أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - خالد الصلعي - ليس دفاعا عن العلمانية















المزيد.....

ليس دفاعا عن العلمانية


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4101 - 2013 / 5 / 23 - 02:36
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


ان القراءة في عرف المعرفة الاسلامية المرتكزة أساسا على الوحي القرآني ، والسنة النبوية ، واجتهاد أولي التأويل ، مفتاحها الأساس هو أول كلمة نزلت على الرسول الكريم "أقرأ " ، وكل ما سوى ذلك يذهب جفاء ،لأنه لا ينفع الناس . "وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم، يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب" ، آل عمران .آية 7 .
الاسلام دين عقل ، ومن لم يتعقل دينه لن يعقل دنياه ، وقد جاءت لفظة العقل في القرآن المنفتح ، بجميع صيغها الاسمية والفعلية وتفرعات اشتقاقاتها من صفة وابدال ، ناهيك عن آليات العقل كالتدبر والتفكر والتبصر والنظر والتعلم والتلبب -من اللب- أولو الألباب . فكل هذه الوسائل كان المفروض ان تكون أدوات معطاة للفكر العربي كي يحفر وينقب ويؤول ويفسر حسب مقتضيات النصوص وما تسمح به أعراف التأويل من مراعاة شروط العصر وسياق الأحداث وحاجات العباد ، ومدارات القياس ، والتنبيه الى الموعظة والتيقظ ، والالتفات الى القواعد والأسس ، والحفاظ على الأصول وتوسيع الفروع . وما الى ذلك من فنون القراءة التي نبهت اليها أول سورة قرآنية نزلت على نبي الرحمة . وهذا ما أشرت اليه في مقالة سابقة .
وحين نقرأ اليوم كتابات الناقمين على العلمانية بذلك التحامل المفرط ، وهو يتوكأ على الخلفيات الجاهزة والعبارات المسكوكة ، فان المعرفة القادرة على التأسيس والتأصيل تظل في منأى عن مدارات نقاشاتنا .
وقد كان مبعث هذه المقالة موضوع جاء على صفحة جريدة هسبريس الالكترونية بعنوان " العلمانيون... ومقام الوحي " للكاتب نبيل غزال ، وهو مقال مختزل وفيه الكثير من التحامل على بعض الكتاب العلمانيين العرب ، وللأسف كلهم تركوا عرض الدنيا وانتقلوا الى مقام ربهم الأعلى . مما يحرمنا من ردود قد تكون أخصب وأدق .
وأنا هنا لن أدافع عنهم ، حتى وان كنت أدعي قراءة بعض كتب محمد أركون وحسن حنفي ، وحامد أبو زيد ، فكما اختلفت معهم في منهجية تناولهم لمواضيعهم ، أجدني أختلف بالمطلق مع كاتب المقال المومأ اليه أعلاه . لا لشيئ الا لأنه اعتمد اوالية الانتقاء ولم يقرأ حسب استقرائي لمنتقياته من محمد أركون وحسن حنفي الا ما يخدم منهجيته ورؤيته وهدفه .
وهذا ما جعلنا للآن عاجزين عن الخروج من عنق الزجاجة ، لأن كتاباتنا لا تأتي من أجل هدف معرفي سامي مهما كان مستوى ونوع المعرفة ، بل غالبا او في جزئها الغالب هي بنت هاجس التعقيب والرد المباشر .
ان الكاتب لا يعرف من العلمانية حسب مقاله الا ما يشاع من معرفة عامة بكونها ضرب من الالحاد وانكار النبوة والوحي ، وبالتالي انكار الله ووجوده . وهذا ما لاتطرحه العلمانية الحقة التي كان منشأها الأصيل من كنائس القرون الوسطى ، أي من مكان ديني ، بعد صراع ديني ومعرفي بين سدنة الكنيسة وبين المتنورين من تلاميذهم ، بعدما استشرى استثمار الدين لصالح شرذمة من رجاله المتواطئين مع النبلاء ،كما هو معروف ومكرور في جميع الكتب والمراجع التي تتناول عصر ظلمات الغرب .
والعلمانية = Secularisme ، بهذا الفهم هي فصل الدين عن الدولة . هناك قفز كبير في تتبع تكون مفهوم مصطلح العلمانية ، كما نحته المفكر الربيطاني George Jacob Holyoake (1817–1906 . وعندما نعود الى قاموس المعلم بطرس البستاني نجده يعرف مصطلح العلماني هو العامي الذي ليس باكليركي . 1- . وفي المعجم العربي الحديث : علماني : ما ليس بديني ولا كهنوتي -2- . وفي المعجم الوسيط : العلماني نسبة العَلم بمعنى العالم وهو خلاف الديني او الكهنوتي .3- .
وفي كل هذه المعاجم هناك اذن اتفاق على أن العلمانية هي غير الدين ، بل هي منهج دنيوي حاول تأصيل التعاقد بين الأفراد في مساراتهم وعلاقاتهم الدنيوية دون اقحام أي رمز ديني بينهم ، على اعتبار ان الدين متعالي وفوق الجميع ولا يمكن توظيفه من قبل أفراد للسيطرة على أفراد آخرين . وهذا ما ذهب اليه بالضبط محمد أركون حين وضع بين معقفتين هذه العبارة " فأنا أعتقد أن الفكر العلماني المنفتح والممارَس بصفته موقفا نقديا تجاه كل فعل من افعال المعرفة ، وبصفته البحث الأكثر حيادية والأقل تلوينا من الناحية الايديولوجية من أجل احترام حرية الآخر وخياراته ، هو أحد المكتسبات الكبرى للروح البشرية " وهذه هي العلمنةالحقيقية . وأنا أمارسها بصفتي مدرسا في السوربون منذ عام 1961 . 4-
فنحن هنا أمام موقف لا لبس فيه في فهم العلمانية المتنورة او المنفتحة حسب تعبير محمد أركون ، باعتبارها رؤية نقدية محايدة تحاول تفكيك أسطورية المعرفة الانسانية بشكل عام . وهي ليست مصادرة للدين ، بل محاولة لفهم الدين دون كهنوت وحراسة جنود الأعتاب المولوية ، فالدين للجميع ولم يأت مخصوصا لفئة دون أخرى ؛ فالرسول الكريم بعث رحمة للعالمين ، ولم يبعث رحمة لفئة دون أخرى أو لطائفة بعينها أو لطبقة بذاتها .
من هذا المدخل يمكن الاقتراب من العلمانية دون رهاب أو خوف ، والغوص في بحارها المتعددة دون وجل أو تردد ، فالعلمانية كما جاء في احدى محاضرات المفكر العربي عزمي بشارة هي أشكال وأنماط ، انها الوعي العميق بطبيعة الاختلاف والتنوع ، فكما يوجد في المعرفة الدينية متشددون ومنفتحون ،يوجد في المنهجية العلمانية أورثودوكسيون ومتنورون . وكما فهم كبار العلماء الأجلاء الاسلام باعتباره رسالة لها مرسل ومرسَل اليه ، وعقلوا وتعقلوا وظيفة ارسال الرسالة ، هناك من اعتبر الدين اكراها واغتصابا ، مع العلم أن الله يقول في تعبير صريح " ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا " ، ولنتمعن في الدلالة البلاغية لتوكيد الثلاثي في الآية ، لام التوكيد المرتبطة بفعل" آمن " ، وكل الدالة على مَن ، معززة امعانا في التأكيد ب" جميعا" ، وتضعيف التوكيد ثلاثيا هنا ، هو تنبيه الى اعتبار قدرة الله وارادته . وهناك آية ابلغ تقول " وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) سورة هود .
لم تأت العلمانية لتصادر الدين ، بل لتخلص الدين من رجس المتدينين ، فالدين بمفهومه السامي مقدس وطاهر ، ولا ينبغي توظيفه الا بشكل مقدس وطاهر . وهذا ما حمل ابن قيم الجوزية منذ قرون طويلة الى الدعوة بفصل الدين عن السياسة ، لأن مزجهما يفسدهما معا .....يتبع
.
الهوامش والمرجع
************
1-المكتبة الشاملة ....جوجل
2-نفسه
3-نفسه
4- الفكر الاسلامي ، نقد واجتهاد ...محمد أركون ..ت . وتعليق :هاشم صالح ..ط:3..1998 دار الساقي ...ص:61



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عاشق الفوضى
- عرق الريح.......
- الخوف من انبعاث الحضارة العربية ثانية
- البحث عن الحاضر الغائب -11- رواية
- ابتسمي
- هاري كريشنا
- المغرب وعلامات استفهام كبرى وعديدة
- البحث عن الغائب الحاضر -10-رواية
- سليل النار
- رعشات تائه
- البحث عن الغائب الحاضر -9-رواية
- السلطة الرابعة ...السلطة الأولى -1-
- التفكير بالدين والتفكير في الدين
- روسيا تنتصر
- البحث عن الغائب الحاضر -8- رواية
- أنت الصباح
- فنجان قهوة مر
- فلسفة حق تقرير المصير-1-
- رحيل آخر جماليات النقد العربي : يوسف سامي اليوسف
- القطيعة الابستمولوجية :نحو فهم جديد -3-


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - خالد الصلعي - ليس دفاعا عن العلمانية