أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فوزي بن يونس بن حديد - ثقافة التغريب














المزيد.....

ثقافة التغريب


فوزي بن يونس بن حديد

الحوار المتمدن-العدد: 3977 - 2013 / 1 / 19 - 19:41
المحور: كتابات ساخرة
    


إنها ثقافة جديدة غزت مجتمعاتنا الإسلامية من عدة أبواب، وانفرط العقد بعد أن فقدت صاحبته حلقة من حلقاته، كان يمكن إصلاحه فيما لو اهتمت بأمره إلا أنها لم تعبأ بما حصل له فانفرط ولم يعد ذلك العقد المتلألئ الذي يتزين به العنق ويسر الناظرين، إننا نعيش عصر المدنية والمادة، فهل من الواجب مسايرتها على علاتها أم نرفضها جملة وتفصيلا أم يمكن الأخذ منها بمقدار.
لم يعرف المسلمون الآن كيف يوظفون قدرات الآخر، وكان أكثرهم يدعو إلى التحليق بعيدا في زمر المدنية الغربية وتغيير نمط الحياة السائد، فغيروا أحوالهم من حال إلى حال وقلدوا الغرب في كل أحواله حتى لو دخل جحر ضبّ لدخلوه، فتغيرت لغتهم وأصبحت مزيجا من لغات عدة لا تفقه ما يقولونه أحيانا ولا إلى ماذا يرمزون معتبرين أن اللغة العربية لغة قديمة عفا عليها الزمان، بل دخل التغريب حتى الشّعر المقفى فصرنا نسمع كلمات ليست في قاموس لغة الضاد، وتراكيب أشبه بطلاسم وخزعبلات ظنها أرباب الشعر أنها إبداع. هؤلاء قد تمردوا على لغتهم الأم وصار بعضهم يتقن لغة غيره، ويفاخر بذلك ويعتبره تقدما وتطورا في الحياة، في حين لا يستطيع أن ينطق حرفا عربيا صحيحا، ولا يقرأ نصا، وإن قرأه فسيقرؤه بصعوبة بالغة وبتعتعة غالبة، فيقلب المنصوب مرفوعا والمرفوع مكسورا والمكسور لا أدري إلى أين سيذهب به، بل صار عندنا " كوكتيل" من الحروف العربية والأعجمية في لغتنا الجميلة التي نزل بها القرآن الكريم، وجعلها من أجمل اللغات على الإطلاق، ففي تراكيبها مشتقات كثيرة لا تجدها في غيرها وصار بنو العرب والمسلمين يتفاخرون ويتباهون باللغة الأعجمية تاركين لغتهم الأم على الرفوف وقد عمّها الغبار.
أما اللباس فحدّث ولا حرج، شبابنا لا يحلو له اليوم إلا اللباس الأجنبي المرقع والمزركش والمصنوع على الطريق الغربية منسلخا من لباسه التقليدي العربي ظنا منه أنه لباس التخلف، فزمنه انتهى وولّى وعليه أن يكون متطورا، والتطور عنده أن يقلد الغرب في صناعته المبتذلة التي لا تحترم كينونة الإنسان ذكرا كان أم أنثى، زد على ذلك تسريحات الشعر كأنها أشواك واقفة وسراديب مشكلة فوق رأسه، يعتبر ذلك من الرجولة والفحولة ومسايرة الواقع والحال أنه تخلف بل وقمة في التخلف أن تقلد من تراه أسوة لك وقدوة في حياتك وهو لا يصلح أن يكون نافعا لأمته بل غارق في الفساد الأخلاقي والمالي من أعلى رأسه إلى أخمص قدميه.
هذا إلى جانب الثقافة المتردية التي يحملها هؤلاء من صراخ ليس له سبب، وهتافات بالية، وعجرفة وتمايل في المشية، وإضرار بالآخرين في مشهد يدعو إلى الحيرة والقلق، يتمتعون ويأكلون وينامون كما تأكل الأنعام وتنام، فما الفرق بينه وبين الدابة إذا؟ الفرق أن البهيمة لو كان لها عقل ما تصرفت هذا التصرف الأعوج وازدرت فعل الإنسان الذي يتمتع بعقل، هذا العقل إن عطلته انطلقت الشهوات وتصير عبدا لها لا تهدأ نفسك إلا بعد إشباعها، وإذا حركته ضبطتها فكنت كالملاك سيد نفسك تعرف الحسن من القبيح والحق من الباطل.
إننا نعيش في عصر كثر فيه التقليد الأعمى، وأصبح فيه كثير من الملهيات سببها لا شك الغرب الذي أراد أن يغرس في نفوس أبناء المسلمين سفاسف أخلاقه فألهاه وحرّك فيه كوامن الشهوة بمختلف أنواعها فسقط من سقط من الأبناء في هذا الفخ والوحل، ويتكاثر العدد يوما بعد يوم في تحد صارخ لكل القيم والمبادئ التي تعلمها وتربّى عليها، ولو راجع نفسه لوجدها تائهة تموج في بحر من الفتن المظلمة فلم يعد يبالي بأم ولا أب ولا زوجة ولا أولاد ولا عائلة ولا قبيلة ولا وطن، المهم أن يشبع نهمه ويسير خلف ركب المدنية البلهاء والعولمة الخرقاء والثقافة العوجاء.
ثقافة الغرب هي الكابوس الذي أزعج جميع الأسر العربية، وجعلت العائلات حائرة وتتساءل: كيف أتعامل مع هؤلاء الأولاد ذكورا وإناثا تبدلت الأحوال وتغيرت الأساليب وتغربت الثقافة وانهارت القيم ودفنت المبادئ بل أصبحوا ينظرون إلى العاقل بأنه متخلف لا يجاري الواقع وسيبقى في قمقمه ينظر إلى الحياة من زاوية واحدة كلها ملل وكآبة وألم.



#فوزي_بن_يونس_بن_حديد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصتي مع ذبابة
- ماذا لو تنحى بشار الأسد
- معركة الاستمتاع
- رسالة من السماء
- هل تتم المصالحة الفلسطينية؟
- الكويتيات متبرجات
- ماذا حققت المرأة التونسية بعد الثورة
- أزلام الإعلام يتحدثون
- البحث عن السعادة
- هل المرأة تفكّر؟
- طه حسين صناعة غربية
- هل تصبح سوريا فلسطين ثانية؟
- تبا للأمم المتحدة الفاشلة
- أمريكا جنت على نفسها
- الأنثى ليست عورة
- غشاء البكارة جزء من الشرف
- المرأة في نظري
- نوال السعداوي، امرأة ليس لها تاريخ
- الوهابية خطر على الأمة الإسلامية
- باراك أوباما الرجل الأعتى إلكترونيا


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فوزي بن يونس بن حديد - ثقافة التغريب