أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود ابراهيم - دين في زمن العولمة















المزيد.....



دين في زمن العولمة


داود ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 914 - 2004 / 8 / 3 - 12:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الأخ (( الإنسان)).. تحية طيبة ..وبعد,
.فانني اولا وقبل كل شيء اقول بانني لست نبيا ..ولن ادعي النبوة..وبصراحة اتشرف ان اكون انا انا ولا اتشرف ان اكون رسولا نبيا,

قد تبدو هذه الرسالة غريبة بعض الشيء في فحواها.. وقد تعتقد لاول وهلة إنها مرسلة إليك من عابث يبغي الجدال واللعب مع أناس يخالفونه في الاتجاه الفكري أو العقائدي…لكن لتعلم يا أخي في التكوين إن ما ستقرأ هو رأي تعود أسسه ومدلولاته إلى صاحبه الذي يعتز بكل البشر على وجه الأرض..حتى لو خالفوا رأيه..!
إليك في هذه الوريقات ( فكرة) نجمت عن مخاض عمره آلاف السنين.. وقد يبدو هذا الرقم غريبا للوهلـــة الأولى لكنني اعتقد انك ستقتنع بمعناه في آخر الحشر الذي تسير في ركبه هذه الرسالة البسيطة..والــتي أرجو منك التفضل في إبداء رأيك في فحواها ، على أن تتعهد بأنك ستقرأ ها بإمعان أكثر ولعدة مرات!
وأرجو إن لا أكون ممـــــــن سيثقلون عليك بهذا الكلام ، لكنني آمل أن ستقرأ ما أقول وأتمنى أن تبعد نظرية المؤامرة من ذهنك خصوصا إذا كنت مسلما.. في الحقيقة إن صاحب هذه السطور إنسان في أواخر العشرينات من عمره المكتوب في بطاقة الأحوال المدنيـة لكنــــــه يعتقد بأنه قد عمر منذ اليوم الذي وجد فيه الإنسان على وجه البسيطة ...
لقد اعتبر نفسه إنسانا غريبا عن هذا العالم وعليه أن يبدأ من جديد ..يجب عليه أن يرفض كل أفكــــاره القديمة ..ويعيد تأسيس فكره على أسس جديدة ..ولكن كيف ؟ ومن أين يبـــدأ ؟
لقد ضرب كل الأفكار والمعتقدات عرض الحائط ، كل فلسفة وكل تاريخ للفكر الفلسفي الإنساني وأيقن بان المنفذ الوحيـــد للخروج من مشكلة ضياعه الفكري هي البحث في اصل المشكلة وهو:
الإلــــه الذي خلق هذا الوجـــــــــــــــــــود
فالكل مختلفون فيما يقول : فالبعض يرى هذا الإله يهوديا واليهود أبناءه والبعض يراه والد عيسى المخلص للناس من الخطيئة…أمـــــــا الآخرون فيرونه حبيب محمد نبي خير امة أخرجت للناس..بالإضافة إلى بقية الديانات الأخرى التي ترى أن دينها هو جادة الصواب…
لكنه من هذا الإله حتــــــــــى يختلف فيه الكل ؟؟؟
انه اله لم يكن له وجود فعلي في المنهج العلمي للفكر الإنساني المعاصر ..لا يوجد أي تعريف أو بطاقة شخصية لهذا الإله في سجلات الأحوال المدنية المعاصرة في هذا العالم..!
ليس له أي حضور حي في هذا العالم وفي مجمل تصرفات البشر لا نجد له أي تأثير بين ..!!
لقد كان انعكاسا لذات الإنسان وفكره الاجتماعي الموروث فهو في الشرق (جلاد) كالحكام وفي الغرب ديمقراطي متسامح متهور كالحكام ..!
فمن هــــــو الإله الذي خلق هـــــذا الوجود؟
هل يا ترى هو اله حي يمتلك شخصية ويسمي نفسه ( أنا )؟
فلا بد من وجود سبيل إليه ما دام حياً؟
لكن كيف ومن أين نبدأ؟
إن الله أعظم ( مجهــــــول) في هذا العالم..
مالذي يجب فعله في البحث عن مجهول قام بإبداع هذا العالم الجميل ……وأدار ظهره ؟
خلق هذا العالم ..الذي أُيد ضد مجهول وبالتالي لايترك لنا فرصة كمحققين من سبيل للبحث عن المجهول إلا طبيعة فعله .. فالقوانين الطبيعة هي الأثر الوحيد الذي تركه لنا… ولم يبق أمامنا من سبيل إذن إلا دراسة القوانين الطبيعية ((لنتحقق)) من هوية الخالق ،ولم نرغب من ذلك أن نكذب الرسالات السماوية السابقة لكن يجب أن نقرر وبحزم أن لابد للإنسان أن يعرف الله بأسلوب علمي معاصر لاسلفي مروي عن الآباء الأولين مهما كانوا…أنبياء أو أولياء ..علماء أو مصلحين..يجب أن تكون هناك شخصية (( آنية )) للفكر الاجتماعي البشري لا وصايةٍ تركها الأسلاف فرضت على عاتق الإنسانية منذ آلاف السنين.. ولم يأخذ من تركة الأديان شيء إلا قصة أبو البشر (آدم) .
لانريد ان نشرح الآن تلك الرحلة التي قادتني إلى الحقيقة بعد مخاض عسير وساترك هذا لمناسبة أخرى لكنني أريد أن أبين:
أن الله حي وذو شخصية مثالية مطلقة ويمتلك أيدلوجية خاصة صمم العالم علىاساسها وهي: الارتقاء بالوجود البسيط المعزول في وحدات مفردة للوصول بها إلى المركب الموحد العام الذي يمثل في النهاية ذاته الإلهية هو بمعنى إن الكون هو الله والله هوالكون.
وهي تعني إن كل شيء في هذا الكون يتطور من البدائية إلى الكمال والإطلاق…المادة ( الجماد) : أساس نشوء الكون والدقائق الزمنية الأولى لبدء الخليقة المتمثلة بتكوين العالم الذري بأزمنــــــة قصيرة ومن ثم إستقرارهِ، وكذلك تكوين الأنظمة المجرية بأزمنة أطول والمفارقة إن هذه الأخيرة لم تصل إلى الكمال مثل العالم الذري، فلا زال النظام المجري في تطوره ولم يستقر بعد..وهو بالتأكيد في طريقه إلى الاستقرار.
و ( ذلك تقدير العزيز العليم)…فالمادة بدأت بفوتونات وانتهت بالبناء الذري ذو الإبداع الهندسي العظيم ..وكذلك الكـــــــون الأكبر بمافيه من مجرات وشموس في طريقه إلى التكامل بعد فناء كل شيء فيه إلى حفر مظلمـــــــة ((ثقوب سوداء))وأخرى مضيئة ليتحقق للعالم الأكبر ما للعالم الأصغر ( الذري) من تكامل واستقرار يتصــــــــــوره العلماء المعاصرون نهاية للوجود ، إلا إنه في حقيقة الأمر بداية لعالم جديد يكون الوجود الحقيقي للإنسان فيه متمثلا بعقله …وكذلك المجتمع البشري..فهو ابتدأ من بساطة التكوين الخلوي ويمر بتطورات مختلفة وسواء كان منشأه كونيا(نزول آدم من السماء)أو ارضيا (خلق الإنسان على الأرض) فالفرد الإنساني اكتمل نموه المادي(جنين ثم طفل ثم بالغ) وهو في تخليق مستمر ،إلا إن المجتمع الإنساني( كمنظومة عالمية أو جسد كل فرد في العالم فيه يمثل خلية) لم يكتمل نموه بعد…
ولو قمنا بمقارنة تطابقية بين الفرد البشري ..الخلية المفردة في الجسد الإنساني..والجسد الأكبر المتمثل بالأرض ومن فيها فان المجتمع اليوم عبارة عن شاب مراهق تقوده نزواته وأهواءه( الرأسمالية) …وسيأتي اليوم الذي سيرسو فيه على بر ويبلغ رشده بعد تجارب مريرة
يصل فيها الى رتبة التكامل فيسير وفق منهاج علمي ………( عصر الجمهورية العلمية الكبرى ) .

نواة الدولة العالمية العلمية والعولمة

إن العولمة هي أول شرط من شروط تحقيق غاية الخالق في المخلوق……!
إن انبثاق شبكة المعلومات الدولية( الانترنت) هي بداية تكون الجهاز العصبي للإنسان الأعظم…وسيصل إلى مرحلة مذهلة من التطور تحتاج إلى استنتاجات خاصة في موضوع خاص…وكذلك منظمة التجارة العالمية..على الرغم من إنها أساس الشر في هذا العالم ..لكن الله هو الذي يخرج الخير من شرور أفعالنا كما قال عيسى…أما الديمقراطية فهي مطابقة للسلوك النابع من التفكير ..والدكتاتورية توازي السلوك المتهور النابع من عقد دفينة لا تكترث بتجارب الحياة…فالديمقراطية هي الهوية الحقيقية لسلوك (الإنسان الأعظم) …لا نريد التبشير بالعولمة الأمريكية لكننا نقول إنها أفضل من سواها…وسيأتي اليوم الذي ستزول فيه أمريكا … ونقول إن هناك قوانيناً تسير بهذا العالم إلى اتجاه واحد هو : بناء الإنسان الأعظم … وسيظهر بعد نهاية الرأسمالية في العالم ..وعندها فلكل حادث حديث.
..إن الصورة التطورية للمجتمع البشري هي بالظبط صورة الطفل قبل وبعد الولادة وما يليها من تطورات في سنين العمر التالية فالله حينما خلق الإنسان أمر الملائكة بالسجود لآدم …لم يكن ذلك سجود احترام على الإطلاق لان لله المثل الأعــــلى في السمـــــاوات فكيف يصــــح السجود في حضرتـــــه لسواه وهو الذي يغــــفر كل شيء عدا الإشراك به ؟!
لقد كانت الرؤية الإلهية لذلك الأمر بمثابة تنصيب نهائي لغاية خلق الوجود الناقص أي إن السجود لآدم كان اللمسة الأخيرة لخلق العالم..الذي يظهر بان المِلكية الإلهية فيه للعالم مؤقتة وإن الإنسان هو الملك الذي سينصب أخيرا على هذا العالم …

مراحل نمو الإنسان الأعظم( المجتمع البشري)

لقد مر هذا الإنسان بعدة مراحل تطورية ..بحيث إن المجتمع الإنساني بأكمله عبارة عن كيان واحد يمثل مخلوقا كونيا واحدا يتكون في الوقت الحالي من أكثر من ستة مليارات خلية ( عدد سكان العالم) ، إن خالق هذا الكون يتعامل مع المجتمع البشري تعاملا جماعيا ..ويتدخل في تطور المجتمع أكثر من تدخله في حياة الأفراد ..بل انه يفضل المصلحة الجماعية على المصلحة الفردية للمجتمع البشري ..ولهذا تبدو العلاقة بين الله والأفراد قليلة لكنها واضحة مع المجتمعات لمن يتأمل التاريخ..فهو نظر إلى هذا الإنسان( المجتمع )على انه طفل وتعامل في تربيته معه كما يتعامل الإنسان العادي مع أبناءه..فالمراحل الأولى لطفولته تتطلب العناية المباشرة من قبل المربي( الله) وتجلى ذلك بالتوجيه المباشر له بواسطة الرسالات السماوية التي كانت عبارة عن مناهج تربوية تدرجية انتهت بالإسلام… لتنتهي مرحلة التوجيه المباشر (الوحي) إلى مرحلة التوجيه غير المباشر( التسديد ) أو الهدي والتي تأخذ الطابع الجماعي لا الفردي ..معروف إن الإنسان لابد عند بلوغه أن يترك له الاختيار لتحديد وصقل معالم شخصيتــه بنفسه ولذلك تركه الله وأصبح يوجهه بصورة قليلة الضغط جدا كما هو الحال في الأسلوب التربوي المتبع مع الشباب الذي يبدأ عندها في الاعتماد على نفسه إذ تتفجر مواهبه وتظهر كوامن طاقاته وهذا يتجلى بوضوح في عصر النهضة والعصور التي تلت ..ونحن اليوم في القرن الحادي والعشرين والمجتمع الإنساني يزيد في إبداعه وهو يتجه شيئا فشيئا إلى الاستقرار وتحقيق العلاقة الطيبة مع المربي ( الله) ،وبهذا فان المجتمع الإنساني لم يكتمل التكوين بعد كوحدة كونية حيوية كاملة… ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ !
متى يكتمل إذن؟؟ إن جواب ذلك يحتاج إلى مراجعة تاريخية بسيطة جدا نجد إنها ستكتمل في القرن الحادي والعشرين إذا ما تم بناء (( المجلس العلمي العالمي)) وتخويله الصلاحيات اللازمة.
وماذا في ذلك ؟؟
إن ذلك يعني باختصار شديد :
إن المجتمع الإنساني مخلوق في طريقه إلى الكمال ،شأنه شان الفرد الاعتيادي لا يكتمل حتى يعتمد على نفسه ، ومسالة الاعتقاد بالقصور الإنساني ووجوب فرض الوصاية الإلهية عليه مسالة لابد أن يعاد بها النظر ..وهنا يخص الكاتب بالذكر رجال الدين ..ولعل هذا هو بيت القصيد من إرسال هذه الرسالة إليكم، فهناك هجوم مستمر من قبل رجال الدين على ما يسمونه القوانين الوضعية ( ونحدد منها القوانين الاجتماعية والقانون العام أو الدولي )، قد يقول قائل :
كيف نترك الشرائع الإلهية الكاملة التي لاشك فيها ونلجأ إلى قوانين تحتمل الخطأ من وضع الإنسان؟!
لقد كان لله على الإنسان في كل زمان حجة..ولا نقصد بتلك الحجة شخص أو فرد معين كالأنبياء وإنما الدليل أو البرهان الذي يدعم به الله الأنبياء ، وحجة هذا الزمان كما يظهر من ملاحظة التطور الاجتماعي ومحاور السيطرة على المجتمعات الذي يسير به المجتمع هي (العقل) والعلم ولذلك فان أي قانون لا يستند إلى العلم والبحث العلمي لا يعتبر شرعيا..في عرف الفكر الاجتماعي الواجب أن يكون عليه المجتمع البشري في القرن الحادي و العشرين ( والتفصيل في ذلك يحتاج لدراسة خاصة تخرج عن موضوع هذه الرسالة) وبالتالي فان التطور الاجتماعي مسؤولية علماء هذا العالم، والعقل هو النهج التكليفي المطلوب من الإنسان في هذا الزمن وفق رؤية أخلاقية معاصرة التي ترى إن الإنسان يوم القيامة سيتربع على عرش المملكة الإلهية لكن بصـورة الجمــــــــع وليس المفرد وهنا تجب الإشارة إلى زوال الشمول والفردية من نهج الإنسانية المعاصرة المتطورة كما في أوربا وأمريكا واليابان،ليس ملك الكون لعيسى أو موسى أو محمد أو آل محمد وكذلك لا يقبل العقل إن يكون الإله العظيم قد خلق الله الكون لأشخاص معينين دون غيرهم، لأنه العادل.. لابل هو العدل …انه ملك للكل الإنساني المثالي الذي يستحق هذا المقام… وقد يكون الاعتراض بان الملك لله الواحد القهار كما أشار القران والكتب السماوية المنزلة على الأنبياء ..لكن هناك مسالة مهمة طالما أركنت في الماضي وهي قضية المحاكاة الإلهية والتنزل الجدلي الإلـهي الى مستوى عقول المخاطبين في الأزمنة الغابرة ..ولو نظرنا الى قضية الملك والتملك بلغة علمية عصرية لوجدناها دوافع إنسانية صرفة نابعة من الحاجة والعلاقة مع البيئة والطبيعة وبالتالي فان إعادة النظر في هذه المسالة على الأقل بمستوى العقل البشري في القرنين العشرين والحادي والعشرين سوف يقودنا إلى التساؤل :
عادة الملوك التجبر والتسلط للحفاظ على المملكة بإدارتها وهيبتها وسلطانها ..فهل هذا ينطبق على الخالق العظيم؟ انه يسيطر على العالم سيطرة مطلقة ولا يحتاج للتسلط ..!
إن كاتب هذه السطور يرى إن شخصية الملك ..هي شخصية تحاكي عقول الأقدمين في الأزمنة الغابرة الوحشية( إن صح التعبير) ولو أردنا وصف الإله بلغة عصرية ( ولا نقول الوصف الحقيقي النهائي)، أي نعني به وصفا يمكن أن يحاكي عقول البشر في القرن الحادي والعشرين فيجب حينئذ أن يقال عنه:
المهندس العظيم أو العالم الأعظم
ومن ذلك تترتب صورة جديدة للخالق العظيم ( متطورة عن) الصور القديمة التي كان يراها الإنسان،
إعادة رسم الصورة الفلسفية للإله
إن مهندسا معينا على سبيل المثال قد يعمد إلى تصميم جهاز أو آلة معينة لأجل الحاجة إليها ، لكن حينما يقوم المهندس الأعظم ( عز وجل) بتصميم الكون هذا الجهاز أو الكائن العظيم ..فما تكون الغاية مـــن ذلك؟
إن شركة معينة لانتاج السيارات لا يحتاج مالكوها الى كل السيارات الـــــــــتي يصنعونــــــــــــها ولذلك فالفـــــــائــــض الإنتاجي هو للبيع : السيارة مقابل ثمن معين ... وبما إن الله لا يحتاج المادة فيكـــون إذن الثمن معنويا ليبيع به هذا الكون...!
انه بعيد عن الغايات الخاصة ولذلك فان ملكه للكون ( استوى على العرش) مؤقتاً بمثابة فحص المخترع أو المهندس لآلته قبل أن يسلمها للآخرين، بالطبع إن الله لا يحتاج أن يفحص الكــــــون كما انه لا يحتاج أن يختبر الإنسان في الامتحان الدنيوي ، لكنه أراد أن يبدأ من الصفر في كل شيء ولهذا كانت له شخصيـــــة كونية أدنى من شخصيته العظيمة المطلقة والتي تتجلى بالكامل يوم القيامة بعد أن تنجلي الصورة بالكامل
بان الشخصية الدنيا للخالق كانت رمزية ويتجلى بها الإنسان بعد القيامة التي يرســـــم عنها كاتب هذه السطور صورة علمية تختلف كثيرا عن الصورة القديمة لها والتي يظهر الخالق فيها بمظهر الجلاد المتسلط
وتلك بالطبع صورة تنزل بها جدلا ( جل شانه) ليحاكي تلك العقول والقلــــــوب القاسية في غابر الأزمان
وتحتاج لشرح طويل يخرج عن موضوع هذه الرسالة.
هل هناك من جديد؟
طالما سأل الكاتب نفسه هذا السؤال ،فهو لايرى أي جديد فيما قدم سوى تجميع الأفكار العلمية الواقعية.. والدينية المثالية القديمة ، والحقيقة إن ما جرى من تطور في الفكر البشري اليوم ما هو إلا امتدادا لمسيرة الإنسان هذا الكائن العظيم الذي ابتدأ بالفأس وهو ألان مع الليزر وفي النهاية فهو مع الله سر الوجود العظيم ،نعم قد لا نعرف في أحيانٍ كثيرة مصادرَ قواعدَ فكريةٍ وبديهياتٍ منطقية أو علمية بسيطة لكن وكما يقول علي بن أبي طالب : إعرف الحق تعرف أهله ، حيث إن معرفة الحق لا يجب أن تصحب بالتعصب على الإطلاق وطلب العلم والحقيقة لا يقيم أي اعتبارات للطائفية والقومية،وما نفعله في كل يوم جزء من مسيرة الإبداع والنمو الإنساني الذي يسير باتجاه تكوين الأنسجة الاجتماعية المختلفة بغض النظر عن شخوص هذا المجتمع ، وهنا أخُص بالذكر علاقة الإسلام مع الغرب ..فلا يجب إغفال مسالة البناء المؤسسي السياسي هناك والذي يراه كاتب هذه السطور نتاج التطور السلوكي للمجتمع الإنساني بأنسجته الحضارية المختلفة وهو حصيلة نهائية للمجتمع البشري الذي ستذوب به الفردية السياسية( أي حكم الأفراد للشعوب) وتظهر الحكومة الجماهيرية لبني البشر لتحقيق حلم الفلاسفة المثالي وهو الجمهورية العالمية التي يتجلى فيها الإنسان الكامل المركب الذي سجد له الملائكة أجمعين ..إلا إبليس.

إعادة صياغة المقدسات

إن ماضي الفكر البشري حمل في طياته ترسبات كثيرة ناتجة عن (طفولته السابقة) ومنها القداسة التي يحيط بها شخوص التاريخ : الأنبياء والأولياء والرهبان والكهنة وغيرهم لاعتقاد البشر إن هؤلاء يقربونهم إلى الله دون أعمالهم..إن القضية تشبه إلى حد بعيد مسالة تداول المال الذي ابتكره الإنسان لبيان الجهد المبذول للحصول عليه فاصبح الإنسان يبحث عن المال لاعن العمل..! والقضية هنا انهم يلصقون أنفسهم بشخص المقدس لا بتعاليمه..! ولاجل ذلك لابد من رفع القداسة عن كل مقدس واعتبار الإنسان هو المقدس الوحيد بعد الله( أي المجتمع الإنساني المركب) ولا يتحقق ذلك إلا باكتمال الإنسان الأعظم ( المجتمع) الذي تكون الجمهورية هي هويته وولادته الحقيقية.

جمهورية الإنسان

إن هذه الجمهورية هي التي سجد لأجلها الملائكة لآدم في الملكوت الأعلى،وكما أسلفنا بان التعامل السماوي وسلطاته المختلفة (الملائكة أو القوانين الطبيعية أو التـــــــدخل الإلهي المباشر) مع المجتمع الإنساني هو تعامل جمعي ، فلازال آدم موجودا متمثلا بالنسبة للملأ الأعلى بكل المجتمــــع البشري على وجه البسيطة الذي هو في طريقه الى التوحد ليكون قرية صغيرة(وما من قرية إلا خلا فيـــهـا نذير)، وبالرغم من كون مصالح فردية لباشوات البورصة ومافيا الدماء في العالم هي الدافع وراء النزعـــــة التوحيدية لديهم لإشباع رغباتهم في السيطرة على اكبر مساحة من هذا العالم..إلا إن النظام الذي صممـــــه مهندس الوجود العظيم لا يمكنه في النهاية إلا تحقيق الإرادة النافذة والفعالة بجعل العالم كله يرزح تحت
إدارة منظمة عالمية يسميها كاتب هذه السطور باسم:(( مجلس علماء العالم)) تحل محل مجلس الأمن الحالي وتشرف وتدير منظمة الأمم المتحدة التي يجب النظر في هيكلها الإداري والتنظيمي من جديد.
وهذا المجلس مؤسسة علمية عالمية كبيرة تضم كل العلماء والمع المختصين في مجالات العلـــوم والقانون والاقتصاد والاختصاصات الحيوية الأخرى وتهيمن على كل المنظمات الأخرى التي تكون بمثابة الوزارات المختلفة للدولة التقليدية، إن هذه المنظمة حتمية الظهور سواء قبلت حكومات العالم بذلك أم لم تقبل ومنظمة اليونسكو الحالية هي نواة هذا المجلس الذي هو بمثابة الدماغ وملحاقته العصبية في جسم المجتمع البشري، ولا توجد أي مشكلة عدا تحديد الساعة التي يتحرك بموجبها علماء العالم لبناء منظمة تمسك السلطة الدولية ، خصوصا وان ليس هناك في هذا العالم من يرسم للبشرية أي خطة أو استراتيجية معتمدة لعالم ما بعد حرب عالمية كارثية مدمرة ،فلو افترضنا نشوب حرب كبرى من جديد فان صورة انشغال الدول العظمى بلملمة جراحات الضربات النووية المدمرة التي ستوجه الى مفاصل الاقتصاد العالمي تحتم توقع ظهور قوى عظمى جديدة لم تتأثر بهذه الحرب لتهيمن على الساحة الدولية من جديد ، فإذا كان نظامها من الأنظمة الشمولية تكون البشرية قد عادت الى الوراء وعليها أن تعود من جديد الى البناء السياسي المؤسسي.. أو تكون نظاما لاشمولياً لكن تهيمن عليه قوى اقتصادية متنفذة في العالم ،ويتوقع كاتب هذه السطور إن على منظمة اليونسكو تقع مسؤولية رسم سيناريو للبشرية من هذه اللحظة لعالم ما بعد الحرب العالمية الثالثة، وذلك ببناء هيكل علمي عالمي يظم كل العلماء في هذا العالم وهو (( المجلس العلمي العالمي))
إن من يلاحظ الطاقات والإمكانات التي يزخر بها المجتمع البشري يجد أن الإنسان لا يحتاج للحياة الكريمة إلا توزيعا عادلا لثروات هذا العالم ، إن نشوب أي حرب عالمية والتي نجدها حتمية مع الأسف الشديد الإشارة لساعة الصفر التي يجب أن ينتهزها علماء العالم لإعلان السلطة العلمية الثقافية التي تراعي ثقافة الشعوب كافة في العالم وتعطيها حق اختيار نمط الحكم الذي تريد، هذه المنظمة ستتطور بمرور الأعوام لدمج البشرية في نظام الجمهورية العلمية ..جمهورية العقل البشري نبي هذا الزمان..جمهورية الإنسان الأعظم ، حيث تتحق نبوة (( الإنسان الكامل المركب)) .


المنتظر الموعود


لدى اليهود يسمونه ( داود) الذي سيمد جناحيه من النيل إلى الفرات..ولدى المسيحيين هو عيسى الذي سيقوم بقيامته …أما لدى المسلمين فهو ( المهدي ) الذي سيملؤها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا……!!!
هذه هي رموز أمل الشعوب المنكســرة يعبر عنها الوعي الجمعي للشعوب والأمم للإشارة إلى المنقذين بصورة
مستوحاة من الماضي بعد أن يأس الناس من المصلحين اللذين ينبثقون من واقع الحياة الاجتماعية..فعلى سبيل المثال لم يكن المسيح مرحبا به في بني إسرائيل وقالوا: له أنت نعرفك .. والمنتظر الموعود لا نعرفه!
وكذلك الحال مع الرسول محمد ..( عهدناه يرعى لنا الغنم في شعاب مكة).. إن من يتأمل التاريخ بعناية يجد أن كل مصلح اجتماعي يعاني من أبناء جلدته لأنهم عاشوا معه اغلب حياته ولذلك تنجح دعوته في بلاد غير بلاده.. حتى قال المسيح : الحق أقول لكم …ليس نبيٌ بلا كرامة إلا في أهله ووطنه!!
فمحمد ما أقام دولته إلا بعد الهجرة من مكة مسقط رأسه..وكذلك المسيح ما ارتفع لواء دينه إلا خارج بني إسرائيل (الدولة الرومانية) …. أن المجتمع البشري ليس بعاجز عن إنجاب الرجال الرجال والعلماء اللذين تكون لهم القدرة على إدارة هذا العالم خصوصا وهو عالم الجماعة والمؤسسات وليس عالم الأفراد كما في الماضي..عالم تحركه المصالح لا الشعارات والأهواء كما في السابق..إن الكاتب يرى أن علماء العالم لا يحتاجون إلا من يطلق لهم الصيحة بالحق:( يا علماء العالم …اتحدوا..لن تخسروا اكثر من أغلالكم) والمسؤولية تقع على كل العلماء :في الدين والطبيعة والطب والمجتمع والاقتصاد والسياسة وغيرها من العلوم والآداب الإنسانية..إن رؤية البرنامج الإلهي رؤية ميثولوجية (أسطورية )كالموجدة عند اليهود والنصارى والشيعة من المسلمين هي رؤية سلبية تكبل طاقات المجتمع الإنساني الشعبية المثالية لتتركها للانتهازيين للتسلط على رقاب الأمم،فالمسيح المرتقب هو مجمل طاقات المجتمع الإنساني وكذلك الحال مع داود اليهود أو مهدي الشيعة ،على الناس أن يفهموا انهم هم اللذين يتحملون مسؤولية التغيير وتعيين الأنسب من بينهم لتولي السلطة وفي هذا القرن بالتحديد..قرن الدجتالDigital(الرقميات) لا يوجد حاكم بعينه يحكم البلاد..وعلى سبيل المثال فان اعظم دولة في العالم في هذا القرن لا يحكمها فرد معين (الولايات المتحدة) ورئيس الجمهورية موظف يخضع للضغط وتحديد القرارات والإقالة في بعض الأحيان كما حدث مع كلنتون،حتى لو كان لذلك المسيح أو المهدي أي وجود فسوف يكون له دور ثانوي في تقرير المصير والنظام في عالم اليوم…لقد تطور هذا العالم وفق البرنامج الإلهي وليس الوضعي كما يحلو للبعض من الذين يعيشون في رومانسيات التاريخ أن يسمونه..


المنطـــــق


إن المنطق الجدلي الكلامي نافع في السابق لكنه لاينفع في الوقت الحاضر لأنه يكرس الأخطاء كما يقول ديكارت،ومنهج البحث العلمي هو منطق هذا الزمان ولاشيء سواه ومن يتدبر الكتب السماوية وخصوصا القران يجد انه مهْــدُ المنطق التجريبي الذي أخرج أوربا من ظلمات الكنيسة إلى نور الحقيقة في هذا العالم .
السلف الصالح والمجتمع الإنساني المعاصر
هل تعلم أخي الإنسان والمسلم بالتحديد إن أول خطا في مفهوم الحركات السلفية هو اسمها نفسه..؟؟!
هل تعلم إن الذين حاربوا الأنبياء هم دعاة السلفية في زمانهم..؟؟ ( وجدنا آباءنا على امة وإنا على آثارهم مقتدون)!!
وما تسمية السلف بــ(الصالـــــح) إلا مناورة لاجتياز تلك الوصمة وذلك المنهاج الذي حارب كل نبي ومصلح في زمانه..!!
لم يأت عيسى بالتوراة كتاب موسى بل جاء بالإنجيل مع انه يهودي على دين موسى بالأصل…ولم يأت محمد بالإنجيل مع انه مسيحي أصـــلا بل جاء بالقران …(وقد ذكر ذلك في القران : الم يجدك ضالا فهدى؟)
فلما يريد الكل إيقاف عـــجلــــة تطور الفكر البشري بادعاء صحة دين على الآخر……؟؟؟؟
الحق الحق أقول لكم……لا يوجد اليوم أي دين صحيح …عدا دين العقل البشري وفكره العلمي المعاصر ..ولا ادعي النبوة لان زمن الأنبياء قد ولى …لكن(( الإنسان)) ومسيرته العلمية المجيدة هي نبي هذا الزمان…من شاء فليؤمن ومن شاء( يخبط راسو في الحيطة) عل ذلك يحدث له ذكرا…
إن هناك مسالة مهمة قلما يتعض بها السلفيون في الإسلام وهي إن التشريع الإسلامي اغلبه مأخوذ عن الرسول (السنة)فلماذا لم ينزل الله كل الأحكام في القران ؟
إن الله له القدرة على إنزال القران على آدم ويكون كتابا تاما وعاما وشاملا يكمل به الدين وتتم به النعمة الإلهية على الناس..؟
القضية باختصار..إن الفعل الأول والأخير في الحركة الإصلاحية الاجتماعية سواء كانت مدعومة من السماء مثل الأنبياء أو ذاتية المنحى و الإرادة الإصلاحية مثل اغلب المصلحين على مر التأريخ هو فعل إنساني وإرادة إنسانية والدور الإلهي فيه هو دور تدعيمي ليس إلا..!
فمحمد يخاف أن يوجب السواك على أمته..!وكأنه هو الذي شرع الدين..؟؟!!
أليس هذا غريبا على الفكر السلفي بصورة خاصة والإسلامي بصورة عامة؟؟!
نعم هو غريب لكنه طبيعي ..والله يحترم المجتمع الإنساني ويعتز بتطوره وتقدمه ولأجل ذلك خلقه وإلا ما كان ليسجد له الملائكة ..كان الفكر الاجتماعي سابقا يتمثل في شخصية النبي فقط وهو الذي يتحرك بالأمر الإلهي أما في عالم اليوم فهو في مجمل علماء العالم لان العالم اليوم واعيٌ يعرف الكثير ولا يتحرك بالأمر الإلهي،كان عالم ألامس جاهلاً متخلفاً من الناحيةِ الفكرية والعلمية لذلك كان الأمر الإلهي واجب.. وفي عالم اليوم ليس الإنسان بعاجزٍ عن معرفة الحق والحقيقة في القوانين والتشريعات ولذلك خلق الإنسان وإلا ما كان ليستحق السجود من قبل الملائكة،ويعترف كاتب هذه السطور إن هذا الموضع من الحديث خطير ويصعب تقبله ..لكنها الحقيقة التي سنها الله في كتابه يوم خلق السماوات والأرض..وللحديث فيها شجون.


القوانين الاجتماعية والتكليف الشرعي


إن هذه المسالة بالذات هي محور النقاش ،إذ أن الاعتقاد بوجود تكليف شرعي واجب الأتباع من قبل الخالق العظيم على لسان أنبياءه المرسلين هو جوهر الخلاف بين الأنظمة العلمانية والأنظمة الإسلامية،لا اعتراض على أي توجه وإنما على الأساليب ونعتقد أن في المسالة سوء فهم لا أكثر..!
فوجهة النظر الإسلامية المعاصرة باختلاف تياراتها واتجاهاتها تتفق على إن الرجوع إلى القران والسنة المأخوذة عن الرسول هي النظام الواجب إتباعه من قبل البشر في كل العالم..ولكون الدين الإسلامي هو آخر دين توحيدي فمن المنطقي أن تكون له الأولوية في الإتباع..لكن ذلك سيقود بالنتيجة إلى الاستنتاج بان الإنسان قاصر وتجب الوصاية السماوية عليه،فالعقل البشري لا يمكنه الإحاطة بكل الخفايا الكونية وما له منها وما عليه..وعلى سبيل المثال يقول المشرع الإسلامي إن فرض صلاة الصبح بركعتين ذو علة مجهولة لايمكن إدراكها ..فلما لم يجعلها الله خمس ركعات ؟
إن كاتب هذه السطور يعتز بالفكر الإسلامي ومثاليته لكنه يتساءل: من الذي قال إن في ذلك علة ؟
وهل كانت الصلاة في الديانات السابقة بنفس الطريقة والركعات؟!
إن العقل البشري في الوقت الحاضر في مرحلة نهوض ..وقضية الإيمان بماضي عمره آلاف السنين مسالة تربك العقل البشري ومنهجه العلمي القائم على أساس الدليل العلمي ،والرأي العلمي الذي يطرحه الكاتب في هذه المسالة بالتحديد ( الركعات) إنها تدريب سيكولوجي Psychological Exercise يهدف إلى ترويض نفوس المسلمين أولا وإيجاد منفذ سلوكي لمراجعة الذات عن طريق الصلة مع الإله للتخلص من ترسبات الحياة الاجتماعية اليومية ثانيا ..والدين الإسلامي يؤكد على إن أهم شيء في الصلاة هو الحضور الفكري فيها ،ويستهجن الكثير من العلماء المسلمين في هذا المجال قضية أن تكون الصلاة مجرد حركات !
وبالتالي تتلخص الصورة الأخيرة بان الصلاة ( تدريب أساسي نفسي ذو أهداف حياتية صرفة) ..؟
ووجه الاعتراض على هذا الاستنتاج قد يكون: إن للصلاة أهدافا لا تنجلي إلا يوم القيامة..فتارك الصلاة له من العقوبة كذا وكذا في جهنم ..،
كيف يمكن للمرء تخيل إن الذي خلقه إلها متعجرفا إلى درجة انه يدخله إلى جهنم لأنه ترك الصلاة…؟
وهذه هي علة التخلف في المجتمعات الإسلامية…لان الإله الذي يعبدونه أصلا …متخلف, فرب البيت ناقر
والبقية ترقص……!!!
الإله الذي يخلق الخليقة دون إذن من احد …لا تجب عبادته أبدا …يمكن عبادته باعتبار أخلاقي يرفع من مستوى الإنسان لكنه لا يدخل الإنسان في مقام الخطيئة أبدا……!!
ما هي الصلاة؟
وهنا نعود إلى رؤية العقل البشري ( الفكر الاجتماعي) في حقبة الرسول العربي والبيئة العربية بالتحديد في ذلك الوقت التي ينبغي الحديث معها بلغة خاصة تختلف عن لغة هذا الزمان ، فالصلاة وبما إنها الأساس في الدين الإسلامي فمن الطبيعي أن تنهار إنسانية كل من لم يؤديها لأنه سينقطع عن محاسبة نفسه لفترة طويلة جدا مقارنة مع الذي يؤدي الصلاة بالمواضبة وبالتالي فالذي يدخله في جهنم السلوك المترتب عن ترك الصلاة وليس ترك الصلاة نفسه..ولو إن إنسانا قويم السلوك لا يؤدي الصلاة فمن الممكن أن يسمى إنسانا في ملكوت الله ، لكن من هذا الذي بإمكانه أن يبقى قويما دون مراجعة ذاته والاعتراف بالخطأ أمام ربه..؟ إن تصور بعض الناس إنهم قد تكاملوا خطأٌ فاضح ..ومن يلاحظ السلوك البشري ملاحظة علمية يجد انه مبني أساساً على القصور مهما بلغ من الإمكانيات لان غاية خلق الإنسان على هذه الأرض هي التكامل بالمجتمع وليس مع الذات وذلك على الأقل في هذه الحياة ولذلك فليس لأحد حق ادعاء الكمال والادعاء بحد ذاته نقص.
وبالتالي فان التكليف ( الاجتماعي) المطلوب من البشر في هذا الزمان هو إيجاد صيغة أو نظام حياتي دوري يظمُن مراجعة الأشخاص لذاتهم كل يوم وكل ما فيه من سلوك بالاظافة الى اتباع ((التشريع العقلي الإنساني)) والذي يبت في أمره علماء الجنس البشري قاطبة،علما إن الإنسان يحتاج بصورة فعلية الى بناء سلوك على أساس الصلاة ومفهومها في كل الديانات ..وهو الوقوف بين يدي الله وتبقى المسالة هنا مسالةُ يقينٍ واعترافٍ لابل وإقرارٌ بوجودِ وقدرةِ وعدلِ الخالق.
وهنا نصل إلى نقطة التقاطع بين العلم والدين: (( طلب الخير للإنسانية)) ،وسوء الفهم هو الذي أدى إلى هذه الحرب الفكرية بين الأنظمة العلمانية والدينية بصورة عامة ،فكل طرف يحاول إثبات صحة نظريته على حساب الآخر ..أما كاتب هذه السطور فيرى أن نظاما علميا ( أو دستوراً) يأخذ في الاعتبار فضائل الدين وقوة العلم لهو نظام جدير بالثقة والاحترام تحت أي مسمىً ما دامت غايته العدل الذي يستنبط على أساس علمي تكون المعادلة التشريعية الأساسية فيه هي:
تحريم أو منع كل ما هو ضار بالمجتمع البشري بصورة عامة والفرد في هذا المجتمع بصورة خاصة وتحريم أو منع كل شيء ضرره أكثر من نفعه والنظر في إباحة كل ما نفعه اكبر من ضرره على الفرد والمجتمع.
وهذه المسالة طبيعية في كل الديانات السماوية وبالخصوص القرآن ( آخر تعليمات الخالق) ومسالة معالجته لقضية الخمر والقمار.إن التشريعات الحديثة في الأنظمة العلمانية قد لاتكون مبنية على أسس علمية وإنما هي في الغالب ديمقراطية البناء، وهذا أيضا مخالف للمستوى المطلوب ،يجب أن تكون الشريعة والقانون القضائي والبناء السياسي على مختلف مستويات المجتمع المدني المعاصر مبنية على أساس البحث العلمي ،وبالطبع فان المجلس العلمي العالمي تقع عليه مسؤولية تأسيس اللجنة العلمية القانونية وبالتأكيد فان المسار التشريعي سيكون طويلا وهائلا لكنه في النهاية لابد وان ينتهي إلى بناء قانون دولي كبير تحلم به البشرية منذ عهود طويلة.
الحياة والموت وما بعدها في رؤية علمية
إن قداسة وعظمة الإله العظيم مسالة لاغبار عليها في نظر العلم والعلماء وكل الناس لكن وجه تقديس الإنسان هو المجهول..!
ونعرف اليوم أن قيمة الإنسان عقله فهو أساس سلوكه ،ولهذا فالعقل هو وجه القداسة التي يجب أن تُقدَس وتحترم ومسالة عدم إدراك العقل البشري لحد الآن أي دليل عن وجود حياة بعد الموت لايعني بالظرورة إثباتاً لقصوره كما يحاول البعض بيان ذلك،وكما قلنا إن الإنسان( المجتمع الإنساني) في مرحلة نمو وعقله كذلك ولابد له من التمرس بالاعتماد على نفسه وذلك يتطلب منه أن يخطئ !
نعم لابد له أن يخطئ ..ولابد للكل من احترام المجتمع الإنساني حتى لو اخطأ ما دام هدف مسيرته الطويلة هو تحقيق السعادة للمجتمع البشري،على الجميع أن يسلّموا بأن المجتمع الإنساني في مرحلة نضج واعتماد على الذات في كل شيء وهو يتقدم يوما بعد يوم ليصبح سيد هذا الوجود بكل ما فيه ،وذلك لن يتحقق ما لم يصبح هذا المجتمع مثاليا ،لان الذي خلقه يراقبه ومن الممكن أن يدمره بالكامل إذا ما خرج عن المسار الذي قدره الله له!
فإذا كانت هناك حياة بعد المـــوت فمصــــــــــيره أن يعرف ذلك وبالتفصـــيل الممل..وبما أن مسالــــــــة وجود وعظـــمــــة الإلـــــــــه مسلّــمــــة علــــمــــــــــيـــــة ، فان عدله حتمي ..ولن يفلت منه مارق،
لكن هل هناك من دليل على احتمال وجود حياة بعد الموت؟
إن من يلاحظ تطور الفيزياء النظرية يجد إن الكثير من الحقائق العلمية غامضة الأسس وقد تخرج عن نطاق التصور العقلي في بعض الاحيان مثل معادلة هايزنبرك التي تصف زخم وموقع الإلكترون ونظرية إينشتاين النسبية التي استنتج العلماء منها وجود البعد الزمني ..فمعادلة هايزنبرك تظهر سلوكا شاذا للإلكترون يتمثل بتعدد احتمالات تواجده في زمن معين بأماكن مختلفة وكذلك النسبية وبعدها الرابع فهي تعني وجود نموذج أو موديل كوني يسميه العلماء بالنموذج المزكرش وهو باختصار نموذج لقرص(CD) ليزري كوني عملاق مسجلةٌ فيه كل الأحداث الكونية والأغرب ما في ذلك إنها ليست مسجلة فيه كتسجيل وهمي مثل الأقراص الليزرية المألوفة وإنما الأحداث فيه مخزونة بهيئتها ثلاثية الأبعاد !
أي إننا جزء من نموذج تسجيلي متطور لم تدرك الإنسانية مثله بعد!
ومن يتأمل ذلك يلاحظ وجه التشابه بين الواقع الحياتي وألعاب Play station أو الكومبيوتر!؟
نعم ، وفق هذه الرؤيا فان الحياة لعبة ثلاثية الأبعاد ،وهناك عالم حقيقي يقع ما وراء هذه اللعبة..
ولوعدنا الى قصة آدم أبو البشر وكونه إنسانا جاء الى هذا العالم من عالم آخر فان الصورة تتضح بان ما يسمى سابقا بالشجرة المحرمة التي جلبته لهذا العالم ما هي إلا فجوة أو نظام كوني معين نقله من عالم الحقيقة ……… نعم, يظهر من ذلك إن القضية اكبر من تصورنا نحن……لكنها ليست اكبر من تصور الأجيال المقبلة.



#داود_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دولة امير المؤمنين الاسلامية ونهاية الولايات المتحدة الامريك ...
- ثورة المستقبل
- محمد بن عبد الله المصلوب في تاريخ الاسلام
- فلسطين في معادلة القدر
- الخطيئة الكبرى والخطيئة الصغرى


المزيد.....




- هجوم حاد على بايدن من منظمات يهودية أميركية
- “ضحك أطفالك” نزل تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ج ...
- قائد الثورة الإسلامية يدلى بصوته في الجولة الثانية للانتخابا ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف 6 أهداف حيوية إسرائيلية بص ...
- -أهداف حيوية وموقع عسكري-..-المقاومة الإسلامية بالعراق- تنفذ ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- المقاومة الإسلامية بالعراق تستهدف قاعدة -عوبدا- الجوية الاسر ...
- “وفري الفرحة والتسلية لأطفالك مع طيور الجنة” تردد قناة طيور ...
- “أهلا أهلا بالعيد” كم يوم باقي على عيد الاضحى 2024 .. أهم ال ...
- المفكر الفرنسي أوليفييه روا: علمانية فرنسا سيئة وأوروبا لم ت ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود ابراهيم - دين في زمن العولمة