أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محسن لفته الجنابي - أم سعد وحملها الثقيل














المزيد.....

أم سعد وحملها الثقيل


محسن لفته الجنابي
كاتب عراقي مستقل

(Mohsen Aljanaby)


الحوار المتمدن-العدد: 4200 - 2013 / 8 / 30 - 08:15
المحور: كتابات ساخرة
    


جارتنا أم سعد تشبه كثيرا المرحوم عبد الله السلمان ذلك الرجل الطيب الذي تحول الى مضرب للأمثال فيما يتعلق بصفة الفضول والاهتمام بكل تفاصيل الناس , تحشر أنفها بكل الأمور وتشمشم الأخبار , من الفجر حتى العصر نراها تكنس الشارع وترشرش الماء , أمرأة متقدمة في العمر نعتبرها أنموذجا للمرأة العراقية المتحضرة الأفعال , رغم طبيعتها الصارمة فهي لا يعجبها العجب ولا أحد ينجو من لسانها الذي يشبه المنشار , لكنها صاحبة ترحيب و كل من يسلّم عليها تحمله بالصلوات , دقيقة رصينة لاتطيق الأعوجاج .
أصعب مصيبة واجهت أم سعد حدثت بعد السقوط , بيتها كان يطل على ساحة عامة على شكل حديقة كثيرا ما كانت تسقيها و تنظفها وتشذب شجيراتها بجهدها الخاص وفي أحد الصباحات السوداء فوجئت بحي جديد ظهر أمام بيتها , الباب بالباب , تبين أن الساحة نفسها فُرهدت وقسمت على يد الحواسم (أولئك الفقراء ممن يستبيحون المال العام) رغم أن البلدية سجلتها ضمن التخطيط العمراني كمساحة خضراء , لكنها تحولت رغم انف الجميع الى مساكن عشوائية , المسكينة لبست عبائتها وذهبت للقادمين الجدد لتعترض , لم يكترثوا لها , أسرعت الى دائرة البلدية وحرّضتهم , ليخرجوا بلجنة كشف موقعي معهم سيارتي شرطة فلم يتغيّر من الأمر شيء , راجعت الكثير من المسؤولين فكانت النتيجة نفس الشيء , الجميع عاجز أو يخاف , الناس جميعهم رضخوا للأمر الواقع الا الحاجّه أم سعد , من يعرفها يتعجب , كيف سيطرت على أعصابها طوال العشر سنوات ولم ترتكب جريمة , تجلس على مضض لتتأمل الحي الجديد , تراه مجرد فوضى وأزبال , لتستذكر الحديقة العامة التي كانت تقضي فيها أجمل الأوقات, هي الآن أطلال ونفايات بداخلها خليط من البشر الهجين في نظرها مجموعة قذرين لا يعرفوا النظافة والجمال , أستسلمت أم سعد و بقيت صابرة و بداخلها تشتعل النيران , ضاقت بها السبل فخضعت ظاهريا مثل بقية الناس ولم تجد وسيلة تلجأ اليها سوى بث الدعايات
منذ خمس سنين خرجت على المنطقة بدعاية بأن الدولة ستوزع شقق سكنية في مجمع عملاق أسمه بسماية , بعدها بسنتين أتت بدعاية أخرى مفادها أن الحكومة توزّع قطع أراضي في مناطق الراشدية و أبو غريب وسلمان باك ,كلما سمع سكان المنطقة دعاية جديدة ينتعشون بصمت عسى أن يأتيهم صحيح الأخبار , أما القادمون الجدد فصدّقوا أول الأمر حتى يئسوا فباتوا لا يكترثون لكل ما يسمعون بعد أن عرفوا أن الأمر ورائه أم سعد المثكولة بهم فهي تمقتهم ولذلك لا يصدقون , أذن من طين وأخرى من عجين و كلما سمعوا خبر يجيبون بأقتضاب : كلاوات
اليوم أتتنا بخبر جديد بـ(الباكيت ) وأخذت تدو في المنطقة (بشطريها الطابو و الحواسم) عشرات المرّات وتصرخ لتقول :
ياناس ياعالم تره أكثر بيوت كرادة مريم فارغة وبيها كومة آثاث والمكيفات تجرخ ليل نهار و أهلها كلهم عافوها وهسه گـاعدين بكرفانات بالمطار ..
حين سمعت الخبر قفزت لأتأكد منها وجها" لوجه , سألتها :
شنو السالفة أم سعد ؟ تگـول الخبر صحيح وروح جبّار ( رجلها ألله يرحمه أسمه جبّار ) ..
زين شنو مصدر الخبر ؟ تگـول قبل شوية شفت سيّد سمير واليوم كان بالمطار , عنده معاملة صارله سنة يركض بيها و باقية على توقيع مسؤول كُللش جبير وآخر شي لگـه واسطة أنطاه فلوس وراح وياه لكرادة مريم بالخضراء ومالگوا أحد هناك , المنطقه تصفر , فراحوا كملوها بالمطار والجماعة كلهم هناك ..
مسكينة أم سعد , تعاطفت معها وتأكدت من حقيقة , أن كوم الحجار القاسي بمنشار أفضل من الحواسم فقد دمروا المنطقة بالقاذورات والمشاكل وحتى مخدرات , والجميع صامتين , من الخوف أو تأنيب الضمير , لكن تلك المرأه حريصة شجاعة نظيفة , تعيش هاجسا" يقض مضجعها وتحاول التخلص منه بكل الأشكال , فالأمر عندها لايطاق , ففوق فضلات منزلها تنظف كل ماحولها من مكان يعج اليوم بشوائب وأوساخ بشتى الألوان , فقدت أم سعد وكل المنطقة العنصر الأهم , ذلك المتمثل بجمالية المكان , أصعب ماقالته أم سعد عبارتها التي لاتفارق البال فقد أدمعت عينيها وهي تخبرني أنها أشد ماتخشى هو أن تموت ولاترى المكان حديقة نظرة جميلة رائحتها الطيبة تغمر المكان , هي نفس عبارة الرجل التونسي ذو الشعر الأبيض حين بكى وهو يردد : قد هرمنا لنشهد تلك اللحظات , عسى أن يتحقق حلمها برحيل الطارئين ليرحلوا الى ساحة ما ..والختام سلام أحبتي الكرام .



#محسن_لفته_الجنابي (هاشتاغ)       Mohsen_Aljanaby#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سؤال من صديقتي في بيفرلي هيلز
- بصاق مختارين المحلة
- عراقيون بسرعة الضوء
- تعلولة عراقية تماشيا مع دعوة شيل وشمر
- مرحبا- بكم في مصانع تعليب الأرهاب
- آسفين يا جدعان الأعلام الغربي خاين من زمان
- الحدائق الخلفية تغادر العراق
- ماع المسمار .. يا أحرار
- حكومة بريئة و شعب في صمت يذبح
- راسم لايعرف الرسم
- النجدة .. صرصور في البيت
- جتّالي موش أبعيد من هاي الشكولات
- رسالة الأرهابي البرشلوني
- تشخيص دون علاج نتيجته طوفان من الأوبئة - في الذكرى الثامنة ع ...
- معارضون أم طغاة أم توائم متماثلة
- مكابدات (مونيكا) في العراق الجديد
- قاتل المئة بضربة واحدة
- خشمك مضايقني ... روح غيّر أسمك
- منتوفات من لحيّة الطمّاع
- خلالات العبد وأنتخاباتنا الديمقراطية جدا


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محسن لفته الجنابي - أم سعد وحملها الثقيل