أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيصل البيطار - كيمياء النظام والحل الروسي / هزيمتان لا واحده















المزيد.....

كيمياء النظام والحل الروسي / هزيمتان لا واحده


فيصل البيطار

الحوار المتمدن-العدد: 4216 - 2013 / 9 / 15 - 22:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل كانت زلة لسان لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري أم أنه كان إعلان البداية لمشروع متفق عليه بين الإدارتين الأمريكية والروسيه، مشروع يلبي نزعة الرئيس الأمريكي المتردده مابين إلتزامه في النأي بدولته عن التدخلات العسكريه وما بين خطورة إستعمال النظام السوري للسلاح الكيمياوي بضربه إستراتيجيه وضرورة الرد . على الأقل، ما نحن متأكدون منه هو أن الرئيس الأمريكي لم يكن ليأبه لمقتل أكثر من 1400 سوري في الغوطه الشرقيه فيما لو تم قتلهم بغير كيمياء النظام، بالبراميل المتفجره أو بصواريخ السكود أو نحرا على أيدي ميليشات النظام مثلا . كان هذا عهده مع الشأن السوري طيلة فترة الصراع الدامي الذي قدم للعالم فاتورة بتضحيات السوريين بفقرات إشتملت على عشرات الآلاف من القتلى والجرحى والمغيبين وملايين من المهجرين والدور السكنية المهدمه . إستنكارات لفظيه بالجملة لجرائم النظام وأطنان من الوعود بتقديم العون للمعارضه المسلحه ما تحقق منها يدعو للسخريه . تلك هي ملامح الموقف الأمريكي مما يجري في سوربا منذ ثلاثين شهرا .
21 آب الماضي كان يوم الفصل في سياسة أوباما تجاه الوضع السوري، أو، هكذا أراده بعد أن وصله نبأ المجزره . كيمياء النظام حركت الراكد لتدفع الى السطح ضرورة التحرك بطريقة جديده في التعامل مع الأخطار التي من شأنها أن تهدد أمن أصدقاء أمريكا شمال سوريا وجنوبه، وأمن أصدقاءه في الجهة المقابلة لإيران عبر الخليج وأمن الصديق الكوري الجنوبي، فكلتا الدولتين، إيران وكوريا الشماليه، تعملان على برنامج للسلاح النووي وتمتلكان نفس الكيمياء السوري ولا بد من رساله أمريكيه رادعه تطمئن أصدقاءها في المنطقه والعالم وتحذر من يلعب بورقة أسلحة الدمار الشامل وتعيد للأمريكان بعض من رصيدهم المفقود على المستوى الرسمي عربيا وربما الشعبي منذ إندلاع شرارة الثورات العربيه وعلى الأخص كنتيجه لموقفهم المائع مما يجري في سوريا، ثم هي رساله أريد منها أن تعمل على تطويق التحديات الروسيه في مجلس الأمن وفي إندفاعهم في الإقليم عبر دعمهم لنظامي سوريا وإيران، أمريكا كانت تريد أن تقول أن لها المقدرة على تجاوز مجلس الأمن في قضايا تعتبرها تمس أمنها القومي وأمن حلفاءها . وبكل الأحوال لم تكن الرسالة موجهة للشعب السوري من أن حبل الإنقاذ قد مُد لهم أخيرا .
للحظه، بدى الرئيس الأمريكي جادا في توجيه ضربه عسكريه لسوريا تبارى المسؤولون الأمريكيون في وصفها بالمحدوده والقصيره زمنيا بدون قوات على الأرض ومن شأنها الا تخل بميزان القوى بين طرفي الصراع السوري، ورغم أنه أعلن إستعداده للذهاب بها منفردا بعد تصويت البرلمان البريطاني ضدها الا أنه ودون مقدمات وبعد إجتماعه مع فريق أمنه القومي قرر إحالة مشروع الضربه الى الكونغرس على الرغم من أنه يمتلك الصلاحيات الدستوريه التي تخوله بتوجيه هكذا ضربه دون الرجوع له .
ماالذي حصل فعلا ولماذا تخلى الرئيس الأمريكي عن حماسه بعمل عسكري محدود في سوريا بدى حتميا مع ما روجت له إدارته لمدة اسبوعين قبل أن يطلق كيري تصريحه الشهير، وهل كان للموقف الروسي المتشدد، رغم انهم أعلنوا من أنهم لن يتدخلوا عسكريا، أثر في هذا التصريح ؟
نعتقد أن تصريح كيري لم يكن وليد لحظته، كانت صفقه . تراجع الرئيس الأمريكي يإحالة موضوع الضربه للكونغرس وتاريخه في التعامل مع قضايا التدخل العسكري في العراق وأفغانستان وإيران من جهه، وعجز روسيا عن منعها من الجهه الأخرى، يدفع نحو الإعتقاد من أن مباحثات قد جرت تحت الطاوله أوصلت لإتفاق أمريكي – روسي يعمل على تجنيب النظام السوري ضربه عسكريه مقابل نزع أسلحته الكيمياويه, وهو الإعتقاد الذي أكدته بعض المصادر الإستخباريه على كل حال .
مثل هذا الإتفاق يتفق مع نزعة أوباما بعدم التدخل العسكري، ويضمن أمن الدول المحيطه بسوريا، كما يضمن عدم وقوع هذا السلاح بالأيدي الخطأ من الناحيه النظريه على الأقل، ويوصل الرساله المطلوبه لكل من إيران وكوريا الشماليه، وهذا هو كل ما أرادته الإداره الأمريكيه من إعلانها عن الضربه العسكريه المحدوده دون نقصان، فالضربه لم تكن تهدف لإسقاط النظام ولا معاقبته على قتل 1400 سوري وقد قتل قبلهم مائه وعشرون الفا دون أن يعاقبه أحد أو حتى أن يلوح له بالعقاب .
بهذا الإتفاق، وعند تطبيقه، يكون قد تم تجريد النظام من سلاحه الرادع الذي صرف عليه من أموال الشعب السوري دولارات لا يعرف أحد عدها وسنوات طويله من العمل الصامت، وليس من الغريب أبدا أن يدعي أركان النظام السوري اليوم، كالعاده، أن سوريا قد إنتصرت !
الإتفاق الذي أعلن تفاصيله في المؤتمر الصحفي لوزيري خارجية روسيا وأمريكا بالأمس لا يتجاوز كيمياء النظام، ولا علاقة له بما يجري على الأرض السوريه منذ ثلاثين شهرا، هو يؤكد على أن الإدارة الأمريكيه غير معنيه بجرائم الديكتاتوريه بحق السوريين قتلا وتغييبا وتهجيرا وتدمير مدن ومراكمة أزمات، كما يؤكد الموقف نفسه في الجهه الروسيه والإتفاق جاء ليلبي حاجة الطرفين .
الذبن إستعملوا الأسلحة الكيمياوية في غوطة دمشق هم المتمردون وليس النظام، والسبب هو دفع الأمريكان للتدخل العسكري .
هذا بباسطه ملخص للموقف الروسي من أزمة الكيماوي وهو الذي أكده الرئيس بوتين في مقال له في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكيه . لكنه إدعاء يتناقض مع ما آلت اليه الأمور بعد قليل، فالإتفاق الأمريكي - الروسي جاء لنزع كيمياء النظام وليس كيمياء المعارضه المتهمه عند بوتين ! وهو ما يوقع بوتين ومن ينحو نحوه في أزمه أخلاقيه ليس فقط بسبب الكذب، إنما وبسبب التواطؤ مع المجرم الذي مكانه قفص إتهام المحكمة الجنائيه الدوليه .
مقال بوتين أتى ضمن سياسة التوجه للرأي العام الأمريكي الرافض للضربة الأمريكية لسوريا، كلا الطرفان، الإدارة الأمريكية والأخرى الروسيه عملا على كسب تأييد الشعب الأمريكي وسياسييه وجرهم الى موقعه بحملة إعلامية سياسيه ممنهجه وواسعه، وقد سبق أن رفض الكونجرس الأمريكي طلبا من مجلس النواب الروسي لإستقبال وفد منه يشرح موقف الإتحاد من الأزمة السوريه . كما أعرب في حينه السناتور الأمريكي جون ماكين عن رغبته في كتابة مقال في صحيفة البرافدا الروسيه يشرح فيه موقفه من الضربه الأمريكيه .
مقال بوتين إشتمل على عدة محاور إضافة لمحور إستعمال المعارضة للسلاح الكيماوي . إستعمال القوة خارج الشرعية الدولية أمر مرفوض ومن شأنه أن يدفع بمصير الأمم المتحده الى ما يشبه مصير عصبة الأمم التي فشلت في تجنيب العالم حربا عالميه ثانيه، والضربة الأمريكية من شأنها أن تدفع بالصراع الفلسطيني لمزيد من التعقيد وأن المعارضه تستعد لشن هجوم كيمياوي على إسرائيل، الضربه من شأنها أن تعقد مسألة النووي الإيراني وستخلق المبررات لإندفاع موجه جديده من الإرهاب وزعزعة أوضاع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا . بقي أن يقول بواضح العباره بعد هذه الخلطه العجيبه من الأكاذيب والتحليل المشوه بنتائجه الواهمه، أن هذه الضربه المحدوده جدا وفقا للتصريحات الأمريكيه، من شأنها أن تتسبب بإندلاع حرب عالميه ثالثه كما كانت قد أشارت بعض الأقلام الأمريكية المعارضه لها، وربما يُفهم من تلميحه لمصير الأمم المتحده المشابه لمصير العصبه أنه قد قصد هذا بالفعل .
نحن نفهم سعي روسيا في أن تكون شريكا أساسيا في قضايا المنطقه، نفهم مثلا ونؤيد دور للروس في قضية الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي لإحداث شيئ من التوازن وهو ما لا يلوح في الأفق القريب، ونعلم مدى عمق المصالح الإستراتيجية الروسيه في سوريا والشرق الأوسط عامة، وحجم تضررها من خسارتها العراق منذ عام 1991 وبشكل أوضح عام 2003، وليبيا عام 2011، ومن قبلهما مصر منذ ما قبل حرب أكتوبر 73 بقليل على إعتبار أن روسيا الإتحاديه هي الوريث الشرعي لمصالح الإتحاد السوفيتي في العالم، نعلم أن هذه البلدان كانت، وما زالت في إيران وسوريا، تمثل أحد منافذ السلاح والتكنولوجيا الروسيه ومشاريع الإستثمار، وأن في سوريا القاعده البحريه الوحيده لروسيا في العالم خارج مياهها الإقليمية، لكننا نعرف أن الأهميه الإستراتيجيه لدول المنطقه تتجاوز سوق السلاح والتكنولوجيا والإستثمار على أهميته، ما تسع له السياسة الروسيه الخارجيه من وضع العصىّ في دواليب قرارات مجلس الأمن والتمسك بشده بحلفاءها هنا، إضافة لما ذكرنا، محاولتها إستعادة دور القطب الثاني المفقود وإحداث التوازن في رسم مصير الشرق الأوسط . النفوذ العسكري الأمريكي المتزايد والسعي الأمريكي لتسويق درعها الصاروخي وأنظمة الدفاع الجوي الى دول الخليج والأردن مؤخرا هو ما تعتبره روسيا ومعها الصين إخلال للتوازن العسكري الإستراتيجي وهو الإخلال الذي كان قد تم بالفعل منذ أن بدأ جورج الإبن بتسريع إستكمال بناء هذا الدرع، لكن، ومن ضرورات الأمن الروسي عدم الإستسلام لنتائجه وضرورة مواجهته بما يتوفر من أسلحة لا تملك روسيا منها إلا دعم ديكتاتوريات سوريا وإيران .
الصراع بين القطبين في المنطقه لا يدور حول مصالح الشعوب إذا، فلا روسيا ولا أمريكا ولا غيرهم مهتم بمصير الشعب السوري أو غيره، الصراع يدور حول مصالحهما الإستراتيجيه التي تضمنها الأنظمه وليس الشعوب، نظام صدام حسين هو المهم وليس شعبه كما دللت تجربة السوفييت معه، ونظام الأسد الوريث هو المهم أيضا وليس شعب سوريا، فهو الذي يضمن مصالح أحد القطبين في جانب، ويزاوج بين مصالحهما في جانب آخر .
هل إنتصرت السياسيه الروسيه الخارجيه بالإتفاق الأخير إذا، وهل جرى تلقين الأمريكان درسا كما يشيع البعض ؟
النظام السوري تخلى عن سلاحه الإستراتيجي الرادع ولا يوجد في هذا مايشير الى أي من عناصر القوه أو الإنتصار، بل هزيمه نكراء للنظام وحليفه الروسي والآخر الإيراني .



#فيصل_البيطار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظام السوري وجوقته / خطاب كاذب وتافه
- أهلا بالضربه الأمريكيه
- عن القوميات وتقرير المصير ودولة فلسطين/ أسئلة وإجابات
- من سيحمي الشعب السوري من قمع النظام ؟
- من الجوامع للسلطة
- الإنتفاضة السوريه/ الواقع والمسببات
- في نقد الدين ومدارسه
- الإقتصاد الفرنسي/ الأزمة والحل الرأسمالي
- جنبلاط الحكيم
- اليسار اللاتيني ويسار دول المركز الرأسمالي
- وجها الإسلام السياسي القبيحان
- عندما يقدم السيد نصرالله دلائله
- حسن نصرالله والدرس الذي لن يعيه
- اليسار الأردني والمراوحه في نفس المكان
- ديموقراطيه وديكتاتوريات .
- الحاله الفلسطينيه المستعصيه ... إلا بإنتفاضه جديده
- برمجة الجماهير ودور الأحزاب الدينيه
- رسائل المرمره التركيه ودرسها المستفاد
- لِمَ نكتب ولمن وأين ؟ الأخير .
- لِمَ نكتب ولمن وأين ؟ تابع ثان .


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيصل البيطار - كيمياء النظام والحل الروسي / هزيمتان لا واحده