داود ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 1220 - 2005 / 6 / 6 - 10:31
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
نعم ... فالمشكلة..إن الصحوة الإسلامية لم تظهر هكذا من الفراغ فجأة...إنما هي متأتية عن جملة مركبات خضعت لمتغيرات تاريخية طويلة الأمد....كان أولها..اغتيال الخليفة الثالث " عثمان " ...ووصول علي بن أبي طالب لسدة الحكم...وآخرها قيام دولة إسرائيل...بقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي ؟
فمنذ ذلك التاريخ " الألف السابع " والعرب تعبد إلها آخر غير اله محمد ؟
نعم ... إنها تعبد هبل الذي تخفى...بعمامة محمد....هبل اله الصحراء المعظم الذي يظن الكثيرين انه " الله " العزيز الحكيم في السماء ؟
لا تقف القصة عند هبل...وكيف دخل التاريخ الإسلامي كمعبود من حيث لا ندري..إنما من الذي ادخله ولماذا ؟
فهبل....هو الآخر... فرضية بشرية...تم استحداثها...لتحقيق أغراض معينة من قبل أشخاص معدودين ..؟
القضية قضية صراع...بين الصحراء...والحضارة..؟؟
نعم الحضارة التي كان يحلم بها الرسول العربي محمد أن تعم الجزيرة العربية...والتي استمر بالتنظير لها زهاء ربع قرن من الزمان...؟؟
رأى النبي ذات يوم..." في المنام " ...إن القردة صعدت على منبره...وحزن لتلك الرؤيا حزنا شديدا...؟؟
" وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس...والشجرة الملعونة في القران "
ومهما يكن اصل الرواية...ومهما تكن نسبة صحتها....فان الأحداث التاريخية بعد قتل رابع الخلفاء في مسجد الكوفة...تشير بالفعل إلى إن القردة قد وصلت إلى منابر التوعية الإسلامية ...؟
إنها قردة الصحراء...ألمتمثله بفقهاء السلاطين.....وذئاب البرية المتمثلة بقادة الجيوش " الاسلاموية" في ذلك القطع المظلم من ليل التاريخ الحالك ..؟؟
لقد أوقف علي بن أبي طالب الفتوح الاسلاموية فجأة....ليعلن على الملا ... أن قد آن الأوان لبناء حضارة إسلامية أخلاقية....فما كانت ردة فعل العرب...؟؟
يقول الطبري...إن العرب لم تدخل في الإسلام....بل إنها ارتدت عن الدين بعد وفاة الرسول علانية...لولا إن فتوح العراق والشام استجلبت لها كنوز كسرى وقيصر ..؟؟
لقد شاهد أهل الصحراء لأول مرة إن الدنيا تبتسم لهم بثغرها.... مطلقة لهم إشباع كل غرائزهم الممزوجة بقسوة ورمال الصحراء.....فمن تعدد الجواري والغلمان " العبيد" إلى....ممارسة القتل وإبراز دور الفروسية والسيف في البيد والأمصار ..؟؟
وعلى الرغم من علي بن أبي طالب لا يقل فروسية عن فرسان الصحراء إلا أن الأخير...ربما أدرك...بعد كثرة العداوات التي أنجبها سيفه...إن بناء الإنسان فكريا أولى من توسيع رقعة الفتوحات التي قد تقوض كل جهود بناء الإسلام التي بدأها الرسول محمد...؟؟
لكن...الرجل..وضع نفسه في موقف لا يحسد عليه....فالبدوي الصحراوي....سلاب ..في الليل...وهاب كثير الكرم في النهار...؟؟
كيف يمكن إقناعه....إن الإسلام...حضارة....ومفاهيم...وأخلاق....تحترم الإنسان ...؟؟
إن البدوي إنسان بسيط ساذج....يعشق الحرية...ويكره القيود..والتفكير المطول..انه يعيش في قطعان كالذئاب تماما .... لا يفهم إلا لغة واحدة....نحن...وهم....قطيعنا نحن....وقطيعهم هم......نحن الاوس....وهم الخزرج....نحن....المسلمين....وهم العلوج الصليبيين....؟؟
لهذا السبب...فان الإله الذي عبدته اسلاموية الصحراء.....هو.....نسخة....معدلة....وراثيا...عن هبل قريش...؟
انه...اله بدوي...متسلط...كشيوخ الصحراء....لا يرحم مثل ذئابها....سلاب في الليل...حيث أمر بإعلاء كلمته في كل البلدان والأمصار....إعلاء " لا اله إلا الله في كل بقعة من بقاع العالم بالسيف" مع مراوغة بسيطة....تم صبغ هذا الإله بالصبغة المحمدية ....ومحمد بريء منه طبعا....بان لا تحرقوا أو تقطعوا شجرة أو شيخا أو ما إلى ذلك...ولا تدخلو الناس بالإسلام كرها حتى يعطوا الجزية.....إن المؤرخ الإسلامي يصور لنا الفاتحين كارحم الناس بالرعية وأكثرهم نبلا وشهامة ومرؤة...وهي بالفعل صفات تصاحب رجل الصحراء...؟؟
نعم...لكنها تحمل في داخلها نقيضها...القسوة....والغيرة.....والحسد الذي لايمكن تصديقه...ولا حتى تصوره .... وبودي...لو اطلع القارئ الكريم على كتاب المرحوم الدكتور علي الوردي " دراسة في المجتمع العراقي "...هذا المجتمع النموذجي الذي يمثل حالة الصدام هذه بين عاملين....الحضارة....والصحراء..؟؟
والتحليل النفسي....ودراسة علم الاجتماع ظرورية...للوقوف على شخصية الإنسان البدوي التي عرفها الدكتور علي الوردي بكلمتين :
البدوي....سلاب....وهاب ؟
يا سبحان الله....آوت بوتout put .....إن بوت in put ..؟؟
إنها معادلة رقمية بسيطة.....لكن على أساسها قامت الحضارة العربية " الاسلاموية" ؟
معادلة انقلبت على راس علي بن أبي طالب في مسجد الكوفة ومن قبله عثمان...ومن قبله عمر...ومن بعده الحسين...؟؟
فمن حرب الجمل...إلى كربلاء.....لم يجد العرب من بد إلا بناء حضارتهم الصحراوية....نعم...تحولت الصحراء إلى حضارة....وبما إن لكل حضارة مقومات أساسية...منها الفن....والدين...والنظام ...لذا ظهر الأدب الرفيع بشعره ونثره...واله الصحراء الدكتاتور الخائف " هبل الإسلام " ...والنظام الذي سرقوه من محمد ؟ !!
وكل ما عدا ذلك....يتم سحقه بحوافر الخيل...مثل جسد الحسين المسجى في رمضاء كربلاء....والخطأ بصراحة كان خطا الحسين.....فكيف له أن يجازف بأهله وحرمه مع ذئاب الصحراء...؟؟
قيام دولة إسرائيل
إن أي نظرية ثورية في التاريخ...ولكي تبلور نفسها وتمحور مركزيتها كأيديولوجية في ذهن ومنهج العامة كعقيدة متبناة....فمن حقها..." كما يقول الياس فرح " أن تنزل للساحة بنقد للنظريات القديمة...ومن ثم تعمد إلى إثبات صحتها ..؟؟
لهذا فإسلام الرسول محمد....تبنى نقد الوثنية الصحراوية...في مكة...قبل الفتح...لكنه في المدينة...وبعد الفتح..تبنى عملية نقد مطولة ومنظمة....للفكر الإسرائيلي ..؟؟
لو تدبرنا القران....وجدنا ثلاثة أرباعه توجه النقد لإسرائيل...كأمة...وهذا من حق الإسلام...ومن حق محمد...ذلك القائد الطموح لبناء عهد جديد من عهود الحضارة...
لكن المشكلة...هي الاستعمار الغربي...تمكن...من نقد الإسلام الصحراوي الذي تبقى من قردة الصحراء " فقهاء السلاطين " ...وكون نظرية حديثة للحضارة...وأخذتها العرب...خصوصا...ام الدنيا....المحروسة...مصر.. وبدا عصر نهضة عربية جديدة...حتى قرر مجلس الأمن...بغرابة لم يشهد مثلها التاريخ...قيام دولة إسرائيل...؟؟
الدولة التي قام الفكر الإسلامي أصلا على نقدها جملة وتفصيلا ...؟؟
وبالتالي فان الفكر العربي أضحى على مفترق الطرق آلاتية :
الأول....نهج الحضارة الغربية الناقد لحضارة الصحراء
الثاني....قيام كيان غريب قامت حضارة الصحراء أصلا على نقده ...دولة إسرائيل..؟
وكانت النتيجة.....استحضار آلهة الصحراء من غياهب التاريخ المظلمة...وإخراج عفاريت السلفية السفيانية التكفيرية من قماقم القبور .... وأضحى المسلم اليوم لا يدري أين يلوي بفكره..وتحت أي راية يقاتل أو أي حمى ً يذود ؟
الإخوان...والقاعدة ؟
للأسف الشديد...فان قيام دولة إسرائيل....هو الذي بذر أولى إرهاصات فكر الأخوان المسلمين ؟
ومن بعده...امتدت الصحوة الاسلاموية التي انتفضت من نهل نور الحضارة الغربية وما فيها من ايجابيات...وانطوت مرتدة إلى فكرها الصحراوي القديم..
نحن....وهم ......المسلمون.....والكفار....من اليهود والصليبيين ومن لف لفهم ؟
وعاد الخطاب الإسلامي إلى المنابر من جديد .... ولو أن هناك إدارة أمريكية واحدة فقط كانت مسئولة بالفعل لما حدث كل ذلك....ولتم فض القضية الفلسطينية منذ سنين ولكان حال المنطقة بصورة أخرى.....ولكان الظواهري طبيبا يعالج مرضاه في عيادته....و المهندس بن لادن رجل أعمال كبير..يدير شركاته ومؤسساته ...لكنه القدر .. أبى إلا أن يصفي الحساب مع حضارة الصحراء ؟
فحضارة الصحراء....عبدت هبل....المحسن...المعدل وراثيا ... وفتحت البلاد بالطول والعرض وارتكبت الموبقات باسم " لا اله إلا الله " .... ويقول الله في الحديث القدسي :
إني مجازي الأبناء بسعي الآباء
وباعتقادي الشخصي فان هذا الذي يحدث بالفعل...ولن يدوم طويلا..سيبقى حتى حين..ننتبه فيه من ليل الصحراء....إلى فجر التعقل والتدبر.... وتقديس الإنسان وقيم الحضارة المعاصرة .
إنها ضريبة ومعادلة دنيوية تناقض ربما القران " ألا تزر وازرة وزر أخرى" لكن الحقيقة إن القران يشير إلى جملة الفعل الآدمي وليس جزءه....والحياة جزء من الفعل الآدمي وبالتالي....فإننا نسال :
إلى متى نبقى ندفع ضرائب الفتوح الإسلامية يا مسلمين ؟
إلى متى تبقى تطاردنا أشباح الموت التي انطلقت سيوفها من بغداد قبل مئات السنين ؟
إن الوعي....وإدراك ... ما للأمة من حق..وما عليها هو النهج الذي علينا إتباعه..كي نعرف موقعنا....كمسلمين....في خارطة هذا العالم .
#داود_ابراهيم (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟