أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - السماء ( أمي والشظية )














المزيد.....

السماء ( أمي والشظية )


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4112 - 2013 / 6 / 3 - 00:59
المحور: الادب والفن
    


السماء ( أمي والشظية )

نعيم عبد مهلهل

السماء ، صفحة الفضاء الزرقاء ، عرضة للمباحِ من النظر والتخيل ، الكواكب ، الأقمار ، النجوم ، الملائكة ، الجنة ، وعرش الله الذي نحسهُ ولا نَراه . هي الوطن المؤجل في غيب أعمارنا ، لاجوازات سفر اليها سوى غمضة عين ، فتأخذنا عبر حلم بعيد ، كبرنا وكل يوم نرى في السماء نافذة تكبر ، تفتح أشواقها للريح السنين : تعالوا..!
السماء ، عالم الضوء ، نسبح فيه ، طفولتنا ، آمالنا ، بيوت المتوفين ، أبي ، وجيراننا ، شهداء الحروب ، وضحايا عنف الملوك والجنرلات والسيارات وامراض الجسد والذين هرمت بأشجانهم كهولة العمر ، كلهم هناك ، وغدا تلك ( الهناك ) تصير أنا ..
لهذا لا أخاف المكان الذي في الهناك يراقبني ، وأعرف أنه المستقر وأن ولدي حين ينظر اليها سيتذكرني ويقول : سرير ابي هناك ، فلتكن غفوته حلم وأغنية وصلاة.
كان أبي يظن أن الواصل بين الأرض والسماء سِلمٌ أسمهُ سجادة الصلاة ، و منذ طفولتي أعتقد أن الواصل بينهما دمعة امي ، فيما كان بعض الذين عرفتهم من رفقة الجيش يختلف الأعتقاد عندهم عن هذا السلم ، بعضهم يعتقده دعاء نجاة ، وآخر يضنهُ وجه الحسين ( ع ) واليائس يعتقده دخان سيجارة وصديق من أهل البصره يعتقده ( شظية ).
وأعتقد أنه كان صادقا في أعتقاده القائم على أن فرضية الحروب جعلت الشظايا سلماً لصالح منيةْ الجنود الى السماء ، وصارت تلك الجمرة الحديدية الحمراء تمثل واحدة من هواجس الذعر الأنساني الذي يَسكن القلوب المرتجفة للجنود وهم يحسبون للصباح ألف امنية ليهنئوا بالشمس والأمان والزرقة المتفائلة التي ستهمس لهم : ما زلتم أحياء ولستم انتم من اشتهي مودتكم الأن......!
وحتما غيرنا من اشتهتم السماء وأخذتهم أليها كما تأخذ عربات القبلات والوسائد أحضان العروسين اليهما في غياب عن الوعي وحضور لذة الغرام . ويقينا أن كل فراش لذته بطعم متعة الجوع الى الخبز هو سماء صغيرة تختفي زرقتها في حمرة الشفتين وورد الخدود والعناق الذي يشبه قصيدة رومانسية.
تولج السماء هاجسها العميق في طفولتنا ، فالوعي المبتدأ بنظرة رموشنا الصغيرة يذهب بالتفكير الى اشتياق المجهول والبحث عن كشوفات تولد في عقولنا حتى قبل ان نتعلم حروف الهجاء ، نسأل عن حجمها ، عن ساكنيها ، عن مدنها ، وأكثرنا نبوغا يتساءل عن الوسيلة والواسطة التي نزل فيها آدم وحواء وسكنا تحت ظل شجرة سدر في واحدة من مدن الأهوار.
تسكنني السماء في ذلك التأمل الكوني وأنا أعيش عامي الأول معلما في قرى الأهوار عندما أحاول أن اضع المسمى اللوني لتلك النقطة التي تظهر في افق الماء يوم تلتقي سماء الفجر بالأخضرار القاتم المنبعث من قامات القصب.
ذلك اللون كان بعض رهبة روعة المنظر حيث تختلط فيه اساطير المكان وأحلام المعدان والذين يغرقون كما الأسماك ولن يبقى منهم سوى نحيب الأمهات .فيرد ذلك اللون الغريب لذلك الفجر الحزين :السماء ارادتهم وهي اختارتهم فقط لتؤكد لسكان القرية أن القدر المُقدر يأتي فلا تسألوا لماذا؟
لهذا عاش سكان الأهوار منذ فجر السلالات وحتى اليوم يؤمنون بتلك القدرية ولايسألون وفي ظنهم ،أن السماء تطلب فديتها ليعيش الأخر ، كما كانت بعض الهة أور تطلب فديتها عذراء ساحرة من أهل أور كل ليلة يكتمل فيها القمر.
بين الأسطورة ودمعة أمي وسجادة أبي ..تبقى السماء هي السماء........!



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجهكَ في المرآة.........!
- دمشق ..الشوارع ياسمين ( ياسكينة )....!
- هَلْ الكُردْ مِنَ الأغْرِيقْ .......!
- شيء عن الأنثى والصدأ .......!
- طابع الملكة..........!
- يسوع وهيرقليطس
- أنحسار المتعة ( كافافيس والأسكندرية )...!
- روحي التي تبيع البنادق
- موسم الهجرة الى استراليا
- الأشباح وذكرياتنا...!
- معضلة أن تكونَ أنتَ لست أنتَ.......!
- حزبُ الله ، وحزب عينيكِ.....!
- الجسد في مرايا الضوء...!
- طالب القره غولي ، صانع أكليل البنفسج ...!
- جواميس المعدان وأبقار الهندوس...!
- صورة المندائي في شبابه..!
- الله هناك في اقلام الدشاديش ....!
- شارع أسديناوية* في مدينة ميونخ ...!
- سبارتيكوس الروماني وناصر حكيم الشطري .........!
- نهار في باريس


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - السماء ( أمي والشظية )