحة ودون خشية، لكنى حين أتكلم عن دين محدد، خاصة الإسلام، أحرص على ألا أوذى مشاعر أحد، لا خوفا من أى عاقبة وإنما لأنى لا أحب أن أسبب ألما لأى إنسان. إلا أن هناك مسألة يتحتم أن نعالجها بشجاعة ووضوح إذا كان لنا أن نفلت من أسر معطيات ومقدمات تنفى تماما إمكانية التفكير العقلانى الحرّ. وأسارع فأطمئن من يتحفـّزون لمهاجمتى إلى أنى لن أقترب من مسائل العقيدة فى حديثى هذا.
إن ما هو أخطر من الإسلام السياسى المتطرّف هو محاولة عَقـْلـَنـَة الإسلام وإظهار إمكانية إقامة دولة ديمقراطية حضارية حديثة فى توافق تام مع شرائع الإسلام ومعطيات التاريخ الإسلامى. النتيجة المنطقية للتسليم بهذا التوجّه هى أن نبقى منغلقين فى حدود مفاهيم ومعتقدات وقيم وأحكام ربما صلحت لزمان غير زماننا ولأوضاع اجتماعية وحضارية غير أوضاعنا، لكنها بكل تأكيد تتناقض مع متطلـّبات حاضرنا. كى نفلت من هذا الانغلاق يلزمنا التسليم بأمرين يتصادمان مع المفهوم التقليدى المعتمد للإسلام عند المؤسسات الدينية الإسلامية وعند عامة المسلمين.
أول هذين الأمرين اللذين ينبغى التسليم بهما هو الاعتراف بتاريخية الإسلام، أى التسليم بأن الإسلام نشأ فى ظروف وأوضاع تاريخية وإقليمية محدّدة للتعامل مع تلك الظروف والأوضاع المحددة. ولا بأس بأن نـُقِرّ بأن الإسلام أصلح الكثير من تلك الأوضاع، لكنه أصلحها بما يتناسب مع زمانها ومكانها. مثلا، ربما يكون الإسلام حسّن أوضاع الرقيق وقواعد التعامل مع الرقيق، لكنه أبقى على نظام الرق، وكان نظام الرق معمولا به فى كل المجتمعات البشرية، وظل سائدا إلى أن تم إلغاؤه فى القرن التاسع عشر. وربّما يكون الإسلام قد حسّن وضع النساء عمّا كان عليه من قبل، وكان النساء فى عصور كثيرة ومجتمعات كثيرة يتعرضن لظلم كثير وانتفاص كثير ممّا هو حق لهن، وحتى الآن فى أكثر المجتمعات تقدما لم يتحقق للمرأة ما ينبغى من مساواة وعدل ومراعاة لأعباء الأمومة التى لا يشاركها فيها الرجل. فهل يمكن أن نجمّد أوضاع المرأة على ما كانت عليه منذ أكثر من أربعة عشر قرنا؟ هذان مثالان فحسب، وقد طالت هذه الفقرة أكثر مما قدّرت لها، فأكتفى بهذا.
الأمر الثانى يتعلق بقضية تشكـّل عقبة كأداء فى طريق إقامة دولة ديمقراطية مدنية تتحرّر تماما من الخضوع للمؤسسة الدينية. ذلك أن علينا أن نعترف بأن الإسلام نشأ كدولة دينية. المعتدلون من المسلمين يؤكدون لنا أن الإسلام لا يعرف الدولة الدينية، ويحسبون أنهم بذلك يمسكون بالعصا من وسطها، بين المطالبين بدولة دينية صريحة والمطالبين بدولة علمانية تنعزل تماما عن المؤسسة الدينية. لكن هؤلاء المسلمين المعتدلين الطيبين بقولهم هذا، الذى فيه الكثير من الخلط، يميّعون القضية ويبقون الباب مفتوحا لهيمنة المؤسسة الدينية على شئون الدواة. وقد رأينا كيف امتلأ مشروع الدستور الذى أعدته لجنة الخمسين بوضع خاص ومكانة خاصة للأزهر، وكيف تكرّر فى المشروع ذكر الدين فى أكثر من موضع، وكيف حفلت الديباجة بموسى والمسيح وصولا إلى نبى الإسلام. الحقيقة التى لا بد من الاعتراف بها هى أن الإسلام بدأ فى مكة دعوة عقائدية، لكنه فى المدينة أصبح دولة دينية. ويجب أن نعترف بأن تلك الدولة كانت وليدة زمانها وبيئتها شديدة التخلف، وليس فى هذا ما يعيبها، فقد كان العرب قبل الإسلام قبائل تتصارع وتتقاتل، فجعل منهم النبى دولة، لكنها الدولة التى تناسب بدائيتهم وتخلفهم. ومع أن تلك الدولة سرعان ما بدأت تتفكك وتتغبّر، حتى خلال نصف القرن الأول الذى حكم فيه الخلفاء الراشدون، حتى إذا ما وصلنا إلى الدولة الأموية ثم الدولة العباسية لم يكن قد بقى من مقوّمات ودعائم دولة المدينة أىّ أثر، إلا أن مفهوم أن الإسلام دين ودولة، الذى كان ينطبق على دولة المدينة، ظل متجذّرا فى العقل المسلم. نحتاج أن نقرأ التاريخ الإسلامى قراءة موضوعية عقلانية، عندئذ ندرك أن دولة المدينة، التى كانت فعلا دولة دينية، لا يمكن أن تتكرّر بأكثر مما يمكن أن تتكرّر إمبراطورية الأسكنر الأكبر.
على عقلاء المسلمين أن يصارحوا أنفسهم ويصارحوا من يستمعون إليهم بأن التشريع الذى وُضِع لمجتمع جزيرة العرب فى منتصف القرن السابع الميلادى لا يصلح للمجتمع الإنسانى فى القرن الحادى والعشرين، وأن نظام الحكم الذى صيغ لدولة المدينة لا مكان له فى عالم اليوم.



#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلام فى وقت ضاع فيه معنى الكلام
- خواطر مشتتة
- رسالة إلى أخى المسلم
- رسالة إلى شاب متديّن
- ما بعد 3 ديسمبر
- هل نحن على طريق الديمقراطية؟
- تعفيبا على حديث د. جابر نصار
- ألعوبة مواد الهوية
- ما هى الثقافة؟
- الدستور والأخلاق
- إلى أصدقائى الماركسيين
- ما هى الفلسفة؟
- الأحزاب الدينية والمرجعية الدينية
- أفلاطون الذى ظلموه
- لماذا نحن أحاديّو الفكر؟
- عبارة -الرأى والرأى الآخر-
- ضرورة أن نتفلسف
- ثلاث ملاحظات عابرة: المادة 219 والإقصاء ومذابح الأرمن
- إلى أعضاء لجنة الخمسين
- السلفيون، ماذا يريدون؟


المزيد.....




- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود روفائيل خشبة - عقلنة الإسلام