|
البعثية تهمة صارت تطارد عرب العراق سنة وشيعة !
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 1191 - 2005 / 5 / 8 - 07:50
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
يبدو أن اللوبي الأيراني بعد أن تمكن ترسيخ اقدامه في الحكومة العراقية ، والجمعية الوطنية ، حمل اتباعه تهمة جاهزة معهم ، كانت قد طبخت في مطابخ المخابرات الايرانية ( اطلاعات ) ، فراحوا يقذفونها بوجه أي شخص عربي شيعيا كان هذا أم سنيا ، تحت أغطيت تعددت ، لكن يظل الدين ، والمذهبية ، واللوذ بالمرجعية هي من بين أهم هذه الاغطية التي راح يتبرقع بها هذا اللوبي الذي استطاع بخبث أن ينفذ الى مواقع متقدمة في السلطة ، ولو لم تكن بيد هذا اللوبي تهمة جاهزة غير تهمة ( البعثية ) لكانت تهمة الجنس العربي هي البديل الذي سيبررون فيه قتل العرب في العراق ، مثلما راحوا يعلنون في بيانات رسمية بضرورة ملاحقة البعثية ، اينما وجدوا ، وطردهم من الجامعات ، ودوائر الدولة ، وقتلهم على الظنة ، وبطريقة عنصرية حاقدة تذكر العراقيين بعنصرية صدام حسين ، وبعض المجرمين من البعثين الذين صيرهم ، مثلما يريد هو ، وليس مثلما يريدون هم . العراقيون العرب شيعة وسنة يدركون قبل غيرهم أن هناك قوى شريرة تأتمر بأمر ايران جاءت لتحكم العراق بالطريقة التي حكمه بها البويهون الفرس منذ قرون ، متظاهرين بأنهم جاءوا ليبكون الحسين عليه السلام ، وأهله بيته الذين استشهدوا معه في واقعة الطف ، حاملين معهم القامات لشج الرؤوس ، والزناجيل لجلد الظهور ، وذلك بعد أن لبست بغداد السواد للمرة الأولى ، بينما ظلت العشائر العربية الشيعية تندب الحسين وأهله وأصحابه بطريقة بعيدة عن سفك الدماء ، تكتفي باعادة وقائع تلك المأساة المفجعة من على المنبر الحسيني ، وفي الايام العشرة الاولى من شهر محرم ، وفي طقس ظلت العشائر العربية الشيعية متمسكة به الى زمننا الحالي ، رافضة الانجرار وراء الطقوس الايرانية التي بات تنتشر الان في بعض المدن العراقية ، تلك الطقوس التي بات العراقيون العرب يستفزون بها ، لانهم يدركون أن بكاء هؤلاء ليس على الامام الحسين عليه السلام ، وإنما على ( الهريسة ) * ، مثلما يقول أهلنا في العراق . لا أحد ينكر أن صداما كان حاكما مجرما ، مستبدا ، قتل من العرب أكثر مما قتل من غيرهم ، وقد صب ظلمه على جميع العراقيين بدون استثناء ، وشمل هذا الظلم البعثيين أنفسهم ، فصدام أراد أن يفصل حزب البعث في العراق على مقاساته هو كمجرم ، وبذلك فقد حرص على أن يشرك كل بعثي بجرائمه . ففي حمامات الدم ، والاعدامات التي كان يقيمها أصر على مشاركة القيادات الحزبية في قتل العراقيين سواء كانوا هؤلاء العراقيون داخل الحزب أم خارجه ، كما أنه حاول الغاء كل التقاليد ، والاعراف ، والعادات الاجتماعية الجميلة التي درج عليها العراقيون في القربة ، والجيرة ، أو في واجب تقديم التعزية بميت ، أو التهنئة بزواج ، ولي أن أذكره هنا ذلك التعميم الحزبي الذي أصدرته منظمة حزب البعث في مدينتي التي كنت أعيش فيها ، وذلك بمناسبة زواجي ، فقد تضمن ذلك التعميم منعا باتا لجميع اعضاء تلك المنظمة في عدم تقديم واجب التهنئة لي بمناسبة زواجي ذلك ، رغم أنني كنت قد هنأت الكثيرين منهم في زواجهم ، ولم يتحدَ هذا التعميم إلا اثنان من اعضاء تلك المنظمة ، احدهما صار مسؤولها فيما بعد ، وذلك حين رضخ لتهديد أمه التي قالت له أنها هي التي ستذهب عوضا عنه ، لتقدم التهنئة لي ، والآخر قال لي جئت لك على موتي ، لقد قال لي أحد أعضاء المنظمة أننا سنعدمك في حالة تقديمك التهاني لفلان . ألم يجد القارىء الكريم أن أعضاء هذه المنظمة يعيشون في حزب هو أشبه بمركز شرطة يقوده رجل على شاكلة هتلر النازي ؟ المثال الذي تقدم هو حالة من ظلم كان جميع أعضاء تنظيمات حزب البعث تخضع لها ، فهم أينما رموا بعيونهم وجدوا أمامهم صداما حاملا سيفا ، أو بندقية تطلق رصاصا أهوجا ، وقد طال هذا الرصاص العراقيين الذين هجروا العراق الى بلدان أخرى ، ومما أذكره هنا هو أنني انتدبت من قبل منظمة الحزب الشيوعي العراقي في عدن من أجل تغطية وقائع المحاكمة التي مُثل فيها ثلاثة من جهاز المخابرات العراقية ، ومن العاملين في السفارة العراقية فيها ، والذين قاموا بقتل الشيوعي العراقي ، الدكتور توفيق رشيدي ، استاذ الفلسفة بجامعة عدن . أحد هؤلاء يدعى عبد الرضا من أهالي المسيب من محافظة الحلة الذي كان يبكي بكاء مرا مثل بكاء امرأة فقد عزيزا على قلبها ، والذي روى للمحكمة أنه نفذ عملية القتل تلك بعد أن شرب ربع قنينة ويسكي ، وإنه قد تدرب على القتل هذا في عمارتين من منطقة الحارثية في بغداد ، احداهما تدعى عمارة الحياة ، والاخرى تدعى عمارة الموت ، وبعد أن يتدرب المخبر نظريا على اعمال التجسس في عمارة الحياة ينقل بعدها الى عمارة الموت التي تضم احواض حامض الاسيد المذيب الاجساد البشر . يواصل عبد الرضا ، وهو من شيعة العراق ، فيقول : كانا نقف في صفوف أمام تلك الاحواض ، ثم يُؤتى بالعراقيين المعارضين لحكم البعث في العراق مكتوفي الايدي ، ويُرمون في احواض الاسيد تلك ، فما هي الا دقائق ويتلاشى هذا الانسان الذي حملته أمه وهنا على وهن ، وسهر عليه ابوه في مرضه ، وحمله بين أذرعه في حالة تعبه . ثم يمضي هذا القاتل فيقول : أما نحن المخبرين المتدربين على الموت فنخضع لمراقبة شديدة من أماكن غير معلومة لدينا ، فإذا رأى هؤلاء المراقبون نفرا منا قد وقع ارضا لهول المنظر ، او تغيرت ملامحه خوفا وجزعا ، فان هؤلاء يطردون من هذه المهنة الحقيرة دون ابطاء ، ويظلون محط شبهة دائما من قبل الاجهزة الامنية الصدامية . وإذا كان البعثيون في الساعات السود من انقلاب شباط الاسود في سنة 1963م ، قد اطلقوا بيان رقم 13 من الاذاعة العراقية يدعون فيه الى قتل شيوعيي العراق، اينما وجدوا ، فالعجيب اليوم أن ينزل بريدي الالكتروني بيان صادر مما يسمى لجنة الاتحادات الطلابية تطالب بمطارة البعثيين دونما استثناء ، وطردهم من كل جامعات العراق ، مستمدين العزم على ذلك من قانون احمد الجلبي القادم مع الجيش العثماني الى العراق كما يقول هو ، ذلك القانون المبارك من اللوبي الايراني ، والذي يريد محاربة العرب كل العرب في العراق بتهمة جاهزة هي البعثية . لقد استفز العرب شيعة وسنة في العراق بما فيه الكفاية ، ويبدو أن بوادر ردهم على ذلك ، قد بدأت تظهر في شوارع العراق ، خاصة بعد ان انحدرت بعض من اجهزة الشرطة في العراق ، والتي اصبحت بيد اللوبي الايراني ، الى مستوى الارهابيين القتلة من جماعة الزرقاوي ، وغيره من جماعات القتل والارهاب ، فقتل الناس من قبل الشرطة دون اثبات تهمة صار علامة من علامات الديمقراطية التي حملتها الدبابات الامريكية ، مع رجالها الى العراق ، واطلاق النار على المصلين بحجة أنهم تظاهروا دون ترخيص ، مثلما يبرر ذلك نائب محافظ النجف جريمة لن يغفرها الناس في العراق لوزارة داخليته الجديدة ، وإذا كان اللوبي الايراني يشعر أن دماء العراقيين رخيصة الى هذا الحد ، فهم على وهم كبير ، وثانية هم على وهم كبير ! -------------------- * الهريسة : للذي لا يعرفها أكلة تقدم صبيحة اليوم العاشر من محرم الحرام ، وهو اليوم الذي ستشهد فيه الامام الحسين واهل بيته واصحابه الميامين .
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حلفوا بقسم مزور !
-
العراق في العهد الأمريكي !
-
مواعيد صولاغ !
-
الحكومة البتراء !
-
الموت خبط عشواء !
-
الكربلائيون يتظاهرون ضد الهيمنة الايرانية !
-
نطقت عن اليمن وصمتت عن الأحواز !
-
هكذا تكلم رامسفيلد !
-
ملا رسول : المثيولوجيا والواقع !
-
دولة على ظهر حمار !
-
اللوبي الإيراني : اجتثاث البعث أم اجتثاث العرب ! ؟
-
الأعجميان وفوضى الحكم في العراق !
-
البصرة وضراط القاضي !
-
شيوعيون في ضريح الامام الحسين !
-
الى وزير خارجية العراق ونوابه !
-
الجعفري بين الرضا الانجليزي والحذر الامريكي !
-
قراءة أخرى في نتائج الانتخابات العراقية !
-
التوافقية !
-
المقهى والجدل *
-
جون نيغروبونتي ملك العراق الجديد !
المزيد.....
-
مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
-
من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين
...
-
بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين
...
-
الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب
...
-
استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
-
لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
-
روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
-
-حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|