أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - حلمُ العودة إلى 1954














المزيد.....

حلمُ العودة إلى 1954


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 3294 - 2011 / 3 / 3 - 12:53
المحور: المجتمع المدني
    


"هل حدثَ ما حدث بالفعل؟" أسألُ نفسي هذا السؤال كلَّ نهار منذ أسبوعين، بمجرد أن أفتح عيني لأستقبل شعاع الشمس الجديد من نافذة غرفتي. هل تحررنا، أم أنني مازلتُ أحلم ذاك الحلمَ المتكرر بأن أشهدَ مصرَ وقد أزاحت عن صدرها عبئًا وزنه خمسون عامًا؟ (لا تصدقوا أنه ثلاثون كما تقول الإشاعة). صحيحٌ أن المصريين يملكون أسبابَ ثورتهم نصفَ قرن، وبالطبع يمتلكون الطاقةَ عليها، لكن الحكومات المتعاقبة ظلّت تعملُ على "إنهاك" طاقة الشعب واستنزافها في الركض اليوميّ وراء رغيف الخبز وعلبة الدواء والدروس الخصوصية، وطبعًا في الركض وراء الأتوبيس، ولعب الأكروبات لمناورة البالوعات المفتوحة وبِرك مياه الصرف والشوارع المهشمة وأعمدة الإنارة المكشوفة أسلاكها في انتظار المصعوقين! كأننا في دولة بلا وزارات ولا وزراء ولا مسئولين، ولا حاكم! هل بالفعل تخلّصت مصرُ من هذا الكابوس الثقيل؟
والآن، هل يجوز لي أن أحلم بغدٍ أكثر جمالا يليق بدولةِ أعرق الحضارات: مصر؟ أن أحلمَ بجمهورية مدنية ليبرالية حرّة؟ تتقلص فيها صلاحياتُ الرئيس وسُلطاته، ليكون القرارُ للشعب متمثلا في برلمان حقيقي نزيه حر؟ مجتمع مدني علماني لا فرق فيها بين امرأة ورجل ، مسلم ومسيحيّ، فقير وغنيّ، صاحب سلطة وعديمِها؟ وهنا وجب عليّ أن أضع التعريفَ الصحيح لمفردة "العلمانية" Secularism التي ظُلمت كثيرًا، إذ نُعِتت بأقذع النعوت وأفظعها، وهي من كل نعوتها براء. يتناقلُ ناعتوها نعوتَها الكاذبةَ بتكاسل ونَقلية دون أن يجشِّموا أنفسَهم عناء التقاط أي معجم من مكتباتهم ليعرفوا معناها البسيط الطيب: "فصل الدين عن السياسة." فصل الكهنوت عن الدولة. هكذا تقدمت أوربا حين حرّرت السياسةَ والعِلمَ من سيطرة الكنيسة. الدين لله والوطن للجميع. هكذا ببساطة. لا فيها إلحادٌ ولا فيها كفرٌ ولا فيها لادينية ولا فيها رذيلة، وغيرها من التُّرهات التي التصقت زورًا بهذا المصطلح: "العلمانية"، لمجرد أن جاهلا أساء فهمَها يومًا، ثم نقل فكرَه المغلوط لآخرين، وبدورهم ظلّوا يتناقلون الأغاليطَ دون تدقيق أو محاولة فهم. تلك ثقافة: "قالوا له"، التي تحدثتُ عنها كثيرًا بوصفها أكبر أسباب أزماتنا الراهنة وتردّينا الفكري، نحن أبناء الأمة التي أنجبت طه حسين، وزكي نجيب محمود، والطهطاوي ومحمد عبده وغيرهم من قامات مصر السامقة الرفيعة. ثقافة الإشاعة التي وضعها المفكر الإنجليزي فرنسيس بيكون في ق 17، ضمن "الأصنام الأربعة" التي تستعبد الإنسانَ وتعوّق التفكير السليم. أسماه: صنم "السوق"، حين يتداول السوقةُ الأفكار المغلوطة، ثم يشيعونها بين الناس فتغدوا حقائقَ دامغة يتقاتل الناسُ في سبيلها دون أن ينتبهوا أنهم يتقاتلون من أجل ترهات وأكاذيب.
هل أحلم بجمهورية برلمانية ديمقراطية تقوم على دستور نظيفٍ عادل يحترم كرامة المواطنين ويحفظ حقوق المواطَنة لجميع أبنائه دون تمييز، ويحميهم من بطش الحاكم ونظامه؟ دستور مدني راق مثل دستور 1954، الذي أُجهِض قبل أن يرى النور لأسباب تخصُّ الضبّاط الأحرار وشهوة السلطان. ذلك الدستور الذي كتبته نخبةٌ من أنجب عقول مصر آنذاك، وأرقاها.
هل أحلم بدولة تحتضن مواطنيها فيشعرون بانتمائهم الحقيقي لها فلا يهينون أرضَها ولا شرفَها؟ يتقنون أعمالهم ولا يلقون قمامة في الطريق، يحبون بعضهم البعض فلا يخرجون من أفواههم إلا القولَ الراقي بوصفهم أبناء أجمل وأرقى بلاد الله؟
هل أحلم بمياه النيل خالية من المعادن الثقيلة والرصاص والبكتريا التي دمّرت كُلى المصريين وأكبادهم؟ وخضروات خالية من المبيدات المسرطنة التي جعلت آلافًا من أطفال مصر يرقدون على أسرّة مستشفى 57، بدل أن ينعموا باللعب مع أقرانهم والنوم في حضن أمهاتهم؟
هل أحلم أن نزاوج بين تكنولوجيا 2011، التي صنعت ثورتنا، ورُقيّ مصر في الخمسينيات؟
أحلامي كثيرة لا تتحملّها مساحة هذه الزاوية. لكنها، كما ترون، لا تخرج عن الحقوق الإنسانية البسيطة التي تكفلها كل دول العالم المتحضر لأبنائها. الحلمُ بالحياة، في تعريفها البسيط الأوليّ.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مادةٌ -فوق- دستورية!
- -نريدْ/ إسقاط/ ْأبواقِ النظام -
- يومٌ آخر من ميدان التحرير، قلب مصر النابض
- لليوم الخامس عشر على التوالي، يحدث في مصر
- نحتاجُ رئيسًا بحجم تحضّرنا
- رسالة إلى كل أسرة مصرية، أرجوكم، لا تكونوا طابورًا خامسًا
- أكتب إليكم من ميدان التحرير
- احذرْ كتابَ التاريخ
- جمعةُ الغضب الساطع
- أشرف ثورة في تاريخ مصر
- شيءٌ من الخيال لن يفسدَ العالم
- حوارٌ مع صديقي المتطرّف
- يا نعيش سوا يا نموت سوا
- هديةُ الرئيس لأقباط مصر
- دماءٌ على وجه البحر
- وجوب قتل مليون برادعي في مصر
- كاهنُ إيطاليا ومتأسلمو مصرَ!
- نعم، قدرُنا واحد!
- بطلوا اإفترا بالتي هي أحسن!!
- الشعبُ، يدُ الحكومةِ الباطشةُ


المزيد.....




- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة
- إجراء خطير.. الأمم المتحدة تعلق على منع إسرائيل وصول مساعدات ...
- فيديو خاص: أرقام مرعبة حول المجاعة في غزة!!
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بفتح المعابر لدخول المساعدات إلى غز ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - حلمُ العودة إلى 1954