أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيف الناصري - وسيلة ناجعة تحدّرت اليهم من ثقافة المجتمع















المزيد.....

وسيلة ناجعة تحدّرت اليهم من ثقافة المجتمع


نصيف الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 4151 - 2013 / 7 / 12 - 14:18
المحور: الادب والفن
    


1

يخسر المتبضّعون في أسواق بابل حمولة فاحشة في غشّهم للعطّار والفلاّح
والتاجر، ويسندون ضآلة رأس مالهم على جرارهم المخسوفة. تجّار من
بلدان تصدّر نسيجها المزعوم، جلبوا الزبيب والشعير والآلهة، فبارت
تجارتهم وضيّعوا العدل بين الناس. الاستجمام في صيف الحدائق العالية،
صلاة وشيمة من شيَم المضطربين وأولئك الذين همّ عرضة لنوبات
الصرع والديون، لكنّ المجازفة في الصعود، لا تتساوى مع المهارة في حلم
الرغبة، وبابل تخفي لذائذها وتتحسّب للجماعات المتحاربة والأغراب
الذين ينتجعون العطاء من آلهتها القومية. بمقدور أيّ شعب أن يبيع آلهته
ويشتري الأسلحة والجلود والعاج والذهب في مدخل البوّابة المزركشة،
لكنّ الحرّاس الذين يرمقونه بشهب جنائزية، يحرقون تجمّعاته وبضائعه
وتحلّ عليه اللعنة المزدوجة. الدخول الى بابل متاهة تفرّخ متاهة، وعلى معشر
المتيقّظين الحذر الدائم من الغضب القومي للشعب.

2

عوائد كثيرة يجنيها التائه في برّية يومه، وفي نومه بمعية
ألمه الرديف تحت النسمة النحيلة لشعوره بالاغتراب، تضطرم
إستجابته لمشاركة الموتى وقائع حيواتهم ، ويلحق بأمثاله الى
جزر غاطسة في
قيظ الزمن، تلد فيها الأمهات وهنّ يتضرعن بعبارات غيبية
للنجمة التي تساعدهنّ وتحفّزهن على إسعاد المولود برميه
الى تماسيح الآلهة. مخلوقات إلهية أخرى تجوب خرائب حياتنا،
ونحتاج الى من يمثّلنا في مفاوضتنا معها على كيفية الفكاك من
العواقب التي تنتظرنا.


3

يؤهل المحتضر في حفره لقبره فرجة، تمكّنه من رؤية المتزاحمين
في توديعه والسخرية منه. توظيف الحيلة وإجلاء شماتة من تبقّى
يرتع في حشائش السنة، وإدامة الوهن في الروح، مواصفات جليلة
تلتصق في المرء الذي يعايش الورثة وهم يتشبّثون بخيلائهم الفارغ
وينتظرون إفراغه لأرض حياته من الهواء الجاف. وضعيات متعدّدة
ماتت فيها البشرية، وأجملها الميتة الازدواجية. يفكّ الميت رباطه مع
الموت ويعود مطالباً بثأره من الذين نذروه أضحية للفقدان.


4

تهنئة أهل الميت بموته ورؤية الهلال في الظهيرة المنحوتة للشيخوخة
وملامسة الجذر المتحرّك لأنف المتناقض مع نفسه، لا يستلزم إنعاشنا
فاعلية النواح على من قعدوا أسرى محاكاتهم للسحرة في قبورهم.
إيداع الموتى لأكفانهم عند ملوك الشعوب الذين يلتجئون اليهم في أول
موتهم، وسيلة غير شريفة لدفع الآلهة الى غفران ما اقترفوه في تعدّيهم
ونفخهم الشائعة ضدّ الحنطة المتفجّرة. تنوي الفراشة التي تتزوّج في
الصيف، نية حسنة في نذرها للعقيق وذرّه فوق فوق رؤوس النائمين
في خزائن خبراتهم ، لكنّ ما أضأل معجزات الانسان في التاريخ ؟
الإستعصاء في أقناعنا لمن يموتون وقولنا لهم انهم سيجذّفون في العودة
الى منازلهم بحصادنا العام القادم، لا يجلي قابليتنا على نفور الغائبين من
جاذبية يتلاقح فيها وعدنا لهم بالمفارقة.


5

معازل عائمة في الضواحي وأرصفة موانىء تناسى فيها البحّارة الجرحى
إعادة الأشياء التي فقدها الحجّاج في طريقهم الى أنصاب آلهتهم، نُخيّم فيها
ونطلق الصقور لإفزاع السكّان الأصليين. أهمية الطريدة نرمز لها بالحجارة
التي لا تدوم، وكلّ انطباع في التأنّي، نحيله الى نقيضه ونفعّل الحاجة الى ما
يضخّم التقوى. كراديس قبلنا حنثت باليمين وفلتت من نوائبها الجنائزية في
البراري، ونحن نلفّ الميت بقلنسوته وثوبه ولا نسمح له في الاختلاط بالفجر.

6

تذلّل دائم في الصقيع الأسود للحياة، نتمّ فيه تراجيديا شعائرنا
ونستجوب قروح شعيرنا وعدسنا وماشنا في الاهراءات التي
تعصف فيها الفداحة العظيمة للخسارة. إنفصالنا عن الذين
رحّبوا بنا في الماضي بلياقة، وتخلّوا عن نبيذهم الينا، وأسكنونا
حقولهم، وجعلونا الصدارة فيما بينهم، وأعطونا زمام المبادرة.
كلّفنا أن نمنحهم أسلحتنا ونبلي البلاء الحسن في الوشاية بهم الى
الأعداء والتجسّس ضدهم .

7

ن فاضلة كثيرة بنتها البشرية وسمّتها " أحلام/ تداخلات".
لكنّ انصياع الانسان الى جواز تبريره لشروره وإطرائه موته،
رسّخ في الطبيعة أوخم الفظائع. تأطير حوادث قتل الشعراء مع
الأمراء المتخمين بمؤامراتهم وبذلهم كلّ شيء من أجل الوصول
الى الروث، عصارة أفعال طائشة ولا ترضى بها الآلهة والتاريخ.
الفيلسوف الثرثار يصطرع مع نفسه ويخفي أيّ إطراء لإنشاد
النبي وهو يسترضي الآلهة والأقدار من أجل الصفح عن البشر
المتعبين في الأرض، في العصور الوسطى عجَّت معازل كثيرة
بالكهنة والمجذوبين واللصوص، وكان مغنّي الكلمة / النار يواسي
بضرامها كلّ مواكب المرضى والمحتضرين والموتى في فزعهم
الذي تسخر منه الملائكة. الهُيام بمواساة الانسانية والمدافعة ضدّ
يأسها وسلبها كرامتها، مهمّة الشاعر، وليست مهمّة من يتنحّى في
هبوب النسيم الملحد للطاعون.





8




تبّول اللصوص قبل شروعهم في السرقة على أنفسهم،
دلالة عظيمة على الحيطة من ما يستأنس له أصحاب
الكنوز، وتلاقيهم مع الحرّاس في الأحلام، نكبة مألوفة
ويعتادونها في إفراطهم بمماثلة أنفسهم بالملوك ورجال
الدين. تطبيع الجريمة مع الذين يشرّعون القانون وأولئك
الذين يعيّنون أنفسهم حماة لشرع الله في العالم، وسيلة
ناجعة تتحدّر الى السفِلة من ثقافة المجتمع.






9





يصرفون الغريب بمماحكتهم له من دون إكرام، ويضربون ميزان
أخوّتهم اليه بظمأ قاتل. طابع شرّير لا يقيّدهم الى الاحسان والرأفة
ويخرجهم من صلب انسانيتهم. شرائح أخرى تماثلهم في إفرازها
للشرّ، تحجب صورة الله في المعابد عن الناظرين وتوغل في
تجريدهم من محبّته والإيناس في التقرّب اليه، لكنّ المفاجأة التي
تستعصي على الفهم، هي إستحضارهم في كلّ حين قرابتهم الى
أولئك الذين يسمّونهم نسل الآلهة، وتعدادهم الصارم للدرجات التي
يصعدها المحظوظ الى الفردوس. إنصياع دائم لحتمية السكنى في
الآثام التي لا تنتهي.





12 / 7 / 2013



#نصيف_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السكن في الديمومة
- ما يتلاشى في حلم القانط من مكاشفته لنفسه
- انتشار الشائعة في ظهيرة المتحفّزين
- أجمل ما نثمّنه في امتعاظنا من موت الأغلبية
- يتحاشون التنميط في استجابتهم للرغبة
- الدموع النميرة لموتنا
- الذكرى التراجيدية للمحتضرين وأسلحتهم الظامئة
- يشرّطون الأغصان في الصيف
- في نشداننا العبور الى الجانب الآخر
- سعيهم لمشابهة أنفسهم بآلهتهم
- يشاركون العرّاف فريته ولا يعتدلون في إراقتهم للظمأ
- يكدّرون حاجتهم للنهار ويرصّون صفوفهم في الهاوية
- عسل دافىء يناوىء النائم في إفساده لجمال موته
- شعوب مطعونة وتتعرّض لليتم في البراري
- المنافع التي يحقّقها لنا البخت
- الضيوف الذين مرَّوا سريعاً في الوهاد
- أيّام العزاء على النسَّاجين
- نحلة طفلة يطرزون لها أغطية تشبه أيّامهم
- الحيطة لكلّ طارىء
- الشراك التي أضاعوها في شبابهم


المزيد.....




- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...
- حديث عن الاندماج والانصهار والذوبان اللغوي… والترياق المطلوب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيف الناصري - وسيلة ناجعة تحدّرت اليهم من ثقافة المجتمع