أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - البحث عن الغائب الحاضر -13- رواية














المزيد.....

البحث عن الغائب الحاضر -13- رواية


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4112 - 2013 / 6 / 3 - 18:52
المحور: الادب والفن
    


البحث عن الغائب الحاضر -13- رواية
**************************
بين أن يبقى أو يذهب توزع أحمد . أحس بشرخ كبير يشرخ نفسه . هل يعلنها ثورة ويمتنع عن الالتحاق بعمله ؟ . لكن رأيا آخر يرغمه على الذهاب ، فهو انسان منضبط ولا يحب أن يترك فراغا في انضباطه العملي . صحوته المتأخرة لن تجره الى خرق ضوابطه والتزاماته تجاه وظيفته .
فكر في كتابة رسالة استقالة . والأسباب كثيرة طبعا ، من لا يعثر على أكثر من سبب لأي فعل يأتيه ، حجر وليس انسانا . قد يكتب أنه يحس بارهاق شديد ، بتعب قوي ، نفسيته مضطربة ولا يقوى على متابعة عمله كالسابق . أو يتعلل بعجزه عن مواصلة مهامه لدواعي الاستقرار الأسري .
رجل الاستخبارات غالبا ما يعجز عن بناء حياة أسرية مستقرة ، فهو انسان بطبيعته متعدد الانفصامات ، أقرب الى الجفاف العاطفي ، يعجز عن الايفاء بشروط الحب والاخلاص والمصداقية والصراحة . لا بد أن يخبئ كثيرا من أسراره عن زوجته وأبنائه . وحياة الزوجية تتشقق اذا تسرب اليها سوس الأسرار بين الزوجين ، فمجرد أن يكشف سرا من اسرار المهنة قد يربك كل الجهاز اذا تفوهت به زوجته الى صديقاتها ، لذلك تجدهم جميعهم تقريبا لا يتزوجون الا في سن متأخرة .

لكنه فكر فيما قد يفكر فيه هم أيضا . تلك كانت أهم الدروس التي لقنها لهم في العمل ، كانوا قبل أن ينضم اليهم يعتبرون نفسهم أذكى الناس ،وأن كل شيئ لا يمشي الا حسب هواهم ، غير أنه نبههم أنهم لا يعيشون وحدهم في هذه البلاد ، وأن المواطنين لهم عقول ايضا ، ولا يمكن المراهنة على رجاحة عقل على عقل الا بوضعهما في ميزان واحد .
فحين كانوا يعمدون الى متابعة أحدهم ومراقبته أو القاء تهمة عليه وتوريطه في قضية مفبركة ، لم يكونوا يلقون بالا فيما يفكر فيه الضحية . لذلك خسروا كثيرا من القضايا ، وتعرضوا لكثير من النقد ، لكن انتقادهم في المغرب يظل داخل أوساط محدودة ، وله حسابات سياسية بحثة . كما الجهل بواقع ومهام وضوابط الاستخبارات يترك الجميع تحت رحمة هذا الجهاز .
كان يقول لهم " لا تحاولوا فهم الاخر حسب هواكم ، وما قد تبنونه من معطيات اذا لم تمتلكون كل المعطيات الحقيقية عنه ، ساعتها فقط يكمنكم تحريفها قليلا دون أن تظهر علامات التحريف عليها الى درجة يضطرب هو نفسه في مواقفه ويشك في أمره " . كانت هذه احدى وصاياه لهم .
لكنهم تقريبا لم يكونوا يفهمون لغته وأفكاره ، يعجزون عن الاحاطة بتصوراته ، ويكتفون بالضحك عليه ونعته بفيلسوف الاستخبارات . وفي قرارته التي لم يكن يعلم بها الا هو ، كان بدوره يستهزئ بهم ويشفق عليهم وعلى هذا الجهاز المتغول على رقاب شعب تواطأ على استغبائه واستحماره كل من يفترض فيهم أن يكونوا عونا له على اخراجه من نفقه المعتم الطويل .
يتذكرهم جميعهم ، يتذكر ملامحهم المتصلبة ، سحناتهم الجامدة ، مواقفهم المريضة ، أفعالهم المشينة ، حقدهم وضغائنهم .
هل يعود اليهم ؟، هل يعود الى هذا المسلخ العبثي ؟ أم يستقيل ويستريح ؟ .
شرخ كبير يقسم دواخله ، والشروخ النفسية أفظع من شروخ جميع الكائنات ، كل شيئ يتمزق وينقسم الى اثنين . ينفصل الى قطعتين ، و يمكن أن تلمس بيديك وترى بكلتي حدقتيك شريحتان وقد تمزقتا عن شريحة واحدة ، حتى البحر الذي غرق فيه فرعون انشق الى بحرين ، بينهما طريق مفتوح لفرعون وجنوده . بلد السودان نفسه انفصل الى دولتين ، لكل بلد علمه ونشيده الوطني ، صار الوطن وطنيين ، لكل وطن حدود تفصله عن الوطن الآخر . وأصبح شعب البارحة الواحد شعبين . هناك في كل شرخ وانفصال حدود ما ، لكن شرخ أحمد لا حدود له ، لايستطيع أن يفصل بين رغبته في الانفصال عن عمله وبين الاستمرار فيه .
شروخ النفس لا يمكن تحديدها ولا فصلها يصعب استخراج السلبي من الايجابي منها ، أعقد شيئ هو نفس الانسان . هل يستقيل ؟ .
قد ينتقمون منهه شر انتقام ، وهو الآن غير مستعد لأداء فاتورة الانتقام .
نظر الى المصابيح الصغيرة ذات الألوان المتعددة والمختلفة ، والتي وزعها على زوايا وأركان صالته حيث تعود أن يجلس بينها ، اذ كانت تمده بنوع من الاحساس العذب ويشعر بهدوء وهو يتأمل من خلالها حياته ووضعه وتاريخه ، وما يمكن أن يصنعه في المستقبل . يمد رجليه على الريكة المقابلة للكرسي الذي يفضل الجلوس عليه ، كلما استسلم لفترة هدوء طويلة . لكنه اليوم لا يرى اختلافا في ألوان تلك الأضواء، كلها متشابهة ، هي الان ذات لون واحد ، ولا يستطيع أن يحدد أي لون استقرت عليه . لون مبهم لا صفة له .
بدأت عيناه تثقلان ، أحس برغبة في النوم . لكنه سرعان ما تذكر أنه وعد رئيسه بالالتحاق بعمله بعد ست ساعات .
انتفض على عجل وقام ، وكأن رغبته في النوم قد تلاشت فجأة ، وثقل عينيه لم يكن الا وهما .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ردة الحقوق وسلامة المواطن في المغرب
- عن أغنية - مالي ومال الشمعة -
- قصة : لم أتعلم الندم
- الى السيد عبد العالي حامي الدين*
- تلبيس ابليس لباس القديس
- ليس دفاعا عن العلمانية -2-
- أثر الدلالة
- البحث عن الغائب الحاضر-12- رواية
- تذكرة السيرك
- ليس دفاعا عن العلمانية
- عاشق الفوضى
- عرق الريح.......
- الخوف من انبعاث الحضارة العربية ثانية
- البحث عن الحاضر الغائب -11- رواية
- ابتسمي
- هاري كريشنا
- المغرب وعلامات استفهام كبرى وعديدة
- البحث عن الغائب الحاضر -10-رواية
- سليل النار
- رعشات تائه


المزيد.....




- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - البحث عن الغائب الحاضر -13- رواية