إيران الإسلامية تحتمي بالقنبلة النووية

عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4275 - 2013 / 11 / 14 - 14:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

إيران، بالنظر إلى قدراتها واحتياطاتها الضخمة من النفط، ربما تكون من أواخر الدول في العالم التي يمكن تصديق أن هي تحتاج إلى مفاعلات نووية للعمل في أغراض سلمية، التي على رأسها توليد الطاقة. في المقابل، هناك أكثر من سبب يبدو أكثر معقولية وراء رغبة، وإصرار، إيران على المضي قدماً رغم العقوبات الدولية على الطريق النووي حتى آخره- الوصول إلى امتلاك القدرة على إنتاج القنبلة وليس مجرد توليد الطاقة.

حماية نظام مكروه ومنبوذ ومحاصر إقليمياً ودولياً منذ نشأته في 1979. منذ تغلب رجال الدين في إيران وأحكموا سيطرتهم على مفاصل الحكم هناك، بالتزامن مع تفاعلات أزمة الرهائن الأمريكيين في ذلك الوقت، بدء العداء سافراً وفظاً مع الغرب كله وفي القلب منه الولايات المتحدة الأمريكية. وهكذا قد ضمنت إيران الخمينية منذ الأيام الأولى لتأسيسها عداء التكتل الدولي الأقوى من بين الاثنين السائدين في تلك الحقبة الباردة- الشرقي والغربي. ثم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وجدت إيران نفسها شبه وحيدة ومحاصرة وسط محيط دولي متشكك ومتربص وعدائي بازدياد بضغط وتحريض وتنسيق من المعسكر الغربي، لاسيما أمريكا وإسرائيل. القنبلة النووية، أو ربما هكذا قد تصورت النخبة السياسية المتدينة الحاكمة في إيران، قد تساعد مع قليل من الدعم من روسيا وعدد من الأصدقاء الآخرين من أمريكا الجنوبية والمحيط العربي والإسلامي في معادلة وتحييد ولو جانب من هذا الخلل المعلن والمضر في ميزان القوة الدولي.

داخل الإقليم، خاصة على خلفية الحرب العراقية- الإيرانية (1980-1988)، لم تكن العلاقة مع إيران الثورة الإسلامية الشيعية أقل تنافساً وعداءً. معظم الأسر الحاكمة في الدول العربية المجاورة، وبالأخص في السعودية ودول الخليج ذات الحدود المشتركة مع إيران أو التي تحوي مواطنين شيعة، كانت ولا تزال لا تخشى على استقرارها ومستقبلها في الحكم أكثر من الثورات، علاوة على أن تكون إسلامية وذات مذهب ديني منافس ومعادي تاريخياً مع السني السائد حول المنطقة العربية. مجرد وجود نظام حكم إسلامي شيعي في إيران كان ولا يزال يشكل خطراً على وجود جميع الأنظمة الحاكمة عبر الضفة المقابلة من الخليج، والعكس صحيح. إيران، أو على الأقل النخبة ذات المرجعية الدينية الحاكمة هناك الآن، قد ترى في القنبلة النووية ضمانة لها على الأقل أن لا يتكرر التحدي العربي السافر للثورة الإسلامية كما حدث خلال سنوات الثمانينات، علاوة على احتمال أن تساعد في توسعة الثغرة أكبر أمام انتشار وتمدد النفوذ الإيراني عبر المنطقة كما يجري، مثلاً، عبر حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وتنظيمات موالية أخرى في فلسطين، أو حزب الله وتنظيمات شيعية أخرى في لبنان وحول المنطقة.

هكذا، بالنسبة لإيران، تصبح القنبلة النووية ضرورة ملحة لاستعادة توازن القوى إقليميا ودولياً أو، بغير ذلك، قد يصبح استمرار وجود النظام الإسلامي ذاته مهدداً بخطر جاد. كما تجسد بوضوح حالة النظام الحاكم الآن في كوريا الشمالية، العداء المزمن بين دولة إيران الإسلامية ومحيطها الإقليمي والدولي قد أصاب النخبة والنظام الحاكم هناك بحالة مرضية من الخوف والوسواس القهري من تربص أغلب الآخرين بهم واستهدافهم بالذات- عقدة الاضطهاد؟- أدت بدورها إلى ظهور حاجة نفسية قوية ملازمة إلى الارتباط بسلاح قادر على أن يؤمن لهم الحد الأدنى من الحماية والبقاء وسط مثل هذه البيئة المعادية والمتآمرة من معظم الاتجاهات- وبالطبع لا يوجد أفضل من السلاح النووي.


هكذا، وفق الرؤية الذاتية أعلاه، لن تقر لإيران الثورة الإسلامية عين أو يهدأ للنظام ذو المرجعية الدينية الحاكم هناك بال قبل أن تكون القنبلة النووية في حضنه؛ ساعتها فقط قد يستريح ويأتيه النوم الذي، ربما بعواقب أكبر كارثية، سوف يجافي حتماً في نفس اللحظة مضاجع أغلب الآخرين من حوله.

#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل