أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - دولة الأوبر














المزيد.....

دولة الأوبر


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4324 - 2014 / 1 / 2 - 01:18
المحور: الادب والفن
    


بوسعكَ السفرُ إلى بلاد بعيدة، دون طائرة. بوسعك العودةُ إلى زمن جميل، دون آلة زمن. هنا محراب الجمال، الذي نخلعُ على بابه همجيتنا لنلقيها في العدم، ثم ندخل أبرياء صافين، متأهبين لجرعة النور.
كلما نشدتُ الاتزانَ الروحيّ، ذهبتُ إلى "دولة الأوبرا"، كما أسمّيها. كأنما هي دولة مستقلة. أو كأنما هي مصرُ في خمسينيات الزمن الجميل. كأنما حفلات أم كلثوم بجمهورها الأنيق. أدخل الأوبرا، فأتأكدَ أن الرُّقيَّ كامنٌ في شعبنا، وإن تراكمت عليه طبقةٌ من غبار الصحارى، سنجلوها لنعود مصريين.
مهرجان الموسيقى العربية الثاني والعشرون، الذي تنتهي فعالياته بالقاهرة اليوم، وتمتد بالأسكندرية حتى يوم 21 نوفمبر. الجمهور ملأ قاعة المسرح الكبير وأدوار البلكون الخمسة، وفي الخارج تتردد شكاوى الناس من نفاد التذاكر فور فتح شباك الحجز. متعطشون للفن الجميل بعد عامين من الظلام والقحط.
الآن؟ في هذه اللحظة المرتبكة، ثمة من يتوق للموسيقى؟! نعم. فنحن شعبٌ خطير يعرف كيف يصبر في نبلٍ، وكيف يثور في تحضّر، وكيف يسخر من المحن ويروّضها، وكيف، أثناء كل هذا، يخلق الفنَّ الرفيعَ، ثم يتذوّقه. بالرغم مما تمرُّ به مصرُ الآن من تخبّط وفوضى، وعتمة الظلام التي مرّت بمصر العام الماضي، بل من أجل كل هذا، كان لابد من الفنّ، الذي يُطمئننا أن مصرَ التي وُلِدَت قبل التاريخ، لا تنضب. ثمة عشراتُ: "أم كلثوم" و”عبد الوهاب” و"عبد الحليم"، في مصر التي ابتكرت الموسيقى والغناء في فجر التاريخ قبل آلاف السنين.
أجلسُ صامتةً، لأن الصمتَ في حرم الجمال جمالُ. النغمُ ينساب حولي من كل صوب كشلال عذب من النور؛ وأفكر. ماذا لو فرضتِ الحكومةُ المصرية واجبًا قوميًّا يُلزم المواطنين بالذهاب للموسيقى مرةً في الأسبوع؟! هل تختفي الجريمة! أصدّق هذا. لو جِيء بالمُخرّبين الغلاظ أعداء الحياة، لحضور الأوبرات والباليه والموسيقى العربية والكلاسيكيات الروسية والألمانية، ألن يخرجوا على عكس ما دخلوا؟ ألن ترقَّ قلوبُهم الفظة، وتشفَّ أرواحُهم الخشنة فيحبون الوطنَ والناسَ وربَّ الناس؟ الموسيقى تُربّي الروح. تُهذِّبُها. تُشذِّبُها من النتوءات والبثور، وتُنقِّيها من الشوائب. لذلك قال أفلاطون: "علّموا أولادَكم الفنون، ثم أغلقوا السجون."
كل يوم وأنا في مقعدي بالمهرجان، أرسلُ برقياتٍ فلاشيةً إلى قرائي عبر صفحتيْ في فيس بوك وتويتر لأحكي لهم ما يجري الآن في محراب الجمال، وأختبر مدى توق الناس للموسيقى. وكنتُ أُذيّل كلمتي بعبارة ثابتة لا تتغير: “شكرًا أيها الفن.”
اليومَ، وهنا، أشكر الكبار الذين منحوني أسبوعين من النشوى والتحضر. على رأسهم جميلة الموسيقى د. رتيبة الحفني، التي أسست المهرجان قبل عقدين وعامين، ثم طارت بالأمس للسماء بعدما رسّخت أقدام الجسر التنويري الذي يجمع العربَ على لغة واحدة لا تعرف التشاحن والخلاف: لغة الموسيقى. وأشكرُ كل الطيور الغِرّيدة التي أنطقتِ النغم على عصا المايسترو "سليم سحاب" وبيانو "عمرو سليم" وأعضاء الأوركسترا كافة. أشكر علي الحجار، مدحت صالح، مي فاروق، ريهام عبد الحكيم، أنغام، هاني شاكر، أصالة، لطفي بوشناق، صفوان بهلوان، وغيرهم من ثريات الفن العربي. كما أشكر التليفزيون المصري الذي نقل المهرجان مباشر لمن لم يستطع الحضور.
أما الشكر الأكبر، فأوجهه للمثقفة الجميلة د. إيناس عبد الدايم، رئيس دار الأوبرا، راعية المهرجان، وكل فريق عملها وجنودها. أحييها على صلابتها في مواجهة التتار؛ فلم تخضع. بل كانت جمرةَ اللهب التي قبض عليها المثقفون ليشعلوا ثورة 30 يونيو. كما أحييها على إيمانها الراسخ برسالتها التنويرية النبيلة، وإصرارها على رسم لوحة الجمال الرفيع تحت هزيم العواصف الهوجاء. ‬-;-



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أراجوزات الإخوان
- عود الثقاب الإخوانىّ
- نحتاج عُصبة من المجانين
- لماذا أُسميها: -دولة الأوبرا-؟
- الموتُ أكثر نبلًا
- بالقلم الكوبيا
- عش ألف عام يا مانديلا
- احنا الكفار
- فيروز حبيبتي
- إنها الإسكندرية يا صديقتي الخائفة
- اقتلْ معارضيك
- الفيلم المسيء للإسلام
- مرسي وكتاب التاريخ
- شريهان، العصفور الذي عاد
- أنهم يسرقون الله!
- أفتح الجاكيت، أقفل الجاكيت
- سيفٌ في يد الشيماء
- بسطاؤها نُخبة
- عمر خيرت.. فارسُ الحرب القادمة
- الله أكبر أيها الأشرار!


المزيد.....




- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة
- شارك في -ربيع قرطبة وملوك الطوائف-، ماذا نعرف عن الفنان المغ ...
- اللغة الروسية في متناول العرب
- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...
- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - دولة الأوبر