أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - قاسم حسن محاجنة - أرض الأحلام ...














المزيد.....

أرض الأحلام ...


قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا


الحوار المتمدن-العدد: 4280 - 2013 / 11 / 19 - 17:02
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


أرض الأحلام ..
- "خير اللهم أجعله خير ..؟!" ، قالها الحضور بتدافع وانجذاب للحديث وذلك حينما لفت انتباههم الى أنه سيروي على مسامعهم حلما ..
وعادة ما يبتهل السامعون الى الله أن يكون تفسير هذا الحلم خيرا وخيرا فقط .
- " رأيت في ما يرى النائم " ، جرى في حديثه بعد انقطاع قصير لإتاحة الفرصة للجميع لكي يُلقوا السمع الى روايته للحلم والتي بدت مُشوقة ." كان الوقت مساء " ، استمر في حديثه ، "وفي هدأة الليل الريفي المُضمخ بعبير أزهار الحقول المُترامية الاطراف على مد البصر ، بينما تحمل النسائم العليلة عبق الغابة ، بصنوبرها ، بلوطها ، سريسها وشجيراتها الحُرجية الأُخرى وقد نتج من تمازج رحيقها ،شيئا جديدا ولكأنه قطعة من شذا الجنة الموعودة ، في مثل هذه الأجواء كنت سائرا متأنيا مستأنسا بالهدوء ، ومُستدلا موقع قدمي بضوء القمر الحليبي الأبيض . قادتني رجلاي الى طريق مجهول ، لم أطرُقه من قبل ، حتى وصلت الى مكان غير مكاننا وزمان غير هذا الزمان " .
- أي زمان وأي مكان هذا الذي تحلم به يا رجل ؟ تساءل أحدهم باندهاش مُقاطعا تدفق الحديث من فم صاحبنا !!
- أنه زمان يستظل أهله بالعدل ، وينهلون من نبع السعادة الأزلي ، لا هُموم ولا أوجاع ،حتى أن الفهد الصياد توقف عن مُطاردة الغزال !! أجاب ..
- لا بد بأن عشاءك كان دسما ثقيلا ، فرأيت ما لا يُمكن ، وجاوزت المُستحيل .. قالها أخر مُعقبا بسخرية لاذعة !! مما دفع الحضور الى الاستمرار في مناكدته ومشاكسته وأطلاق التعليقات الساخرة عليه وعلى عشاءه .
والحلم هو وسيلتنا المُتاحة لاستشراف المُستقبل ، وتحسين صورة الحاضر ، وعادة ما يغرق الانسان اثناء يقظته وسباته في عالم جميل ، يتحقق له فيه ما يصبو اليه على الصعيدين الشخصي والعام ، وكُلنا نطلب من الايام قدرا مُعينا من العدل والقسطاط ، رغم علمنا بأنها لن تُنصفنا !!
ولكي يتحقق هذا العدل المُطلق الذي حلم به المفكرون والفلاسفة ، فلا بد من أجل تحقيق ذلك أن تتغير طبيعة الاشياء ، بما فيها امتلاك الانسان لمقدراته وشؤونه بحيث يكون باستطاعته برمجة حياته كما يشتهي ، واختيار ما يحب وتحييد ما يكره ، وبناء المجتمع والافراد على شاكلته ووفق رغباته ، مشاعره واحاسيسه .
وطبيعة الحياة ، وكما يدعي البعض ، هي طبيعة شريرة ، مُستغلة ، لا تعرف الرحمة ، تُقدس القوة والمال ، ليس لها اخلاق تُقيد وتحد من تصرفاتها ، انها كطبيعة الصياد في الطبيعة ، فهو القوي وسيبقى يُطارد الفريسة حتى يحصل عليها ، وستبقى الفريسة في هروب دائم ، لأنها لا تستطيع تغيير جوهرها ، وهكذا هي العلاقات في المجتمع الانساني ، فهناك القوي والضعيف وحالهما كحال قرينيهما في الغابة ، وفي هذا .. الدليل القاطع والبرهان الساطع على استحالة تحقق " العدل " ، فالقوي "سيلتهم " الضعيف ويهدد كيانه ووجوده دائما .
ولقد حاول الانسان وعبر التاريخ البشري ، بناء مجتمع العدل ،حسبما تصوره ، ولكن دون كبير نجاح ، ونحن شهود على انهيار نظام عالمي ادعى تمثيل الطموح البشري بالعدل والخير والرفاه ، لكنه مارس كل ما باستطاعته من اجل مصادرة الذات الانسانية ورغباتها .
فتقزيم الحلم الانساني ، الى مجرد الحصول على لقمة تسد الرمق ، وكساء يستر العورة ، رغم ما تعنيه للفقراء والمشردين في ارجاء المعمورة ، هذا التقزيم تجاهل حق الانسان في أن يكون كيانا مستقلا يشبع رغباته الذاتية ، النفسية قبل الجسدية ، الروحية قبل المادية !!
وردة الفعل الانسانية لانعدام العدل أو اجتزائه ، سواء كان ذلك على الصعيد الشخصي ، بما يعنيه من علاقات اجتماعية انسانية شعورية عاطفية متشابكة ، أو على الصعيد العام ، بما يحمله من طموح لمجتمع أفضل في كافة مجالات الحياة ، ردة الفعل عادة ما تكون ، الاحساس المبرر بالغضب ، الذي قد يتحول الى قوة تغيير ايجابية فيما لو تم توجيهه الوجهة الصحيحة .
لكن الاحساس العام ، هو خيبة امل كبرى ،فحينما لا يؤدي التغيير الى تحسين الواقع ، يفقد الانسان تفاؤله ، ويغرق في أجواء من التذمر والسوداوية ، وبالتالي فقدانه لثقته بنفسه وبالأخرين مما يخلق التربة الخصبة للريبة والشك في كل القيم والمعايير، المشاعر والاحاسيس الانسانية السامية ، وبالمقابل ايجاد كل المعاذير والمبررات لتحوله الى "صياد " لكي لا يكون فريسة ، الصراع هو اذن بين "ان اكون او لا اكون " .
ويبقى السؤال مطروحا ، هل لنا أن نفرح بتحطم الحلم الانساني الشامل بالعدل والمحبة ، الخير والحرية بأشكالها الفردية والجماعية ؟؟ هل مجتمع الغاب الحالي هو البديل للطموح الانساني ، بكل ما يحمله من قيم ؟؟
ورغم ان التجربة البشرية غير مشجعة كثيرا ، وما يسود العالم هو أشبه بالقرصنة من بالعدل ، والمبدأ العام هو "خذ قدر ما تستطيع ، ولا تأبه بالآخرين ولا بمشاعرهم " ، وبدلا من التعاطف مع " الضحية " والضعيف ، اصبح التماهي ومسايرة القوي شكلا من اشكال البقاء ، الا أن طبيعة الانسان وجوهره يدفعانه الى أن يحلم بمجتمع خال من الشرور ، مجتمع يعتمد على احترام الكيان الانساني ويرتكز على العدل ، مُؤسس على المحبة ، ينظر الى المستقبل بتفاؤل ، لا يتباكى ولا يحن الى الماضي الذي لا يمكن استرداده .
لن يختفي هذا الحلم ما بقي على ظهر البسيطة انسان يحلم ....!!



#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رأي في الحب ..
- بوستات عضو -الهيئة -...
- الجنس :ميكانيكي (غريزي ) أم شُعوري ؟؟!!
- ليالي الكريستال الاوكرانية..
- طوفان الزبالة
- ليلة الكريستال وقوانين نيرنبيرغ
- The ntouchables وصلاة الاستخارة..!!
- المُشترك بين دعاة الاعجاز والنافين له ..تعليق على مقال الاست ...
- رب البُسطاء وتثوير الخطاب الديني
- سونيا ابراهيم وثياب الامبراطور الجديدة ..!!
- الحصار - قصيرة قصيرة
- دمعة حرى وابتسامة متشفية ..!!
- حيطان ، أذان وانا غضبان ..!!
- وداعا جميلة
- جزيء بوغز والديالكتيك ...!!
- شمعة لا تنطفئ ..!!!
- المجد للشهداء ..؟؟!!
- لماذا نكتب ؟؟ رد على مقالة الاستاذ سائس ابراهيم
- مؤتمر -تعدد الزوجات والزواج المبكر في المجتمع العربي -اسباب ...
- نساء محظوظات ،ونساء ناقصات ..!!


المزيد.....




- ثوران بركان في إندونيسيا يتسبب بإلغاء عشرات الرحلات إلى بالي ...
- -كل اللي فات إشاعات-.. محمد رمضان يعلن عن الصلح بين نجله وزم ...
- وفاة الطاهية والشخصية التلفزيونية الشهيرة آن بوريل عن عمر 55 ...
- السعودية.. حرب بين قرود أبها والطائف!
- ناطق باسم الجيش الإسرائيلي يرد على أنباء مقتله بفيديو: -لست ...
- بسبب ترامب.. -الغارديان-: زيلينسكي قد يغيب عن قمة -الناتو- ا ...
- دول الترويكا الأوروبية تعرب عن استعدادها لمواصلة المفاوضات م ...
- غروسي: تلوث إشعاعي في منشأة -نطنز- النووية
- كنايسل: التصعيد بين واشنطن وطهران لم يصل إلى مواجهة شاملة وا ...
- ما هي مخاطر الإشعاع النووي على إيران ومنطقة الخليج؟


المزيد.....

- اليسار بين التراجع والصعود.. الأسباب والتحديات / رشيد غويلب
- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - قاسم حسن محاجنة - أرض الأحلام ...