عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .
الحوار المتمدن-العدد: 4121 - 2013 / 6 / 12 - 17:32
المحور:
الادب والفن
مشاهد الطفولة
-1-
كان يجري كالعداء، وذات مرة قالت له أخته : " إذا واصلت الجري بهذه الطريقة، سيتوقف لك القلب وتموت "، فمات الحلم إلى الأبد .
-2-
كانت البحيرة تفيض مياها، وكانت النخلة تطفح ظلالا، أزال ملابسه، وقفز مع نغمات الخرير، ولم تتوان حنان في اللحاق به، وهاهي تغوص كالسمكة، بينما هو يترنح كالسلحفاة ؛ أخذته من يده، وقالت له : " أحبك " ؛ احمرت وجنتاه، وأضافت قائلة : " أحبك من كل قلبي ؛ أنا أرتاح لك، وأهيم في عيونك كما تهيم الغزال في البراري ؛ خذني من يدي ؛ لا أستطيع العيش إلا بك ؛ أنت وردة تفيض عبقا، وتملأ جنبات الوادي سحرا "؛ أخذها من يديها، وانطلقا بين نبات الدفلى يلعبان كالحملان، وها هما الآن يعدوان بين الحقول، ويطاردان بعضهما كأبناء التيوس .
-3-
هاجمته الزنابير، وأزالت حنان وشاحها، وانطلقت تذوذ عليه كالمحاربة في ميدان القتال ؛ لم تلسعه إلا واحدة، وها هما الآن يمتطيان الحصان، ويأخذان القطيع نحو البراري الواسعة.
-4-
وجدته حنان وحيدا، أخذته من يده، وانطلقا نحو الأفق البعيد .
-5-
كانت ضحكتكما مشوقتين، وكلامكما يقتل الهموم، ويبعد الكروب ؛ كنتما تضفيان على المرعى حبا، وتبثان في الرعاة سعادة، لكن أين أنت يا حليمة ؟ وأين أنت يا رشيدة ؟ كانت أيام وانقضت ؛ أجل لقد كانت هناك خيام منصوبة، ورجال مبثوتة، وطفولة مسرورة...آه على أيام، وها هي أرض التيرس ترتدي الخراب، وعلى أفواهها يتردد السعال ؛ أيناه لم تبق إلا بصمات ؛ التي ما فتئت تلاشيها الرياح، وتأتي عهود جديدة تسأل أيناه ؛ إننا نسمع صوتا خافتا يشبه الأنين، فقالوا : " إنه صوت رشيدة التي مازالت ضحكتها تملأ الأرجاء، رغم مرور العقود والأيام .
عبد الله عنتار - الإنسان- / 11 حزيران 2013/ بني ملال - المغرب
#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟