أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود ابراهيم - البحث عن الشيطان- الجزء الثاني















المزيد.....



البحث عن الشيطان- الجزء الثاني


داود ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 998 - 2004 / 10 / 26 - 08:11
المحور: الادب والفن
    


الفصــــــل الخامـــــس
الــــــســــــر العـــــــــظيــــــم

وفي مكان آخر من هذا الوجود كان روقيائيل يتابع الأحداث الافتراضية المرسومة أمامه..دولة الإنسان الأعظم تتمثل بمجلس يسمى المجلس العلمي العالمي يضم علماء الجنس البشري من كافة المستويات..وهم يديرون هذا العالم..ويجرون من وراءهم المشاكل والأخطاء..فالقصةُ مقدرٌ لها افتراضيا أن لا تنتهي..لكن جبرائيل قال له ذات يوم:
- ستنتهي بصورة مفاجئة خارج القوانين المرسومة .. إنني اليوم وبصفتي ذو قابلية على اختراق قواعد البيانات لكل البشر أجد أن لو كانت المرحلة التي يمر بها المجتمع البشري تستحق النزول إلى الأرض واختيار نبي فان هناك أستاذا في جامعة عين شمس من الأولى أن يكون نبي هذا الزمان إلا إن العصر ليس عصر النبوة المعتمدة على مدد السماء..هذا هو عصر دولة الإنسان..ولا بد أن يبني المجتمع البشري نفسه بنفسه..مع هذا فانا اتامل أن تسنح فرصة، ويحسن البشر استغلال هذه الفرصة، الفرصة قد تأتي من الفراغ المتولد في القوانين!!

كان ذلك الفراغ في المملكة الإلهية بمثابة انبثاق حر لإرادة القانون وكأنه يخرج على القانون نفسه في حالات نادرة سببها تراكم خروج المخلوقات عن القانون المرسوم بسبب إرادتها الحرة..ولهذا كان عزازيل يخشى هذا الانتفاض الواعي في القانون وهذه الثورة المفاجئة التي غيرت تاريخ الإنسان في أحيان كثيرة..كان يخشى من هذا التجاوز( القانوني الشرعي) على القانون..!!
ومع ذلك فهو يراقب بصبر ما يجري في العالم من أحداث وراهن على تدمير الجنس البشري في الحرب العالمية الثالثة بالأسلحة النووية ليكون الإنسان هو الإله الذي دمر نفسه بنفسه..إلا إن روقيائيل صاحب المعلوماتية والأرشيف الكوني طمئن الجميع:
لابد أن تكون بعد تلك الحرب في الأرض بقية وبهم سيكون ملكوت الإله الأرضي، فكما ترون أيها السادة..فنهاية كل حرب مدمرة بين بني الإنسان يولد نظام عالمي جديد..ودولة الإنسان العظيم قادمة في الآفاق لامحال..لكن المشكلة هي في التوقيت..لا احد يعلم متى ..مع إننا ربما نعلم كيف بخطوط وسيناريوهات افتراضية محددة..أو بسيناريو الثورة القانونية على القانون الطبيعي الذي يحدث وكأنه معجزة مع انه ليس بمعجزة وإنما جانب خفي من الطبيعة والوجود لا يعلمه إلا الخالق الأول..وربما بامكان البشر في يوم من الأيام من اجتياز هذا الحاجز والسيطرة المطلقة ليس على الوجود الأرضي فقط ..ربما سيطر الإنسان علينا نحن..ملائكة الإله وسلطة ملكوته..وما ذلك عن الإنسان ببعيد.. والقضية مسالة وقت لا أكثر !!
وهنا سال احد علماء الملائكة واحد أكفا أتباع روقيائيل ويدعى الملك حزقيائيل:
- ماهو السر الدفين يا سيد روقيائيل الذي قال عنه الله باني اعلم ما لا تعلمون؟
ما هي ميزة الإنسان التي تميزه عن باقي المخلوقات بحيث انه سيثبت تفوقه في النهاية على بقية المخلوقات؟ هو ذاتي البرمجة بالفعل..لكنه بطيء..ما هو الدليل على أن الإنسان بالفعل هو أكفا مخلوق بعد الخالق في الوجود..لا بد من وجود اثر يدل على ذلك قبل يوم القيامة؟؟
هنا يلتفت روقيائيل باتجاه جبرائيل مناديا بنبرة غريبة لم يتعود الملائكة على رؤيتها والشعور بها في عيني ونبرة روقيائيل أو أي ملك آخر من الملوك السبعة..وقال لجبرائيل:
- إلى متى تبقى خافيا ذلك السر يا جبرائيل؟
هنا أومأ حزقيال برأسه..وتنبه إلى إن هناك سرا خطيرا قد يضر كشفه بالمملكة الإلهية بأسرها وإلا ماكان هناك داع للكتمان أبدا..
مع ذلك فهو لم ييأس من معرفة هذا السر..ورفع مذكرة سرية إلى جبريل ..وهي عبارة عن رسالة تخاطرية تيليباثية صورية أوحى لجبرائيل فيها انه مستعد لتحمل أي نتيجة من جراء معرفة هذا السر إذا كانت لا تغضب الله..فرد عليه جبرائيل الإشارة تخاطريا أيضا..وهنا أدرك الملا الأعلى إن في المملكة الإلهية أسرارا خطيرة إذ أن جبريل و حزقيال الآن يتخاطران بصورة سرية وهي حالة نادرة الحدوث..وكانت فحوى إشارة جبريل :
- قد تتخلى عن مهامك الرسمية كملك من الملائكة إذا ما عرفت هذا السر..
- وكيف تعرفه أنت دون أن تفقد مهامك؟ أو تتخلى عنها؟
- الحقيقة إنني لست مقتنعا بالذي اخبرني به الله العزيز الحكيم..لكنني آمنت به وصدقت به، ولكنك أنت متخصص بالعلوم والمعارف وأخشى أن تتقصى خيوط ذلك السر وتصل إلى الحقيقة..مع هذا فانا أخبرك..أنت من سيتحمل العواقب كما تحملها هاروت وماروت..وإذا أردت الخبر اليقين فعند البشر وحده الخبر اليقين..
- أي البشر لديه الخبر اليقين؟؟
- هناك وفي الأرض..بالقرب من صحراء سيناء التي تجلى بها الله لموسى النبي أستاذ في جامعة عين شمس في ارض مصر ..يدعى : احمد عبد الإله، اذهب إليه فان لديه سرا يخفى على ملا الأرض والسماوات.
طلب حزقيال من جبرائيل إحداثيات العقل الخاصة بأحمد عبد الإله لكي يتسنى له الدخول إلى قواعد بياناته عله يستطيع التحدث معه..وأعطاه جبرائيل الشفرة الخاصة..وتمكن حزقيال من زيارة فضاء العقل الخاص بالأستاذ احمد إلا انه وجد ذلك الفضاء مكتضا بهموم الحياة اليومية وبدا يدرس كيفية الوصول إلى حوار فكري مباشر معه..
وذات يوم وبعد محاولات عديدة من حزقيال لدفع البروفسور احمد لكي يخبره عن السر العظيم الذي تمكن من معرفته…تنبه البروفسور احمد إلى أن هناك مخلوق غريب ومن بعد آخر يحاول استمالته إلى التخاطر، لكنه لا يعرف إن كان ما يشعر به مجرد هلاوس بصرية أو سمعية أو إن بالفعل هناك من يريد التحدث إليه..دخل البروفسور احمد إلى مكتبه في بيته الكائن في القاهرة..وترك النور منطفئا إلا مصباحا كهربائيا مخصص للمطالعة وجلس على كرسيه وراح يركز فشعر بان حزقيال يعرف نفسه له:
- أنا حزقيال يا احمد جئتك من فوق سبع سماوات كي اعرف منك سر الأسرار الكبرى، فهل تخبرني يا احمد؟
- نعم سأخبرك..لكنني أخشى عليك منها ..فما عندي لا يعلم به حتى جبرائيل وإبليس..وليكن بعلمك إن ما عندي تردد على لسان البشر منذ آلاف السنين، لكنك لن تكون كالملائكة الآخرين إذا أدركت حقيقة الحقائق؟
- شوقتني لها..اخبرني أرجوك
- اانت مصر لهذا الحد؟
- نعم أنا مصر…
- حسنا..لا يوجد احد قادر على استيعاب الصدمة..وأريد منك وعدا أن لا تخبر أحدا ما حييت أبدا..؟
- أعدك.
- قال هرقليطس قبل ميلاد المسيح:
هذا الكون أزلي سرمدي لم يخلقه احد..لم يخلقه اله أو إنسان..هذه هي الحقيقة..
- أي حقيقة هذه التي تتحدث عنها يا احمد…الله العظيم في السماوات والأرض لم يخلق هذا الوجود؟؟
- اسمع يا حزقيال..ستكون أنت أول من يقتنع من الملائكة بهذه الحقيقة لأنني سأعطيك الدليل..والقضية وما فيها إن الله ليس بعاجز على أن يخلق السماوات والأرض خلقا فعليا لكن لابد من أن يمر الوجود والخلائق بهذه المراحل..نحن وكل المخلوقات في مرحلة انتقالية..ومتى ما انتهت هذه المراحل حتى يبدأ الوجود الحقيقي بالظهور..ليس هناك ملائكة ولا حتى أنت ..
- حتى أنا غير موجود..؟؟ هل هذا معقول؟؟
- نعم..كل شيء هو انعكاس لذات الخالق في هذه المرحلة والمسالة بمثابة استنبات في الذات الإلهية..سيأتي اليوم الذي تحدد فيه لكل مخلوق هوية ..مع إن بالامكان أن تحصل أنت على هذه الهوية الآن وليس غدا..؟
- ولهذا السبب نبأني جبريل إنني قد لا أكون كالملائكة إذا أيقنت بهذه الحقيقة؟؟
- هذا صحيح..لان محور الحقيقة في هذا الوجود هو الألم..لو عرفت الحقيقة لتألمت..ولو تألمت أصبحت حقيقة في الوجود..!!
- الألم..؟؟ سبحان الله..أتعلم إن إبليس قال في يوم من الأيام أن البشر كفروا بالله إلى درجة غير معقولة لم أوحي لهم بها أصلا وقالوا إن لاشيء موجود؟؟
- إبليس هذا الغبي الأبله الجبان..لا يمكنه تصور رجاحة عقل الإنسان وتخطيه لحدود المعقول..لقد نسف فلاسفة الجنس البشري كل أوهام الملكوت التي مرت عليكم انتم والجن..لكنها لم تتمكن من المرور على جنس بني الإنسان إلا لفترة مؤقتة من الوقت..انتم تخافون العظمة والملكوت ومنكم عزازيل إبليس إلا إن مفكري الجنس البشري وبما يمتلكون من قابلية على التحليل والتشخيص أدركوا أن الوجود أوهام في أوهام..والآن حان الوقت كي أرشدك على الدليل يا حزقيال..
وأرسل احمد إشارة تخاطرية إلى حزقيال كشف له فيها عن الشفرات السرية والأرقام الخفية التي هي بمثابة كلمات مرور لاختراق قواعد البيانات الكونية الكبرى المنصبة في مكان ما..وما أن بدا حزقيال باختراق قواعد الكون البرمجية السرية أصيب بالذعر وهو يشاهد عظمة الملكوت تتجلى على شكل أرقام وألوان وشفرات..
اعترته رغبة بالبكاء وأحس بألم شديد وهو يرى جبريل مجرد شفرة سرية معقدة وليس له وجود حقيقي..حاول التجرؤ لرؤية نفسه لكنه خاف من ذلك..دخل إلى كل ملفات الوجود والمخلوقات كي يشاهد الحقيقة وصعق ..وأحس بالضياع، لا وجود لشيء..ثم أجال فكره باحثا عن احمد…وبقي يبحث عن احمد..لكنه لم يجده..وأخيرا عاد إلى البروفسور احمد وسأله :
- لماذا لا أجدك بين كل هذه الشفرات ..لم أجد الشفرة التي تمثلك؟
- إنني حقيقةٌ موجود كشفرةٍ بين هذه الشفرات إلا انك لا تستطيع الوصول إليها لأنها متغيرة غير ثابتة لربما تهتدي إليها في لحظة وما أن تحاول الدخول لتعرفني حتى تكون شفرتي قد تغيرت، أنا والبشر حقيقة هذا العالم بعد الله!
كان وقع تلك الكلمات وتلك الأحداث كالصاعقة على نفس حزقيال..الذي لم يكن يتصور إن الوجود بهذه الصورة..لقد تمكن لأول مرة من مشاهدة إبليس وبصورة شفرة سرية لكنها سهلة للغاية، بدا يشعر بأنه غير قادر على مواصلة مسيرته كملك من الملائكة وسال البروفسور احمد:
- كيف سأواصل مشواري؟
- مثلما أواصل مشواري..ترقب واصبر حتى يأتي يوم القيامة..عليك بالعمل في ضوء ما تعلمت..
- كيف؟
- لن أخبرك كيف .فكر...وادرس درس اليوم جيدا وبعدها ستتعود على أن تكون شيئا جديدا..ستتألم لكنك في النهاية ستكون حقيقة لا وهما..!
- أتعلم ؟ لقد ندمت على معرفة الحقيقة..!!
- لو تعلم إن الحقيقة أقدس شيء في الوجود لما ندمت على معرفتها أبدا..
- من أين لك كل هذه الشجاعة وهذه الجرأة أيها الإنسان؟؟
- الم يقل لكم الله إني اعلم ما لا تعلمون..؟؟ صدقني إن الألم هو مفتاح الحقائق..إذا أردت معرفة الحقيقة فعليك أن تتألم..ومسيرة الإنسان مبنية على الألم..لهذا نمتلك القوة والجرأة والشجاعة والتحدي..المهم..أريد منك أن تزورني بين الحين والحين كي اخفف عن كاهلك ثقل الحقيقة التي منيت بها..
- أشكرك يا أستاذ احمد..
وعاد الملاك حزقيال إلى مزاولة نشاطاته السابقة واليأس والإحباط يعتريانه وشعور كارثي مدمر بالألم..لقد بدا يتصور وكأنه بدا بالتآكل شيئا فشيئا..!!
وعاد الأستاذ من غيبوبته..وانتبه إلى نفسه..في مكتبه شبه المظلم وشعر بتعب شديد ودوار، وشعر بحاجة كبيرة للنوم..فذهب إلى الفراش دون أن يكلم زوجته وغط في نوم عميق.








جمهورية الإنسان..اله الحقيقة الكبرى

كان هذا هو عنوان لإحدى مقالات البروفسور في واحدة من دوريات جامعة القاهرة..والتي غالبا ما كان ينشر فيها مقالاته ودراساته عن الفكر البشري ومسيرة الإنسان، والتي عادةً ما كان رفاقه يناقشونها معه..
- أتعلمون أيها السادة ما هي جل معاناتي في هذه الحياة؟
- ما هي يا أبا عمرو ؟
- لا يوجد من يعطيني قدرا ضئيلا من الثقـة..!!
استغرب الجميع من هذا الرأي..إلا إن احد أصدقاءهِ رد عليه:
- لو فرضنا إنني منحتك الثقة يا أستاذ فما الذي ستفعله؟
- سأرسم مشروعا لبناء منظمة علمية عالمية كبرى في استراليا..
- ولماذا استراليا ؟
- لا أستطيع أن ارسم لك الخارطة بالكامل تلك التي تسير بموجبها الأحداث في العالم ..لكنني والحق أقول لكم إن عالم المستقبل سيشهد ولادة استراليا العظمى..ويفلح من شد لها الرحال منذ هذه اللحظة..ومن لا يفعل هذا الآن سيكون مضطرا إلى أن يشد لها الرحال بعد الحرب العالمية الثالثة..عندها ستكون استراليا أفضل البلاد في العالم..وسيهاجر لها أكفا الكفاءات العلمية عندها سيولد فكر عالمي جديد يزحف على العالم بالتدريج وسيحقق من الإنجازات ما عجز السوفييت عن تحقيقه..وستتغير منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى سبعة مجالس قارية تتفق على قانون دولي موحد بمثابة قانون كونفدرالي عام وعملة دولية موحدة جديدة..ستكون هناك دول إلا إن القانون الدولي العلمي هو أعلى سلطة قضائية في العالم.
- ألا تعتقد يا أستاذ انك تبالغ كثيرا في تصوراتك وتخيلاتك؟
- لست أبالغ..لكنني احتاج من يعطيني الثقة ومن ثم سأمنحه الدليل..
كانت هذه هي جل معاناته مع المفكرين..لا يرون المدى الذي يرى فيه هذا العالم..انه يبصر إن الفراغ في القانون الدولي وفشله الذريع في إدارة ألازمات في العالم ذو القطب الواحد سيؤدي بالنتيجة إلى حتمية اندلاع الحرب المدمرة التي ستكون وبالا على الشعوب الغربية والدول الصناعية الكبرى..خصوصا وهو صاحب العلم والدراية بإبليس الذي أغوى أمريكا والرأسمالية كي تتصرف بكل هذا الطيش في العالم..ولهذا فهو يؤمن بان قانونا دوليا جديدا سيظهر في الآفاق..وليس أمام الجنس البشري غير القوانين العلمية من بديل لأنها السبيل الوحيد إلى تطبيق العدالة الاجتماعية وإرضاء كل الأطراف في زمن تكون الغلبة فيه للتكنولوجيا الفائقة والاقتصاد الفائق الذي ستتسم به استراليا، انه يحلم بإقامة منظمة علمية دولية قانونية هناك تكون قادرة على تغيير خارطة العالم السياسية وإعادة بناء القانون والمجتمع الدولي من جديد..
دولة تكون بحق بداية الانطلاقة في سبيل دولة الإنسان الكبرى..اله الحقيقة الأعظم، لتكون مرحلة جديدة تتكشف بها الحقيقة أمام كل البشر بعد الألم الفظيع الذي ستحدثه القنابل الذرية بهذا العالم…وهذا هو الإنسان..لا يتعض حتى يتألم لأنه دائما وأبدا يريد الحقيقة..وثمن الحقيقة هو الألم.
جلس البروفسور احمد كعادته بمكتبه كل مساء ليفتح بريده الالكتروني..ومن بين الرسائل الكثيرة كانت هناك رسالة غريبة يبدو عليها من العنوان إنها مرسلة من شخص غير عربي…
فتح الرسالة التي كانت مرسلة من أستاذ في جامعة روما بايطاليا يدعى: أنطوان جوزيف، وفحواها كانت تؤيد وجهة نظره بإنشاء مجلس علماء العالم كأعلى سلطة قضائية في الكوكب الأرضي، وتابع فيها:
أنا احترم شجاعتك لمثل هذه الرؤى والأفكار..على الرغم من إنها تغور في عمق المستقبل وربما جعلتك محط سخرية من الآخرين..لكنني اتفق معك إن مصير الجنس البشري هو التسليم بان القانون لا بد أن يكون علميا في النهاية، ولا يشتمل على فيتو أو ما شاكل..بصراحة أود التعرف عليك أكثر، ويمكن أن نتوصل أنا وأنت إلى اتفاق لرسم مشروع وإيديولوجية تنظيمية جديدة ولربما حصلنا على مؤيدين مع إنني غير متفائل بكثرتهم..تحياتي..
أنطوان جوزيف…أستاذ فلسفة القانون الدولي..جامعة روما.
تبسم البروفسور احمد..وقال في نفسه :
لربما يكون هذا الرجل يعاني مما أُعانيه..لكن كيف بإمكانه أن يعيش في روما ويتقبل فكرة رؤية هذا العالم بصورة جديدة؟
ليس من المستحيل أن يكون ذلك الرجل يفكر بما أفكر..لكن يا ترى الديه المدى الذي ارمي إليه؟ الديه خرافات خيالي التي لا تنتهي؟ الديه جنوني وولعي بدولة الإنسان..الديه شغفي بالعدل والميزان ؟؟
رد عليه برسالة مقتضبة..شرح له فيها وجهة نظره باختصار مركزا على قضية إنشاء دستور عالمي باسم:
دستور العدالة العلمي..المنبثق من قواعد التشريع العلمي..وطلب رأيه في قضية قواعد التشريع العلمية العقليـة..، وشيئا فشيئا بدأت علاقة هذين الأستاذين المتخصصين بالعلوم السياسية والقانون الدولي تتطور عن طريق المراسلة بالانترنت
..وتوصلا إلى نتيجة مفادها:
إن خلاص البشرية مبني على أسس قواعد الشريعة العلمية المبنية على أسس ومنهج البحث العلمي..وهو قانون وتشريع لم يكن موجودا في هذا الوقت إلا في أذهان هذين الرجلين..وبدا كلاهما بالنشاط كل في بيئته وموقعه، محاولين كسب التأييد لإنجاز مثل هذا المشروع…الذي يتوقعان منه أن يكون حدا فاصلا في تاريخ الجنس البشري لكن الاثنين وان اتفقا في الهدف إلا إنهما يختلفان بالتوقعات والأسلوب…
فاحمد عبد الإله كان يؤمن أن نظاما عالميا جديدا لايمكن أن يقوم إلا بعد نهاية الحرب العالمية الثالثة وذلك بسبب جذور هذا الرجل الإسلامية التي على الرغم من خروجه عن الكثير مما يضر الفكر الإنساني منها إلا انه لم يفلح في قلع ترسبات تمثلت بالتنبؤ بالحرب العالمية الكارثية التي يموت فيها من كل سبعة خمسة كما جاء على لسان محمد…أما أنطوان جوزيف فهو يؤمن بإمكانية جر إحدى دول أو قارات العالم في ظروف معينة إلى قيام مثل هذا النظام كنقطة انطلاق تشابه ما فعله السوفييت حتى دون أن تحصل حرب كارثية عالمية مدمرة..فالاثنان كانا رجلين استراتيجيين، ولكل منهم منهجه في رسم طريق السياسة الدولية..وكان لكل منهما العديد من الأتباع في هذا الرأي بعد بضعة سنين من التنظير وكان الاثنان يصران على إن المرحلة التطورية التاريخية هي التي ستحتم ولادة نظام عالمي جديد يقوم على أساس مبدأ: دكتاتورية العلماء الدستوريـة
حيث يقوم المجلس العلمي العالمي بسن الدستور على أساس منهج البحث العلمي
ويشترط في أن لا يتولى العلماء سوى السلطة التشريعية والقضائية وتبقى السلطات التنفيذية بيد الشعب ينتخب ممثليها على أسس ديمقراطية..وهذا كان إلى حد كبير رأي البروفسور أنطوان إلا أن الأستاذ احمد كان يرى أن لابد أن يمر النظام العالمي الجديد بمرحلة تمهيدية تعالج فيها أخطاء الماضي..وهي نقطة خلاف مستديمة بين الاثنين، إذ يرى احمد أن لابد من تنظيف المجتمع البشري من تراكمات قديمة، ومنها إعادة تعريف وصياغة الدين يتم بموجبها اتخاذ إجراءات صارمة يراها الأستاذ أنطوان إنها بربرية وغريبة ويستهجن كيف بامكان مفكر عملاق وعبقري فذ مثل احمد أن يفكر بهذه الطريقة؟
إلا إن احمد كان يدافع عن نفسه دائما بمقولته:
أهل مكة أدرى بشعابها..وأمة العرب بحاجة إلى أن تتعلم درسا كان من المفروض أن تتلقاه منذ أكثر من ألف عام…!!
إلا إن الأستاذ أنطوان لم يحمل أقوال الأستاذ احمد محمل الجد خصوصا وان المشروع لا زال في مرحلة التنظير أصلا ولا يعدو أن يكون خيالا محضا لهذا كان جل تركيزهم على التنظير وحشد تأييد مفكري وعلماء العالم بقضية التشريع العلمي والدستور العلمي.

العراق مرتع ألازمات والفتـن

في جانب آخر من الكوكب الأرضي كان العراق يمر بسلسة أزمات ابتدأت منذ مقتل رابع خلفاء محمد في مسجد الكوفة، إذ وقبل تلك الفترة بدأت تنشا بدايات أيديولوجية (عزازيلية) تمكن عزازيل من زرعها في ما يعرف اليوم ويشخص بالفكر التكفيري وكان الخوارج أول من رفع لواء التكفير في ذلك العهد، وبمرور الوقت تطور هذا الفكر وأصبح له أئمة خصوصا بعد رزوح منطقة الشرق الأوسط تحت نير الاستعمار واغتصاب فلسطين..فأضحى الشرق الأوسط منطقة خصبة لتنامي هذا الفكر الذي يحاول اقتحام واقع الحياة بقوة غير مسبوقة لا تقبل الجدل أبداً …ولهذا وقع العراق ضحية الصراع الرأسمالي الإمبريالي الصهيوني من جهة والمقاومة الإسلامية والعربية وبما فيها حملة الفكر التكفيري من الجهة الأخرى …وفي غمرة هذا الخضم كان هناك اثنان وفي ارض العراق يتفقان على رسم خارطة جديدة لمستقبليهما معا ، الأول كان حارث إبراهيم أما الآخر فكان داود سليم..فابتدأ داود بالكلام:
- أما ترى يا حارث أن قد آن الأوان لنهاجر؟
- لا اعتقد أن ذلك مناسب الآن يا داود..لكن إلى أين نذهب؟
- أما ترى أن العراق بدا يترنح..ولو استقر فان استقراره سيكون على كارثة؟
- لا اعتقد..لكنك مع ذلك غير واضح الرؤيا بخصوص المستقبل، مالذي سنفعله غدا..مالذي سيحصل لنا بعد غد يا داود؟
- لن يحصل أي شيء..وكل الذي سنفعله هو الركوب في سفينة المستقبل..!
- سفينة المستقبل؟؟
- نعم سفينة المستقبل..لابد من وجود مولود جديد بين كل الأنظمة في هذا العالم..هناك نظام بديل عن اللانظام الموجود في هذا العالم الذي يسميه الناس نظاما..
- انك كالذي يشتري السمك وهو في الماء يا داود..عليك أن تفكر بمستقبلك تفكيرا واقعيا..لتنسى السياسة وفكر بتحصيل المال واجمع ثروة طائلة تكون قادرة على التغيير الذي تنشد وتتمنى..
- كلامك صحيح يا حارث لكن المجتمع البشري مجتمع فسيفسائي يأخذ كل امرئٍ فيه دورا خاصا به يميل العالم كله لو لم يؤد هذا الدور بشكله المطلوب..لقد تحدثت عن دورك أنت يا حارث وهو رأي صائب..لكن بالنسبة لي فان دوري غير تحصيل المال..لابد من تحقيق معجزة لا تتجاوز حدود المعقول..لابد من الهجرة يا حارث كي نجد أنفسنا..ويجدنا هذا العالم..إلا تذكر النص الإلهي الخالد:
(( كنت كنزا مخفيا فأحببت أن اعرف..فخلقت الخلق لكي اعرف))
يجب أن يعرفنا العالم يا حارث..يجب أن تشعر هذه الأرض الصماء من هؤلاء الذين يمشون عليها؟..!!

ضحك حارث ..وربت على كتف صاحبه..وقال له:
- كلامك جميل ..واتنمى أن يعي هذا العالم الأصم حقيقة هذه الحياة.
- لا عليك ..الحكمة تقول: تكلموا تعرفوا ..يجب ان ننتج ، يجب ان يكون لنا رصيد، لابد من تثبيت مناهج وخطط.
- من أين نبدأ ؟
- من حيث ما انتهى الآخرون وتوقفوا ولم يجدوا في داخلهم القدرة على مواصلة المسير..واقصد رجال الدين والسياسة، هناك أمورٌ تجنبوا الخوض فيها واعتبروها إما خطوطا حمراء لايمكن التجاوز عليها مثل رجال الدين ورؤيتهم المغلقة للقانون وإما كانت محض خرافات بالنسبة للعلمانيين الذين انجروا وراء إطلاق الغريزة البشرية واعتبارها مظهرا من مظاهر العصرنة والتمدن..هناك فجوة غريبة في الفكر البشري..وكان يدا خفية تمنعه من إدراك فكر أو فلسفة تسمى التوحيد أو التوفيق بين كل الأفكار، انظر إلى خارطة الفكر الإنساني بخرافاتها الأسطورية وإبداعاتها العلمية الواقعية ..لو نظرت لها من زوايا عدة تجد أن لاشيء شاذ في الفكر البشري لان كل شيء ينبع من الحاجة..ولهذا فتخطئة أفكار الغير عمل عقيم غير نافع..لا توجد فكرة صحيحة تماما ولا توجد فكرة خاطئة تماما..!!
لماذا لا يدرك هذا بنو الإنسان؟
- لأنهم ببساطة لا يريدون إدراك ذلك..!!
- لربما يكون في رأيك الكثير من الصحة ولكن ليسوا جميعا من لا يريدون هذا..
- برأيي أن نخلق عالمنا الخاص أنا وأنت على الأقل ..ونعيش في عزلة عن مشاكل هذا العالم الضال..؟
- لا توجد سعادة في عزلة عن العالم..هذا العالم مترابط حي..وإذا كنت تتصور أن الرهبان أصابوا بعزلتهم هم والمتصوفة..فأنت ترى إن غاليبتهم كانوا أشبه بالمرضى النفسيين لأنهم عاشوا في سجن بنوه بأيديهم..أتريدنا أن نصنع سجننا بأيدينا..؟
- لنبق في العراق يا داود وننتظر المقبل من الأيام عل الله يحدث بعد ذلك أمرا..!!
كان الاثنان شابين في أواخر العشرينيات من عمريهما ..احدهما كان طبيبا وهو حارث، أما داود فكان مدرسا ..وعلى مقربة من حيث كان يسكن هذين الشابين بمسافة عدة كيلو مترات في كربلاء كان احد علماء الدين الشيعة الشباب يجلس في حلقته الدراسية المعهودة ليلقي بعض الدروس على طلبته..وكان السيد عامر بهاء الدين الحسني، كان رجلا شاذا بالنسبة لبقية رجال الدين في عصره لأنه كان يبشر بان في العلمانية خلاص للبشرية..!!
كانت تلك الرؤى غريبة ..لكن السيد عامر كان إنسانا مثقفا ويدرك إن الدين لو وصل إلى سدة الحكم سيساء استخدامه باسم الله العزيز الحكيم وكانت من بين الكلمات الكثيرة التي يرددها :
دعوا الخلق للخالق..واتركوا بني الإنسان يتعلموا من أخطاءهم..لقد مضى عصر الخلافة وعصر الاستبداد الإسلامي إلى غير رجعة.
وذات يوم سأله احد طلابه سؤالا غريبا لم يسال به احد من قبل:
- يقول الله تعالى يا سماحة السيد : ما أصابك من مصيبة فمن نفسك، فما هو الخطأ الذي ارتكبته الأمة الإسلامية كي تصيبها كل هذه المصائب..؟؟
انتفض السيد عامر من مكانه وقال للطالب:
- لن أرد عليك حتى ألبسك عمامتي..!!
وبالفعل تحرك إلى مكان ذلك الطالب وألبسه عمامته السوداء وعاد إلى مكانه وقال:
- اعلم يا ولدي إن الأمة بأسرها اخطات يوم ارتضت فتح البلاد الأعجمية وصفقت للخلفاء لينشروا الدين بالسيف..إن ما يجري اليوم ضريبة على الأمة دفعها ثمنا لفتوحات ما أمر الله بها وسيتبرأ الرسول محمد(ص) منها على الملا يوم الدين..!
كانت مثل هذه الآراء ليست بالغريبة على معتنقي المذهب الجعفري في العراق..لكنها شاذة ويرمى أصحابها بالكفر بالنسبة لبقية المذاهب الإسلامية الأخرى..وبصورة عامة ولكون العراق واقع في ذلك العهد تحت نير العبودية والاحتلال فان الرؤى وموازين التأييد الشعبي كانت تميل إلى صالح رجال الدين وتشجب المحتل لذلك كانت العلمانية بالنسبة إلى السذج من الرعية كفر والحاد وتجاوز على ما انزل الله ورسوله..
- وكأن رجال الدين هم أحق الناس بالله ورسوله..!
- لا يا حارث..القضية اكبر من أن يكون الحق مع الله أو رسوله وعلينا أن نهتدي بالهادي إلى الله ورسوله..
- الإله أصلا من هو أليس كذلك يا داود ؟
- نعم يا حارث..علينا أن ننزل إلى الساحة الدينية ..ونعيد تعريف الإله من جديد..!!
- لكن من أين نبدأ؟
- من كربلاء..من السيد عامر بهاء الدين الحسني..اعتقد إن هذا الرجل مؤهل بان يساعدنا على إعادة صياغة تعريف الخالق…لكن لا اعرف كيف سنبدأ معه..؟
- لا عليك يا داود اترك هذا الأمر لي..لكن أتعلم ماذا يعنيه العودة إلى الدين ومشاكل الدين؟ ببساطة الاصطدام بصنم عمره آلاف السنين وجد منذ أن جاء عزازيل إلى وجه الخليقة..؟؟
- اُدرك هذا يا حارث ..المهم علينا التحرك بسرعة صوب السيد عامر ، لابد من تغيير التاريخ يا حارث..!!
- قد نفاجأ بعامر بهاء الدين يا داود..؟
- اسمع يا حارث..إن هذا الرجل قد عانى الأمرين من رجال الدين ، وهو يردد دائما دعوته لعلماء الدين بالحوار والاجتماع للوصول بحال الحوزة العلمية إلى أن تكون مؤسسة دينية يديرها مجموعة من المراجع بدل التشتت الذي يحصل اليوم فيها..من باب إلقاء الحجة عليهم..فلما لا نلقي الحجة عليه نحن..؟؟
- فكرة جيدة لكنها مرعبة..ولم أتعود على اللعب مع هؤلاء المعممين..!!
كان ذلك هو نص الحوار الذي دار بين حارث وداود بشان رسم أيديولوجية واقعية يقومان فيها بتنقية الدين من رواسب ودخائل أبعدته عن دوره الأساسي في الحياة ألا وهو الإصلاح الاجتماعي..وبعد أيام التقى الاثنان بالسيد عامر بهاء الدين الذي لم يجدان عنده من الأفكار ما يخالفهما إلا قضية واحدة: العقيدة الجديدة…إذ يخشى السيد عامر من هذه الكلمة، إلا أن الاثنان حاولا إقناعه بضرورة التفكير بعقيدة إسلامية جديدة قادرة على تغيير الفكر تغييرا جذريا..وكان جوابه:
- هل تعلمان إن التحدث بهذا الحديث مع العامة يجر إلى التكفير هل تدركان ما الذي تتحدثان به؟
- لا نستطيع السكوت وأنت ترى كل الذي يجري، الناس تتيه ويدعى أصحاب العمائم إن الخلل في التطبيق..؟؟ وأنت تعرف إن هذا عذر غير مشروع ..الفكر الإسلامي غير القابل للتطبيق لا يعتبر فكرا صحيحا على الإطلاق، وإذا كان القران يقول لا يكلف الله نفسا إلا ما أتاها..فلا بد من تغيير النصوص واختصارها بنص قانوني تشريعي يوفق بين العلمانية والدين (والكلام لحارث) ..فرد السيد عامر:
- كيف نوفق بين العلمانية والدين يا حارث؟
وهنا قاطعهما داود قائلا:
- إذا سمحتما لي..الم يقل الرسول إن الإسلام بدا غريبا وسيعود غريبا..؟؟
- نعم( رد السيد عامر)
- فهل تتوقع إن هناك فهما صحيحا للإسلام من خلال النصوص في القران والسنة؟ لماذا لم تفهم الأمة على مدى ألف واربعمئة عام لو لم يكن هناك سر دفين وحلقة مفقودة في الدين؟…ماذا لو افترضنا وجود هذه الحلقة المفقودة على الأقل مجرد افتراض؟
صمت الجميع برهة..ثم قال السيد عامر :
- لو افترضنا وجود هذه الحلقة…فما هي الاحتمالات الواردة في هذا الشأن؟
- باعتقادي إن الحلقة المفقودة هي نمو التشريع الإسلامي وتبدل ملامحه مع الوقت..فالاعتقاد السائد إن حلال (محمد) حلال إلى يوم القيامة..وحرامه حرام إلى ذلك اليوم أيضا..وفي هذه الرؤيا تزمت ومغالطة منطقية كبرى..بدليل إن التشريع في الديانات السالفة كانت لها وجهة أخرى..فلماذا هذا الإصرار على إن سنة الرسول ثابتة مع إن الأولى أن ترد تلك التشريعات في القران…لماذا افتقر القران إلى غالبية نصوص الشريعة ؟
- أنا معك يا داود..لكن كيف سيتقبل الناس مثل هذا الكلام؟ المشكلة إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ..إن التجاوز على سنة الرسول بهتان..هناك مبالغة في تصوير دور الرسول في الحياة..هناك رسم أسطوري في بيان دور القران في الوجود..هناك في مقابل ذلك احتقار لدور الإنسان في إدارة نفسه بنفسه..كيف يمكن أن يتقبل الناس فكرة تجذرت في النفوس منذ ألف واربعمئة عام ؟
عاد الاثنان بعد أن ودعهما السيد عامر وطلب منهما وعدا بالتواصل مستقبلا وأكدا له ذلك..إلا إن داود بقي يفكر طويلا ويعيد حساباته من جديد وبدا يشعر باليأس ويفكر بجدية اكبر بموضوع الهجرة..هناك العديد من الأمور التي لا يفهمها، وشعر برغبة في تصفح الانترنت عله يجد ملاذا من الإحباط الذي يشعر به..دخل إلى منزله وجلس على الكرسي وفتح جهاز الكومبيوتر..وبدا بتصفح شبكة الانترنت مفتتحا صفحة محرك البحث العالمية المشهورة(Google) وبغير هدى كتب باللغة العربية: أين الحقيقة..؟؟
واختار سادس نتيجة من نتائج البحث مباشرة..ووجد إنها مقالة صحفية للأستاذ احمد عبد الإله، وفوجئ داود بمحتواها كثيرا..!!
(( إن هذه الأمة نشرت الإسلام بمشارق الأرض ومغاربها بقوة السيف باسم الفتوحات الإسلامية إلى درجة إنها ابتعدت عن الإسلام نفسه دون إن تدرك..والحق الحق أقول لكم..لن تعود هذه الأمة إلى رشدها إلا بالسيف نـفــســــه))
ولقد كان هذا المقال مذيلا بالبريد الالكتروني للبروفسور احمد وعلى الفور كتب له داود رسالة:
سيدي العزيز
أنا شاب في أواخر العشرينات من عمري.. باحث عن الحقيقة من ارض تسمى كربلاء..وما أدراك ما كربلاء ؟؟
قرأت مقالك أين الحقيقة فوجدت فيه فقرة شعرت بأنها نابعة عن علم ودراية ولم تكتبها اعتباطا فيما يتعلق بمسالة عودة الأمة إلى رشدها..كيف يمكن إعادة الحياة الإسلامية بالسيف..ويتضح من كلماتك انك تستهجن السلفية..فلما هذا التناقض ما دمت أنت ضدهم..كيف ترفع شعاراتهم وتتحدث بإسلوبهم؟؟
ما هو الإسلام الذي تنشده ؟ هل لك أن تهدينا هداك الله ؟
تحياتي..داود
وبعد يومين جاءه الرد من الأستاذ احمد:
الأخ داود
انك لن تستطيع معي صبرا..!!
وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا..!!
فرد عليه داود على الفور:
ستجدني إن شاء الله صابرا ولن أخالف لك أمرا ..
وبعد يوم رد الأستاذ احمد:
بما انك مصر على أن تعرف وجهة نظري فاعلم إن الأمة الإسلامية في كتاب القضاء والقدر المحفوظ لدى روقيائيل تدفع ضريبة الفتوحات الإسلامية..ولن تعرف طريق الحق والهدى إلا بنفس الطريقة التي حاولت أن تهدي بها الأمم..السيف..امتنا للأسف تدفع اليوم ضريبة السيف، وهي نائمة دون أن تدرك..وربما تحتاج إلى مئة أو مأتي سنة حتى تستفيق وربما لا تستفيق إلى يوم الدين، ولهذا فمن وجهة نظري الخاصة وبما يمليه علي الالتزام الأخلاقي تجاه هذا الجيل الجديد الذي تعصب للإسلام دون أن يعرف ماهو الإسلام فإنني متيقن حق اليقين إن امتنا بحاجة إلى تنظيف وكنس كل أزبال وقمامة التاريخ المتمثلة بالفكر السلفي التكفيري..ولا يمكن أن يتم ذلك إلا بالسيف خصوصا في العراق والشام واليمن والحجاز، هذه المناطق بالتحديد بحاجة إلى عملية جراحية تتمثل في قتل كل من يرتدي العمامة الإسلامية فيها…!!
تحياتي..احمد عبد الإله
أصيب داود بالذهول..ولم يصدق فداحة ما يقرا..وظن للوهلة الأولى أن هذا الرجل علماني متعصب لعلمانيته..لكنه ذكر روقيائيل وهذا تناقض جديد..فرد على رسالته:
عندي سؤال واحد سيدي العزيز:
من هو روقيائيل..وماذا تعرف عن غيره ؟؟
فرد عليه احمد عبد الإله ردا لم يكن يتوقعه أبدا ..فقد فصل له تفاصيل المملكة الإلهية..وذكر له في النهاية انه رجل مؤمن موحد..لكن الإله الذي يعرفه هو غير الذي يعرفه الناس، إلهه اجل وأعظم..!!
لكن داود عاد ليسأله:
كيف يحق لك سيدي أن تحكم بالإعدام هكذا على كل من يرتدي العمامة وأنا متأكد انك تعلم أن فيهم أناسا يطلبون الخير والصلاح للأمة..فـرد عليه الأستاذ احـمـد:
المصلحة العامة تقضي على كل ذي لب أن يسارع في إنقاذ هذه الأمة، لقد دمر السلف الصالح هذه الأمة وجعل النصارى والفرس يحملون الأحقاد التاريخية الدفينة علينا واليوم ندفع ثمن أخطاءه الآباء والأجداد..وفوق هذا كله فان البعض لا يزال يحمل فكرهم تحت غطاء قداسة النصوص المروية في القران والسنة..لا مقدس إلا الإنسان ولا حياة للإنسان إلا بالحقيقة، والحقيقة تؤخذ من الحياة العامة وتجربة معيشة الإنسان في الوجود لا من القران ولا من أي بشر عاش في التاريخ..وبما أن حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة، لذا فان الموت أولى لكل من امن بذلك..لان المسالة لا تقبل النقاش أبدا بالنسبة لهم ولهذا السبب فإصلاح ما فسد من قيم الأمة يحتاج إلى دم..لان هذه المفاسد الفكرية دخلا عن أصلا عن طريق الدم..!!
قد تتصور يا داود أن هذا الكلام يخالف الواقع وقيم الأخلاق الإنسانية لكنك إذا رجعت إلى أقوال محمد نفسه عن حوادث آخر الزمان تجده يؤكد هذه الحقيقة بقوله:
تقاتلون العجم حتى يدخلوا في الإسلام ويأتي زمان يقاتلوكم عليه
والإسلام المقصود هو الشريعة التي تضمن العدل بين بني البشر .. كما ويذكر محمد إن المهدي وجيشه سيدخلون العراق ويرتكبون فيه مجزرة بحق أصحاب العمائم..هل سال احد نفسه لماذا ؟؟
إنهم ينادون باسم الله الواحد القهار..لكن لماذا يوضع فيهم السيف ولماذا يذكر الشيعة بالتحديد هذه الحادثة أصلا ..وسيدور الزمان يا داود إذا ما تركنا الله أحياء وسترى بأم عينيك جيوش العدل وهي تفعل فعلها بكل مرض مزمن في التاريخ الإسلامي..الإسلام الحقيقي هو العدل وليس إسلام النصوص المقدسة..
اعلم يا داود إن موسى كان حجة الله في زمانه..وعيسى كان حجة زمانه..ومحمد حجة زمانه..أتعلم من هو حجة الله على الناس في هذا الزمان؟؟
العقل البشري..ومنهج البحث العلمي..وعلماء الجنس البشري هم حجج الله على خلقه وحسبك ما قاله الله في ذلك مخاطبا العقل:
وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أحب إلي منك بك أثيب وبك أعاقب
صدق يا داود إن الله عظيم السماوات والأرض الذي ضرب في القران مثل قتل النفس الزكية بغير نفس أراد أن يبين إن الحقيقة قد تكون مفجعة في بعض الأحيان..وقتل أئمة المسلمين هي افجع حقيقة سيشهدها التاريخ البشري وستبقى وصمة في جبين المهدي الأمين العام لمجلس علماء العالم الذي سيتسلم السلطة القضائية والتشريعية الدولية بعد نهاية الحرب العالمية الثالثة.
تحياتي..البروفسور احمد عبد الإله.

أصيب داود بالذهول وهو يقرا هذه الكلمات..وهرع مسرعا بها إلى حارث الذي اقترح عليه عرضها على السيد عامر بهاء الدين..الذي اظهر عدم الاكتراث لكنه طلب البريد الالكتروني للأستاذ احمد..وبدون علم داود وحارث بدا السيد عامر بمراسلة الأستاذ احمد..وبعد مدة وجيزة نشأت بينهما علاقة حميمة ..تطورت بمرور الوقت ، إذ أن الاثنان اتفقا على مبدأ واحد جديد :
على العقل البشري تحمل مسؤولية إدارة المجتمع في كافة الميادين..ابتدأ من القانون التشريعي للدولة مرورا بالدستور الذي يجب أن يكتبه علماء الجنس البشري وانتهاء بالإدارة المدنية لبقية المؤسسات المدنية..على أن تكون الديمقراطية محصورة باختيار حاكم الدولة..واعتبار الدين الموروث عن الأسلاف طقوسا عبادية لادخل لها بالقانون أو السياسة.
لقد اتفق الاثنان على إن الدين حبلا سريا بين السماء والإنسان وان القرن الحادي والعشرين قد آذن بانقطاع هذا الحبل ليبدأ المجتمع البشري مرحلة جديدة من مراحل حياته..ولعل أهم نقطة اهتم بها السيد عامر ولفتت انتباهه هي كون المجتمع البشري قد انتقل من مرحلة الشموليات الفردية ودخل عصر المنظومات وحكم المؤسسات.
ولم تمض مدة طويلة حتى توسعت هذه العلاقة إلى تكون مجموعة دولية سرية من بعض العلماء والمفكرين من الجنس البشري إذ أصبح عددهم سبعين خلال خمس سنين وبقية هذه الجمعية السرية التي تنتخب ممثلا لها كل عام تعمل في الخفاء ولعل ابرز القادة فيها هو احمد عبد الإله و أنطوان جوزيف..وآخرون في اليابان وروسيا وألمانيا وفرنسا وجنوب إفريقيا والعراق( من بينهم حارث وداود والسيد عامر بهاء الدين) ومصر (وغالبيتهم من تلاميذ الأستاذ احمد) وسوريا وبعض الدول الأخرى في أرجاء المعمورة..حرص احمد عبد الإله على أن تكون حركته سرية تعمل في الخفاء وتهدف إلى إقامة مجلس علمي عالمي يتم إعداده ليكون مؤهلا باستلام السلطة في بقعة غير محددة من العالم وكان البروفسور احمد يؤكد على أن تكون هذه البقعة هي: (استراليا ) وان تكون أول سلطة علمية عالمية في مدينة فيها على ساحل المحيط الهادئ..!!
كانت العديد من أفكار الأستاذ احمد مبنية على تصورات مسبقة..إذ كانت الحاسة السادسة لهذا الرجل فائقة ومتميزة ويتوقع الأحداث سلفا ولهذا السبب فان أفكاره دائما تلقى المعارضة لأنها تتجاوز المعقول..لكن ما أن تدور الأيام حتى يتبين الجميع إن توقعاته مصيبة في الغالب وان الأخطاء فيها قليلة..لكن إصراره على استراليا..والمحيط الهادئ..والاحتفاظ بالسرية إلى أن يبدأ نظام العولمة بالتداعي وإشرافه على الانهيار كلها أمور تجعل من غالبية أعضاء جمــعيــة
((الأمانة العامة للقانون العلمي الدولي)) يتساءلون: ما سر توقعات هذا الرجل؟
سئل بهذا السؤال ذات مرة في إحدى الاجتماعات السرية التي حضرها عشرون منظرا من هذه الجمعية فأجاب :
- لدي قابلية خفية على توقع صورة المستقبل ..أحيانا أخطئ وأحيانا أصيب ، لكن هناك في بعض الأحيان أمورا أكون متأكدا منها ..وبالذات قضية العدالة المفقودة في هذا العالم ، هناك عقل كبير يدعى عقل الإنسان الأعظم ..لا يمكنني شرحه تفاصيل دقيقة عنه..وكل الذي أقوله عنه: انه محصلة عقول بني الإنسان التي ترتبط جميعا فيما بينها بواسطة (الفضاء- زمن) وهو عبارة عن شفرات فكرية تحيط بكل هذا العالم علما ..قد تأتيني المعلومات عنها مشوشة في بعض الأحيان أو إن طاقة تركيزي واطئة فتاتي المعلومات مغلوطة..لكن ما يهمني الآن إن العقل الكوني يقول إن المحيط الهادئ هو نقطة انطلاق العدل البشري..!! لكن احد الحاضرين سأله:
- هل تعني إن أمريكا أو أية دولة أخرى قد تكون هي المنطلق إذا ما أطلت على المحيط الهادئ؟؟
- لا..أنت تعلم إن الرؤية مقدمة مبنية على الرؤى التخمينية..وبرؤية علمية فان العالم وعلى الرغم من انه يشهد تعاظم النظام الرأسمالي باضطراد..فان الكارثة مقبلة وسواء أبقينا إحياء أم لا..علينا أن نثبت أسس القانون العلمي ونظام المجلس العلمي العالم بأطر علمية بغض النظر عن مكانه..لكن ومن وجهة نظر شخصية(تقديرية) أجد إن استراليا هي المكان الأنسب لما تمتاز به من مقومات بشرية واقتصادية ومكان استراتيجي يقع في طرف العالم..كما وإنها (وهذا مهم جدا) لم تزل بعد مستعمرة بريطانية ..مما يعني أن فيها أجيالا قد تكون مستعدة لتقبل فكرة الحصول على هوية استراليا العظمى..اعلموا أيها السادة إنكم من هذا الرأي مستغربون..لكن ورغم أن المشروع عظيم ويحتاج إلى إمكانيات ضخمة فان فيه سيناريوهات متعددة:
الأول: قانون العدالة العلمي
الثاني: دولة حكومة العقل البشري العالمية
السيناريو الثاني صعب للغاية..ويعتمد على السيناريو الأول لذلك نسير بالخطة كالآتي:
التنظير للقانون العلمي العالمي…والبقية تأتي في الأثر..واجد إن طبيعة التجربة ومقامها في سفر الإنسانية يستحق التجربة والعناء… شكرا لاستماعكم أيها السادة.
على الرغم من إن الكثيرين يجدون بأفكار البروفسور احمد أحلاما مثالية صعبة التحقيق إلا إن وجود البروفسور أنطوان جوزيف يعد مهما لتشذيب الرؤى والقضايا الإدارية التي تتعلق بالحملات التي يعقدون إطلاقها للتبشير بهذه الإيديولوجية الجديدة..وهو يقوم في الغالب بشرح أفكار احمد أو الآخرين وإيصالها بصورة صحيحة للآخرين.
ولم يمض من الزمان إلا حين..حتى بدا العالم يتبدل، وبدأت السياسة الدولية تأخذ مناحٍ أخرى جديدة..إذ أصبح التعدي على القانون الدولي أمرا شائعا واستخدام الفيتو مملا للغاية ..وبدأت العديد من الدول تتحول إلى دول كبرى وبدا العملاق الصيني بالظهور ، وأصبحت كل من ماليزيا والهند دولا صناعية كبيرة..إلا أن حدثا واحدا لم يكن بالحسبان أبدا…!!
وهو قيام دولة علمية في استراليا..الحرة المستقلة عن التاج البريطاني، دولة كبرى وبإيديولوجية جبارة تتماشى مع واقع اقتصادي جديد بدا بالظهور في ربع القرن العشرين..وهو مجتمعات التكنولوجيا الفائقة إذ أن التقنيات المتطورة قد غيرت واقع الحياة التي يعيشها الناس بدرجة كبيرة..ولذا فان تبني النظام العلمي السياسي والقانون العلمي وكذلك الدستور العلمي في استراليا كان مدعاة للفخر لدى الاستراليين بأنهم أكثر المجتمعات في العالم رقيا..ولهذا السبب بدأت مفاهيم الدولة العلمية تتسرب إلى العالم خصوصا الشرق الأقصى..حيث بدا التيار العلمي يشكل جزءا مهما من السياسة في اليابان وكذلك ألمانيا وروسيا التي بدأت تتحول إلى دولة علمية بالتدريج..هذا كله والنظام الرأسمالي لا زال ساريا في العالم إلا انه مكبل محدود القدرات في هذه الدول..فما الذي جرى لأمريكا..؟؟
بعد العام 2016 بدأت السياسة الأمريكية والرأسمالية تتخذ مواقف مناوئة للنظام العلمي ، وكذلك الدول العربية والشرق أوسطية..هي الأخرى دخلت في تحالفات مع أمريكا على مستوى عال حتى الأنظمة الإسلامية منها..!!
وما أن مرت بضع سنوات حتى اندلعت حرب النفط الكبرى في العالم..وانتهت بدخول القوات الصينية إلى الخليج في جزيرة العرب وانكسار الولايات المتحدة الأمريكية وتراجعها وكذلك تأثرت بعض دول أوربا بصورة مباشرة بهذه الحرب التي استخدمت فيها الأسلحة النووية، وبعد نزول الجيش الأصفر في جزيرة العرب لقي مقاومة شديدة في ارض العراق، مما أدى إلى ينسحب منها ..وجرى عقد مؤتمر دولي عام لم تشترك فيه بريطانيا والولايات المتحدة تم بموجبه اعتماد القانون العلمي قانونا دوليا عاما يلزم كل دول العالم باحترامه..إلا أن الغريب في ذلك القطع المظلم من التاريخ هو قيام ( عزازيل ) بكشف ورقته الأخيرة في مواجهة دولة الإنسان الأعظم..؟؟
لقد حصل تحالف غريب في الشرق الأوسط..لا يمكن تصديقه ولا يمكن تصوره في أي لحظة من لحظات القرن العشرين..ألا وهو إنشاء جيش الدفاع التوحيدي المشترك بين دولة إسرائيل والجامعة العربية الإسلامية..!!!
أخيرا استسلم عزازيل ليكشف عن الوجه الحقيقي لمفهوم السلفية التاريخية اليهودية والمسيحية والإسلامية..!!
لقد تعاهد الجميع أن يكونوا يدا واحدة بوجه الصين الشيوعية واستراليا العلمية..!!
تحالف غريب..لكنه انتهى بالفشل في صد جيوش العلماء التي دخلت كقوة دولية يدعمها القانون العلمي الدولي وتكنولوجيا فائقة جدا تتمحور حول قوة الليزرات عالية الطاقة إلى العراق أولا..ثم ( أورشليم ) بعد سنة وكان ذلك نهاية العام 2022..قام البروفسور احمد ورفاقه بفرض القانون العلمي الدولي بالقوة بعد أن باءت كل سبل السياسة بالفشل، في المنطقة العربية بالتحديد واتخذت العديد من القرارات والإجراءات الصارمة ومنها:
الحكم بالإعدام على كل رجل دين يصدر فتوى…تتعلق بالقانون او الدستور..إذ تم حصر الفتاوى بالعبادات فقط.. وقام الكثير من رجال الدين بمخالفة هذا التشريع، وكانت النتيجة إعدام أكثر من عشرة آلاف رجل دين في عام واحد في المنطقة العربية..!!
لكن ما جرى في النهاية كان متوقعا..إذ اتسم النظام العلمي الدولي بصرامة لا توصف، واعدم الكثير من الرموز الدينية في الشرق الأوسط، خصوصا الإسلامية واليهودية، وتم تقسيم فلسطين تقسيما جديدا عادلا بين العرب واليهود عادت بموجبه القدس عربية.
كمـا وان العالم كله أصبح ينظر إلى استراليا نظرة الإجلال والإكبار خصوصا عندما لم تنفجر القنابل الإسرائيلية التي وجهت إلى استراليا..!!
حدث وكان معجزة حصلت..لكن وبمرور السنين تبين أن سلاحا استراليا جديدا ظهر وهو الليزرات فائقة الطاقة إذ لها القابلية على تعطيل الشحنة النووية في القنابل وهي في أماكن تخزينها أو أثناء نقلها إلى الأهداف..وهذا اضعف الصين أمامها أيضا.
وأصبح النظام العلمي هو السائد في البلاد الإسلامية وبقي الإسلام الدين الرسمي لهذه الدول، إلا انه إسلام التعبد لا إسلام النظام والدستور والقانون، حيث عرف فيما بعد بـ (إسلام العولمة) الذي يعتبر نظرية المجلس العلمي العربي وفكره السياسي لإدارة الدولة.. فالإنسان وعقله هو الوحيد الذي يمتلك حق التشريع في ذلك الزمان، كما وان عقدة الخوف الإسلامية الدفينة من الأعلى ( الخوف من الله والخوف من الحاكم والخوف من الأب) قد بدأت تتلاشى بولادة أجيال تقدس الإنسان وتؤله الإنسان بالإضافة إلى إيمانها بوجود خالق لهذا الكون..لكنها آمنت بنفس الوقت إن المنظومة البشرية هي الــه هذه الأرض
(الإله الخليفة)..
أما احمد عبد الإله و أنطوان جوزيف والعديد من علماء الجنس البشري فقد أصبحوا من ابرز الأعضاء في المجلس العلمي التشريعي الدولي..في عالم يحكمه العقل والمنظومة البشرية لا الشعارات والفلسفة والأوهام التاريخية..ورغم قيام العديد من المسلمين بإطلاق تسمية ( الإمام المهدي) على البروفسور احمد..إلا انه كان يرفض ويمقت هذه التسمية وكان يردد دائما قولته المشهورة:
يشرفني أن أكون ذلك الأستاذ البسيط في جامعة عين شمس..لن يضيف علي لقب المهدي أي شيء..اعتز بنفسي أن أكون أنا بما في من ابيض واسود.
أما عزازيل فقد اعتلى منصة التوجيه لأتباعه بعد تلك الأحداث المروعة بالنسبة له خاطبا في جنوده :
- لم تنتهي المعركة بعد أيها السادة..لازال المشوار طويلا ولازال لدينا الأمل في إسقاط الإنسان في حضيض الأوهام في هذا العالم، إنهم اليوم يعتبرون من أنفسهم ألهه..يقدسون المنظومة البشرية، سيكون منهاجنا القادم هو الحياد عن تقديس المنظومة إلى تقديس الأفراد من جديد.
إنها نفس لعبة إبليس القديمة، الميل إلى صرف نظر الجنس البشري عن كونهم منظومة اجتماعية متحدة إلى كينونات فردية تتفشى فيها الأنانية والتعصب والجهل..وقد افلح في النهاية وبعد عدة مئات من السنين وتحول المجتمع البشري من عصر الدجتال الرقمي إلى عصر السايكوفيزيا أو عصر الباراسايكولوجي..إذ تمكن احد العلماء في المجلس العلمي الدولي من أن يفرض نفسه إلها على الجنس البشري، وعادت المشاكل من جديد..إلا أن الحسم لم يتأخر كثيرا وكانت نهاية هذا ( الإله) الكاذب شنيعة على يد شخص اسماه الناس فيما بعد باسم:
المسيح المخلص
فبعد أن كانت القرون ما بعد عصر النهضة أوربية..مما أدى إلى تعميق الفكر السلفي الديني الارتدادي في الشرق والمنطقة العربية وإسرائيل بالتحديد، فان انقلاب المعادلة بعصر التطور والنهضة الإسلامية بعد عصر المنظومة العلمية البشرية..حيث أصبح المنهج العلمي سائدا في هذه البقعة من العالم التي فرض فيها العدل بالقوة..وأصبحت أوربا وأمريكا مسيحية صرفة، وعادت إليها الأفكار الكنسية وشيوع ثقافة الدين المسيحي بأطر تجديدية مثلما حدث من بروز للتجديد في فكر الإسلام السياسي بعد ظهور الاستعمار في الشرق الأوسط والبلاد العربية..وتعمقت فكرة المسيح المخلص وتطورت من جديد،
حتى ظهر احد علماء وقادة الجنس البشري الأفذاذ مدعوما بالعديد من السايكوفيزيائيين ليتصدى لمن ادعى الروبية التي قامت على أنقاض الفكر المسيحي المؤله للمسيح في أوربا وأمريكا..وخطوط الفكر التوحيدي المؤله للمنظومة البشرية في الشرق.. وردد المسيح المخلص نفس عبارة احمد عبد الإله قبل قرون :
لست مسيحا سماويا..ولست ابن الرب..أنا ابن الإنسان اله الأرض وخليفة الرحمن في ملكوته...كلنا يا بني اله واحد يدعى : الإنسان .
وكانت ابرز معركة اضطر فيها عزازيل إلى أن يظهر للجنس البشري ليخوض أول مواجهة مع الإنسان الأعظم وكان النصر في النهاية ورغم الانكسارات المتعددة لدولة العدل الملكوتية في آخر الزمان.

كان ذلك الزمان بحق ولادة لفكر بشري جديد..إذ أن تكنولوجيا السايكوفيزيا أو فيزياء العقل البشري والأبعاد ما وراء الفيزياء المنظورة تفوق الخيال والعالم المألوف الحقيقي الذي يعيشه الناس في القرنين العشرين والحادي والعشرين أصبح غير ذي قيمة..فالحياة تحولت إلى تأملات في فضاءات العقل والنزاعات تحولت إلى مضاربات فكرية تخاطرية أما الحروب فأصبحت اختراقات لقواعد البيانات بين الخلائق والإنسان ولم تمر سوى مئات أخرى من السنين حتى تمكن الجنس البشري من تشخيص عزازيل..وحجبه عن المنظومة الكونية التي تولت في النهاية مهمة عزازيل السابقة..( إدارة جهاز الاستخبارات الكونية) بالاظافة إلى الإشراف على كل أركان الممالك الإلهية المترامية..يومها وفي كرنفال مهيب توج الإنسان إلها خلق نفسه بنفسه ونادى الخالق الأعظم في علياء السماء:

الم اقل لكم إني اعلم ما لا تعلمون..!!



#داود_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البحث عن الشيطان...قصة مفقودة من كتاب الف ليلة وليلة
- احتمالات في مستقبل الشرق الاوسط السياسي والاجتماعي والاقتصاد ...
- امبراطورية الكذب وحكومة الظلام الامريكية
- الله يعبد الحقيقة..!!
- الدين والسعادة في العالم الإسلامي في ميزان علمي سلوكي
- دين في زمن العولمة
- دولة امير المؤمنين الاسلامية ونهاية الولايات المتحدة الامريك ...
- ثورة المستقبل
- محمد بن عبد الله المصلوب في تاريخ الاسلام
- فلسطين في معادلة القدر
- الخطيئة الكبرى والخطيئة الصغرى


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود ابراهيم - البحث عن الشيطان- الجزء الثاني