أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود ابراهيم - الحتمية التاريخية وطريق إصلاح المجتمع الإسلامي- الحلقة الثانية















المزيد.....

الحتمية التاريخية وطريق إصلاح المجتمع الإسلامي- الحلقة الثانية


داود ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 1058 - 2004 / 12 / 25 - 08:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بين الأممية الكونية والأمة الإسلامية...ما هو موقع الأمة في خارطة الحضارة البشرية في عالم الغد؟

هل يحق لنا قتل الروابط الأسرية والعشائرية المتلاحمة بالقيم الدينية في المجتمعات الإسلامية لأجل خدمة الأجيال القادمة؟
مالذي تقوله الحتمية التاريخية في ذلك؟
إن الذي يحدونا بالإجابة على هذا السؤال هي النظرة الأممية لا النظرة القومية..المجتمع البشري ليس مجتمعا هلاميا ذو قالب واحد إنما هو أنسجة حضارية...!!

صدام الحضارات ..والحتمية التاريخية

يقول هنتنغتون في كتابه ( صدام الحضارات )
السياسة الكونية يعاد تشكيلها الآن على امتداد الخطوط الثقافية، الشعوب ذات الثقافات المتشابهة تتقارب والشعوب والدول ذات الثقافات المختلفة تتباعد، الإنحيازات التي تعتمد على الأيديولوجية والعلاقات مع القوى الكبرى تفسح الطريق لتلك التي تعتمد على الثقافة والحضارة

ويعود الباحث ليسال هذا السؤال :
فلماذا تُسهل العوامل الثقافية المشتركة من عملية التعاون والتلاحم بين الناس؟
إن الذي يتوصل إليه الباحث في النهاية، هو أن الفرد البشري بدا يشعر بالحاجة إلى هوية ثقافية لتأصيل الذات وتأكيد علاقته مع الآخر..على انه ( هو ) أو ( هم ) ونفسه ( أنا ) أو (نحن)..فمن وجهة نظر ( هنتنغتون) إن ذلك سيجر في النهاية إلى التصادم...وربما صدقت الإدارة الأمريكية هذا الرأي، وعجلت بهذا الصدام مع الإسلام ، وعلى الأصح فان ( الأصولية ) الغربية والإسلامية متورطة في هذه التوجهات..لكن الأصولية لم ولن تكون حالة عامة سائدة في الجنس البشري كي تؤدي إلى حتمية الغابة الصدامية التي يكون فيها البقاء للأصلح ..!!
وعلى الرغم من كل ما قاله هنتنغتون حول ( صدام ) الحضارات..فان الرجل يمثل نفسه فيما قال و يمثل رأي الأصولية والتطرف في الغرب وكذلك الدعاة المتنادين بالإسلام ووصايته الإلهية على البشر.. إنما يمثلون تطرفا موجودا في الأمة الإسلامية ولا يمثلون جوهر الرسالة التاريخية للحضارة الإسلامية في الشرق الأوسط ، هناك صدام..لكنه عابر وبسيط إذا ما قورن بما يحدث على أرضية الانسجام و ( التكامل الحضاري ) الذي ينمو ويتطور ويعتمد كمفهوم يتسرب إلى ذهن الإنسان المعاصر بالتدريج على مر الزمن..هناك في النهاية دولة للإنسان ..!!
وبالتالي فالسؤال ( بصياغة أممية ) ...هل يحق استئصال النسيج العربي الإسلامي( كفكر ) من خارطة المجتمع الإنساني ؟
ظهرت سلبيات معاصرة في هذا الفكر...لكن ذلك لا يعني أبدا...إن المنظومة البشرية ستبقى سليمة وتسير بخطى طبيعية حتى النهاية بدون الفكر الإسلامي المؤثر من حيث ندري ولا ندري في عالم اليوم...هناك قوانين اجتماعية بيولوجية متعددة تحكم هذا النوع من التحليل نذكر منها على سبيل المثال ما جرى في إحدى الغابات الأمريكية مطلع القرن العشرين .
حيث لا حظ علماء الحيوان إن نوعا من الغزلان النادرة في إحدى الغابات من الممكن أن يتكاثر إذا ما تم القضاء على كل الذئاب في الغابة....!!
وبالفعل...تم تنظيف الغابة من الذئاب...وتناسلت الغزلان إلى درجة ...إنها قضت على الغطاء النباتي للغابة...وبدأت بالهجرة...والكثير منها مات جوعا..!!
لان التوازن الطبيعي قد انعدم... مما اضطر البيولوجيين إلى إعادة الذئاب..وعاد التوازن..بين الغذاء والغزلان..!
إنها ببساطة...قوانين الحتمية التاريخية..والتي يكون قانون التوازن الطبيعي جزءا منها..وفي عالم اليوم يمكن أن نقول :
إن الفكر الإسلامي ( المتخلف بنظر الغرب ) هو ببساطة عامل ( توازن ) مهم لرد الإفراط في تنامي الحضارة البشرية التي تحاول عبثا الخروج عن ( قوانين ) الحتمية التاريخية...لكن هيهات !
فزواج المثيلين ( الذي لا يحدث حتى في الحيوانات ) خارج إطار الحتمية...!!
وبالتالي فوجود فكر ما تبقى من الحضارة الإسلامية هو أهم عامل يذكر الحضارة البشرية المعاصرة بحدود وخطوط حمراء لايمكن تجاوزها في العلاقات التي تحكم المجتمع البشري...والدليل على ذلك إن أهم افرازات الحادي عشر من سبتمبر ..هي تحول الخطاب السياسي الأمريكي إلى خطاب ديني ..وكانت أهم وعود بوش في حملته الانتخابية سن قانون يمنع زواج المثيلين ..!!
إن الإسلام ( بغض النظر عن مصدره ) عامل إيقاض للشعوب الإسلامية وغير الإسلامية على حد سواء
ما هو وجه العالم بدون الحضارة العربية الإسلامية ؟؟
إن عالم ينمو باضطراد...مغرور بإبداعاته...من المؤكد سيحاول الخروج عن اطر ( طبيعته ) وغايته البيولوجية ( العليا ) المنقوشة في سفر الطبيعة الخالد ...
إن هناك ( قصورا ) في قيادة هذا العالم...يتصور الكثير من مثقفي النخبة إن العالم هو عالم المجتمعات الغربية المتحضرة التي تكون نموذجا للمجتمع الإنساني...لكن الحتمية التاريخية ترى غير ذلك ..فالحضارة البشرية تتكون من ( نسيج ) الحضارات التي يؤدي كل منها وظيفته في هذا العالم ، ومثلما هناك قصور في البعد الحضاري التكنولوجي للشرق قياسا بالغرب...هناك قصور واضح في البعد الاجتماعي ( العلاقات الاجتماعية ) التي تربط أفراد الأمة..والمشاعر والأفكار التي تحركهم..بدليل ما يواجه الغرب في العراق من سوء سيطرة على ذلك النموذج الشامل للتركيبة الاجتماعية الشرقية ، حيث ظهرت أمريكا لأول مرة بصورة لم يكن يتوقعها احد...لم يكن صقور البيت الأبيض يعلموا مالذي يواجهونه في العراق..!!!
كل استراتيجياتهم...وكل أبحاث مراكز دراساتهم الشرق أوسطية الممتدة عبر ما يزيد على الربع قرن كلها وقفت عاجزة أمام الـــــ ( Fly Wheel) أو الدولاب الطيار الذي تزيد عظمته عن كوكب الأرض بأسره...هذا الدولاب أو الفلاي ويل يدعى ( الحتمية التاريخية ) وقدا بدا بها البيت الأبيض مثل عصفور يحاول عبثا أن يحط على هذا الدولاب ليوقفه.....لماذا لا تعي الإدارة الأمريكية درس العراق وتعيد ( دراسة التاريخ ) ، وتدرك إن تاريخ الحضارات الشرقية على مدى آلاف السنين هو الذي هزمها في العراق....أو على الأصح جعلها تواجه ما لم تتوقعه من باس ( التاريخ ) الذي جند لها جنودا مجندة....إنها الحتمية التاريخية التي لا تقهر..!
وبالتالي...فمن هو المؤهل لقيادة العالم ؟
إن من يحترم حتمية التاريخ...وخصوصيات المجتمع وثوابته التاريخية التي لم تنشا اعتباطا هو الذي سيتمكن من قيادة هذا العالم...وما تسير عليه أمريكا في محاولة استئصال الفكر الإسلامي من الشرق الأوسط عبث في عبث..لان العالم بأسره يسير وفق ( خطط ) طبيعية ما كان ماركس وفكره على سبيل المثال ليكون في حيز التطبيق لولا مراعاته لقوانين هذه الحتمية ..وما أن خرقت هذه القوانين حتى حلت لعنتها التي لا سمعٌ لها ولا بصر..!!
كذلك محمد النبي العربي الذي سار و فق هذه القوانين فكان الإسلام وكانت حضارته...وإذا تنبهنا لعيسى ومثاليته التي لم تكن تحترم الحتمية التاريخية نكتشف السبب ببساطة عن عوامل إخفاقه في حياته...و نجاح الرسل من بعده ( الذين ساروا وفق شروط الحتمية التاريخية ) ...والنظام الرأسمالي نفسه عبارة عن جملة من تحصيلات هذه الحتمية في تبلورها بالواقع الاجتماعي ...لكن ما أن يبدأ نظام ما ..في وقت ما بالخروج عن اطر هذه القوانين حتى يبدأ ذلك النظام بالتداعي والسقوط في حضيض التلاشي..ولم يصمد أي نظام طويلا بعد خروجه عن هذه الأطر عدا النظام الرأسمالي..كونه أصلا منبثق من واقع الحتمية التاريخية...لكن إلى متى تبقى الحتمية التاريخية رأسمالية ؟
إن الحتمية التاريخية..متغيرة متطورة..تنمو بنمو المجتمع الإنساني..وراس المال عبارة عن مرحلة نهوض لتثبيت دعائم المجتمع الإنساني العصري الذي تحتمه ( الحتمية ) ..لكن ما أن يبسط العقل البشري نفوذه حتى يزاح ستار الرأسمالية عن العالم...ليكشف الصورة الجوهرية لحتمية التاريخ...فما هي هذه الصورة..؟؟
قبل أن نعرف بهذه الصورة...نود أن نذكر إن هذا الكلام..كله يقع ظمن إطار نظرية ( الحتمية التاريخية) باعتبارها ذلك الدولاب الطيار ( فلاي ويل ) الذي لايمكن لأي قوة في العالم إيقافه مهما علت وتعالت..ومهما امتلكت من تكنولوجيا لان المجتمع البشري يسير وفق عامل التطور الإنتاجي الذي بات يشير بوضوح إلى إن الحقبة المقبلة من مراحل تطور الإنتاج هي مرحل الاقتصاد السياسي أو السياسة الاقتصادية ( حكومات التكنوقراط ) ..وهي صورة المرحلة التاريخية المهمة المقبلة من مراحل التطور الحتمية والتي بدأت أولى بوادرها مطلع القرن العشرين في الولايات المتحدة الأمريكية..وهي آخر مرحلة من مراحل الرأسمالية .
الطريق إلى الإصلاح...يبدأ من عمق الوعي التاريخي للشخصية الإسلامية:
الرسول محمد والإله الأعظم
إن هناك فرقا جوهريا بين الرسالة الإسلامية والمسيحية في ظروف النشأة وطريقة الانتشار..أهم عوامل هذه الفروق هي إن احد الرجلين ( محمد وعيسى ) كان واقعيا يسير بمناهج الحتمية لذلك حقق إنجازات تاريخية مهمة...وكذلك شابت مراحل تطبيق نظريته أخطاء متعددة ( وهي طبيعية ) ألا وهو النبي العربي محمد...لذلك أنشا الدول الإسلامية..فالمسيح كان نجارا أما محمد فهو ( تاجر ) أو رجل أعمال....!!
بمعنى انه كان يفهم جيدا لغة الدولاب الاقتصادي الطيار الذي يسير بموجبه المجتمع والتاريخ البشري..( فيلسوف مدرك للحتمية ) عكس المسيح ( فيلسوف متعالي عن الحتمية..التي تعالت هي الأخرى عليه..فالحتمية لا تحب الذين يتعالون عليها أبدا ..!!)، يمكن استخلاص هذا الرأي من لا وعي الرسول محمد نفسه ( رافعك ومطهرك من الذين كفروا) فلماذا رفع المسيح ولم يرفع محمد ؟
لان الأخير ببساطة مدرك إدراكا تاما للحتمية التاريخية..التي كانت إلى جانبه لما يمتلك من مقومات في ذلك الوقت..ترى هل يستطيع ( محمد ) نفسه لو عاد إلى الحياة اليوم أن يعقد لواء العالم بين يديه كما فعل وأصحابه في السابق ؟
لا يمكنه ذلك مهما كانت الملائكة التي هي عن يمينه أو شماله..ما لم ( يحترم ) قوانين الحتمية التاريخية..إن محمدا جديدا لهذا العالم..يحتاج أن يكون تكنوقراطيا لا تاجرا فقط..!
و التكنوقراط شخصية تجمع بين ( العلمية ) أو شهادة التخصص العلمي مصحوبة بالامتياز التطبيقي والسيرة العملية الناجحة إلى جانب الكفاءة الإدارية والسياسية التي تختبر في المراكز العليا للدولة..وعلى الرغم من كل ما يدور من شبهات حول التكنوقراط الأصولي في الغرب، فان التكنوقراط الكوني في عالم المستقبل سيختلف كليا عن الموجود في أمريكا اليوم ، فلحد الآن لا توجد ( عقيدة ) علمية أخلاقية تكنوقراطية على غرار الماركسية ، وعلى الرغم من إشارة ( سان سيمون ) لعقيدة الصناعيين إلا إن الفكر البشري توقف فجأة عن الإنتاج الفلسفي الواقعي لأسباب عدة منها ( انتفاء الحاجة ) إلى واقع التأمل العميق الذي ساد في شخصية الإنسان في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين..( أجواء الفلسفة ) وتحول إلى عصر السرعة والتفكير المستعجل القريب جدا من الغريزة والبعيد كثيرا عن الأخلاق..ولعل ذلك من أهم الأسباب المهملة التي قلما يتطرق لها الباحثون عن أسباب الصحوة الدينية في عالم اليوم..؟؟
فالأجيال الجديدة ابعد ما تكون عن الفكر الذاتي المستقل ..لأنها وليدة مجتمع منظومات ،وبما أن الاعتقاد حاجة كما هو معلوم..لهذا فالأجيال المعاصرة لجأت إلى التاريخ كنسخ سهلة القراءة والحفظ عن الآباء بدلا من البحث عن شخصية ذاتية خاصة وعقيدة مغايرة، لذلك فالإصلاح يتطلب مواجهة التاريخ...!!
وكشف الأخطاء التي تخللته وإزالة ستار العصمة وبرقع القدسية الذي برقع السلف به تاريخ الإسلام في نفس الوقت الذي نؤكد فيه الدور الأساسي للإسلام في عالم المستقبل( قد يظهر هنا التناقض..لكن جوهر القضية لا يناقض الإسلام سواء أكان سماويا أم وضعيا..لان فيه غاية مهمة هي : الإنسان )
يجب توعية هذا الجيل بان الإسلام..جهد الإنسان..فيه الأبيض والأسود ، وتبقى المشكلة :
من هو الله إذن..ولماذا ترك الإسلام ليخطئ ؟
إن شخصية ( الإله ) هي جوهر كل أزمات الفكر والاعتقاد البشري..فإذا ما بدأت إعادة الصياغة من تعريف الخالق تعريفا عصريا ..تمكنا من صياغة الدين صياغة عصرية..مع إننا بذلك قد نظهر بمظهر المبشرين أو الأنبياء، إلا إن واقع الحاجة الملحة إلى ذلك ( يحتم ) علينا القيام به.



العامل الاقتصادي

هل يحق لنا اليوم التعالي عن حتمية التطور الاقتصادي للمجتمع الكوني الذي بدا بالظهور على خارطة التاريخ والذي تربطه علاقات اقتصادية حساسة ومتطورة عن الماضي..حيث لا تنفع معها تجارة محمد...ولا نجارة عيسى..إلا كفاءات العلم من استراتيجيين ومهندسين ومحترفين التي يجب أن تتوفر في المجتمعات الصناعية النامية والمتطورة كي تصل إلى مراحل التداخل والاندماج بالاقتصاد الكوني الذي فرض نفسه كدولاب طيار لايمكن إيقافه..لتقوم على الأرض بموجب حتمية التاريخ ( المقدسة ) دولة الإنسان ؟
إن التحول إلى المجتمع الصناعي من أهم الحلول في المنطقة العربية أو الإسلامية للقضاء على ميول الطاقات الشابة الشاذة التي تتصور إن كرامة امة الإسلام بالقنابل البشرية.. والعمليات الانتحارية..!!
إن كرامة الأمة الإسلامية..وكرامة أي امة في التاريخ هي بما تبنيه لا ما تدمره يا شيوخ ( الأمة ) ..يبقى أن نسال:
ما هو موقع الأمة في خارطة التطور البشري...وما هو عنوانها بالتحديد ضمن أنسجة حضارة المجتمع الكوني التكنوقراطي- العلمي- الأخلاقي المقبل ؟
اعترف في هذا المقام..وهذا الموضع من النظرية..إننا لازلنا لا نشاهد بوضوح تام صورة المستقبل..فامتنا بترولية..استهلاكية..لا صناعية..كلامية أكثر من كونها تطبيقية، الأقوال لدى رجالها تفوق الأفعال آلاف المرات..رومانسية ، ما هو موقعها في عالم الغد ..؟؟
إن ذلك مرهون بما لديها من مواد أولية..وبترول ، إلى متى يبقى بنو الإنسان على البترول معتمدين ؟
بصراحة شديدة..فإنني متفائل جدا بان الضباب الذي في المستقبل سينجلي عن عالم تتركز التكنوقراطية فيه في قلبه...الأمة الإسلامية ...!!!
لما تمتلك من مقومات اقتصادية..بدأت بوادر هذا النهوض في الإمارات العربية...وبالامكان أن يكون العراق رغم ما فيه من ماسي اليوم عاصمة لتكنوقراط إسلامي ، مع إن هذا غريب..ولا يصدق..وحتى لو صدقه عاقل فانه سيكون مفجعا في نظره بمجرد ذكر الإسلام لما في الأخير من ارتدادية وظلامية نابعة من أعراف وقيم ( قديمة )..،، إلا إن عوامل التوازن الطبيعي تحتم وجود عامل ( كف ) وتثبيط في قلب عالم متحضر متطور بسرعة هائلة كي لا يخرج التطور عن مساره الطبيعي الذي قد يقود البشرية إلى الهاوية..!!!
نعم..هذه هي رسالة الأمة..من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ..!!
هذه هي حتمية التاريخ..إن هذه الأمة رقيب كوني ( ضمير ) يعمل كصمام ضبط للسلوك البشري بصورة عامة...وما يثير الدهشة كيف وصلت هذه الفكرة إلى عقل محمد النبي العربي ( جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس )، لا أريد أن أقول إن قرانه كان وحياً يوحى أبداً...لكن محمدٌ ( الإنسان) كان يمتلك حاسة سادسة قوية للغاية ...وبرأيي الشخصي فان تفاعله الوجداني والعقلي الشديد مع قضايا أمته هو الذي أوصله لذلك.
لكن هل يمكن قبول الفكر الإسلامي على ما هو عليه اليوم ليكون صمام ( الضبط ) والضمير اليقظ في قلب العالم المتحضر ؟
إن هذا السؤال وما تشتمل عليه إجابته هو المنطلق الواقعي التطبيقي الذي يجب أن يراعى أولا في ضوء الحتمية التاريخية...فعالم اليوم منفتح..ويجب أن يراعى هذا الانفتاح، فهو عالم يحترم الخصوصية الفردية ..ولا يمكن للدولة التحكم وفرض القانون إلا فيما يتعلق في علاقة الفرد بالآخرين فقط، لكن ما يفعله هو مع نفسه فهذا شانه....فهل تعاد صياغة ( الإسلام ) بقالب موضوعي عصري جديد كي تتمكن الأمة الإسلامية من الدخول إلى عالم القرية الصغيرة لتلعب دور الرقيب الاخلاقي فيه بانسجام واتساق مقبول لدى المجتمع الدولي ؟
وسواء اليوم أو غدا..أو بعد غد..سينفذ صبر ( القدر ) وتعاد صياغة الإسلام الذي هو إعادة صياغة أصلا لديانات قديمة في جزيرة العرب سبقت الإسلام، حينها ومن غير المستبعد أبدا أن نجد الإسلام الجديد يتحول فجأة إلى قيمة ثقافية عصرية يحتذا بها في كل العالم.
ومع إن كاتب هذه السطور مسلم يعتز بهويته الإسلامية..لكنني لا اقصد الانحياز إلى الإسلام ،فاعتزازي وتقديسي الأكبر لهويتي الأممية الإنسانية.. أما الإسلام يمكن اختصاره إلى كلمة عامة علمية وواقعية وكونية في نفس الوقت : العدل والنظام وهاتين الكلمتين يمكن ترجمتهما إلى مفهوم اعم واشمل: حضارة العقل الإنساني..الذي يحترم التاريخ لكنه يجعل المستقبل أولى اولوياته..لان المستقبل هم أولادنا..وهم الأولى في الحياة منا ( كثابت في وجدان النفس البشرية) والمستقبل يقول إن الحضارة البشرية أممية متعددة الأعراق والثقافات، لهذا فمن الخطأ التعصب والتقوقع على أصوليات تجلب الويلات لأبنائنا في المستقبل..سواء أكانت هذه الأصولية دينية أو علمانية..فان العلمانية ..والدين..والأخلاق..والفن كلها عوامل تشكل الحضارة..علينا ان نتقبلها جميعا في عالم المستقبل فالارض فردوس الانسان..



#داود_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موقع الاسلام في القرية الكونية في عالم المستقبل
- متحضرين بلا حضارة
- الحتمية التاريخية وطريق إصلاح المجتمع العربي الإسلامي _ الحل ...
- هذه الارض تدعى كربلاء
- نبيةٌ تدعى الصحراء...رسالة إلى الرسول محمد
- هل ان القران كتاب نافع لادارة حياة البشر؟؟ في سبيل مناقشة مو ...
- البحث عن الشيطان- الجزء الثاني
- البحث عن الشيطان...قصة مفقودة من كتاب الف ليلة وليلة
- احتمالات في مستقبل الشرق الاوسط السياسي والاجتماعي والاقتصاد ...
- امبراطورية الكذب وحكومة الظلام الامريكية
- الله يعبد الحقيقة..!!
- الدين والسعادة في العالم الإسلامي في ميزان علمي سلوكي
- دين في زمن العولمة
- دولة امير المؤمنين الاسلامية ونهاية الولايات المتحدة الامريك ...
- ثورة المستقبل
- محمد بن عبد الله المصلوب في تاريخ الاسلام
- فلسطين في معادلة القدر
- الخطيئة الكبرى والخطيئة الصغرى


المزيد.....




- “أحلى أغاني البيبي الصغير” ضبط الآن تردد قناة طيور الجنة بيب ...
- لماذا تحتفل الطوائف المسيحية بالفصح في تواريخ مختلفة؟
- هل يستفيد الإسلاميون من التجربة السنغالية؟
- عمارة الأرض.. -القيم الإسلامية وتأثيرها على الأمن الاجتماعي- ...
- وزير الخارجية الايراني يصل الى غامبيا للمشاركة في اجتماع منظ ...
- “يا بااابااا تليفون” .. تردد قناة طيور الجنة 2024 لمتابعة أج ...
- فوق السلطة – حاخام أميركي: لا يحتاج اليهود إلى وطن يهودي
- المسيح -يسوع- يسهر مع نجوى كرم وفرقة صوفية تستنجد بعلي جمعة ...
- عدنان البرش.. وفاة الطبيب الفلسطيني الأشهر في سجن إسرائيلي
- عصام العطار.. أحد أبرز قادة الحركة الإسلامية في سوريا


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود ابراهيم - الحتمية التاريخية وطريق إصلاح المجتمع الإسلامي- الحلقة الثانية