أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - خالد الصلعي - الانسان ذلك المنحرف -1-














المزيد.....

الانسان ذلك المنحرف -1-


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4116 - 2013 / 6 / 7 - 18:50
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


الانسان ذلك المنحرف -1-
******************
حين أنكر بيلاطس البنطي مفهوم الحق على يسوع المسيح ، فانه لم يفعل غير أنه استجاب لنزعته السفلى ، وميله الى ما بين يديه ، وهو الحاكم المتسلط الذي يملك كل أسباب الحياة من جهة الشكل وليس المضمون . فالأمر لا يتعلق بمبدأ أخلاقي يفرض علينا التصديق والاقرار ، بقدر ما يرتبط بقوة تشدنا اليها عبر غريزة امتلاك شيئ ما وان كان وهما وسرابا . لنتأمل تشبث المنحرفين سلوكيا ، كمدمني المخدرات الصلبة بانحرافهم وبوسائل انحرافهم ، اذ يمكن أن يقدم على قتلك اذا تماديت في وعظه ونهيه عن تناول المخدرات ، انه حالة شبيهة بحالة بشار الأسد ، فهو مدمن حكم وسلطة ، ولم يتورع في قتل عشرات الالاف من مواطنيه وتدمير وطن مشترك حبا في السلطة ، فهو وان استمر في الحكم خمسين سنة أخرى لا قدر الله، لن يفي باعادة اعمار سوريا الحضارة ، ولن يعيد ما نهب منها وما تدمر والأثقال النفسية التي تراكمت في نفس الصغار والشباب .
الفلسفة لم تكن يوما ترفا لغويا ، بل كانت تعبيرا صوريا ونظريا عن أفعال نأتيها بحواسنا المباشرة وغير المباشرة ، فالحدس أعتبره حاسة أخرى كما الحلم . فحين يعترف سقراط بأن ما يعرفه حقا هو كونه لايعرف شيئا ،فانما هذا تأكيد على بلوغ الانسان قمة امتلائه ، وتحوله الى طور الافراغ . كما أن الأمثال الشعبية السائرة من قبل " يوجد في النهر ما لايوجد في البحر " ، تعبير صادق عن افتقاد الزخم للندرة ، وحاجة السماء للنجمة ، وبدون القطرة لا يتكون نهر .
من يدعي امتلاكه الحق انسان يلزمه الرجم ، لأنه يدعي الألوهية ، ففي الدين الاسلامي يعتبر الحق اسما ربانيا ، ولا يحق للانسان أن يشارك الخالق في صفاته لأنها عين ذاته ، فان شاركه صفاته ادعى كونه يشاركه ذاته ، وهذه هرطقة في عرف حراس العقيدة والذائدون عمن لاتدركه الأبصار وهو يدرك ما يشاء .
من هنا نشأت جرثومة ظل الله في الأرض التي وظفها ملوك الكنيسة قرون الظلام الغربي ، ووظفها ملوك المشرق العربي ودبجوها بصفات لا تمث الى سنن الدين بصلة ، كالحاكم بأمر الله ، والمستنصر بالله ، وحجة الله ، وعن قليل كادوا يلحقون كليم الله وخليل الله وحبيب الله بصفاتهم ، لولا أن تلك الصفات اختص بها رسل الله ، موسى وابراهيم ومحمد عليهم الصلاة والسلام .
ولا يتعلق الأمر هنا بالانسان العادي الشعبي ، أو الحاكم الأرستقراطي الالهي ، بل يتشارك في ذلك المفكرون والفلاسفة . فنيتشه مثلا اعترف بقتله الاله ، وتبعه في ذلك مجمل فلاسفة القرن 19 و20 أمثال الفيلسوف الفرنسي المعاصر لوك فيري ، رغم أن الاله شأن ما ورائي في جانب الفلسفة المثالية ، لكننا قد نعذر الفيلسوفان اذا ما قرأنا كتابهما قراءة استعارية ، ففي الأولى قد نعتبر قتل الاله هو قتل لممثلي الاله ، والثاني المراد به قتل كل ما ينزع عن الاسنان انسانيته ، وهذا اغراق عبثي في مادية محضة ، لم تعد اكتشافات العلوم نفسها تقر بها .
ويبقى البحث على نوع من التوازن ، كطريق ثالث ، بين الروحي والمادي ، بين الايديولوجي والديني ، بين السماء والأرض ، بين الميتافيزيقا والفيزيقا . فالانسان بلا نزوع روحي كائن جاف ، بالنظر الى طبيعة تكوينه الذي لا يشبهه اي تكوين آخر . كما أنه بدون نزوع مادي يظل كائنا جافا ، لأن الادعاء بطهرانية وصفاء انساني هو مجرد مرض يوتوبي ، لا يستقيم مع جوهر وطبيعة الانسان .
ويبقى رغم هذا وذاك الانسان كائنا منحرفا ، فالطريق نحو ايجاد نوع من التوازن بين ما يعتبره خطأ كثير من المفكرين والفلاسفة تناقضا بين الروح والمادة ، طريق شاق وصعب ، وفي هذه الطريق قد يندمج الباحث في دوره ويستغرق وقته في وعورة الطريق الصوفي ، كما شهدته جميع الأمم ، فيدعي انفصاله عن المادة ، وينسى أن جسده مادة ، وكلامه مادة ، ونظره مادة ، لكنه يشطح كما شطح الصوفية في تنزيه الروح . وفي الشط الآخر تجد المنتصر للمادة ينكر الروح والماورائيات ، بينما هو غارق فيها ، فهو على الأقل وليومنا هذا يجهل مكمن وسر وجوده ، ويعجز عن ضبط أحلامه ، والتنقيص من دقات قلبه ، وتوقيف نموه الذهني وتطوره النفسي ، أو اعادة طفولته ، فكل هذه الاعتبارات تجده عاجزا عن التحكم فيها الى ان ينتهي دون اذنه . فتأتي نهايته بغير رغبته .
ان جرثومة الانحراف هي دالة على طبيعته ، ويعجز عن الاستقامة أو الاكتمال ، فهو لايستطيع مثلا أن يغير من هرمونات العرق الذي يبعثه جسده . رغم المحاولات العلمية في هذا الشأن ، لأن تكوينه البيولوجي سبق تكوينه العقلي ، فعقلانيته نفسها مسبوقة بالتكوين البيولوجي . وهو في أرقى تطوره الطبي عبر عملية الاستنساخ من خلال استثمار خلايا الجذع ، يعود بالضرورة الى تكوين قبلي .
لايمكن بأي حال من الأحوال الاعتقاد بسوية انسان ما مهما بلغت رتبته ، غير الأنبياء ،من جهة العلوم الانسانية وبخاصة فروع علم الاجتماع ، اذا لم يكن بد من الاستئناس بما أوتوا من الوحي والمعجزات .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القضاء المغربي ، فجوات بحجم العار
- قصة الدمعة -قصة-
- مؤتمر جنيف-2- الميت
- ريق السحلية
- البحث عن الغائب الحاضر -13- رواية
- ردة الحقوق وسلامة المواطن في المغرب
- عن أغنية - مالي ومال الشمعة -
- قصة : لم أتعلم الندم
- الى السيد عبد العالي حامي الدين*
- تلبيس ابليس لباس القديس
- ليس دفاعا عن العلمانية -2-
- أثر الدلالة
- البحث عن الغائب الحاضر-12- رواية
- تذكرة السيرك
- ليس دفاعا عن العلمانية
- عاشق الفوضى
- عرق الريح.......
- الخوف من انبعاث الحضارة العربية ثانية
- البحث عن الحاضر الغائب -11- رواية
- ابتسمي


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - خالد الصلعي - الانسان ذلك المنحرف -1-