عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .
الحوار المتمدن-العدد: 4125 - 2013 / 6 / 16 - 01:21
المحور:
الادب والفن
-1-
وتمضي الحافلة قاطعة المسافات، أستيقظ فجأة من النعاس، فأجد نفسي قد وصلت إلى مدينة " فيني "، ألقي ببصري إلى الخارج، فتتراءى رزم من التبن ؛ نساء قرويات يضعن فوق رؤوسهن قبعات، في الأعلى شمس قائظة، أما على الأرض، فيطفح لون أصفر أشبه بالقيح، بالإضافة إلى أشواك متناثرة هنا وهناك .
-2-
حرارة مرتفعة تخنق الأنفاس، لكن من حين لآخر تلطمني نسيمات قادمة من المحيط ؛ آه يا هذا لقد اقتربت رحلتك النهائية من أرض الحرارة والأمراض ؛ آه يا هذا، أما وقضيت هناك سنة كاملة ؟ أجل يا هذا ؛ إنها سنة كاملة بالتمام والكمال ؛ واجهتك تحديات وصعوبات، لكنها واجهتها بالمرصاد، فكنت غير خائف ولا هياب ؛ وجهت شرورا وآثاما، غير أنك ابتسمت لها، وتركتها تسير مع الرياح .
كنت وتدا غائرا في الأرض ؛ آه صبرت، ولكنك لا محالة ستنتصر ؛ خضت تجربة من أروع التجارب ؛ تعلمت كيف تواجه الخطوب، وتعلمت كيف تواجه جروح الوحدة ؛ لا تبكي ؛ إبتسم، فإن عظامك صلبة ؛ تفرس ! فجلودك أصبحت من حديد ؛ لا تكن عاطفيا أكثر من اللازم، فهذه قد تكون نقطة ضعف في مسار حياتك ؛ غادر رفيقاتك و رفاقك بسلام ؛ عانق هؤلاء الذين أحبوك بحرارة، ولا بأس، فلتسكب من أجلهم بعض القطرات من الدموع، أما تلك الوحوش الضارية التي حولت حياتك إلى جحيم، فابصق عليها، ومن الأفضل أن لا تراهم، وإذا اقتربوا منك ؛ صافحهم من بعيد .
-3-
بني ملال !! كفاني تأنيبا لك ؛ لقد خسرت الكثير من الدموع، والكثير من المداد ؛ من أجلك أقول : على أرضك كنت إنسانا، لكن على بساطك تسكن خفافيش، وحمائم وديعة ... إلى اللقاء .
-4-
تحية طيبة إلى الأستاذين محسن، وسليمان .
-5-
وتختلي الحافلة بالطريق وحيدة، وتطفح على البادية وحشة مخيفة، تكسرها بعض الظهور المقوسة التي تنثني وسط الحقول .
-6-
لون أصفر قاتم ؛ تتخلله أشجار خضراء، وصبار، ودخان أزرق يرحل إلى السماء .
عبد الله عنتار - الإنسان/ 15 حزيران 2013/ بن حمد ( شرق الدار البيضاء ) -
#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟