أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - فساتين زمان













المزيد.....

فساتين زمان


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4177 - 2013 / 8 / 7 - 18:40
المحور: المجتمع المدني
    


في صالون بيتي، صورةٌ بالأبيض والأسود لأمي في ثوب الزفاف. العدسة لمصور فوتوغرافيا إيطالي شهير اسمه "فان ليو" Van Leo، أظن أن محلّه مازال موجودًا في أحد شوارع وسط البلد العريقة. أمي كانت مفتونة بالفنانة فاتن حمامة، مثل معظم بنات جيلها. حتى أنها أسمتني "فاتن"، وبقيت بهذا الاسم شهورًا، حتى عادت جدتي من رحلة كانت ترافق فيها جدي، المهندس المعماري الذي كان يعمل بالسعودية، غضبتْ جدتي من أمي لأنها لم تسمّ طفلتها على اسمها: "فاطمة"، فغيرت أمي اسمي، لكنها ظلت حزينة لأنها "خانت" فاتن حمامة!
كانت أمي تُفصّل فساتينها من كتالوج أفلام فاتن حمامة. وفي عرسها، طلبت من الخياطة اليونانية أن تصمم لها ثوب الزفاف مشابهًا لثوب زفاف فاتن حمامة في فيلم "سيدة القصر"، وأمام عدسة "فان ليو"، جلست العروس الجميلة: "سهير"، التي ستغدو أمي، نفس جلسة فاتن حمامة في عُرسها بالفيلم.
وفي صالون بيتي صور أخرى لأمي، أيضًا بالأبيض والأسود، في فساتين أنيقة لا تشبه ما نراه اليوم من ثياب النساء. كانت الفساتين جميلة، رقيقة، تلبسها البنات فيشبهن الفراشات، كأنهن باليرينات رشيقات لا يمسسن الأرض بأقدامهن، بل يطرن ويكدن يلمسن السماءَ بأطراف أناملهن.
ربما لهذا نحبُّ أفلام زمان، الأبيض والأسود. حيث البشر راقون، والألسن نظيفة لا تعرف إلا المعاجم المهذبة، والبنايات منظمة منسّقة، والشجر كثيف أخضر يرمى بظلاله على شوارع نظيفة مرتبة، التماثيل في الشوارع مغسولة مصقولة، الرجال أنيقون مهذبون، والسيدات فاتنات في ملابسهن الأوروبية بالكعوب العالية والحقائب التي كأنها قطعٌ تشكيلية من الفن الرفيع. ورغم الملابس القصيرة، لم يكن هناك تحرش ولا بذاءة. كنت أتصفح ألبوم صور أمي القديم، فشاهدت صورة لها مع شقيقتها في حديقة عامة. كانت أمي في فستان ساحر بخصر ضيق وجيب واسعة كلوش وكولة رقيقة وبلا أكمام. سألتها: "مكنش حد بيعاكسك وأنت خارجة كده؟" فتجهمت وقالت لي بحدّة: "على أيامنا مكنش فيه في قاموسنا كلمة سخيفة اسمها ‘معاكسة’". كان الشباب محترم ولا يرفع عينه في وجوه البنات. كنا في زمن بريء. الكل يحترم الكل. والشاب يعتبر كل البنات السائرات في الطريق شقيقاته." صدقتِ يا أمي، الفضيلة والتحضر واحترام المرأة، ثقافةٌ وليست ملابسَ. الحجاب والنقاب ملأ جوانب مصر الآن، ومع هذا صُنّفت مصرُ في المرتبة الثانية على مستوى العالم في التحرش بالمرأة!! أما المرتبة الأولى فاحتلتها "أفغانستان"، التي تفرض النقاب الكامل على نسائها! الفضيلة في الدماغ، لا في طول الثوب وقصره.
وأنا، أنتمي إلى تلك المدرسة في الأزياء. خلقني اللهُ أحبُّ الأناقة وأحترمُ الجمال. ومتطرفةٌ في ذائقتي. إن التقيتَني، سوف تجدني إما في ملابس كاجوال سبور خفيفة: أي جينز وحذاء رياضي وتي-شيرت لزوم سرعة الحركة، أو ستجدني في فستان ستينيّ من ملابس أيام الجمال والشياكة: "الأبيض والأسود". لكن الحصول على تلك الفساتين الآن ليس بالأمر اليسير. للأسف أجدها في أوروبا وأمريكا أكثر مما أجدها في القاهرة! القاهرة التي كانت، حتى منتصف القرن الماضي، مدينة الأناقة والشياكة. حتى أن أميرات الشرق كنّ يأتين إلى مصر لكي يتسوقن ملابسهن من محالّ مصر. إحدى تلك الأميرات كانت سببًا في حل مشكلة أمي مع اسمي: "فاتن"، الذي أُجبرَت على تغييره إلى "فاطمة"، إرضاءً لجدتي.
كان أبي يطالع صحيفة الأهرام، حين كان عمري شهورًا قليلة، فقرأ "مانشيت" يقول: "وصول الأميرة الإيرانية "فافي" إلى القاهرة في رحلة تسوّق من بيوت الأزياء المصرية". فهتف أبي: "خلاص يا ستي، لاقيت لك حل! ندلّع البنوتة بـ‘فافي"، ويبقى وسط بين فاتن وفاطمة". وقد كان. وهو اسمي الذي تناديني به عائلتي وأصدقائي وجيران الطفولة. طوبى للفساتين الجميلة.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسائل إلى معتصمي رابعة
- مرسي وميمو... وفؤاد المهندس
- المسلسل الهندي‬-;-: ‫-;-الاتجار بالأديان في شريع ...
- كلاكيت تاني مرة/ بالمرح والإبداع، المصريون يُسقطون النظام
- دمُ المصريّ، الرخيص!!
- حبّة تمر، وصليب أزرق
- مقال الذي مُنع من النشر في عهد مرسي
- عصام العريان، وحكايا عالم سمسم
- الفريق السيسي، صانع الفرح
- عزيزي مقهى إيليت
- يعقوب، وطفل يحمل الكفن
- مفتاح الحياة، يا مصرييييييين!
- إيد واحدة
- الشاهدُ على لحظة الفرح: المقدم حسين شريف
- حلمُ العودة إلى 1954
- مادةٌ -فوق- دستورية!
- -نريدْ/ إسقاط/ ْأبواقِ النظام -
- يومٌ آخر من ميدان التحرير، قلب مصر النابض
- لليوم الخامس عشر على التوالي، يحدث في مصر
- نحتاجُ رئيسًا بحجم تحضّرنا


المزيد.....




- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...
- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن
- اعتقال رجل هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإيرانية بباريس
- طهران تدين الفيتو الأمريکي ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- عشية اتفاق جديد مع إيطاليا.. السلطات التونسية تفكك مخيما للم ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - فساتين زمان