أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فهد المضحكي - رحل في صمت














المزيد.....

رحل في صمت


فهد المضحكي

الحوار المتمدن-العدد: 4345 - 2014 / 1 / 25 - 14:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رحل في صمت

فهد المضحكي


ما اشد الحزن عندما تفقد انسانا عزيزا على قلبك. «كانت اللحظات مؤلمة عندما ودعنا قبل أيام العم ميرزا يوسف مرهون الى مثواه الاخير» والحق يقال كان ابو رياض الذي رحل في صمت يمتلك قلبا ابيض ناصعا كالثلج «وعندما تتأمل شخصيته الهادئة الرزينة العفيفة تجده نمطا رائعا في الطهارة والصدق والطيبة.

وكنت أتأمل فيه دائما تلك الخاصية وهو يجمع بين الاصغاء واحترام الاخر وبين رزانته وحبه المتدفق كالنهر لكل الناس دون تعصب مذهبي او طائفي وما اروع ان تكون رابطة العلاقة بين البشر لا تخضع لا لسلطة دينية متعصبة او قبلبية او عشائرية ولا لمنافع خاصة او مصالح ضيقة تستغل الدين أو الحكم للبطش والاستبداد! وما اجمل ان تجتمع هذه المنافع والمصالح من اجل الوطن الذي سيظل امانة في قلوب الجميع. ولست اغالي ان قلت ان ابا رياض – كغيره من الطيبين – عشق الوطن في قلبه ووجدانه وراح يحكي حكايات الاجداد عن النخيل والغوص المنتشرة بين شطآن المحرق وسترة والبديع وازقة المنامة والسنابس والبلاد القديم.
كانت شخصيته البسيطة العذبة المحبوبة عند الصغار قبل الكبار علامة فارقة تميزه عن غيره، واذا كنت تتبادل معه اطراف الحديث لا تسمع منه سوى كلمات محدودة، الا انها تنبض دائما بالحب العميق والمودة ورحابة الصدر.
وعلى هذا النحو عاش الفقيد كأيقونة احبها الاهل والاصدقاء وكل من عرفه من الزبائن الذين يرتادون «محل مرهون» الكائن في احد الازقة الضيقة المتفرعة من شارع الشيخ عبدالله بالمنامة وذلك لشراء الاعشاب أو ما يتعلق بالادوية الشعبية والامر لا يختلف ايضا بالنسبة لأخيه المرحوم العم حميد مرهون الذي هو الاخر وبسبب دماثة خلقة وطيبته كان محط حب وتقدير.
الديمقراطية ليست فقط نظريات ونصوص نحفظها عن ظهر قلب ونجترها بمناسبة وبدون مناسبة كما يفعل بعض الساسة المرضى بامراض النخبة المتعالية التي لا تستطيع ان تتحرر من عقده الانا المتورمة أو كما يفعل المزايدون الذين لا هم لهم سوى المزايدات السياسية والتشكيك في الاخر والصاق التهم جزافا وتهديد الرأي المخالف والرهان على الفوضى السياسية والعنف كطريق للتغيير أو كما يفعل أولئك الذين لا مصلحة لهم في الاستقرار واطلاق الحريات العامة والالتزام بحقوق الانسان والمساواة في المواطنة، بل الديمقراطية هي ممارسة وسلوك حضاري رفيع وتربية على ممارسة الفعل الحر دون ان تمس حرية الآخرين او دون ان تستغل الحرية لإيذاء الاخر والمجتمع. والراحل ليس من السياسيين او من يدعي القدرة على ترديد الجمل الثورية وانما كان رجلا لا يعرف الكراهية والتمييز والغاء الاخر «كان ديمقراطيا مع اهله وعائلته.
فقد استطاع ان يمارس علاقة صحيحة ومتوازنة بين افراد اسرته اذ كانت الحقوق لا تلغي الواجبات وفي هذه البيئة الديمقراطية ترعرع افرادها وهي ذات البيئة التي نشأت فيها عائلة مرهون المنفتحة على الآخر وبفضل حسها الوطني كسرت حواجز التعصب الطائفي اذ غدت وعلى الصعيد الاجتماعي مثالا للتعايش، وتكتسب هذه الحقيقية أهمية في ضوء التسليم بمبدأ المصاهرة والتزاوج بين الطائفتين الكريميتين، ورفض الفزعة الطائفية والمحاصصة الطائفية التي اذا ما تعمقت حتما ستمزق نسيج المجتمع البحريني المتسامح المتعدد والمتعايش بين مكوناته شيعية وسنية ومسيحية وبهرة ويهود.
وهذا حال الكثير من العائلات البحرينية التي كانت ولا تزال تدافع عن التعايش والتعدد الذي عرفه أهل البحرين منذ عقود.
وفي هذا الجو استطاع ابو رياض ان يغرس بذور حب الآخر في ابنائه وبناته كما كان واضحاً في تربيتهم في مناخ اساسه المساواة في الحقوق وفي مقدمة ذلك حقوق المرأة، هذا ما قاله لي ذات مساء لان المرأة لها حقوق لا تقل اهمية عن حقوق الرجل اذ لا يمكن تجاهلها كما تفعل قوى وجماعات الاسلام السياسي!
هكذا كان جوهر العم ابو رياض الذي ودع الحياة في صمت اذ كانت رحلة علاجه في مستشفى السلمانية قصيرة جدا ومازال السؤال مطروحا: لماذا تدهورت صحته سريعاً؟
وهل ثمة اسباب لها علاقة بالرعاية الصحية؟ لا ندري! وهكذا مضى قطار عمره دون ضجيج حتى وصل آخر محطاته ورغم بشاعة هذه الرحلة الابدية التي انتصر فيها الموت على الحياة، الا ان الحياة ستظل متجددة مليئة بالتفاؤل والعطاء.. وستظل مضيئة بالمحبة والوفاء لكل ما هو انساني جميل غايته مستقبل البشرية والحياة المشرقة.
عزاء لاسرته وعائلة مرهون الكرام، وعزاء لأصدقائه ومحبيه.



#فهد_المضحكي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبدالجليل بحبوح
- حول الحوار الوطني
- (( العرب وجهة نظر يابانية ))
- المراجعة النقدية
- هكذا كان شاعر الفقراء
- مانديلا وداعاً
- غياب مبدأ المساءلة والمحاسبة!
- النواب والرقابة البرلمانية!
- محمد دكروب الإنسان المثال
- نيران الحرب.. حول آبار بترول الخليج!
- لماذا أكتب؟
- التقارب الأمريكي الإيراني
- أوضاع التنمية في الإمارات.. أبوظبي مثالاً
- هكذا تكلمت المعتزلة (2 من 2)
- هكذا تكلمت المعتزلة (1 من 2)
- أحداث السودان.. من أجل مستقبل أفضل
- مكافحة الإرهاب
- المسببات لا تتجزأ
- علي دويغر فناناً تشكيلياً مبدعاً
- إيران والتحديات الاقتصادية والاجتماعية!


المزيد.....




- عملية -مطرقة منتصف الليل-.. كيف اتخذ ترامب -القرار التاريخي- ...
- تحليل لـCNN: هجوم ترامب على إيران يعد انتصارا لنتنياهو لكن ا ...
- واشنطن تصدر -تحذيرا عالميا- على خلفية الصراع بالشرق الأوسط و ...
- أولمرت: الضربة الأميركية لإيران منحت نتنياهو فرصة لن يفلح با ...
- مصادر: إسرائيل تقبل إنهاء الحرب إذا أوقف خامنئي إطلاق النار ...
- علماء يكتشفون فئة دم فريدة من نوعها في العالم
- كم عدد الطائرات التي شاركت في قصف منشآت إيران النووية؟
- غروسي يعلّق على وضع مواقع إيران النووية بعد القصف الأميركي
- إسرائيل تنفذ ضربات على أهداف في إيران
- -أكسيوس-: ترامب لا يريد مواصلة ضرب إيران إلا في هذه الحالة


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فهد المضحكي - رحل في صمت