أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فوزي بن يونس بن حديد - معذرة ... الأشياء في أماكنها














المزيد.....

معذرة ... الأشياء في أماكنها


فوزي بن يونس بن حديد

الحوار المتمدن-العدد: 4111 - 2013 / 6 / 2 - 20:47
المحور: كتابات ساخرة
    


يجد الإنسان نفسه في مأزق حينما تغتاله أفكار خارجية يكون قد تأثّر بها نتيجة عوامل بشرية ربما وأخرى نفسية أو حتى اجتماعية أو اقتصادية، فيأتي بفكر جديد مصبوغ بصبغة الحداثة التي أهلكت الحرث والنسل وجعلت أتباعها في غوغائية وفي صراع داخلي هو أقرب إلى الصراع النفسي، فالشخص الذي نشأ وترعرع في بيئة لها قيم ومبادئ ورثها الأب عن الجد والابن عن الأب أصبح متمردا على كل ما هو قيمي بدعوى التطور والتقدم والثورة الصناعية التي لم يفهم البعض كيف يتعامل معها ويستفيد من إيجابياتها، فأسقط كل ما تعلّمه بفهم أو بدون فهم على واقعنا المختلف كليا مما تسبب في شرخ في الفكر وانفصام في الشخصية وازدواجية في التعامل، وأصبح يظن أن الأشياء ليست في أماكنها، وأن الواقع يجب أن يتغير مدخلا بعض الألفاظ الغريبة التي لم نألفها في قاموسنا العربي.
القيم والمبادئ والأخلاق هي إرث سلفنا الصالح، وهي كتل صلبة لا تتغير ولا تتبدل بتغير الزمان ولا بتبدل المكان، ونعجب ممن يتمرد على هذه القيم وهو الذي عاش في أحضانها سعيدا فتلوثت عراجين فكره بعد أن هبّت عليها رياح السموم، فجعلتها أعجاز نخل خاوية، وتداخلت المفاهيم واضطرب العقل وانحرف الخلق نحو الأسوأ وظن الواهم أنه في سعادة، ولكن عندما يصطدم بالواقع يتألم ويتحسر ويشمئز لأنه لا يدري ماذا يفعل؟ هل يساير الموضة والجديد أم يبقى في جحره، وهو بهذا ينظر إلى الأشياء فلا يجدها مكانها، فيبحث عن أشياء أخرى بديلة لعلها تجبر خاطره وتخرجه من الأزمة التي يعيشها.
أفكار غريبة وحديثة وجديدة جاء بها مفكرونا الحداثيون الذين تمردوا على القيم والمبادئ، ظنوا أنهم يأتون بالجديد وإذا بهم يقفون تائهين في بحر المجتمع لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، مذبذبين في أفكارهم، يقلدون غيرهم ويقلدون كل من ثار على إرث ظل صامدا قرونا فكيف يأتي صاحب الفكر السعداوي وينقلنا فجأة إلى مجتمع آخر لا تاريخ له ولا مستقبل، فالمسلم الذي تربى على الوسطية والاعتدال لا يقبل بأي حال من الأحوال أن يقلب الصفحة البيضاء فيدنّسها بشتى أنواع الأفكار الدخيلة مما يثير المجتمع برمّته فيحدث الاصطدام وربما يحدث ما لا يحمد عقباه.
فهذا الفكر الهدام فعلا، يمكن أن يثير زعزعة في المجتمع ويحدث جرحا عميقا في العلاقات، فقد يفقد الزوج زوجته والأب أبناءه والأخ أخاه، فكيف نرضى أن نبلع سموما جاءتنا من الخارج لتضع على لباسنا بقعا داكنة لا ينظّفها أي مسحوق مهما كانت فاعليته، نخاف فعلا أن يتسرب هذا الفكر في أوساط مجتمعنا، نخاف أن يتأثر أبناؤنا بما يسمى الموضة والجديد والحديث، فيغيّر أماكن الأشياء وتصبح العادات شكليّات وأداء العبادات وثنيّات كما قالت الدكتورة نوال السعداوي وغيرها في كتاباتها الثورية والانقلابية على القيم والمبادئ عدّها بعضهم إبداعا فنالت من المدح والثناء من الكثير من اتبع فكرها المشؤوم، بل إن في بعض المجتمعات يرى بعضهم أن الزوجة من حقّها أن تصادق من الرجال من تشاء، في ظل غياب حقيقي للرقابة وانهيار تام للضمير والوازع الديني، كل ذلك بزعم الحضارة والحداثة التي أفسدت كل ثمين في الحياة وقضت على كل جميل، ولوّثت كل نظيف، ومع هذا الانهيار تنهار المجتمعات وتنخر من الداخل حتى إذا وقع الفأس في الرأس كما يقال نرفع أصواتنا ونتهم هذا وذاك.
معذرة لمن يقرأ هذا المقال، أقول له إن الأشياء في أماكنها والحمد لله، ومن في عينه عور أو حول لا ينظر إليها، ولا يحاول إسقاط الأجنبي عليها بدعوى قبول الآخر، فلماذا نقبل الآخر والآخر لا يقبلنا بل يشتمنا ويفجر قنابله في وجوهنا.



#فوزي_بن_يونس_بن_حديد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمريكا تمارس الإرهاب الخفي
- سوريا على خطى النصر
- كل من تآمر على سوريا وقع في الجُبّ
- العربية قناة تافهة
- ماذا تفعل العربية وأختها الجزيرة؟
- رؤساء بلا هيبة
- بكاء الطفل .... متعة
- أمي... قرة عيني
- أمي .. قرة عيني
- في رحاب الفكر
- وقاحة جنسية
- البراءة تتألم
- قد شغفها حبّا
- وكشفت عن ساقيها
- لغة القتل تتواصل
- ثقافة التغريب
- قصتي مع ذبابة
- ماذا لو تنحى بشار الأسد
- معركة الاستمتاع
- رسالة من السماء


المزيد.....




- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...
- فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي ...
- “ثبتها للأولاد” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة أفلام ...
- محامية ترامب تستجوب الممثلة الإباحية وتتهمها بالتربح من قصة ...
- الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز تتحدث عن حصولها عن الأموال ف ...
- “نزلها خلي العيال تتبسط” .. تردد قناة ميكي الجديد 1445 وكيفي ...
- بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فوزي بن يونس بن حديد - معذرة ... الأشياء في أماكنها