أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - واقع الشعر من واقع العرب














المزيد.....

واقع الشعر من واقع العرب


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4130 - 2013 / 6 / 21 - 19:49
المحور: الادب والفن
    


واقع الشعر من واقع العرب
******************
وأنا أقرأ قصيدة نزار قباني " قصيدة اعتذار لأبي تمام " التي كانت قد أُلقيت سنة 1971 في لقاء شعري بالموصل بالعراق ، يداخلني شك عظيم ، هل نزار مات ، قبل خمسة عشر سنة ، أم تراه ما يزال يعيش بيننا ؟ ، وهذه القصيدة قيلت في سنة 1971 أم هي وليدة لحظتنا وراهننا ؟ ، أم أننا عدنا أكثر من أربعين سنة الى الوراء ؟ ، أسئلة محرجة ومقلقة ومخجلة . كأن نزار كان متنبي عصره او أننا قوم مثخنون بالعودة الى الماضي ، بل اني أراهن ان نزار لو كان بيننا اليوم ، لقال شعرا أقسى من هذه القصيدة .
فالشاعر لم ينتقد الشعراء فقط ، بل انتقد واقع الشعراء والفضاءات التي ينتجون فيها شعرهم . وكشاعر أخجل من نفسي ، وأخالني أرتكب جريمة كتابة شعر في زمن تصلبت شرايين الشعر وأصيب بفقر الدم ، في زمن يئن فيه الشعر من غربته بيننا رغم هذا الهول الهائل من الشعراء ، ورغم هذا السيل الجارف من الشعر ، لكن يصدق عليهم وصف الغثاء . هل يمكن للشعر أن يخون قضيته الأساس ، الانسان والوطن ؟ .
هل يمكن للشعر أن يكون شعرا دون أن يمتزج بدم وبأشلاء الأطفال ؟ ويتكحل بدم الشهداء الأبرياء ؟ ها هو شعرنا اليوم يرقص على جثث العرب الذين أصبحوا مثل قوم عاد ارم ذات الرماد ؟ . لأن الشعر أصبح مجرد صلصة او مايونيز ندرها على تفاهات يومنا وحياتنا ، ولم يعد شريان وجودنا ، كما كان عند أساتذتنا .
وأنا اقرأ هذه القصيدة أستحضر شعراء عديدين ، على رأسهم طبعا الناصع محمود درويش الذي خدم لوحده من خلال الشعر قضية أمة ، فكان صوتها الأعلى من بين أصوات اخرى ، والهندي محمد اقبال ، واليمني عبد العزيز المقالح وأسماء أخرى طبعا ، فأحاول أن أجوس خرائط الشعرية لدى هؤلاء ، وسرابات ما يكتبه الكثير من شعراء هذه الأيام .
في ذلك الزمان القديم قليلا ، كان شاعر عربي يعبر المحيطات ويخترق الحدود رغم شدة الحراسة وعدد الحراس ، نقرأ قصائدهم والخوف يمزق أحشاءنا احتراسا من ان تشي بنا الجدران لحراس الظلام ، ومفتشي المحاكم ، وحفاري النوايا .
في هذا الزمن الشاحب يكثر الشعراء والملتقيات واللقاءات ، ويغيب الشعر ، ليس لانعدام الشاعرية ، هناك شعراء شباب لغتهم تنبي عن عشب شعري أشد اخضرارا وعنفوانا ، لكن الأجواء التي تدار فيها هذه اللقاءات أجواء مشبوهة ومكولسة وضبابية .
وللتمثيل فقط ، حضرت الأسبوع الأخير لقاء قصصيا ، صاحبه قاص شاعري بامتياز ، لكن اللقاء كان مفبركا ومعدا سلفا ، وما كان على الحاضرين الا أن يقوموا بدور الجمهور الوديع ليصفق بين الفترة والفترة ، ويضفي على اللقاء نوعا من أجواء استديوهات التلفزيونات المغربية .
كما حضرت لقاء شعريا لشاعرة لم أقرأ لها ولو قصيدة واحدة ،لأسباب عديدة ، فوجدت حضورا كبيرا لأسماء وازنة -بين قوسين - ، وقراءات خارجة عن سياق ومستوى الشاعرة التي لم يتجاوز وعيها الشعري قصيدة واحدة ، لكن أكثر ما هالني هو ذلك التحشيد الهائل الذي لم أعاينه في لقاءات لكتاب كبار . تساءلت مع نفسي في حيرة هذا اللقاء وأنا أستمع لأول قراءة نقدية لهذه الشاعرة اليافعة والواعدة ، اذا كان هذا واقع النقد حول شعرها ، فماذا نقول في محمود درويش مثلا ؟ ، وانصرفت . فهذا الحشد المصطنع لا ينبي الا على شيئ واحد ،هو ان اللقاءات الشعرية بدأت تأخذ طابع التجييش ، وكأن القائمين على هذا اللقاء بالضبط هم من أعوان السلطة ، وجميع الحاضرين هم من منتظري المعونات السنوية والمساعدات المالية الضعيفة .
فهل في مثل هذه الأجواء سنرتقي بمجالنا الشعري ؟ ، هل في مثل هذه الظروف والشروط سندفع بشعرنا الى الابداع والاضافة ؟ . هنا بالضبط عرفت لماذا تصر المؤسسات القائمة على الشعر العربي على تخلف شعرنا ، مع العلم ان لدينا شعراء عالميين ، ومبدعين كونيين ، لكننا مستعدون لدفع أغلى ما نملك لنظل تابعين وظلال غيرنا .
ولكي نقف على علل هذه المصيبة الحضارية الكبرى ، يكفي ان نقرأ قصيدة نزار قباني ، فهي تفي بأكثر مما يمكن أن تصنعه مقالة انطباعية حول واقع الشعر والعرب اليوم .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ايران ولعب الكبار
- الصمت بين المعنى والوجود
- لاتصدقي تجار الدين
- تحريف الجهاد
- الحداثة هدف مؤجل
- البيان حلم والممارسة واقع
- ثمة أغنية في الحنجرة
- الانسان ذلك المنحرف -1-
- القضاء المغربي ، فجوات بحجم العار
- قصة الدمعة -قصة-
- مؤتمر جنيف-2- الميت
- ريق السحلية
- البحث عن الغائب الحاضر -13- رواية
- ردة الحقوق وسلامة المواطن في المغرب
- عن أغنية - مالي ومال الشمعة -
- قصة : لم أتعلم الندم
- الى السيد عبد العالي حامي الدين*
- تلبيس ابليس لباس القديس
- ليس دفاعا عن العلمانية -2-
- أثر الدلالة


المزيد.....




- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...
- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
- رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- خبر صحفي: كريم عبدالله يقدم كتابه النقدي الجديد -أصوات القلب ...
- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - واقع الشعر من واقع العرب