أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داود روفائيل خشبة - الحماس والقفز من النقيض إلى النقيض














المزيد.....

الحماس والقفز من النقيض إلى النقيض


داود روفائيل خشبة

الحوار المتمدن-العدد: 4300 - 2013 / 12 / 9 - 14:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



الحماس شىء مطلوب، فلا يمكن إنجاز أى عمل هام دون قدر من الحماس. لكن الحماس ينطوى دائما على خطر كبير، ذلك أنه يصحبه دائما انحصار الرؤية فى بؤرة ضيّقة، فلا يمتد البصر إلى ما يحيد بالبؤرة من جوانب وحواشى وأبعاد. ما أثار فى نفسى هذا الخاطر هو ما نراه من حماس المتحدثين عن مشروع الدستور الذى أنتجته لجنة الخمسين.
مثلا، جميع المؤيدين يتغنون بهذا الدستور وعلى الأخص بديباجته التى أراد من صاغوها أن يجعلوا فيها كل شىء، ولم يلحظوا أنهم بذلك جعلوها لا تعنى أى شىء. ولست أقصد هنا أن أنقد تفصيلا هذه الديباجة – وفيها الكثير الذى يستدعى النقد – وإنما أكتفى بأن أوضح لماذا أرى أن امتلاءها بكل ما خطر على بال صلئغيها جعلها لا تعنى شيئا، ذلك أن هذا الامتلاء أدى بها إلى أن تكون فضفاضة إلى حد أن يجد فيها كل مدافع عن توجّه ما سندا لذلك التوجّه، فتصبح الديباجة البليغة ساحة صراع لمختلف التيارات المتناقضة.
فإذا ما تركنا الديباجة إلى صميم الدستور وجدناه يحاط بنفس الحماس الذى يحجب الرؤيةالموضوعية، بينما الجميع يعلمون بالضرورة أن العديد من مواده قوبلت من كثيرين بالرفض، مثل المادة التى تسمح بالمحاكمة العسكرية للمدنيين، ومواد أخرى أفضل ما يمكن أن يقال عنها أنها فى حدود ما يسمح به واقع سقيم.
لا أقول هذا لأدعو لرفض الدستور، فمشروع الدستور بصورته هذه هو نتاج مجتمعنا بما فيه من تفسّخ وجهل وتناقض، ومع أنه كان من الممكن حتى فى ظل أوضاعنا هذه أن نحصل على ما هو أحسن من بعض الوجوه, إلا أن النظرة الواقعية تقضى بأن نقبل هذا الدستور المعيب كى نخرج من مستنقع الأوضاع المضطربة التى نعيشها، لكن إذا صدقنا ما يقوله المتحمسون من أن هذا أحسن وأكمل دستور جاد به الزمان، فكيف يمكن أن نطلب غدا ما هو أحسن منه؟
لكنى لم أقصد فى حديثى هذا أن أتناول الدستور وما أحاط به، إنما أردت الحديث عن هذا المزاج الذى يجعلنا عاجزين عن النظر للأمور نظرة موضوعية عقلانية.
من أمثلة مواقفنا التى تقفز من النقيض إلى النقيض دون أن تعير ما بين هذين التفاتا موقفنا من جهازالأمن ورجاله، فرجال الأمن عندنا إما أنهم تجسيد كامل وخالص للشرّ، أو أنهم مثال للوطنية والإخلاص والالتزام بالقيم الأخلاقية. حين تتملكنا نظرة الشرّ لا نكون مستعدين لأن نأخذ فى الاعتبار أننا لا نستطيع الاستغناء عن جهاز للأمن، وأننا إن اعتبرنا جهاز الأمن فى مجموعه شرّا وعدوّا علينا أن نحاربه ونقضى عليه، فإننا بذلك نهدم ركنا أساسيا من أركان الدولة. وحين تتملكنا نظرة أن الأمن ورجاله تجسيد لمثاليات الوطنية والعدل فإننا نغمض أعيننا عما تمتلىء به عقيدة رجال الأمن عندنا من عنجهية واستعلاء واستهانة بإنسانية الإنسان، وهو ما رأيناه ونراه مرارا وتكرارا فى الاعتقالات العشوائية وقوائم الاتهامات الجاهزة التى تكال لكل من يقع فى أيديهم والمعاملة اللاإنسانية لكل من تطوله أيديهم.
الأمثلة على تغلغل فكر التطرف اللاعقلانى فى مجتمعنا كثيرة، نجدها فى كل مجال وعلى كل مستوى من مستوياتنا الفكرية والاجتماعية. أمامنا طريق طويل حتى نكتسب القدرة على التفكير العقلانى والموضوعى، وحين يشارك المثقفون والإعلاميون والسياسيون فى توطيد فكر التطرف، إن يمينا وإن يسارا، كما يفعل الكثيرون منهم للأسف، فإنهم يقترفون جرما لا يغتفر ويعوقون تقدما نحو النضج الحضارى.
اسمحوا لى بأن أختم حديثى بملاحظة شخصية. أود الاعتذار للقارئ إذ أنى أصبحت أبدأ الحديث فى موضوع فأجدنى انتقلت لموضوع آخر, أهى سنواتى الست والثمانون أصابت عقلى بالاضطراب؟ أم هى أوضاع بلادنا المختلطة المتداخلة بغير نسَق ولا منطق؟ أم هى أوضاع عالمنا الذى اختلط فيه الحق بالباطل، وصار التقدّم فى جزء منه سببا مباشرا للتخلف فى أجزاء أخرى؟



#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عقلنة الإسلام
- كلام فى وقت ضاع فيه معنى الكلام
- خواطر مشتتة
- رسالة إلى أخى المسلم
- رسالة إلى شاب متديّن
- ما بعد 3 ديسمبر
- هل نحن على طريق الديمقراطية؟
- تعفيبا على حديث د. جابر نصار
- ألعوبة مواد الهوية
- ما هى الثقافة؟
- الدستور والأخلاق
- إلى أصدقائى الماركسيين
- ما هى الفلسفة؟
- الأحزاب الدينية والمرجعية الدينية
- أفلاطون الذى ظلموه
- لماذا نحن أحاديّو الفكر؟
- عبارة -الرأى والرأى الآخر-
- ضرورة أن نتفلسف
- ثلاث ملاحظات عابرة: المادة 219 والإقصاء ومذابح الأرمن
- إلى أعضاء لجنة الخمسين


المزيد.....




- غموض كبير يلفّ زواج جيف بيزوس ولورين سانشيز.. فهل انكشف أخير ...
- مخزونات اليورانيوم المخصب.. إيران تعلن انفتاحها على نقله لكن ...
- كان يُعتقد أنه قُتل.. ظهور قائد إيراني رفيع بمراسم التشييع ف ...
- هل يمكن أن تعالج العقول الاصطناعي العقول البشرية؟
- نقص حليب الأطفال يهدد حياة أطفال رضع في غزة
- ترامب ينفي تقارير عن مساعدة إيران في برنامج نووي سلمي
- ترامب يدفع لهدنة في غزة.. ما الشروط الجديدة لوقف إطلاق النار ...
- إنجلترا تحت لهيب الصيف: موجة حر جديدة قد تحطم الأرقام القياس ...
- تشييع قادة وعلماء بطهران وترامب ينفي دعم نووي إيراني سلمي
- ناجون من جحيم غزة، باحثون فلسطينيون يحاولون إعادة بناء حياته ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داود روفائيل خشبة - الحماس والقفز من النقيض إلى النقيض