أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيف الناصري - يشاركون العرّاف فريته ولا يعتدلون في إراقتهم للظمأ














المزيد.....

يشاركون العرّاف فريته ولا يعتدلون في إراقتهم للظمأ


نصيف الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 4138 - 2013 / 6 / 29 - 20:44
المحور: الادب والفن
    




أواصر عنيفة تربطنا بالجاني ، لكنَّ رصدنا لفعلته وهو يُجهز بفأسه
على التمثال الكبير للملك . ضيِّع منّا الدليل في تشابهه مع ذات الإله .
لحظة مسعفة تضيء الحجارة الكريمة في الفراغ ، نُملّكها حبّنا
المتواضع للذين اغتيلوا وتجمَّدت فوقهم القبور . عرف قديم نحافظ
عليه في استدانتنا النقود العابسة من الطوائف التي تصطاد ملل
الأثرياء. نعمة عظيمة نلهج بها طوال النهار، لكن إيلام الميت لنفسه،
يفسد علينا النوم بأرض المتزمّتين، وكلّ قنديل في عفن الشجرة، مرآة
مضادة للفجر. يُخلّد الجاني الحرّ فعلته الضرورية ويعلي شأنه في
حبور حميم. لا نقش معيق ولا شهادة متحذلقة . شمس لافحة تستجيب
للتمثال وتخلع الملك عن عرشه.






يشاركون العرّاف فريته ولا يعتدلون في إراقتهم للظمأ ...





نُسجّي أوثاننا على الصخور المزمومة في الصيف ، وننتظر الكلمة
المملَّحة من العرَّاف. آبار منطقية ومقبولة تهجر أرضنا ونحن
نصطفي الفقاعة الأخيرة في إنشادنا للجفاف. التَحزُّب ضد أخطاء
الآلهة ، موهبة ينعم بها أولئك الذين يجوبون المتاهات في نومهم.
يصرف اللاهوت اهتمامنا بالغُصينات السرّية لسرورنا في خلع
الطبيعة لعبوسها، وكلّ نماء في ظهيرة المساجين، نوافذ مشرعة
على البتلات المتيّقظة للورد والإبر المندَّاة للأفق. غيمة صديقة
تنتابنا في ترقبّها رغبة لافحة بتحريك الأشرعة الزرق للبرك، وكلّ
محصول للشعير ، تقيِّد الغربان فيه نفسها، نبتعد عنه ونثغو مع
الافلاس في الحشائش الجافَّة للأسى. لوم المريض في خموله وهو
يضطجع على مبادىء موته، ورطة لا تُعمّر في توبيخنا لذواتنا،
والأفضل ، الكفّ عن الشهرة وإعاقة النسيم الذي لا يساير الظهيرة.
المنفجرون في غطرستهم يتسبّبون بإلحاق الديون للأعشاش الذرّية
لطائر نقَّار الخشب، ويشاركون العرّاف فريته ولا يعتدلون في إراقتهم
للظمأ. تحمَّل الرذيلة في أعقاب كلّ فيضان، ثقل تنوء بحمله الأوثان
التي تركناها مسجاة وأفقدتنا الرغبة في الاستجابة للموت.






بين الأنقاض وبين الجيِّف المتدلّية من فوق الأشجار...






تجثمُ على نهارنا زنازين تُغنّي فيها الإبر الهائجة للفزع. فقدان المرء
لحياته في حديقة من دون أمل، كارثة فادحة ينفرد بها الشعب الذي
يلزم نفسه بالإنحناء لمرور الأسياد القتلة. زنابير كثيرة تطير حول
النفايات وتحاجج الجثَّث المتفسخة. إنعامات من الشجرة المرفوعة في
الزمن، نتلقَّى فيها قواقع ضرورية لحفظ الحجارة التي نتوسَّدها قبل أن
نموت. ثمار منفجرة نحرقها في المساء ونهشّم فيها عملاتنا الموروثة
عن الآباء، لكنَّ زمنهم تحرَّر من فراغ زمننا وما عاد بإمكاننا شراء أيّ
شيء بأموالهم الحصيفة. التزامات مجحفة يقع فيها اليائسون في بحثهم عن
الندى الذي يروّي عطشهم، ومشكلة توطين الميت في الأرض الأخرى،
وردّه الى سحلية أصله، تشعر ذرّيته بالانقباض وتدرّبها على تذكّر
زلاّتها في كلّ حين. تدمير الحياة الانسانية منهج يحيلنا الى تحسّس
رؤوسنا ونحنُ نسير بين الأنقاض وبين الجيِّف المتدلّية من فوق الأشجار.






الحجارة المتوثبة للزمن...






جموع لا تحصى أخلت أسرّتها للأدران وغابت عن الزمن والطبيعة.
هل يتوجَّب علينا في مخاطرتنا ونحن ندفىء الغصن العليل لموتنا، أن
نطلي القرميد العتيق لأيّامنا بين النسائم المتلاشية؟ أشياء فظيعة استنفدنا
فيها ذخائرنا ، وخسارتنا للميزان المترنّح للعمر، أُميط عنها اللثام منذ
البداية، وكلّ ما نوليه الاهتمام، يتصدَّع على الربوة الجافَّة للنهار. حمّى
نجوم توزّع نفسها بين الخيّر والشر ، يعزى اليها إراقة حركتنا المحصودة
في خريف الخليقة. حياة موحشة في إغاظتها لنا ، نحياها في المطالبة
برفع الدود والنفايات عن الحشائش التي تتشابه مع العمى اليومي للنحلة .
في الشروق وفي الغروب، نغمر آثار يأسنا بالدموع التي يستلبها منّا
الصقيع السهران في أبنية الشمس، وصلاتنا المرفوضة تتقهّقر ويُندَّي
الفناء ما نطرّزه في الحجارة المتوثبة للزمن. بروق دائمة تؤذن بقرب
الأجل، ولا اعتدال ليومنا نتوكأ فيه على الحزمة الضئيلة لأحلامنا
الزائفة.



#نصيف_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يكدّرون حاجتهم للنهار ويرصّون صفوفهم في الهاوية
- عسل دافىء يناوىء النائم في إفساده لجمال موته
- شعوب مطعونة وتتعرّض لليتم في البراري
- المنافع التي يحقّقها لنا البخت
- الضيوف الذين مرَّوا سريعاً في الوهاد
- أيّام العزاء على النسَّاجين
- نحلة طفلة يطرزون لها أغطية تشبه أيّامهم
- الحيطة لكلّ طارىء
- الشراك التي أضاعوها في شبابهم
- ولادة الشجرة لطفلها أثناء الفجر
- مجابهتنا لما ينحاز الى موتنا
- الجمال الانساني
- الأغصان المصفوفة للأيّام
- أسلاف الهاوية
- الشعوب التي تعيش معنا
- العوالم الأخرى
- صلاتنا الصيف كلّه
- العادي والزائل
- الجمال النسوي
- في مسيرنا ونحن نحتشم من أسقامنا


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيف الناصري - يشاركون العرّاف فريته ولا يعتدلون في إراقتهم للظمأ