أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - في آداب القتل الشرعي














المزيد.....

في آداب القتل الشرعي


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4239 - 2013 / 10 / 8 - 08:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في القاعدة، المفترس لا يقتل إلا بغرض الأكل والبقاء حياً. والإنسان، باعتباره حيوان من المفترسات، لا يقتل حيوانات أخرى إلا لأغراض طعامية أو نفعية واضحة، ونادراً ما يمارس هواية القتل تريضاً وترفيهاً. بجوار القتل لأغراض نفعية ورياضية، الإنسان يمارس أيضاً القتل الجماعي في الحيوانات كنوع من الشعيرة الدينية. ليس الإسلام هو الدين الوحيد الذي يشرع الذبح الجماعي لملايين الحيوانات في يوم واحد، ليس لغرض الأكل والبقاء بقدر ما هي لغرض التقرب إلى الله؛ معظم الأديان حول العالم تتقرب إلى آلهتها ببحور من دماء القرابين والأضاحي من كل صنف ونوع.

علاوة على قتل الحيوان، الإنسان يقتل الإنسان أيضاً. وكما، في آداب القتل، يجب على الإنسان أن لا يقتل حيواناً إلا لغرض مشروع مثل الدفاع على النفس أو المحافظة على البقاء، كذلك يجب عليه أيضاً أن لا يقتل إنساناً مثله إلا لمثل هذه الغاية المشروعة. في قول آخر، يجب على الإنسان أن لا يزهق روحاً بشرية إلا كحل أخير لا مهرب منه لإنقاذ روح بشرية أخرى أو أكثر مهددة أو معتدى عليها. هنا تحديداً تكمن إشكالية أخلاقية معقدة ومؤلمة جداً: قتل الروح البشرية المعتدية يمثل فعلاً مادياً ’ملموساً‘ في حين يعد إنقاذ الأرواح المعتدى عليها من الموت مجرد توقعاً ’محتملاً‘، إذ لا يمكن أبداً التأكد على وجه الحسم إذا كان الاعتداء سيقع فعلاً أو لن يتجاوز حدود التهديد، وإذا وقع هل سيسفر فعلاً عن وفاة المعتدى عليه أو مجرد جرح هنا وآخر هناك. بعض الأمثلة توضح أكثر.

في الحرب العالمية الثانية أسقطت الولايات المتحدة الأمريكية من الجو قنبلتين ذريتين فوق مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين، لتقتل في يوم واحد أكثر من مئة ألف إنسان ويموت ويصاب بأثرهما أضعاف ذلك العدد فيما بعد. الحكومة الأمريكية، في تبرير هذا القتل الجماعي المروع، ذكرت أن هو يمثل ’قتلاً مشروعاً‘ قد ساعد بالفعل في إنقاذ أرواحاً أكثر كان يتوقع أن تلقى حتفها لو مضت الحرب في طريقها حتى آخره بالأسلحة التقليدية، لاسيما وأن حصيلتها حتى قبل استخدام السلاح الذري كانت قد جاوزت الستين مليون قتيل من المدنيين والعسكريين. إذا كان الحال كذلك، هل لا يشكل توقعاً معقولاً أن ثمة عدة ملايين أخرى من البشر قد تلقى حتفها إذا لم توقف مثل هذه الحرب الشرسة، ولو بوسيلة تسفر عن قتل أكثر من مئة ألف شخص في يوم واحد؟!

في سوريا مؤخرا، كمثال آخر، لقي أكثر من ألف شخص حتفهم في يوم واحد ضحية استخدام السلاح الكيميائي. رغم ذلك، لم يستطع أحد، ولا حتى المجتمع الدولي، أن يتقص من هذا الفعل الإجرامي البشع. السبب، حسب التبرير الأخلاقي للقتل أو السكوت عنه، أن القصاص لمقتل ألف شخص في ظل توازنات قوى معينة قد يؤدي إلى إزهاق أرواح آلاف مؤلفة أخرى، ومن ثم قد يؤدي القصاص من المعتدي إلى ’موت‘ ضحايا أكثر وليس إلى إنقاذ ’الحياة‘ كما يؤمل.

في مصر حالياً، كمثال ثالث، سقط ولا زال يسقط مئات القتلى من جماعة الإخوان المسلمين والمتعاطفين معهم؛ لكن القتلة، في تبرير لشرعية القتل، يؤكدون أن هذه العدة مئات أو حتى آلاف القتلى من المصريين كان من المتوقع أن تتجاوز حاجز عشرات أو حتى مئات الآلاف، ناهيك عن حجم الدمار المادي والمعنوي، إذا استمرت الجماعة وأعوانها ينخرون في مؤسسات الدولة وينفخون في أبواق الطائفية والمذهبية الدينية.

رغم ذلك، تبقى إشكالية القتل الشرعي أن منظر ولو بضع عشرات الجثث مخضبة بدمائها وملقاة على الأرض يمثل ’حقيقة‘ مؤكدة وملموسة تحزن وتؤلم ضمير الإنسان بشدة بينما يبقى إنقاذ ربما آلاف الأرواح كان يتوقع أن تلقى حتفها لو تركت هذه العشرات لشططها مجرد ’تخمين‘ في الذهن لا زال يحتمل الصواب والخطأ ومن دون تجسيد ملموس على الأرض يهتز له الشعور والضمير.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا الله
- جمال عبد الناصر، خيبة أمل نصف العرب
- القرآن دستورنا
- حاكموا لهم إلههم، أو أخلوا لهم سبيله
- إطلالة من الخارج على المزبلة السورية
- معاقبة التدخل القطري في الشأن المصري
- إمارة قطر، محمية أمريكية أم شوكة عربية؟
- وهم أسلمة الكافر بطبعه
- في آداب الصراع المسلح بين الدولة والثوار
- الدولة الرب
- الإخوان لا يتعلمون الدرس
- على طريق الإصلاح الديني-3
- على طريق الإصلاح الديني-2
- على طريق الإصلاح الديني
- المقدمة إلى الإصلاح
- ليبرالية مفلسة من داخل الصندوق
- خرافة الليبرالية الإسلامية والتفكير من داخل الصندوق
- ليس دفاعاً عن الإخوان
- مشكلة ضمير البرادعي
- عن فوائد الحروب


المزيد.....




- فيديو يُظهر ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت ...
- شاهد كيف علق وزير خارجية أمريكا على الهجوم الإسرائيلي داخل إ ...
- شرطة باريس: رجل يحمل قنبلة يدوية أو سترة ناسفة يدخل القنصلية ...
- وزراء خارجية G7 يزعمون بعدم تورط أوكرانيا في هجوم كروكوس الإ ...
- بركان إندونيسيا يتسبب بحمم ملتهبة وصواعق برد وإجلاء السكان
- تاركًا خلفه القصور الملكية .. الأمير هاري أصبح الآن رسميًا م ...
- دراسة حديثة: لون العينين يكشف خفايا من شخصية الإنسان!
- مجموعة السبع تعارض-عملية عسكرية واسعة النطاق- في رفح
- روسيا.. ابتكار طلاء مقاوم للكائنات البحرية على جسم السفينة
- الولايات المتحدة.. استنساخ حيوانين مهددين بالانقراض باستخدام ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - في آداب القتل الشرعي