أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيصل البيطار - الإسلام السياسي/ ضرورة نظم الإستبداد















المزيد.....

الإسلام السياسي/ ضرورة نظم الإستبداد


فيصل البيطار

الحوار المتمدن-العدد: 4245 - 2013 / 10 / 14 - 19:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ظاهرة الإسلام السياسي ليست جديده، قِدمها قِدم الإسلام نفسه إذ لاحت بوادرها في اللحظه التي مات فيها النبي محمد وإجتمع بعض من صحابته حول جثمانه وآخرون في السقيفه ليختاروا خليفة يتولى إدارة المجتمع والدولة التي كانت في طور التكوين . صحابة النبي تبادلوا السباب وإقتتلوا بسعف النخل وداسوا بطون بعضهم وكل من طرفي الصراع، الأنصار والمهاجرون، يدعي بإحقيته في المركز الأول ولم يدفن نبيهم بعد . خطاب الطرفين في تبرير حقه في الزعامة إعتمد على الدين، المهاجرون إحتجوا بأسبقيتهم في الإسلام، والأنصار إحتجوا بدعمهم له الذي أرسى قواعده في العقبه ودورهم في إنتشاره ولولاهم لما قامت للإسلام قائمه . الصراع بين الطرفين لم يكن طويلا إذ سرعان ما حسم لصالح قريش لينتقل بعد قليل الى بطنين من بطونها متنافسين منذ ماقبل الإسلام، بني هاشم وبني أميه .
ظهرت بوادر الإنقسام السياسي بين أغلبيه مؤيده للخليفه الأول وأقليه داعمه لحق إبن عم النبي في خلافته منذ اللحظه التي تولى فيها الخليفه مركز السلطه . إحتج معسكر عليّ بمواقف وتصريحات للنبي داعمه لهذا الحق وعلى الأخص آخر خطبه له، الغدير أو الوداع، كما إحتجوا بسلسله طويله من أقواله التي تشي برغبته في الوصيه له وبعزمه كتابتها وهو على فراش الموت لولا موقف عمر المتشدد المانع للنبي، الطرف الآخر إحتج بصحبة أبو بكر الطويلة له ودوره في الدعوه وتقدير النبي له عندما كلفه بإمامة المصلين ولم تعوزه السلسله النبويه الطويله في مدائحه، كلا الطرفين إستندا لمقومات دينيه دعما لموقف سياسي هدفه مركز قيادة المجتمع، لكن الذي حسم أمر الزعامة ليست تلك المقومات الدينيه المشتركه بينهما بل موازين القوى بين الأطراف المتنافسه والموروثه منذ ما قبل الإسلام في المجتمع المكي كما ستحسمها في زعامات عمر وعثمان وحتى زعامة عليّ نفسه، معسكر عليّ تمثل بالفقراء والمهمشين بغالبيتهم وسيبقى هكذا حتى مقتله، بينما معسكر ابو بكر تمثل بالأرستقراطيه المكيه والمدينيه الجديده وبثله من المنافقين وسوف يظهر هذا الإصطفاف بوضوح طيلة أمد الصراع بين عليّ والخلفاء الثلاثه ومن بعدهم معاويه حاكم الشام، عليّ رفض مبايعة الأول وإقتيد لها عنوة، كما لم يبايع سعد بن عباده سيد الخزرج ومرشحهم للخلافه في السقيفه الذي جيئ به على محفه مريضا وداسوه بالأقدام وهو الذي فر من المدينه أول خلافة عمر خوفا منه ثم قتلوه في الشام وقالوا قتلته الجن لتكون هذه الحادثه أول إغتيال سياسي في الإسلام لواحد من أعمدته . سعد هذا هو أحد السعدين الَذَين خرج النبي يتكئ عليهما مدمى الوجه في معركة أحد بعد أن فر عنه غالبية أصحابه من المهاجرين، أما السعد الأخر فهو سعد بن معاذ سيد الأوس .
قيل في الخليفه الثالث الكثير طعنا بإدارته لشؤون الناس، تجبره وإضطهاده لصحابة النبي، توليته المُجان من أهله شؤون الأمصار، إهداره لأموال المسلمين وتوزيعها على أهله وأبناء عشيرته من الأمويين، تعنته وتفريطه بسنة النبي . خرجت عليه عائشه من شبّاكها حامله قميص النبي صارخه في وجهه : أبليت سنة رسول الله ولم يبل ثوبه بعد، أقتلوا نعثلا فقد كفر . حفصه رددت نفس الصرخه وهي تحمل في وجهه نعلي النبي . وهو ما أدى في النهايه وبعد أن أُكتشف فحوى رسالته لحاكمه على مصر لمقتله مولدا معسكرين إسلاميين سياسيين مازالا يتناحران منذ ذلك الوقت وحتى الآن .
أنصار عليّ المتشيعين له لقبوا بالشيعه بمدارس متعدده إستقرت أقواها عند الإثني عشريه وخصوصا شكلها الجديد الذي جاء به الخميني، ولاية الفقيه، المعسكر الآخر الملقب بالسنه يستقر الآن عند مذاهب أربعه تم جمعها تحت مسمى أهل السنه والجماعه تفرع عن أحداها المذهب الحنبلي مذهب جديد آخر سيكون له دورا هاما بعد حين في الحياه السياسيه للمجتمعات الإسلاميه وعلاقاتها بالعصر . محور الخلاف بين المعسكر الداعم لعليّ وأبناءه وأبناء أبناءه والفقيه الذي تولاهم حديثا وبين الطرف السني الآخر أمويين وعباسيين ومن تلاهم كان يتمحور حول مركز السلطه، بِيدِ من يجب أن تكون، والدين كان هو الغطاء الذي تلحف به كلا الطرفان . جُند الرواه لوضع الأحاديث على لسان النبي وشاع بين الناس أقوال وأفعال له تدعم أحقية طرف وتحط من شأن الآخر . عن النبي أنه قال : حرب عليّ حربي وسلمه سلمي، وعن عائشه قوله لها : .... ياعائشه إن سرك أن تنظري الى رجلين من أهل النار فأنظري الى هذين قد طلعا فنظرتُ فإذا العباس وعليّ، ليظهر على يدي المعسكرين المتنافسين في دائرة صراعهم من أجل مركز السلطه ما يمكن أن نطلق عليه الحديث النبوي السياسي . أحاديث لا عد لها وضعت من كلا الطرفين لتدعيم أحقيتهم في السلطه لتتجاوزها بعد قليل نحو تفسير آيات القرآن وأصول الفقه . عند الشيعه الإثني عشريه، الإمامه، أي مركز السلطه بعد وفاة النبي وهي خاصه بعليّ وذريته من فاطمه وإبنها الحسين فقط، هي الأصل الخامس من أصول الدين فلا يصح إسلام مسلم بدون الإيمان بها، أي أنهم جعلوا الزعامه أمر إلهي منصوص عليه مثل النبوه تماما، بينما يتوقف السنه عند الأربعه تاركه السلطه لهم تحسمها موازين القوى على الأرض لصالحهم كونهم يمثلون الأغلبيه .
إذا، ظاهرة الإسلام السياسي ليست بالحديثه، الحديث فيها هو الشكل الذي إنتظمت به مع ولادة الدوله العصريه على أيدي الإستعمار الأنكلوفرنسي، فبعد أن كانت تتمثل بأشياع غير منتظمه تلتف حول ساده وشيوخ من هذا الطرف وذاك موزعين في بقاع الأرض الإسلاميه باتت مع الدوله الجديده تنتظم بحزب عصري له قياده وقواعد وهيئات وبرنامج يعمل على ترويجه في صفوف الناس، تتقدم جماهيريته وتتراجع تبعا لظروفه الموضوعيه وأشكال نشاطه المعتمده في مراحل مختلفه . البدايه السنيه كانت مع تأسيس جماعة الإخوان المسلمين أواخر العقد الثالث من القرن المنصرم، لتنتهي الآن، معهم، الى تيارات متعدده متطرفه ومسلحه تُكّفر وتقتل كل من ليس على مذهبهم شيعه وسنه ومسيحيون وفي المقدمه منهم الشيعه ولقبهم عندهم الروافض . هذا عند السنه، أما الشيعه، فقد أسسوا حزبهم السياسي في العراق 1957 بعد أن إنتبهوا لتنامي قدرات الشيوعي العراقي وإلتفاف كادحي الشيعه في المدينه والريف حوله، كان خوف حوزات الطائفه من خطر الفرز الطبقي للمجتمع وإنفضاض طائفتهم من حولها هو الذي دفعهم لتشكيل حزبهم تحت إسم حزب الدعوه . أما بعد أن إمتلكوا دوله في إيران ولأول مره منذ أن سقطت الدوله الفاطميه الشيعيه الإسماعيليه على يد الأيوبيين 1171 فقد عملوا تحت شعار تصدير الثوره لمد نفوذهم الى دول الجوار التي تختزن مجتمعاتها نسبة من الشيعه ليست بالقليله . أسسوا جمعياتهم السياسيه في دول الخليج وقدموا الدعم للحوثيين في اليمن وبنوا الحسينيات في سوريا مع دعم مالي لكل من يتشيع كما حاولوا النفوذ لبلدان أخرى عربيه وغير عربيه بنجاحات محدوده أو إخفاقات مدويه . أما في لبنان فقد أسسوا حزبهم المسلح القوي الذي يلعب دورا هاما ليس في الشأن اللبناني فقط إنما أيضا في الشأن السوري دعما لنظام قريب مذهبيا منهم لكنه دعم على صله وثيقه بالطموحات التوسعيه الإيرانيه والتي إحدى حلقاتها النظام السوري .
يمكن القول بإرتياح، أن الإسلام السياسي السني الحديث ظل يميل الى الإعتدال حتى وصول الشيوعيين الى السلطه في أفعانستان 1978، هذا الأمر كان مقلقا للأمريكان إذ أنه يعني تمدد النفوذ السوفيتي الى قرب مصالحهم في مناطق المياه الدافئه وهو أمر لن يسمحوا به تماما كما لم يسمحوا بإستمرار حكومة مصدق الوطنيه في إيران وعملوا على إسقاطها 1953 وإسقاط حكومة كريم قاسم في العراق 1963 وتقديم الدعم لسوهارتو في مذابحه بحق الشيوعيين والديمقراطيين الأندونيسيين 1965 وهو نفس دورهم في إسقاط الحكم الديمقراطي في تشيلي 1973 .
كان على الأمريكان أن يجدوا طريقه ما لإسقاط الشيوعيين الأفغان وطرد السوفييت من أفغانستان تماشيا مع إستراتيجيتهم في محاصرتهم ضمن قواعد الحرب البارده ولم يكن هناك أفضل من سلاح الدين لتغطية محور الصراع ذاك في مجتمعات إسلاميه متخلفه لم تسمح لها الرأسماليه بإرساء قواعد التطور الرأسمالي وفرضت عليها أنظمه تبقي على دولها تابعه لها كأنظمه ريعيه مستبده .
دول كبيره وثريه عبر أجهزة مخابراتها هي التي أسست ظاهرة الإسلام السياسي المتشدد أواخر ثمانينات القرن المنصرم على وقع أحداث أفغانستان، جُند الدعاة من رجال الدين أولا وهؤلاء عملوا على نفخ ظاهرتهم بتجنيد الشباب بشعارات معاداة الشيوعيه الملحده من كافة أنحاء العالم الإسلامي بدعم مالي وتسليحي وعملياتي كبير جاء من السعوديه والمخابرات المركزيه لطرد الشيوعيين من أفعانستان تحت إسم ماعرف لاحقا بالقاعده وتجمعات سياسيه دينيه أخرى، أما الدول التي إعترفت بدولة طالبان بعد إسقاط حكومة رباني 1996 فلم تتجاوز الثلاثه وهي على التوالي، باكستان، السعوديه ودولة الإمارات فالإسلام السياسي المتطرف إذا لم يكن أكثر من صناعه أمريكيه بالتشارك مع أخرى إسلاميه محافطه ضمن دائرة صراع القطبين الكبيرين، أستخدم الدين هذه المره لتفطية أهداف سياسيه في أفعانستان لكن سحر الصنّاع سينقلب عليهم بعد قليل شاملا بقاع الدنيا كلها دون تمييز .
نظم إستبداديه هي التي تمسك بزمام السلطه في مجتمعاتنا العربيه، تنهب ثروات الشعوب وتجيّر كل إقتصاد الدوله لصالحها لتنمو وتتضخم ثرواتها الى حدود غير معقوله حتى في البلدان الفقيره بينما غالبية شعوبها ترزح تحت وطأة الفقر والبطاله ومشاكل السكن والصحه والتعليم والزواج وغيرها، تتسع الفوارق الطبقيه في تلك النظم وتسحق الأوليغارشيا في طريقها الشرائح المتدنيه من الطبقه الوسطى لتقذف بها الى صفوف الفقراء الذين تتزايد أعدادهم بإستمرار، وعلى أيديها تتراجع القاعده الصناعيه والزراعيه المتواضعه ونظم الخدمات بعد أن وضعت اليد عليها بقرارات الخصخصه لتتفاقم أزمات المجتمع وتتوالى الهجرات من الريف الى المدينه ليتحول المزارعون الى عمال خدمات ومياومه . غالبية شرائح المجتمعات في نظم الإستبداد مفقره ومنهكه بسبب من سياسات اللصوص والفساد الإداري المستشري بأجهزة الدوله والفقر هو العنوان الرئيس لإنجازاتهم، وحتى تضمن تلك العصابة بقاءها على قمة هرم السلطه بكل إمتيازاتها الإقتصاديه والإجتماعيه فإنها لن تتوانى عن خلق الأدوات التي تمكنها من القبض بقوه على مواقعها وخنق أية تحركات من شأنها أن تهدد مصالحها، سلطة الأقليه المستبده تحتاج الى أدوات تمكنها من القبض على شعوبها بإحكام وستكون العشيره والطائفه هي التي ستشكل منها أدوات حراسة مصالحها والسهر على تنميتها، من يملك القرارات الحاسمه ويدير شؤون الجيش وأجهزة الأمن والمخابرات والشرطه هم من العائله والعشيره والطائفه وهي الأجهزه التي تدير الدوله بالفعل وتحت الإشراف المباشر للديكتاتور وما الحزب والحكومه ومجالس الشعب إلا الواجهة الكاذبه للنظام والتي ليس بيدها أكثر من شرعنة رغباته والتصديق عليها كما أخبرت تجربة أنظمة الإستبداد في عراق صدام حسين وسوريا المُورث والوريث . وستكون السجون والتعذيب والقتل مصير كل من يعمل أو يطالب بتحسين أوضاع المعيشه وبالحريات وكرامة العيش .
الدين هو واحده من أدوات نظم الإستبداد وأسلحته، الطاغيه هو الذي يعين رجاله من المسلمين بإمتيازات متقدمه تحت لافتات الوعظ والإرشاد والفتوى والإمامه وبشروطه هو وليس بشروط المفقرين فدائما ما سنجد في الإسلام ما هو ضد إستبداد الحاكم الظالم والدعوه للخروج عليه، كما نجد نقيضه الذي يدعو للخنوع والإستسلام لقدر الله، إطاعة الحاكم الظالم هو أحد أقدار الله التي يختارها ويروج لها مفتو الإستبداد، والترويج لإطاعة الحاكم وتحريم الخروج عليه وإشاعة مناخات الإستسلام لمشيئة الله والدعوه للصبر وكظم الغيظ وتحمل البلاء هي عناوين تحالف السلطه – الدين التي تُقذف في آذان المفقرين في خطبة كل جمعه، بالطبع، لا ينسى مفتو الإستبداد من تذكير الفقراء المطحونين بأن جزائهم عند الله سيكون عظيما بعد الموت وليس في الحياه بكل الأحوال وهو ما لا تريد نظم الإستبداد زيادة عليه من الدين . هذه النظم لا علاقه لها بالدين لجهة الإيمان، ليست طائفيه ولا علمانيه كما هي ليست تقدميه معاديه للأنظمه المحافظه وللغرب الرأسمالي وإسرائيل ولا متحالفه معهم، إلا بالقدر الذي تسمح بها مصالحها في الإمساك بزمام السلطه وتنمية ثرواتها، نظم الإستبداد تقف مع مصالحها فقط وتتحالف مع أي طرف يدعم بقاءها وتنمية مصالحها إبتداء من الدين وحتى العلمانيه، من العائله والعشيره والطائفه وحتى الغرب الرأسمالي مرورا بأية قوه محافظه أم متقدمه، سنيه أم شيعيه، وتقف بالضد من كل من يهددها من أين جاء التهديد أو تحني رأسها بخنوع متنازله عما كان قبل قليل من ضمن ثوابتها فتحالفاتها وشعاراتها ليست إلا برسم تلك المصالح لا غيرها .
أما السلاح الآخر والذي لا يقل فتكا عن سلاح الدين فيتمثل بشق المجتمعات طوليا، أثنيا ودينيا وطائفيا، خلق النعرات القوميه بين الكورد والعرب والدينيه بين مسلمين ومسيحيين والطائفيه بين سنه وشيعه وطوائف أخرى وهي سياسة لعبتها بحذاقه أنظمة الإستبداد في العراق وسوريا على وجه الخصوص كونها تدرك ما في وحدة كادحي شعوبها على أسس طبقيه من أخطار تهدد وجودها .
تم إفراغ العراق من القوى الديمقراطيه وما بقى منها في سوريا إنضوى تحت جناح النظام في جبهه وطنيه صوريه ليس من مهمه لها سوى التصديق على إرادة الحزب القائد لتترك مجتمعاتها نهبا للفقر ولثقافة الدين، ما عجزت الفئات المفقره عن تحقيقه على الأرض عندما خذلتها الأحزاب القوميه وقوى اليسار تأمل من شدة يأسها أن يتحقق في السماء فقد أصبح الدين ملاذا لها وعامل إطمئنان والحل الذي لا تملك غيره لمواجهة مشاكلها المتفاقمه وبذا تحولت مجتمعات نظم الإستبداد الى أرضيه خصبه لأية قوه دينيه ستطل برأسها بعد قليل .
كان هذا هو حال بلدان الإستبداد صبيحة الثورات العربيه، نهب متنام لثروات المجتمع يقابله إفقار متزايد لغالبية فئاته المغيب وعيها المنظم بإشاعة مناخات الدين وبذا توفر الأنظمه كل الشروط الداخليه التي تدفع شعوبها للثوره عليها من حيث لا تدري لكنها هذه المره ثورات عفويه لا دور في تفجيرها للأحزاب المنظمه إسلاميه كانت أم وطنيه . إمتلك الكادحون وعيهم العفوي من داخلهم بدون تأثيرات خارجيه بفعل السنوات الطويله من الإفقار وكبت الحريات وإهانة الكرامات وكانت شرارات صغيره كافيه لإشعال غضب الناس في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا . العامل الذي فجّر تلك الثورات كان داخليا محتبسا في وعي فقراء الناس لعقود من الإضطهاد قبل أن تتدخل قوى من الخارج لها أجندتها الخاصه بها ولم تحركها مصلحة جماهير الثورات بدون شك .
تكاد أن تتلاشى مساحة الحريات السياسيه في أنظمة الإستبداد أو أنها تراوح في مكانات محدوده للغايه بما لا يثير اللغط حول سياسات الأقليه الممسكه بالسلطه ولا يمكن لأي قوه معارضه مهما كان لونها، رجعيه أم تقدميه، منظمه أم شبه منظمه، صغيرة الحجم أم جماهيريه أن تطل برأسها فالقتل والسجون والمنافي هو مصيرها وليس أقل منها . في الدول الأقل تشددا، الدساتير وقوانين الإنتخابات مفصله على مقاس الأنظمه تماما ولا تسمح للمعارضه الا بهامش ضيق غير فاعل في ترويج مواقفها في الإعلام المقيَد بقوانين العيب والأخرى المقيِده للمواقع الألكترونيه والرقابه تحت طائلة العقوبات، أو في الوصول للمجالس النيابيه، لكن الثوره على عكس نظم الإستبداد إذ أنها سرعان ما ستقدم واحده من هداياها العظيمه لكل طبقات الشعب دون إستثناء، الحريات غير محدودة السقوف والتي يطلق عليها إعلام الدكتاتوريات صفة الفوضى، حرية التعبير والتمدد دون قيود لكافة قوى وفئات الشعب هو الذي دفع بقوى الإسلام السياسي بشقيه الوسطي والعنيف للسطح كقوه مقرره مستندا على الوعي الديني المختزن في العقل الجمعي للجماهير والذي صنعته أصلا نظم الإستبداد . سوف تتقدم إذا هذه القوى وبدون أدنى شك وبصحبتها من الخارج أصحاب أجندة تصفية الحسابات . هكذا ربح الإسلام السياسي السلطه بإنتخابات نزيهه في مصر وتونس، وبقرارات جريئه من الملك المغربي ووضع له قدما في ليبيا وظهر في الثوره السوريه كقوه أساسيه بعد إعراض النظام عن مطالب الشعب وخذلان المجتمع الدولي للثوره .
إذا، تقدم ظاهرة الإسلام السياسي في بلدان الثورات أمر ليس بمستغرب ومتوقع ويأتي كضروره في سياق سياسات الديكتاتوريات التي أفرغت مجتمعاتها من القوى الديمقراطيه وأشاعة مناخات الدين، ولا ننسى أن النظام السوري قد تحالف مع القاعده لسنوات إبان الحرب الطائفيه في العراق وهو الذي أسس لفتح الإسلام وأطلق قيادات وعناصر جبهة النصره من السجون ليسم الثوره بطابع الإرهاب أمام الرأي العام الدولي وهاهو يبني مؤسسات مسيحيه طائفيه مسلحه برعاية الجنرل ميشال عون، فنظم الإستبداد لا لون لها كما أشرنا إلا لون مصالحها في السلطه .
لكن زمن الثورات لن يتوقف هنا، سوف يكون هناك صراعات بإصطفافات شعبيه جديده بعد إسقاط الديكتاتوريات وسيكون عنوانها طرد قوى الظلام من مواقع صنع القرار وهو ما حصل في مصر ويجري في تونس ويسير على قدم وساق في ليبيا ولن تشذ سوريا عن هذا المسار فهي أولى بغيرها بمستقبل متقدم بعد كل هذه التضحيات .



#فيصل_البيطار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطوط الدفاع الروسية - السورية
- كيمياء النظام والحل الروسي / هزيمتان لا واحده
- النظام السوري وجوقته / خطاب كاذب وتافه
- أهلا بالضربه الأمريكيه
- عن القوميات وتقرير المصير ودولة فلسطين/ أسئلة وإجابات
- من سيحمي الشعب السوري من قمع النظام ؟
- من الجوامع للسلطة
- الإنتفاضة السوريه/ الواقع والمسببات
- في نقد الدين ومدارسه
- الإقتصاد الفرنسي/ الأزمة والحل الرأسمالي
- جنبلاط الحكيم
- اليسار اللاتيني ويسار دول المركز الرأسمالي
- وجها الإسلام السياسي القبيحان
- عندما يقدم السيد نصرالله دلائله
- حسن نصرالله والدرس الذي لن يعيه
- اليسار الأردني والمراوحه في نفس المكان
- ديموقراطيه وديكتاتوريات .
- الحاله الفلسطينيه المستعصيه ... إلا بإنتفاضه جديده
- برمجة الجماهير ودور الأحزاب الدينيه
- رسائل المرمره التركيه ودرسها المستفاد


المزيد.....




- الدفاع الروسية تعلن حصيلة خسائر القوات الأوكرانية خلال 24 سا ...
- طبيبة تبدد الأوهام الأساسية الشائعة عن التطعيم
- نتنياهو يعيد نشر كلمة له ردا على بايدن (فيديو)
- ترامب: انحياز بايدن إلى حماس يقود العالم مباشرة إلى حرب عالم ...
- إكسير الحياة وطارد الأمراض.. هذا ما تفعله ملعقة واحدة من زيت ...
- المبادرة المصرية تدين الحكم بحبس المحامي محمد أبو الديار مدي ...
- مقابل إلغاء سياسات بيئية.. ترامب يطلب تمويلا من الشركات النف ...
- مسؤول إسرائيلي يكشف آثار تعليق شحنات الأسلحة الأمريكية إلى إ ...
- -حماس- تعلن مغادرة وفدها القاهرة إلى الدوحة
- الملوثات الكيميائية.. القاتل الصامت في سوريا والعراق


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيصل البيطار - الإسلام السياسي/ ضرورة نظم الإستبداد