أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - مفتاح الحياة، يا مصرييييييين!














المزيد.....

مفتاح الحياة، يا مصرييييييين!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4078 - 2013 / 4 / 30 - 11:53
المحور: الادب والفن
    



ماذا يعني ألا يعرفَ مواطنٌ (مصريٌ) رمزًا فرعونيًّا مهمًّا وأساسيًّا اسمه: (مفتاح الحياة)؟ يُفاجأ به، ويُبهَت، (بُهِتَ الذي جَهَل) كأنه لم يره في حياته؟ ثم، حين يراه للمرة الأولى يظن أنه صليبٌ مسيحيّ؟ هذا يعني الكثير. أولا: يعني أنه جاهلٌ جهولٌ جُهَّلٌ جُهْلٌ، ولا يستحق أن يكون مصريًّا! لأن من يجهل ماضيه لا مستقبل له. ويعني، ثانيًّا، أنه لم يزر معبدًا ولا متحفًا مصريًّا في حياته، ولا طالع مجلة أو كتابًا يتحدث عن الحضارة المصرية (حضارة أجداده الذين لا يُشرّفهم أن يكون مثل هذا حفيدَهم). ويعني أن أيَّ طفل من صعيد مصر في السابعة من عمره، من الأقصر أو أسوان أو سوهاج، يعرف ما جهل صاحبنا الجهول (اللي نايم على الانترنت طول النهار) لأن ذاك الطفل الصعيدي المثقف يشاهد هذا الرمز الجميل كل يوم على جدران معابدنا العظيمة. ويعني أن صاحبنا الجهول يعاني من غيبوبة زمنية لا علاج لها، لأنه لا يعرف أن مفتاح الحياة (عنخ)، يسبق الصليب المسيحيّ بثلاثين قرنًا على الأقل. ويعني أن وزراء التعليم المصريين يستحقون الإعدام رميًّا بالحجارة، تحت أي مسلّة فرعونية، وأن وزارات التعليم المصرية المتعاقبة فاشلةٌ عبر تاريخها؛ لأن التلميذ الصغير من المفترض ألا يصل إلى الصف الخامس الابتدائي إلا وقد شرب وهضم وتعلّم كل صغيرة وكبيرة عن حضارة أجداده، كما يعرفها، عن ظهر قلب، أي تلميذ أوروبي وياباني وكوري وهندي وأمريكي وكنديّ. وأن تلك الوزارات تتعمد تجهيل النشء بحضارتنا بدل أن تجعلها مادة أساسية في كتاب مستقل. ويعني أن الإعلام المصري فاشلٌ آثمٌ لأنه لم يكرس "علم المصريات" Egyptology، مادة أساسية بين خطط برامجه، كما يليق بهذا العلم الرفيع، وكما يليقُ بنا كمصريين. ويعني أن أمَّ هذا الجهول قد قصّرتْ في حقّ ابنها أيّما تقصير، فملئت معدتَه لحمًا وشحمًا ودهنًا ودسمًا وشعيرًا وقمحًا، ونسيت أن تملأ رأسَه بالمعرفة، فاستحقتِ اللعنةَ المعرفية. ويعني أن المصريين الراهنين أهملوا في نقل الأمانة الغالية من السَّلف إلى الخلف، وأخفقوا في أن يعلّموا الأحفاد إرثَ الأجداد الاستثنائي، ونسيوا أن يشتروا لبناتهم قلادات تحمل هذا الرمز الجميل، يعلقنها فوق نحورهن بخُيلاء، لكي يتباهين بأنهن مصريات. ويعني أن المصريين الراهنين لا يستحقون أن ينتسبوا لتلك الحضارة العظيمة التي دوّخت الدنيا ومازالت تحيّر العلماء والفلكيين والأطباء والمهندسين والفنانين والأنثروبولوجيين والفلاسفة منذ خمسين قرنًا وحتى نهاية التاريخ.
حسنًا، وماذا يعني أن تشفق على هذا الجهول، سالف الذكر، وتقرر أن تعلّمه أن هذا هو مفتاح الحياة الذي لا تخلو منه جدارية فرعونية أو لوحة مصرية قديمة، لأن الفراعين كانوا يعتبرونه رمزًا للحياة الأبدية بعد البعث، ولهذا كان يحمله الإله والملك والملكة كما يحمل الملوك الصولجانات؟ تخبره بهذا فتشخص عيناه في بلاهة كأنه لا يفهم معنى الأبدية والبعث والصولجان والرموز؛ فتقرر أن تبسّط له المسألة بأسلوب "ماديّ" يقدر أن يفهمه بقدراته الذهنية المحدودة، فتقول له: "اختلف علماء المصريات في تفسير ذلك الرمز، لكن أحد تلك التفسيرات يقول ربما هو رمزٌ لالتقاء الذكر والأنثى؛ لأن في لقائهما تكمن هبة الحياة وتتجلى عظمة الخالق العظيم، أي الله. وأن الدائرة العلوية قد تمثّل الرَّحم، مصدر الحياة للبشر. وأنه يرمز لالتقاء إيزيس وأوزوريس. وأن الخط العمودي في المنتصف ربما يمثل التقارب من قطبين الذكر والأنثى، أو التكاثف بين الأضداد. وقد يمثل الخط الرأسي نهر النيل، حابي، محور حياة المصريين، في حين تمثل الدائرة العلوية مثلث الدلتا، ويمثل الذراعان الأفقيان شرق مصر وغربها". هنا يبتسم لك صاحبنا كأنه فهم. فيطمئن قلبك أنه، أخيراااااا، أصبح مصريُّا. ويعني أنك أهديته معلومة قيمة وبديهية وأساسية، كان لابد أن يعرفها وهو طفل صغير، وأنه صار لك عبدًا؛ لأن (مَن علّمني حرفًا؛ صرتُ له عبدًا). إذن، ماذا لو لم يشكرك ذاك الجهول بعدما أزلت جهله؟ يعني أنه قليل الأدب وخسارة فيه "العلام". طيب، بعدما علمته ما يجهل، ماذا لو أصرّ إصرارًا وألحّ إلحاحًا على جهله؟! فنظر إلى صورتك وأنت ترتدي على صدرك مفتاح الحياة في قلادة فضية، فيهتف قائلا: "بس ده صليب والنيعمة!"؟
هذا يعني أن الناس صِنفان: صِنف يتعلم وصنف يجهل. ثم يعني أن الجاهلَ صِنفان: صِنف يكره الجهلَ ويسعى إلى العلم، وصنف آخر "يستمتع" بالجهل ويُصرُّ عليه؛ (كما يصرّ الخروف على "عِلو" البرسيم)، لأنه لو فهم، مات!
ثم يعني، في الأخير، أن حظك "مهبب" لأنك وقعت في هذا الصنف الأخير وأهدرت وقتك معه، وأنه لا يستحق أن يعرف لأنه هو والكرسي الجالس عليه، سواء.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيد واحدة
- الشاهدُ على لحظة الفرح: المقدم حسين شريف
- حلمُ العودة إلى 1954
- مادةٌ -فوق- دستورية!
- -نريدْ/ إسقاط/ ْأبواقِ النظام -
- يومٌ آخر من ميدان التحرير، قلب مصر النابض
- لليوم الخامس عشر على التوالي، يحدث في مصر
- نحتاجُ رئيسًا بحجم تحضّرنا
- رسالة إلى كل أسرة مصرية، أرجوكم، لا تكونوا طابورًا خامسًا
- أكتب إليكم من ميدان التحرير
- احذرْ كتابَ التاريخ
- جمعةُ الغضب الساطع
- أشرف ثورة في تاريخ مصر
- شيءٌ من الخيال لن يفسدَ العالم
- حوارٌ مع صديقي المتطرّف
- يا نعيش سوا يا نموت سوا
- هديةُ الرئيس لأقباط مصر
- دماءٌ على وجه البحر
- وجوب قتل مليون برادعي في مصر
- كاهنُ إيطاليا ومتأسلمو مصرَ!


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - مفتاح الحياة، يا مصرييييييين!