أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - البحث عن الحاضر الغائب -11- رواية














المزيد.....

البحث عن الحاضر الغائب -11- رواية


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4098 - 2013 / 5 / 20 - 21:41
المحور: الادب والفن
    


كان علينا أن نفترق . للفراق في بعض المناسبات طعم مختلف .أحسست بجفاف شديد في حنجرتي وكأني فقدت كل سوائلي الداخلية . صرت يابسا كعجينة لفعتها شمس حارقة في صحراء أحوال أصدقائي .
ربما أرتمي أنا نفسي في يوم ما في موقف أسود مظلم وحالك ، كجميع أصدقائي ، آخرهم أحمد .
لم أحس الا وبصوت بوق سيارة توقفت بسرعة قبالة سيارتي أمام منعرج الغندوري ، انتبهت الى المسافة التي قطعتها دون انتباهي الى الطريق .اعتذرت للسائق الذي ركن سيارته وجاء الي وهو يسبني ويلعنني بأقذع أنواع السب والشتم . لم أحدثه ، كأني فقدت كل أدوات الكلام ، كأني بلا لسان ولا فكر ، كاني فقدت جميع أنواه حواسي ، الا حاسة السمع ، اصطفت ورائي مجموعة من السيارة ،كما اصطفت وراء سيارته مجموعة أخرى . طلب مني رخصة السياقة بصوت آمر .
تحسست بيدي موضعها ،لكنني انتبهت الى نفسي .
اعتذرت اليه ، وأصوات أبواق السيارات تكاد تخنقني ، أحدثت صداعا هائلا في رأسي ،ركنت سيارتي جانبا ، وطلبت منه ركن سيارته ريثما نتفاهم ونخلي الطريق للآخرين . تعالت صيحات السائقين ، وبطريقة عصبية استدار واتجه نحو سيارته وقادها نحو مكان خال وركنها . كانت بجانبه فتاة جميلة ربما ، كما فهمت من توسلها له ، ترجته أن ينسى الأمر مادامت الأمور مرت على خير . لكن يبدو أنه من الشخصيات العنيدة والعصبية .
تقدم الي وهو يكرر طلب أوراق السيارة ، حاولت أن أكلمه بلطف واحسان ، لكنه بدأ يشتمني ، لم افطن الا ولكمة مني تصيبه أرضا . قلت له :
- أنت حيوان ولست انسانا ، منذ ألفاظك القذرة الأولى في حقي وأنا ملتزم بالصمت والهدوء مراعيا لخطأي الذي لم ولن أتنصل منه ، لكنك تماديت .
جاءت الفتاة التي تصحبه وهي تجري نحوه ، ساعدته على القيام ، وحالما نهض توجه الي بصوته العالي وهو يتحسس موضع اللكمة:
-ألا تعرفني ؟ أنا ضابط شرطة .
كانت أعصابي قد بلغت مداها ، وحين عرفني على شخصه عقبت عليه ساخرا :
- ولهذا السبب تركبك العجرفة وتلجأ الى تنفيذ القوانين خارج ساعات العمل ، كان يكفي أن تأخذ رقم السيارة ، وتصنع ما يحلو لك ، لكنك تجرأت وتماديت في سبي ولعني واحتقاري ، لمجرد أنك ضابط شرطة . ألا زلت تحن الى العهد السابق ؟
-سوف أربيك ، ولن أنساها لك أبدا ،
-يبدو أن عضلاتك تنهشك ، والله لو لم تكن هذه الفتاة معك لعلمتك أدب الحوار . اني أعترف بخطأي ، لكنك لا تعترف بأخطائك ، وهذا هو الفرق بيننا ، وستعرف من أكون .
تركتهما وانصرفت الى سيارتي .
لا أدري كيف نطقت بتلك العبارة الأخيرة " وستعرف من أكون " . من أكون غير انسان تعيس ، بالكاد اجتاز عتبة الضياع في أرض لا تهب غير الموت والتشرد والادمان والعصاب ، وأمثال هذا التافه الذي يهددني بصفته المهنية .
ربما كان ترديدي لتلك العبارة نابع من سريانها في لاوعينا كمغاربة نتداولها كثيرا في مجالسنا ، في السوق وفي المدرسة وفي المحاكم وفي الشوارع ، كلما تخاصم أو تناقض شخص ما مع شخص آخر ، وان كان امرأة يشهر هذه العبارة الوسخة في وجه العدو . ألا تعرفني ؟ أو بصيغة أخرى ستعرفني .
طبعا أنا أعرف نفسي جيدا . وهل هناك من لايعرف نفسه ؟ .صحفي فاشل يحاول مداراة فشله بأي طريقة ، لأن مهنة الصحافة في المغرب كلها فاشلة . لأن كل شيئ في المغرب فاشل . بعضهم يتصور انه منتصر وصاحب شأن في هذا الوطن ، وهم لايدركون أن الفاشلين لا يحكمهم الا فاشل ، فالناجح والقوي لا يحكم غير القوي ، والانسان المنتصر لا يعيش الا مع جيش من المنتصرين .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابتسمي
- هاري كريشنا
- المغرب وعلامات استفهام كبرى وعديدة
- البحث عن الغائب الحاضر -10-رواية
- سليل النار
- رعشات تائه
- البحث عن الغائب الحاضر -9-رواية
- السلطة الرابعة ...السلطة الأولى -1-
- التفكير بالدين والتفكير في الدين
- روسيا تنتصر
- البحث عن الغائب الحاضر -8- رواية
- أنت الصباح
- فنجان قهوة مر
- فلسفة حق تقرير المصير-1-
- رحيل آخر جماليات النقد العربي : يوسف سامي اليوسف
- القطيعة الابستمولوجية :نحو فهم جديد -3-
- البحث عن الغائب الحاضر-7-رواية
- لن يحترموننا
- التهافت الاعلامي والاسترزاق الثقافي
- البحث عن الغائب الحاضر-6-رواية


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - البحث عن الحاضر الغائب -11- رواية