أفضل الانفاق ..

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

الحوار المتمدن-العدد: 4286 - 2013 / 11 / 25 - 09:08
المحور: الادب والفن
    

أفضل الإنفاق ..
تقترب طفلة صغيرة من موسيقي يقف في ساحة عامة ، نظيفة ومرتبة ، يجول بها أطفال معية اهاليهم ، العائلات في لباس العيد ، يبدو وأن اليوم هو يوم أحد ، الطقس جميل صاف ، لكن تُخالطه برودة لأن الجميع يرتدون لباسا دافئا . الموسيقي واقف وبيديه الة التشيلو ، وهو يرتدي السموكن الاسود ، أمامه قبعة يضع فيها الجمهور ما تجود به أنفسهم من قطع نقدية . تمد الفتاة يدها نحو القبعة لتضع بعض القطع النقدية المعدنية ... ويبدأ المشوار مع معزوفة ينضم اليها عشرات العازفين الذين يخرجون من بناية مجاورة ..وتنضم ايضا فرقة كورال تنشد مع المعزوفة ..
وسط دهشة الجمهور وأعجابه ، تصفيق الصغار بحرارة ، وشقاوة بعضهم وهم يقلدون المايسترو بحركاته ، والاهل الذين يحملون صغارهم على الاعناق عاليا ليكونوا شهودا على حفلة موسيقية في الساحة العامة . نشهد عزفا اوركستراليا حضاريا ، دونما ضجيج من ا لحضور الذين يزدادون مع كل نغمة .. لا يتدافعون ولا يدهمون العازفين بهمجيتهم .
أنه فيديو قصير على اليوتيوب بعنوان افضل سنت تم انفاقه ، نعم هو هكذا .. ويتضح في النهاية بأن هذه "المفاجأة " كانت من اعداد احد البنوك ، لكن هذا لم يمنع المتعة من الجمهور ولا من الفتاة الصغيرة ، الذين لم يكن لديهم علم "بخطة " البنك الموسيقية !!
أعتقد بأن مُعايشة هذه اللحظات ، ومن تجربة خاصة ، هي من أروع ما يُمكن أن يحدث للإنسان أثناء سياحته في البلدان الاوروبية .
ومن ساح لا بد وأن رأى في مداخل محطات المترو أو على ناصية الشارع عازفا مُنفردا ، يتعيش من عزفه للمارين الذين ينفحونه ببضع قطع معدنية ، وغالبيتهم لا يتوقف للاستماع للعزف ، وإنما يتعامل مع العازف والمعزوفة كشكل من أشكال التشجيع للعازف بالتبرع له بالقليل من السنتات .
لكنني أتحدث عن الساحات المركزية في المُدن الكبرى ، أو أمام أحد المعالم السياحية المشهورة في هذا البلد أو ذاك ، وذلك حينما تتحول هذه المعالم الى قاعات عزف ضخمة ، تأتيها الفرق الموسيقية من كل مكان لتُقدم نفسها للجمهور .
وكان أن حظيت بمشاهدة فرقة شبيبة سويدية ، تعزف على الات النفخ ، وهي تقوم بجولة عروض في اوروبا الربيع الماضي ووصلت الى ساحة أحدى اشهر وأقدم الكنائس الهنغارية ،وقدمت عرضها الموسيقي هناك ، أثناء سياحتنا !! كانت لحظات لا توصف ، مما شجع صغيرتي على الاهتمام بتعلم العزف على الة الكمان ، لكنها لم تُواظب على دروسها !!
وبالمُقابل ، بماذا تعمُر ساحاتنا ؟؟ أو ساحات معالمنا السياحية المشهورة ؟؟
خيول وجمال لركوب السُياح ، باعة متجولون ، مُتسولون صغار يلتصقون بك حتى تُعطيهم مما أعطاك الله ، ضجيج ، زعيق ، أوساخ في كل زاوية وركن ، نشالون وشرطة !!

#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل