أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - كيسلوفسكي وتأكيد الحالة الذهنية:فيلم قصير حول الحب














المزيد.....

كيسلوفسكي وتأكيد الحالة الذهنية:فيلم قصير حول الحب


بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 4245 - 2013 / 10 / 14 - 04:38
المحور: الادب والفن
    


فيلم قصير حول الحب(1988):
من المعروف أن المخرج البولندي(كريستوف كيسلوفسكي) قد أنتج سلسلة كانت معدة أصلا للتلفزة (أطلق عليها Dekalo) أو الخطايا العشر وكانت كل حلقة قد خصصت للحديث عن أحد الخطايا الكبرى التي نهى العهد القديم عنها..... والتي من الممكن دعوتها وفقا للدين الاسلامي الحنيف بالكبائر
هذه السلسلة من الخطايا-مثل الطمع والزنا والقتل-كما هو معروف لاقت نجاحا جماهيريا كبيرا سبقها نجاحا نقديا أكبر،حتى أن النقاد لم يعاملوا هذه السلسلة وفقا لمعطيات النقد التلفزيوني بل أخضعوها لنقدا سينمائيا بحتا والأمر الذي يدعوا إلى الاستغراب سوء التوزيع-في حينه-الذي لاقاه فيلمي كيسلوفسكي المقتبسان من هذه السلسلة(فيلم قصير حول الحب-فيلم قصير حول القتل) في الولايات المتحدة بالذات.
هذا النجاح الذي لاقته هذه السلسلة جعلها تصبح ضمن ثلاثية لاتنسى تعتبر من أفضل ما قدم للتلفاز على الإطلاق مع سلسلة الدانماركي لارسن فون تراير وسلسلة المخرج الألماني فاسبندر.
كل تلك الأمور جعلت من كيسلوفسكي يقدم على تحويل جزأين من هذه السلسلة إلى السينما فعليا كان أحدهما(فيلم قصير حول الحب) المأخوذ بالأساس عن الجزء المتعلق بجريمة الزنا مع إختلاف مسار الأحداث قليلا والنهاية أيضا.
الجميل في هذا الفيلم هو كيفية معالجة هذا العبقري البولندي لخطيئة الزنا….
في الحقيقة لولا المعرفة النقدية المسبقة لتناول كيسلوفسكي في هذا الفيلم لخطيئة الزنا لما عرف المشاهد أبدا أن كيسلوفسكي يتناول هذا الموضوع أصلا….؟!
فنحن أمام قصة عادية لأمرأة متعددة العلاقات الجنسية التي لاتثير فينا أي دهشة عند مشاهدة فيلما أوروبيا على الأخص ولكن هناك حكمة في الفيلم تتعلق بكيفية حل هذه المشكلة كما يرى كيسلوفسكي….
الشاب (توميك) الذي يعيش مع أم لصديقه(ذهب إلى الخدمة) يقع في غرام إمرأة-جارته-في أواسط الثلاثينات من عمرها ومن الواضح أنها بدأت تعاني من أزمة منتصف العمر,هذا الاهتمام دفعه إلى سرقة منظار مراقبة من أحد المستودعات ليضعه أمام شباك غرفته المطلة مباشرة على منزلها بل على غرفة المعيشة والتي تنام فيها أحيانا….
يضع منبها يدق عند الساعة الثامنة والنصف,ساعة عودتها المعتادة إلى منزلها،ليراقب كل حركاتها وتصرفاتها وردود أفعالها خاصة عند الوحدة،وممارستها مع عشاقها الذي يظهر منهم إثنان في الفيلم ولكن من الواضح أنهم أكثر من ذلك،ويفسد عليها مثل هذه اللحظات بأن يبلغ في أحد المرات بوجود حريق في منزلها،بلاغا كاذبا ناتج طبعا عن الغيرة.
هذا الاهتمام لايقتصر فقط على المراقبة-موضوع المراقبة يذكرني بفيلم أحمر لنفس المخرج-بل يبعث لها بإخطارات كاذبة-بوصفه موظفا في البريد-تبين بوجود حوالات مالية خاصة بها،ويعمل موزعا للحليب متحملا عناء اليقظة مبكرا لإيصال الحليب لها ويتذرع في أحد المرات بعدم وجود زجاجة فارغة لكي يتحدث إليها فقط،كل ذلك وهي لاتشعر بوجوده أصلا.
لكن عندما تخرج الأمور عن السيطرة،يعترف لها بحبه وتكتشف بأنه يراقبها…..
يتخلل أحداث الفيلم أن هذه المرأة(ماجدا) تعيش علاقات سطحية مع الرجال مع جنس أجوف وتنتهي علاقاتها أحيانا بشيء أشبه بالصدمة….في اليوم التالي عندما يكون توميك تلقى ضربة من أحد عشاقها-نتيجة تجسسه عليهما- تركت علامة زرقاء واضحة في وجهه،لايتوانى عن إحضار الحليب لها…لنتأمل الحوار التالي الذي حدث بينهما والذي يعتبر من أهم الحوارات في الفيلم:
لماذا تفعل كل ذلك؟….هل تريد السفر معي؟
لا….
هل تريد تقبيلي……لا
هل تريد النوم معي….لا
من الواضح أن هذه الأمور التي ذكرتها تؤكد على أسباب جريمة الزنا،وهي أمور خرجت(طردت) من الحالة الذهنية لهذا الشاب عندما يقول لها في كل مرة….لا
لأن الحالة الطبيعية والتفكير الذهني لهذا الشاب يؤكدان أن الحب لايسعى إلى كل ذلك لأنه حالة روحية أكثر منه حاجة فيزيائية جسدية عابرة،فحل مشكلة الزنا يكون عن طريق البحث عن الحب الحقيقي الذي يسمو فوق كل شيء وهذا ما يؤكده مخرج الفيلم عندما رفضت هذه المرأة أن تستوعب حالته الفكرية التي أصبحت فوق الوجود معاملة إياه باستعلاء موصوم بالانتقاص من قدره كأنها تريد أن تصل معه إلى علاقة زنا مختلفة لأنها ستكون مضحكة هذه المرة الأمر الذي يدفع هذا الشاب إلى الانتحار نتيجة فشله في الحب,ولكنها في النهاية تكتشف معنى الحب…تكتشف معنى البحث عن شخص تحبه لذاته لكينونته لعطفه وحنانه عندما يكون الأمر متعلق بها وهو الشخص الذي لابد أن يكون بجانبها…بل معها كحالة دائمة….
كيسلوفسكي ناقش مفهوم الزنا ضمن أبعاد أخرى غير التي كنا نتوقعها،مبعدا تصورات العقاب،بل إن العقاب سيكون أعتى وأمر عندما تهمش الحالة الذهنية الصحيحة للإنسان…
الجدير بالذكر أن البعض يرى إن إقدام الشاب على الانتحار في نهاية الفيلم هي العقوبة نتيجة على إنه كان على وشك الوقوع في جريمة الزنا،وهذا يتوقف على الرؤية الفردية للفيلم.
ولكني لاأؤيد هذه الرؤية فعقوبة المرأة أولى من عقوبة هذا الشاب المنطوي ضعيف الشخصية الخجول المغلق حياتيا تقريبا.
يعالج كيسلوفسكي هذا الفيلم وفقا لأسلوبه الخاص والمعتاد،فهناك التركيز على ردات الفعل خاصة عند الشاب,الحوار مقتضب قليل التصوير وهو أسلوب كاتب السيناريو رفيق دربه والمفضل عند كيسلوفسكي (Krzysztof Piesiewicz)
،الموسيقى التصويرية الهادئة والتي تظهر في لحظات معينة يختارها المخرج بعناية بالغة،بل أحيانا ينسى المشاهد أن للفيلم موسيقى تصويرية أصلا،وأحيانا يعتمد أصوات الأشياء المحيطة كخلفية للمشهد ولاننسى تركيزه على الأشياء،الأمر الذي أعطى الفيلم تكثيفا دراميا عاليا مخلوطا بالنواحي المادية عند الإنسان،وهو ما يميز سينما كيسلوفسكي عن سينما تاركوفسكي بتركيز الأول على النواحي المادية والمعضلات الحياتية،بينما يتناول الثاني الجوانب الروحية....
في النهاية أقتبس مقولة لكولن ولسن:هناك نوع أسمى من الوجود الذي نعيش فيه
أسمى من تعلق الإنسان بالتكرار الحياتي وهمومه اليومية.



#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أكاتوني 1959(بيير باولو بازوليني):عن بازوليني و تصوير قسوة ا ...
- الخطايا العشرة(كريستوف كيسلوفسكي) 1988: كيسلوفسكي يضع الحقائ ...
- الصدف العمياء 1987(كريستوف كيسلوفسكي):نزعة قوية لسمات مخرج ك ...
- هروب محكوم بالاعدام 1956 للعملاق روبرت بيرسون: هنا تحت الاحت ...
- المال 1983(روبير بيرسون): ...(السينما التي يمارسها بيرسون مج ...
- الأم والعاهرة 1973(جين يوستاش):عن شخصيات تعيش الفراغ الشديد, ...
- لانهاية 1985(كريستوف كيسلوفسكي):قصة يرويها رجل ميت
- الهاوي 1979:كريستوف كيسلوفسكي: التعلق بسينما وثائقية ذات معط ...
- الندبة 1976(كريستوف كيسلوفسكي):شاب سينمائي حقيقي لازال متعلق ...
- تعريف امرأة1982(مايكل أنجلو أنتونيوني): القضية الوجودية الحق ...
- نقطة زابرسكي1970(مايكل أنجلو أنتونيوني): مغامرة تختلف عن الم ...
- قتلة بالفطرة 1995(اوليفر ستون):عن مجنونان بريئان من الجنون ل ...
- 1966 مايكل أنجلو أنتونيوني: Blowe-pالانفجار أو تكبير الصورة: ...
- الصحراء الحمراء1964(مايكل أنجلو أنتونيوني): (حتى الطيور تعلم ...
- الخسوف 1962(مايكل أنجلو أنتونيوني):عن سينما غارقة في التفاصي ...
- Eros2004:مايكل أنجلو أنتونيوني وستيفن سوديربرج وونغ كار واي
- اسطورة 1900 جوسبي تورانتوري1999:حكاية شخص لم تلمس قدميه أرض ...
- سينما براديسو1990(جوسبي تورانتوري): حكاية افضل فيلم يتحدث عن ...
- الليل1961(مايكل أنجلو أنتونيوني): حوارات عابرة بين زوج وزوجت ...
- المغامرة 1960(مايكل أنجلو أنتونيوني): سينما اللاحدث،أو سينما ...


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - كيسلوفسكي وتأكيد الحالة الذهنية:فيلم قصير حول الحب